الإصابة بالديدان ليست هيّنة كما يظن البعض فهناك من يقلل من شأنها، غافلاً عن خفايا مشاكل واعتلالات تسببها تلك المخلوقات الضئيلة المتطفلة، وإن منها ما يسبب الوفاة إن لم يعالج المصاب فمثلاً يقدر عدد المصابين بالدودة الخيطية “الإسكارس” بأكثر من 250 مليون شخص، وتودي بحياة أكثر من 60 ألف شخص سنوياً. وللدودة “الأنكلستوما” الخطافية التي يكثر الإصابة بها في البلدان النامية ومنها بلادنا حصيلة أخرى عالية من الإصابات تقدر بنحو 151مليون إصابة، في حين يعزى إليها حسب التقديرات وفاة أكثر من 65 ألف شخص سنوياً. هذا أبسط مثال لنوعين فقط من الديدان المعوية التي لا يتطلب تجنبها والوقاية منها وسائر الديدان المعوية سوى نهج السلوكيات والممارسات الصحية. في اللقاء الذي جمعنا بالدكتور أحمد يحيى الصعفاني اختصاصي أمراض الباطنية والجهاز الهضمي تطرقنا لأبرز هذه الأمراض الشائعة في مجتمعنا وخطورتها على الصحة، وما يجب علينا اتخاذه والالتزام به لتجنبها، وما على المصابين التقيد به للمعالجة وقطع سلسلة العدوى، صوناً للصحة وحماية للآخرين من الإصابة. تصنيف الديدان نحن في فصل الصيف وفيه تنشط الكثير من الأمراض وخاصة الديدان الطفيلية فما التوصيف أو التصنيف العام لهذه الأنواع من الديدان التي تصيب الإنسان؟ تعتبر الديدان الطفيلية من أكثر الأمراض الطفيلية التي تصيب جسم الإنسان معتمدة عليه من نموها وغذائها. وبحسب تصنيف العلماء يوجد ثلاثة أنواع منها رئيسية تبعاً لأعضاء الجسم التي تتطفل عليها وهي : الديدان المعوية التي تتطفل على الأمعاء. الديدان الكبدية المهاجمة للكبد. الديدان الدموية التي تعيش في الدم. ماذا عن تصنيف الديدان التي تتطفل على أمعاء الإنسان ؟ الديدان المعوية بدورها تنقسم بحسب الشكل إلى ديدان مفلطحة وشريطية واسطوانية ومجتمعنا كسائر المجتمعات النامية زاخر بأنواع شتى من هذه الطفيليات فقلما نجد فيه أحداً لم يشكُ يوماً من إحدى هذه الطفيليات، لاسيما أن جزءاً منها بإمكانه العيش في الجسم لفترات طويلة قبل أن تحدث أعراض مرضية أو من دون أعراض مصاحبة، بل ومن المألوف في مجتمعنا إصابة الشخص الواحد بأكثر من نوع في نفس الوقت. ديدان شائعة ما أبرز الديدان المعوية الشائعة في مجتمعنا؟ وما مصدر العدوى والكيفية التي تتم بها ؟ الديدان المعوية على اختلاف أنواعها ضمن مجموعة الأمراض التي تشيع في فصل الصيف، فهي كثيراً ما تنشط هذه الأيام التي تعد الأنسب للعدوى والتكاثر للحفاظ على النوع، ولن يتسع المجال لذكرها جميعاً إنما سأذكر نماذج منها شائعة تتسم بخطورة كبيرة إن لم يتم علاجها وفقاً للتصنيف العام: الديدان الشريطية: تتميز بجسمها الشبيه بالشريط ورأسها الذي يحتوي على مصات أو خطاطيف ليساعدها على تثبيت نفسها على جدار الأمعاء. بينما يتكون باقي الجسم من آلاف القطع اللسانية الشكل التي تحتوي كل منها على جهاز تكاثري وأكياس تحتوي البيوض.. وغالباً لا يوجد منها في أمعاء المصاب سوى دودة واحدة فقط. هناك مايسمى بالشريطية القزمية (الكلبية) وهي صغيرة الحجم، خلافاً للدودة الشريطية البقرية الطويلة (تينا ساجيناتا) الشائعة في مجتمعنا والتي قد يتجاوز طولها عشرة أمتار. وطريقة انتقالها إلى الإنسان عن طريق أكل لحم البقر غير المطهو جيداً.. فعندما يكتمل نموها تنفصل عنها من نهايتها في كل مرة (3 10) قطع لسانية، لتخرج مع البراز، بل وقد يلاحظها المصاب حتى على ملابسه الداخلية، حيث تخرج لا إرادياً. وعند وصولها إلى التربة تخرج البيوض لتبتلعها الماشية مع النباتات والحشائش، ومن ثم تخترق الجهاز الهضمي للحيوان لتصل عبر الدم إلى العضلات. أما الإنسان فتنتقل إليه عن طريق أكل لحم البقر غير المطهو جيداً كما أسلفت وبالتالي كل ما تحتاج إليه هو مابين (3 6 أشهر ) حتى تصبح دودة بالغة في أمعاء المصاب وتبدأ بإنتاج البيوض. تأثيرات مرضية ما أوجه الخطورة لتلك الأنواع المعوية من الديدان التي ذكرتها على صحة الإنسان؟ التأثيرات المرضية وخطورتها تأتي تبعاً لنوع المرض الطفيلي، فمثلاً ديدان “ الإنكلستوما” لها تأثيرات مرضية عديدة،كالالتهابات الجلدية لدى اختراق اليرقات للجلد الذي قد ينتج عنه إصابات بكتيرية ثانوية ونزف دموي موضعي، ويمكن أن يؤدي مرور يرقاتها في الحويصلات الهوائية إلى حدوث تفاعلات حساسية وانسداد المجرى الهوائي. وفي الأمعاء تعمل الديدان الخطافية على تآكل وتمزق الخملات المعوية وتحدِث بها نزيفاً تستفيد منه لتقوم بامتصاص الدم،إذ تستهلك كل دودة يومياً مابين “0.15 0.65ملليتر” من الدم. وعلى الرغم من ذلك يستطيع الإنسان تعويض مافقده من دماء في حالات الإصابة الطفيفة، بينما في الإصابة الشديدة وخاصة عند الأطفال قد يؤدي ذلك النزيف إلى حدوث فقر الدم “الأنيميا” وما يترتب عليه من مضاعفات، كما تؤثر هذه الديدان على نموهم الجسماني والعقلي وتزيد من قابليتهم للإصابة بأمراض عديدة. في حين للدودة الشريطية تأثيرات مرضية مغايرة أبرزها حدوث انسداد جزئي للأمعاء،واضطرابات في عمليتي الهضم والامتصاص مما يؤدي إلى انتفاخ في البطن وخصوصاً لدى الأطفال، وضعف المصاب وانخفاض وزنه وقابليته للإصابة بأمراض أخرى، إلى جانب أنه قد تفرز الدودة إفرازات سمية لها آثار مرضية ذات تأثير سيئ على الجسم. وبالنسبة للديدان الدبوسية الشائعة عند الأطفال فمن مضارها على الصغار ضعف القدرة على التركيز والاستيعاب لما تسببه من حكة حول منطقة الشرج المؤدي إلى اضطراب النوم وعدم أخذ الطفل راحته الكاملة أثناء النوم. أما التأثير المرضي للإسكارس فيبدو جلياً أثناء مرحلة هجرة اليرقات في الحويصلات الهوائية محدثة حساسية وانسداداً للمجاري الهوائية ونزيفاً دموياً أو أنها تحدث إصابات ثانوية للرئة ببعض الأنواع البكتيرية. ولاتحدث الإصابات الطفيفة للديدان البالغة في الأمعاء أي تأثير يذكر، على عكس الإصابات الشديد والتي عادة تحدث للأطفال، فقد تؤدي إلى نقص الوزن وسوء التغذية وفقدان المصاب للكثير من غذائه. ولوحظ لدى أطفال المدارس المصابين بالإسكارس أنهم في الغالب يكونون أقصر قامة وأقل قدرة على التركيز والحفظ،وفي بعض الحالات بالإمكان أن يتسبب وجود هذه الديدان بأعداد كبيرة إلى انسداد الأمعاء، مما قد يؤدي إلى الوفاة إذا لم يُسعف المريض لإزالة الديدان من أمعائه جراحياً، أو من الممكن أن تهاجم القنوات الصفراوية والبنكرياس وتتسبب في انسدادها، الأمر الذي يستدعي أيضاً تدخلاً جراحياً، علاوة على ذلك أن النواتج الإخراجية للإسكارس تحدث آثاراً مرضية بالغة الخطورة. معالجة.. ومتطلبات ما الذي يلزم لنجاح المعالجة المضادة للديدان المعوية؟ يجب أن يوصف العلاج المناسب لنوع الطفيلي بالجرعة المناسبة لكل مريض على حدة. والمعيار لتحديد حجم الجرعة يعتمد على العمر والوزن، وتناولها يجب أن يتم في موعده المحدد بالمدة التي أقرها الطبيب للعلاج، أما تكرار الجرعة فمبني على تقدير الطبيب. ولتكون المعالجة ناجحة يجب أن تتم بشكل جماعي لأفراد أسرة المصاب، إذ يلزم أخذ عينات برازية منهم في المختبر للتأكد من إصابتهم بنوع أو بأنواع الديدان المصاب بها أحد أفرادها وفي الوقت ذاته يجب عليهم الالتزام بالنظافة بكافة صورها، نظافة شاملة للأفراد والأثاث وأدوات المنزل، مع الحرص على قص الأظافر حتى يضمنوا مع المعالجة منع العدوى ووقفها تماماً. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان