قلت لهم أكثر من مرة إن أنفي كبير.. كانوا يسخرون مني ليس اقتناعاً منهم بكبر أنفي.. ولكن هكذا هم دائماً.. فقط يسخرون. قلت لأبي مرة: انظر إلى أنفي أرجوك.. ألا يبدو كبيراً! نظر إليّ وكان أنفه في غاية الانفعال, وقال: كلا إن انفك معتدل!!! قلت في خنوع وأناملي تتلمس أرنبة أنفي.. حقاً كم هو صغير! احمر أنف والدي وصرخ في غاضباً: قلت لك إنه معتدل! قفزت من مكاني.. نعم.. نعم؟ أنا أقصد أنه كذلك..اعذرني! رددت وأنا أشيح بوجهي قاصدة الباب!! كنت دائماً أضع أصابعي حول أنفي.. أعلم أنه كبير لكنهم لا يعترفون بذلك!! ركبت مرة قطاراً, وكان أنفي في أوج عظمته.. في زاوية القطار تجلس سيدة جملية تنظر إلي وتحدق بعيون غلفتها الألوان.. رددت في حياء تحياتها.. لم أفهم ما قالته من بعد، في الحقيقة ظننت أنها تقول إن أنفي كبير.. ففرحت! وانطلقت إليها مسرعة, قلت لها: هل حقاً أنفي كبير؟ اشتدت نظرات المرأة حدة إلى أنفي. ثم إلى حركاتي. أظنها حسبتني مجنونة.. رددت: عفواً! ماذا قلت؟ تغير لون أنفها كثيراً ولون أنفي الكبير أيضاً!! تراجعت لمكاني وأمسكت بمنديلي الحريري ولففته حول أنفي ورحت أفكر بكيف أقنع الناس أن أنفي كبير؟ قررت أن أذهب إلى الطبيب.. نعم ذهبت إلى طبيب العيون قلت لأنفي: عسى طبيب العيون يرى حجمك الكبير, فلا بد أن عينيه كبيرتان أيضاً! وبعد أن استرخيت في الكرسي تمدد الطبيب في ثوبه الأبيض رافعاً قدمه على طاولة مكتبه.. استرقت النظر إلى أنفه بينما كان يتابع أوراقي.. كان أنفه جميلاً وحاداً لكن عينيه واسعتان جداً..حقيقة لم أقدر حجم عينيه لأنه كان يرتدي نظارة سميكة جداً..بدا لي أنفه هادئاً ومطمئناً. سألني ببرود: مم تشكين؟ وبكل جدية وبأنف امتلأ عزيمة قلت له: إنه أنفي! أنفي كبير يا دكتور!! سارع الطبيب يسابق الزمن بنظراته التي تتلاحق تباعاً نحو أنفي الكبير الذي صار أزرق.. رفع صوته بعنف: ماذا؟ ماذا قلت؟ ممَ تشكين؟ كررت قولي فربما لم يسمعني جيداً فهو ذو أذنين صغيرتين:أنفي أنفي كبير.. أنفي!! كان أنفه ينطق قبل لسانه.. لقد قرأت ذلك عليه يقول: إنني مجنونة!! وبعد برهة استنفدها في مراقبة أنفي, استرخى في كرسيه واعتدل وقال بهدوئه السابق: صحيح.. نعم.. حقاً إن أنفك كبير!! لا بأس, سأعطيك دواء يجعله صغيراً!! صحت فيه بغضب بالغ: كلا أريده معتدلاً!! ابتسم: لا تقلقي سيكون معتدلاً. وبدأ يكتب في الأوراق دوائي. فسألته بذكائي الذي لا يخونني: ولكنك لم تكشف على أنفي الكبير بعد؟ هزّ رأسه وقال: أوه.. لا تقلقي فأنفك كبير جداً لا يحتاج لأكشف عليه.. فقط استعملي هذا الدواء وسيكون أنفك الكبير معتدلاً بعد يومين فقط. أعطاني الروشتة وكان أنفه شديد الاحمرار.. ربما من العجب فهو لم يرَ أنفاً كبيراً كأنفي من قبل! بعد يومين نظرت إلى نفسي في المرآة وكدت أطير من الفرح, فأنفي الكبير صار صغيراً.. أقصد معتدلاً. ياه ما أسعدني.. فأنفي الكبير صار معتدلاً. أنف معتدل. كنت سعيدة جداً ولم أعد أضع يدي على أنفي.. فلن يسخر مني أحد بعد اليوم لأن أنفي كبير!! ملاحظه: الأنف الكبير لا يجلب لك إلا المتاعب والكثير الكثير من الزكام!!