دعا أكاديميون وناشطون سياسيون كافة القوى السياسية إلى التجاوب البنّاء مع مبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية بما يضمن المحافظة على أسس التداول السلمي للسلطة وتحقيق أمن واستقرار الوطن والمواطن. وأكد المشاركون في ندوة نظمتها جامعة صنعاء أمس بعنوان “الحوار الوطني من أجل اليمن” برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور صالح باصرة أهمية إشراك كافة قوى المجتمع في مجريات الحوار الوطني ممثلة في منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية. وطالبوا بوضع سقف زمني للحوار ومن قبله تحديد إطار موضوعي ملزم يبين طبيعة قضايا الحوار ونطاقها الموضوعي, وأهمية إخضاع بعض مسائل الخلاف الموضوع بين أطراف الحوار للأسس العلمية المرجعية بعيداً عن الاجتهادات الفردية والضبابية والغموض المفاهيمي الذي قد يعتري بعض الأطروحات. وشددوا على أهمية تبني أطراف الحوار رؤية عملية بخصوص بناء الثقة فيما بينهم عبر إجراءات تستهدف خفض مستوى التوتر الإعلامي إلى حدوده الدنيا، وإدراك المتحاورين ضرورة اعتماد مبدأ التوافق والمرونة النسبية بما لا يخل بمواقفه المبدئية من قضايا الحوار بما يحقق أمل الشعب في تجاوز الأزمة السياسية الراهنة. ونبّه المشاركون بأن معيار تقييم الشعب لأداء أطراف الحوار سيعتمد على مدى التزامها بقضايا الوطن المصيرية وأسس تقدمه وازدهاره على كافة المستويات. وهدفت الندوة التي عقدت بمشاركة 40 أكاديمياً وناشطاً سياسياً إلى الإسهام في وضع الأسس العلمية التي ينبغي أن ينطلق منها الحوار الوطني الذي دعا إليه فخامة الأخ الرئيس في مبادرته الأخيرة أمام مجلسي النواب والشورى. واهتمت الندوة بالتعريف بما تكتسبه المبادرة من أهمية لتحقيق انفراج سياسي إزاء جميع القضايا موضع الخلاف بين السلطة والمعارضة وإتاحة الفرصة للعودة إلى طاولة الحوار والوصول إلى توحيد الصفوف لتغليب مصالح الوطن على جميع الاعتبارات. وفي المستهل قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي: إن فخامة رئيس الجمهورية قدم الأربعاء الماضي مبادرة جاءت في ظرف صعب ووقت مناسب كأنها تنزع فتيل شيء مهيأ للانفجار.. واستعرض أهم مضامين المبادرة وما قدمته من حلول وإجراءات لجميع المسائل موضع الاختلاف بين قوى السلطة والمعارضة، بما فيها التأكيد على تحديد مدة الفترة الرئاسية بعشر سنوات من فترتين، والإعلان أن لا توريث للسلطة. وبيّن الوزير صالح باصرة من وجهة نظره أن أحزاب اللقاء المشترك والتحالف الوطني مطلوب منهم مبادلة هذه المبادرة بشيء من الترحيب كون الوطن وطن الجميع, وإذا لم تأخذ الأمور بحسن نية فإن البلاد ستبقى في الأزمة ولن تخرج منها. ولفت إلى ما أورده فخامة الرئيس في المبادرة من قول: إنه لن يعاند أو يقامر وسيغلّب مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى. مؤكداً باصرة في هذه الجزئية أن على أحزاب اللقاء المشترك “أن لا يقامروا” حتى يتسنى للجميع الوصول إلى الاستقرار السياسي الذي هو مرهون بالحوار. ورأى أن المبادرة تتيح الفرصة لمن هو اليوم في المعارضة ليصبح مستقبلاً في سدة الحكم عبر التداول السلمي للسلطة وتجنيب البلاد كثيراً من الأزمات وتمكين الجميع من التنافس لتكون فترة حكم أي منهم هي الأفضل عبر ما يحققه من إنجازات لصالح الوطن ومستقبل أبنائه. ودعا الوزير باصرة إلى أن لا يقتصر الحوار على قضية الانتخابات والتعديلات الدستورية وإنما تتسع دائرته لتشمل مناقشة متعلقات الوضع الاقتصادي وقضية الجنوب والمحافظات الجنوبية، وقضية صعدة وغيرها من القضايا على الساحة الوطنية. وقال: لا يمكن الدخول في انتخابات نيابية وتعديلات دستورية دون إجماع وطني, وبالتالي فإن فخامة رئيس الجمهورية استوعب الأوضاع وأدرك أنه لا يمكن الدخول في انتخابات إلا بإجماع وطني. ونبّه صالح باصرة بأن أوضاع وطبيعة المجتمع اليمني معقدة أكثر من أي دولة أخرى كونه شعباً مسلحاً ولديه مشاكل اقتصادية وسياسية معقدة, وأي اختلاف سيؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها يكون الخاسر الأول فيها الوطن والمواطن وأمنه واستقراره ووحدته. ونأشد الجميع التعاون للوصول إلى حلول لجميع القضايا وأن تحل مشكلة التعليم وقضايا التعلم حتى تكون هناك مستقبلاً أجيال قادرة على حل قضاياها بكافة الأساليب الحضارية. من جانبه حذر رئيس الجامعة الدكتور خالد طميم مما اعتبره أجندة خارجية تحاول تفتيت الوطن العربي عبر إثارة المشاكل الداخلية لتجعل شعوب المنطقة تتفتت من الداخل.. مستشهداً بما حدث في القضية الفلسطينية وفي العراق ولبنان واليوم في مصر. وقال رئيس الجامعة: “كلنا في خارطة الطريق التي وضعوها لتفتيت الشرق الأوسط والمناطق التي فيها ثروات لم تطلها تلك المخططات التقسيمية كون تلك القوى تعمل على استغلالها والاستيلاء على مقدراتها”. وقد أثرى المشاركون محاور الندوة برؤى وتوضيحات قربت ما على الفرقاء السياسيين اتخاذه في المرحلة الراهنية من خطوات مسؤولة سيحاسبهم عليها التاريخ إما بالسلب أو الإيجاب، وضرورة أن يكون الوطن هو الحزب الأكبر الذي تنتمي إليه وتعمل في ظله ولأجله جميع الأحزاب. وأوضحوا أن على المؤتمر الشعبي العام - بصفته الحزب الحاكم - أن يصيغ من خطاب فخامة الرئيس مبادرة مكتوبة تقدم إلى أحزاب اللقاء المشترك وجميع الأحزاب ليتم الحوار عليها والانطلاق منها لحل جميع الإشكاليات العالقة.