من الأمور المسلم بها أن الثقة بالنفس طريق للنجاح في الحياة، وأن الوقوع تحت وطأة الشعور بالسلبية والتردد مع عدم الاطمئنان للإمكانات هو بداية الشعور بالإحباط، وفيه كثير من الهدر للطاقات وضياع لهامش كبير من القدرات التي يتمتع بها الآخرون بسبب عدم إدراكهم لما يتمتعون به من إمكانات أنعم الله بها عليهم لو استغلوها لاستطاعوا بها أن يفعلوا الكثير من خلالها. إننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التخلص من كثير من الأفكار والمشاعر السلبية في حياتنا، سواء ما كان منها في مجال الفكر أو السلوك أو الأخلاق أو العادات أو الكلمات أو غيرها؛ لرفعها من على كاهلنا وتحرير أنفسنا من وطأة الإحباط والقنوط اللذين نعيشهما، ولننطلق بالنفس نحو سامية الحياة بثقة أكبر وآمال مشرقة. من أروع المواقف التي تشدنا وينبغي أن تشعل فينا مواقد الثقة بالنفس في هذا السياق ما حدث للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، فقد نشرت الصحافة الأمريكية أنه ذات يوم توقّف مع زوجته هيلاري عند إحدى محطات التزوّد بالوقود, وحينما توجّها إلى عامل المحطة لدفع المبلغ المطلوب, فوجئت هيلاري بشخص كبير في السن يحييها بحرارة, فإذا هو زميل قديم كان قد طلب منها الزواج. بعد أن غادرا قال لها الرئيس كلينتون: هل كنت ستتزوجين هذا الشخص؟! فقالت: نعم. فردّ عليها ساخراً: تصوّري لو أنك قبلت به زوجاً؛ لأمضيت حياتك كلها زوجة لعامل محطة التزوّد بالوقود.. فردّت عليه بنبرة واثقة «بل لصنعت منه رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية, وربما كنت أنت عامل المحطة».. هذه واحدة من أشهر قصص الثقة بالنفس التي يجب على كلِّ شخص طموح أن يمتلك هذه الصفة, وهي شرط أساسي لتحقيق ما نطمح إليه في حياتنا.. ولو تأمّلنا وقرأنا في سير الناجحين والعظماء، سنجد أنّ الثقة التامة بأنفسهم هي من أهم الصفات التي كانوا يتحلّون بها وعلى رأسهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. وعن مدى أهمية ثقة الفرد بنفسه وبقدراته أستعير لك أخي القارئ كلاماً جميلاً يقول فيه الدكتور مريد الكلاب خبير التنمية البشرية: «ثقتنا بأنفسنا تساوي قدرتنا على النجاح؛ لكون الثقة في النفس هي مصدر المبادرة ومحفّز للانطلاق نحو الأمام وحاذي سيرنا قدماً وباعث روح المثابرة في نفوسنا، ولولا الثقة لتقاعسنا وضعفنا أمام أي عقبة تعترضنا في طريقنا. والثقة في النفس تساوي السعادة لكونها مصدر الرضا عن الذات وجسر التواصل والتصالح معهم، وهي أساس الطمأنينة في نفوسنا، وأفضل مصدر للثقة هو أن نستمدّها من إيماننا بخالقنا سبحانه ويتحقّق ذلك بقدر توكُّلنا عليه واستعانتنا به وإدارة رحى تفكيرنا في كونه سبحانه وتعالى يحبنا ويريد لنا الخير. والثقة في النفس تساوي قدرتنا على إطلاق قدراتنا الكامنة والاستفادة منها أقصى درجات الاستفادة, فالإبداع والخبرة والقدرة والذكاء كلها رموز مبهمة لا يمكن فهمها إذا لم تترجم في قاموس الواثقين». وللواثقين أو لمن يسعى أن يوطد الثقة بنفسه نقول له ثق بالله الذي تنتهي إليه آمال الطامحين وتجتمع عنده نسائم الواثقين. وإشارات على الطريق قد تغيب عنا ونحن نسير في هذه الحياة ننشد التغيير إلى الأحسن عبر صناعة الثقة التي توارت عن حياتنا بسبب الكثير من الأفكار السلبية التي تراودنا في الحياة ومن أجل صناعة حقيقية للثقة نقول يجب أن يحدد بتجرد وبلا مبالغة كل واحد منا أهم الأفكار والصفات السلبية في حياته، ثم ليفرد كل فكرة أو صفة على حدة، ثم ليفكر فيها تفكيراً منطقياً تحليلياً يؤدي إلى معرفتها وذلك بمعرفة أسبابها وحقيقتها وهل هي واقع حقيقي فعلاً أو وهمٌ وخيال، فإن كانت من الأوهام فحرر نفسك منها وإن كانت واقعاً حقيقياً فتخلص من أسبابها وقلصها إلى أدنى قدر ممكن، واعلم أن الصفة كلما كانت أكثر رسوخاً في حياتك كلما كان أسباب استبعادها يحتاج لجهد أكبر وزمن أطول. همسة واثق: إني وإن كنت كقطر الطل صافي قصفة الرعد وإعصار السوافي أتحاشى الشر جهدي فإذا ما لجّ في عسفي تحداه اعتسافي خلق ورثنيه أحمد فسرى ملء دمائي وشغافي لم يغيره على طول المدى بطش جبار ولا كيد ضعافي