مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    الزندان أحرق أرشيف "شرطة كريتر" لأن ملفاتها تحوي مخازيه ومجونه    شاهد لحظة اختطاف الحوثيين للناشط "خالد العراسي" بصنعاء بسبب نشره عن فضيحة المبيدات المحظورة    الصين توجه رسالة حادة للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هناك من يرفض مصاهرة بعض العاملين في المهن الحرفية
بصراحة وبدون رتوش

في ظل الوعي المتناهي وانتشار المدارس والجامعات.. وقبل ذلك ماجاءت به تعاليمنا الدينية.. وما رسخته أهداف الثورة اليمنية ذابت الكثير من الفوارق الطبقية والامتيازات التي كان يتفاخر بها “البعض” وأصبح الجميع يشكل كتلة اجتماعية واحدة وتربطهم شبكة من العلاقات الاجتماعية والإنسانية.. فالكل سواء في الحقوق والواجبات ولاتوجد أي فروق عفا عليها الزمن..!! لكن وعند هذا الاستدراك نضع أكثر من خط أحمر فالبعض من تلك الفئات الاجتماعية ربما أنها لاتزال تشعر بعقدة “النقص” فتسعى لتعويضه بطرق قد تعيد ما كان يسمى بالعصبية “ الجاهلية”، إضافة إلى أن الأحداث التي قد تحدث هنا وهناك في أي منطقة من المناطق اليمنية، والتي قد تسمى بحالات “نادرة” ك “الزواج” من فئة اجتماعية معينة بفئة أخرى، وقد تكون غير مألوفة، وذلك لتمسك المجتمع ببعض العادات والتقاليد.. فيتم التعامل مع بعض تلك الحالات “ النادرة” بطريقة طبيعية جداً في حال وجد التوافق والاتفاق بين جميع الأطراف.. لكن ماحدث مؤخراً في إحدى مناطق م/ حجة جعل تلك العلاقة الإنسانية تتحول بين فئتين من فئات المجتمع إلى اختلاف أدى بهم إلى القضاء.. وزج “ الفتاة” بالسجن وحول حقيقة ما حدث تضاربت الآراء من أن “ الفتاة” هي من لجأت إلى أحد “ المشائخ” ورأي آخر يقول: إنها اختطفت من قبل الفئة الأخرى، وتم إبلاغ السلطة المحلية بذلك، وحسب تعبير الشيخ فهد دهشوش وكيل محافظة حجة فإن القضية كانت ستحل ودياً إلا أن الأمور تعقدت بسبب من يحبون التكسب من وراء بعض القضايا التي قد تعتبر أسرية وخاصة جداً، وهنا بدورنا نؤكد رسالتنا الإنسانية للحرف بعيداً عن الإثارة أو غيرها .. حيث اقتربت “الجمهورية” من مختلف الآراء وأخذتها من أصحاب الاختصاص، وطرحت الموضوع بحيادية تامة.. وتوقف شراع هذا السياق عند مرفأ “رأي الدين” ليختم بتلك الدُرر الإيمانية لتنبه من يغفلونها أو يتغافلون عنها.. فإلى سياق ذلك..
ذوبان الفوارق والطبقية
ولتقريب” الآراء تحدث شيخ مشائخ عبس/ محجب عثمان محجب الذي لجأت إليه “ الفتاة” وقال:
إن الإسلام لم يفرق بين أحد وساوى بين جميع الناس، قال تعالى{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وإن الرسول عليه الصلاة والسلام زوج بلال بن رباح بامرأة من الأنصار، وفيما يخص الفتاة “ رانية” التي زُج بها في سجن “ النصيرية” دون أي مسوغ قانوني أو أمر قضائي .. ودون أي جريمة ترتكبها .. حسب تعبيره ويضيف محجب: إنه لاتوجد أي عنصرية أو طبقية في مجتمعنا، ولكن موقف بعض “ المشائخ” الذين هم أظهروا أن هناك تمايزا وطبقية ويضيف: نؤمن إيماناً قاطعاً أن هناك شرائح مختلفة في قبيلة واحدة ك “ القبائل” “المهمشين” و”المزاينة” و”الجزارين” و”المجاربة” هذه شرائح لها عادات وأعراف وطقوس، وكل شريحة مقتنعة ومؤمنة ومحترمة لعادات وتقاليد الزواج فيما بينها البين، لكن هذا لايمانع أن يتزوج شخص من شريحة أخرى.. ويكشف محجب أنه في مديرية “ عبس” والمديريات المجاورة لها حدثت حالات زواج بين شرائح مختلفة، حيث تم تزويج ثلاث “ نساء” من القبائل بثلاثة من شريحة “ المهمشين”، وثلاثة من “ القبائل” تزوجوا ثلاث “ نساء” من شريحة المهمشين، وخمسة رجال من القبائل تزوجوا خمس نساء من شريحة “الجزارين”، ويضيف محجب: نحن مع كل شريحة تتزوج فيما بينها البين، وإذا كانت تلك رغبتهم فنحن لانقف ضد أي منهم، ونؤكد أننا ضد أي عنصرية في رغبة أي فئة من فئات المجتمع، ويختم محجب: أما حكاية “الفتاة رانية” فإن أهلها كان عندهم شبه موافقة، وأن “الجزار” ما أقدم إلا بموافقتهم، كما أن في واقعنا أن الفتاة إذا خرجت عن طاعة والدها فعليه أن يزوجها بمن تريد!!
وأدعو تلك الشخصيات أن ينظروا للأمور من واقعها، وأن العنصرية انتهت، وأننا في عصر التحرر والمساواة، وذلك لايمنع في الحالات النادرة أن نتعامل معها من خلال واقعها مع احتفاظنا بعاداتنا وتقاليدنا.
لا تمييز طبقي أو عنصري
ولحقيقة ماحدث طرحت “ الجمهورية” الموضوع على وكيل محافظة حجة الشيخ فهد مفتاح دهشوش .. الذي أكد أن ما حدث مجرد إثارة ونقل خاطئ للوقائع دون مراعاة بعض الجهات الإعلامية للأضرار السلبية التي قد تلحق أطراف القضية .. أما بخصوص ما اتخذ من قبلنا من إجراءات، فنحن في البداية تلقينا بلاغاً من والد الفتاة يفيد بقيام أشخاص باختطاف ابنته ومطالبته لنا كسلطة بإعادة ابنته ومعاقبة من قاموا بذلك حسب بلاغه؛ ولأننا ندرك العادات الاجتماعية التي لاتحبذ التشهير بمثل هذه القضايا الأسرية، فقد سعينا بداية لحلها ودياً دون اللجوء لاتخاذ الإجراءات الرسمية والقانونية؛ رغبة في التصالح، وحل الإشكال بشكل ودي يوفر عليهم عناء المشاكل والخلافات التي ستترتب في حالة عدم حلها، وأيضاً تنفيذاً لرغبتهم في إيجاد حلول هادئة ودون أي إثارة.
حقوق وواجبات
ويستدرك دهشوش: إلا أن الصحافة “ الصفراء” التي حاولت التكسب والإثارة من مثل هذه القضايا كانت إحدى المعوقات للتوصل لحلول ودية بينهم، مما دفعنا لاتخاذ الإجراءات الرسمية، وانتظار رأي القضاء، ويضيف الشيخ فهد: إن في وقتنا الحاضر لايوجد أي تمييز طبقي، أو عنصري إطلاقاً، وما يسمى بالقبيلي، والمزين، والهاشمي، والجزار.. إلخ الجميع يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات، ويدرس ابن القبيلي، وابن الجزار مع الهاشمي والمزين على مقعد واحد، وأستاذ واحد ويدخلون جامعة واحدة وكلية واحدة، وكل حسب تحصيله العلمي وكفاءته، وليس حسب فئته الاجتماعية، وقد يتفوق أفراد هذه الفئة أو تلك “ مجازاً” فيصبح الأمر على بقية زملائه من الفئات الأخرى التي كانت سابقاً تدعي الأحقية لها فقط في التعليم أو السلطة أو المناصب ويضيف: إن أبناء هذه الفئات الاجتماعية يمارسون حقهم الدستوري في الترشيح والترشح دون أي تمييز، فلا يمكن استبعاد أحد من فئة معينة فصوت ما يسمى بالقبيلي هو نفس صوت ما كان يسمى “ بالبياع” أو “الهاشمي” أو غيره، فالكل يتمتع بنفس الحقوق والواجبات، ويختم الشيخ فهد: إن مسألة الزواج ليس لها علاقة بقضية التمييز أو الطبقية، لكنها مسألة رغبة ومودة متبادلة بين الطرفين وأسرتيهما، ولدينا عادات اجتماعية في البلدان العربية والإسلامية بشكل خاص تستهجن اللقاء المباشر بين الشاب والفتاة قبل الزواج دون المرور بالباب الطبيعي عن طريق الأسرة وموافقتها بصرف النظر عمن يكون الشاب أو تكون أسرته.
الجهل رسخ العادات المنافية
أما د. مجاهد اليتيم - عضو المجلس المحلي بمحافظة حجة فقال في مداخلته: إن مفهوم العُرف الذي يعرفه فقهاء القانون بأنه “ اعتياد الناس على سلوك معين في ناحية من نواحي حياتهم الاجتماعية، مع تولد اعتقاد لديهم بأن هذا السلوك ملزم لهم، وأن مخالفته سيتبعها توقيع الجزاء المادي.. ويعرف فقهاء الشريعة العُرف:” ما اعتاده الناس وألفوه من قول أو فعل وتكرر مرة بعد أخرى حتى استقامت عليه أمورهم وتلقته عقولهم بالقبول..” ومن هذين التعريفين يظهر أن العُرف ينشأ بطريقة تلقائية، إذ قد يثور نزاع أو خلاف بين الأفراد في المجتمع، فيتوجهون إلى حله باتباع نمط معين من السلوك، ثم يتكرر العمل بهذا السلوك حتى يصبح قاعدة مطردة يشعر الأفراد حيالها بوجوب الاحترام تجاهها، وعدم الخروج عليها، وإلا تعرض من يخالفها لتوقيع الجزاء المادي أو المعنوي عليه.. ويضيف اليتيم: لعل الجهل قد رسخ بعض العادات المنافية للشريعة الإسلامية، ومضى عليها وقت كبير من الزمن فأصبحت قواعد عرفية، ويؤكد أن للحكم الإمامي البائد الباع الطويل في تجذير هكذا عُرف بهدف تقسيم المجتمع إلى فئات طبقية متمايزة، كل فئة تنكفي على ذاتها وتترسخ لديها قواعد عُرفية ملزمة لها، وصولاً إلى تفكيك وتفتيت نسيج المجتمع الواحد بغُية التناحر فيما بينها بحيث يكون الإمام في مأمن من تكتل كل فئات المجتمع ضده، وإشغالها بذاتها، لذلك كان الهدف الأول من أهداف الثورة اليمنية السبتمبرية المجيدة هو: “التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات...” ورغم مرور ما يقارب نصف القرن على قيام هذه الثورة الخالدة.. إلا أن الطبقية ما زالت مسيطرة على كثير من تعاملات أفراد المجتمع، ويرجع ذلك إلى قِدم الأعراف والعادات والتقاليد التي توغلت في الأذهان، وأصبحت قواعد عُرفية مجتمعية مُسلما بها، وكذا ضعف الوازع الديني لدى أفراد المجتمع بحيث أصبح يغلب القواعد العرفية على قواعد الشرع الحنيف، ويضيف د/ اليتيم: ما يؤكد استمرار التعاملات الطبقية بين أفراد المجتمع هو النظرة الدونية لفئات بعض المهن كالجزارة، والقشم، وغيرهما بحيث بات من العُرف المجتمعي عدم قبول التزاوج منهم أو بهم كما هو الحال إلى وقتٍ قريب بين الهاشميين والقبائل... ويعتقد د. اليتيم أن محو التعاملات الطبقية بحاجةٍ إلى وقت كبير جداً.. بسبب تشبث المجتمع بالأعراف والتقاليد والعادات، واعتبارها مكوناً من مكونات حياته، وأن الخروج عليها عيب وعار وفضيحة . كما يعتقد أن تلك الفئات المنظور إليها نظرة دونية قد ساهمت هي ذاتها في ترسيخ وطول أمد هكذا أعراف برضوخها واستسلامها لها، وعدم ثقتها في نفسها، وعدم مجاهدة الذات لتخطيها وفك عقدها تجاهها... وعن دورهم كسلطة محلية بتوعية المجتمع قال: إن ذلك الدور محدود جداً.. ويبرره اليتيم برفض وعدم تقبل أفراد المجتمع بالتخلي عن أعرافه، غير مدرك أنها تتعارض مع الشرع الإسلامي، وتتصادم مع تعاليم الدين القويم، ولكن مع الاستمرار في التوعية الدينية دون كللٍ أو مللٍ وعبر مختلف الوسائل ستثمر التوعية في تخطي الكثير من هكذا أعراف، وكسر الحواجز النفسية التي باتت قيوداً تكبل أفراد المجتمع الواحد دونما سندٍ من الشرع.
رأي القانون
ويؤكد د. علي حسن الشرفي أستاذ القانون الجنائي بجامعة صنعاء.. أنه لا يوجد من الناحية الشرعية، ولا القانونية أي دليل يشير إلى وجود التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع، أو إلى شرعية ذلك التفاوت، فالناس سواء متساوون في الحقوق والواجبات، والتفاوت الموجود بين بعض المناطق لا يستندُ إلى الشرع، ولا إلى القانون، ولعله وليد عادات وتقاليد أو أوضاع اجتماعية لا أصل لها في الشرع، ولا في الدين.. وهي أوضاع وعادات ممقوتة، ينبغي السعي الحثيث لنبذها.. وما حدث في مديرية “قفل شمر” بحسب ما أعلم قد اشتركت فيه عوامل غير مجرد التفرقة الطبقية حيث أخذت المسألة بالتحدي والعناد الذي جعل كل طرف يريد أن ينتصر ويقهر الطرف الآخر، وفي رأيي لو أن المسألة عولجت برفق وأتى كل طرفٍ إليها من الباب الشرعي لما أخذت هذا البُعد، فمثلاً كان بإمكان خاطبي الفتاة أن يستخدموا في طلب يدها طريقاً غير أخذها سراً، ونقلها خارج المنطقة بطريقة غير شرعية، وبصحبة شخص ليس محرماً لها، هذا أمر، الأمر الثاني كان في إمكان خاطبي الفتاة بعد أن أخذوها بعيداً عن أهلها أن يأتوا إلى أهلها معتذرين، ويقدموا ما يُرضي الطرف المنقوص، وهو أهل الفتاة الذين جُرحت كرامتهم وأُخذت ابنتهم البكر التي لم تبلغ الثامنة عشرة، أخذت بطريقة سببت لهم “العار” في المجتمع...
ولكن هذا الاعتذار لم يقع فيما أعلم، ومن جهة أخرى لا يوجد في رأيي أي مبرر يجعل أهل الفتاة يمتنعون عن تزويج ابنتهم من خاطبها بمجرد أنه من طبقة اجتماعية يرونها أقل منهم ما دام الخاطب أهلاً لأن يزوجوه، بالنظر إلى دينه وسلوكه، إذ لا يوجد في الإسلام، ولا في القانون ما يُبرر الرفض بسبب التفاوت الاجتماعي الطبقي.. ويخلص د. الشرفي إلى أن المشكلة كانت في الإجراءات والتصرفات الاستفزازية غير المبررة التي وقعت من طالبي يد “الفتاة” ولو اتخذت إجراءات وتصرفات صحيحة متوافقة مع الشرع والقانون لما وقعت المشكلة.. وما يخص التوعية بخطورة الدعوة إلى تعميق التفاوت الطبقي يختم د. الشرفي: ينبغي على الوعاظ والمرشدين وأصحاب الكلمة وأصحاب الأقلام ووسائل الإعلام أن تؤكد وتكرس ثقافة المساواة بين أفراد المجتمع لا في مسألة الزواج فقط، ولكن في سائر الأمور المتصلة بالحياة الاجتماعية فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: “كلكم لآدم وآدم من تراب...” والناس في الدستور متساوون في الحقوق والواجبات.. وعليهم أن يجتهدوا في التسابق إلى فعل الخيرات.. "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
رأي الدين
وبعد أن تم طرح الرأي الآخر في هذا السياق رأت صحيفة “الجمهورية” أن يكون ختامه مسكا مع الشيخ. حسن عبدالله الشيخ وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد، رئيس الدائرة الدينية بجامع الصالح.. الذي بدأ مداخلته بالشكر لصحيفة “الجمهورية”، واهتمامها بهذه المواضيع الحياتية التي ترتبط بطبيعة المجتمع المسلم..بعبوديته وقوته وتماسكه، وبيان المعايير التي على أساسها قام المجتمع الإسلامي بعيداً عن المعايير الأرضية.. وبعيداً عن المعايير الشخصية.. وبعيداً عن المعايير المرتبطة بفئة أو جماعة أو منطقة..
وقد جاء رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام والعرب في جاهلية وشر.. ثأرات وغارات، وقطع للرحم، ووأد للبنات، وانتهاك للأعراض، وقطع للطريق ونهب للممتلكات.
جاء الرسول عليه الصلاة والسلام ليحدد معالم الطريق وفقاً لمنهج الله القويم.. ووفقاً للقيم الإنسانية والثوابت الدينية التي يجب أن تنشأ عليها المجتمعات، بل وأن يعيش البشر عليها بأجمعهم.. وكان عليه الصلاة والسلام يركزُ على إذابة الفوارق الطبقية التي نشأت بسبب الوجاهات، المال، الحسب، النسب.. بعيداً عن معايير طبيعة الإنسان من حيث أخلاقه وإنتاجه، ومهارته وتأثيره في واقع الحياة، وكان ذلك النص القرآني المُعبر عن طبيعة الإنسان ووجوده في هذه الحياة.. ذلك النص كان قاطعاً وحاسماً لما أُسس من معايير لا تمتُ إلى القيم والأخلاق وطبيعة الإنسان بصلة.. حيث قال تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم..” فجعل البشرية بأجمعها في نسق واحد.. ولم يكن هناك معيار أرضي يُفاوت بين هذا الإنسان وذاك... ولكن جعل الإسلام معياراً واحداً يفاوت بين الناس لقربهم من الله عز وجل “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وهذا مبني على ذلك النص القرآني الجامع الذي حدد فيه القرآن الكريم طبيعة هذا الإنسان في قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا..” فبنو آدم من حيث الجملة لهم مكانتهم، ولهم اعتبارهم.. ولهم تميزهم عن سائر المخلوقات.. “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك" فالإنسان في منظوره العام عنصر كريم عند الله عز وجل؛ لأنه خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته”وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونُقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون..”
ثم بعد ذلك نجد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو يربي هذه الأمة يبعدها عن العصبية الجاهلية يبعدها عن تأثيرات البيئة التي نشأ فيها العرب من تفاخر بالأحساب والأنساب والقبائل والأسر والمناطق والجهات، بل والألوان.. أذاب عليه الصلاة والسلام هذه الفوارق وقال :”كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح” بل جعل ذلك سلوكاً عملياً في تعامل الصحابة مع بعضهم فحينما قال أبو ذر رضي الله عنه لبلال:”يابن السوداء” كان أن غضب رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال له:”أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية” أي فيك أثر من آثار الجاهلية يقول هذا في حق ذلك الصحابي الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام:”ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أصدق نهجاً من أبي ذر” ولكن حينما وقع في تلك السقطة التي تتناقض مع التربية النبوية كان أن قال عليه الصلاة والسلام معنفاً: “أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية” فما كان من أبي ذر رضي الله عنه إلا أن وضع خده في التراب وأمر بلال أن يدوس على خده حتى يزول ما علق في قلب بلال من أثر، وما علق في قلب أبي ذر من أثر جاهلي.. ولهذا الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن ناشراً للأخلاق والقيم بين أصحابه دون أن يكون مؤسساً لتلك الأخلاق في بيته وعشيرته وأسرته فها هو الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: لفاطمة بنت محمد وهي بضع منه رضي الله عنها يقول:”يافاطمة بنت محمد اعملي ماشئتي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً” ويقول لبني عبدالمطلب :”لا يأتني الناس بأعمالي وتأتوني بأنسابكم” وهذا استناداً إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه “ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم تودون إياها فمن وجد خيراً فليحمدالله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه”.
الإسلام أذاب الحسب والنسب
أذاب الإسلام الحسب والنسب في مجال الزواج والمصاهرة والقرب بين الإنسان وأخيه الإنسان واندماج البشر في بعضهم البعض وقال عليه الصلاة والسلام “ إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه..” هذه هي الكفاءة في الإسلام، وليس في الأحساب ولا الأنساب ويقول عن المرأة:” تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”وإخراج قيمة الطبقية وغرسها في القلوب وإزالة ما قد يلحق بالناس من أثقالها وأثقال الجاهلية فهذه مسئولية ليست محصورة في بيئة معينة، ولكنها تقع في الدرجة الأولى على أعناق العلماء الذين يحملون منهج الله، وتعلموا سنة رسول الله واجبهم أن يبينوا علاقة المسلم بأخيه المسلم علاقة الإنسان بحياته، ومدى تأثيره فيها بعيداً عن تلك الطبقية والمعايير التي طبعتها العادات والتقاليد الجاهلية فالرسول عليه الصلاة والسلام يبين طبيعة المسلم مع أخيه المسلم وفي مجتمعه الإسلامي يقول تعالى “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً” ونجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام حينما جاءه “أبو وداعة” وكان حجاماً فطلب أن يتزوج فأرسله إلى أسرة من الأسر.. فعندما سمعت تلك الأسرة أنه يرغب في الزواج منهم فتذمروا فكانت “الفتاة” الحصيفة أو “المخطوبة” كانت امرأة مؤمنة قالت “ أطيعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فطاعته فوق الهوى وفوق الشهوة..” “ وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا..” وواجب العلماء أن يبلغوا هذه الثوابت والحقائق وأن يغرسوا في الناس تلك التربية الإيمانية التي غرسها رسول الله عليه الصلاة والسلام.. كما يجب على وسائل الإعلام أيضاً؛ لأنها هي القنوات الموصلة للعلوم والمعارف والنصائح والتوجيهات، والتوعية العامة بمختلف وسائلها المسموعة والمرئية والمقرءة التي تقع عليها مسئولية كبيرة فلا تكون متناقضة في طرحها ولا تكون عازفة عن طرح هذه المواضيع حتى لا نجعل الناس عرضة لتأثير بعض من يدعو إلى إعادة تلك العصبيات وتلك المؤثرات التي أذابها الإسلام حتى إن الشاعر المسلم يقول :
أبي الإسلام لا أبا لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
وهذا يرد على الشاعر الجاهلي الذي قال:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وأن ترشد غزية أرشد
فالإسلام أذاب كل تلك المعايير وأزالها فمرجع الإسلام والأخوة الإسلامية والعلاقة الإسلامية بعيدة عن كل تلك المؤثرات، ثم واجب الأسرة المؤمنة التي تربي الناشئة أن تغرس فيها قيم الأخلاق، وقيم الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن تبعدهم عن تلك المؤثرات، ولا تنفخ في أسرها خاصة تلك الأسر التي تنتسب إلى بيت النبوة.. عليهم أن يربوا الأبناء لا على العصبية الخاوية التي ليس لها أثر.. بل أن تربي الناشئة على مسالك الرسول عليه الصلاة والسلام واقتدائهم بأهل بيته الطاهرين الذين لهم دور في هذه الحياة جهاداً ودعوة وتربية، وألا يجعل النسب هو المؤثر على تربية الناشئة، ثم المجتمع بأكمله تقع عليه مسئولية ألا يصغي أو يسمع ولا يسمح أيضاً لأولئك الذين يفرقون بين أفراد المجتمع ويؤثرون في النسيج الاجتماعي الذي ارتبط بحب الله وحب الرسول وحب المؤمنين ولهذا جاء قوله عليه الصلاة والسلام ليبين العلاقة الصحيحة والسليمة في قوله: “ ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود للكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار..” و”أن يحب المرء لا يحبه إلا لله لا يحبه لماله ولا لجاهه ولا لحسبه ولا لنسبه “ بل يغرس الحب في قلبه بناءً على ذلك المعيار الإيماني الذي لا يزول ولا يتغير ولا يتأثر بعوامل الزمن.. كما وجه الشيخ حسن الشيخ في نهاية ذلك دعوته إلى كل من يسمع ومن يقرأ أن نجعل من حياتنا الاجتماعية حياة إسلامية تقوم على أسس الأخلاق التي أرساها القرآن الكريم، وأرستها السنة النبوية حتى نضمن مجتمعاً مترابطاً، متماسكاً، متعاوناً، بعيداً عن كل ما يهد من كيانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.