تمثل السياحة ظاهرة عصرية تنبثق من الحاجة المتزايدة إلى الراحة وإلى تغيير الهواء ومولد الإحساس بجمال الطبيعة والإقامة في مناطق لها طبيعتها الخاصة، ويرى الخبراء المتخصصون أن السياحة تتجسد في زيارة بلد بقصد التعرف على تراثه وحضارته وثقافته فتتم بذلك عملية التلاقح الحضاري بين البلدان، باعتبار أن السياحة ذات أهداف عدة، منها التمتع بجمال البحر وحرارة الطقس والتعرف على طبيعة المجتمع من خلال عاداته وتقاليده وزيارة المعالم الأثرية والمتاحف والمناطق التاريخية. وبالتالي فلكي تكون هناك سياحة لابد من توفر عوامل الجذب السياحي كالمقومات الطبيعية، والمقومات الأثرية والتاريخية وكذلك المقومات الاجتماعية والدينية، مما يمكن السائح من الاستمتاع بالمخزون الثقافي والحضاري للبلد المقصود، وهذه المقومات متوافرة بشكل كبير في اليمن السعيد، وتقتضي أن تتحمل الجهات المعنية مسئولياتها لتقديمها بأسلوب فريد إلى العالم بما يمكن الوطن من الاستفادة القصوى من ذخائره الطبيعية والتاريخية والاجتماعية. التنوع المناخي الفريد ومن هذا المنطلق فقد أصبحت السياحة صناعة وفلسفة ومهنة وفن، وهو ما يؤكد الدكتور أمين جزيلان مدير عام مكتب السياحة بمحافظة إب على أهمية إدراكه بعقلانية من كافة أطراف النشاط العام والخاص في البلاد حيث يقول: إن السياحة أصبحت اليوم صناعة ومورداً مهماً وأساسياً في الدخل القومي لدول تعاني من شحة الموارد مثل سويسرا أو سنغافورة وهونج كونج، واليمن تمتلك موارد سياحية غنية ومتنوعة وتراثا ثقافيا واجتماعيا وتاريخيا وحضاريا وطبيعة جميلة ذات تنوع مناخي بأشكال جغرافية متعددة تجعل المنتج السياحي اليمني متميزاً وملبياً لرغبات السائحين. تميز سياحي فريد ويشير الدكتور جزيلان إلى تفرد محافظة إب بخصوصية سياحية فريدة في السياق الوطني بقوله: إن المقومات السياحية الغنية تفرض حقيقة الخصوصية السياحية لمحافظة إب التي تؤهلها أن تحتل مكانة هامة في صناعة السياحة المحلية والإقليمية والدولية ونعتقد أن صناعة السياحة يجب أن تحتل أولويات سلم التنمية لمحافظة إب كونها شحيحة الموارد، وأهم الموارد الاقتصادية الواعدة هي السياحة التي ستكون مصدراً رئيسياً للموارد الاقتصادية والوظيفية الأولى لمحافظة إب ورسالة ثقافية تعكس الموروث الثقافي والحضاري المتميز لشعبنا اليمني. الوعي السياحي غير أن العديد من العوائق تبرز في سياق التنمية السياحية ولعل أهم تلك المعوقات يتمثل في تدني الوعي العام بأهمية السياحة على المستوى الفردي والمجتمعي، وهو ما يقتضي العمل الدؤوب على تغيير الأفكار القديمة لدى الأجيال بصورة تسهم في تنمية السياحة وجني خيرها، وهو الأمر المنوط بمؤسسات التربية وفق مايراه الدكتور أمين جزيلان والذي يقول : تعد علاقة التربية بالسياحة علاقة تكاملية، لأن التربية تعمل على تربية الإنسان الصالح، والسياحة كعلم متخصص لتربية الإنسان المضياف والباسم، فهي صناعة اللطف وما أحوجنا في عالمنا القلق إلى الإنسان القادر على تقديم بسمة حب وأمل لوطن يتميز بالعطاء والحب الدائم خلال تاريخه القديم والحديث والمعاصر. الدور الإنساني المحوري وبصورة أوضح فإن العصر البشري يمثل حجر الزاوية في تنشيط الحركة السياحية في البلد، وفي هذا السياق يقول مدير عام مكتب السياحة بمحافظة إب: نستطيع القول بكل وضوح إن كل عمل سياحي لا يتسم بالصبغة الراقية للإنسان لا يعدو كونه جسداً بلا روح، وأشكالاً مختلفة ليس فيها حياة أو رائحة، لذلك فإن الإنسان يعد أهم بنية تحتية سياحية، وإعداده يتطلب بالضرورة إدخال التخصص في مجال السياحة في البرامج التربوية لجامعة إب، خاصة أننا ندرك جميعاً الخصوصية السياحية لمحافظة إب وأن التعليم المتخصص في مجال السياحة يلبي احتياجات سوق العمل والتنمية السياحية لمحافظة إب، وهو ما تنبهت له الجامعة من خلال افتتاحها قسم السياحة في كلية التجارة والعلوم الإدارية بصورة تسهم في إعداد الكوادر البشرية المؤهلة لتنشيط العمل السياحي في المحافظة، ويبقى الدور على المؤسسات العاملة في القطاع السياحي في توفر الظروف السليمة للاستفادة من هذه الكوادر المؤهلة والارتقاء بمستوياتهم عبر التدريب والممارسة التي تنتظم جنباً إلى جنب مع المعرفة العلمية المتخصصة بما يعود بالخير على الفرد والمستثمر والوطن بأسره. علمية السياحة ويرفض الدكتور جزيلان النظرة المشوهة والأفكار المغلوطة التي تنظر إلى السياحة من زاوية المنفذ العام لنشر الفساد والانحلال وهي الأفكار التي يروج لها دعاة التدين الزائف وهواة صناعة الأزمات، حيث يرى جزيلان أن السياحة قائمة في العالم كله، ولم يعد بهذا المستوى السطحي من الفهم القاصر والمغلوط وفي هذا السياق يقول: من البديهيات أن السياحة في العصر الراهن أصبحت صناعة قائمة بذاتها فهي تعد صناعة تصديرية وفلسفة ومهنة وفنا، وهي عبارة عن مجموعة من النشاطات والخدمات يسعى الإنسان إلى تقديمها وتجميعها كخدمة متكاملة للسائح، والسياحة علم قائم بذاته وهي عبارة عن نظام متكامل ومتداخل لعدة أنشطة ومعارف يتم تنظيمها والتحكم بها بطريقة معينة، وأصبحت السياحة اليوم علما كبقية العلوم الأخرى، له مقوماته وقواعده الخاصة به وتدرس في أغلب الجامعات وعلى كافة المستويات ابتداءً من المدارس المهنية وانتهاءً بالجامعات وبمستوى أعلى الشهادات، وهي علم مبني على أساس تقديم الخدمات المنظمة والمدروسة وعلى أساس الاستعمال والاستثمار الأفضل للموارد المادية والبشرية والطبيعية، وتقديمها في أفضل شكل وصورة. المضمون العلمي وفي توضيحه لعلم السياحة يشير جزيلان إلى مضامين هذا العلم بقوله: إن علم السياحة بمضمونه الشامل كعلم القانون وعلم الاقتصاد وغيرهما من العلوم الإنسانية يضم فروعاً مختلفة وعلوما فرعية ويتضمن مثلاً الاقتصاد السياحي، الإحصاء السياحي، التخطيط السياحي، الجغرافيا السياحية، والإدارة السياحية، التسويق والإعلان والترويج السياحي، العلاقات العامة في السياحة.. الخ، والتي تتم تجربتها وتطبيقها، وتعتمد على أساس الملاحظة والتجربة، وعند تطبيقها يمكن التوصل إلى نتائج متطابقة في مختلف الحالات، وهذا شرط أساسي من شروط أي علم، وقد أقيمت ندوات ومؤتمرات عديدة عالجت مشكلات تهم السياحة والسائحين والقوانين السياحية. الصناعة السياحية ويشير الدكتور أمين جزيلان إلى المكونات الرئيسية التي تقوم عليه مايسميه بصناعة السياحة وذلك بقوله: كأي صناعة حديثة لابد من توافر العديد من المقومات الرئيسية، وفي هذا الإطار فإن العناصر الهامة التي تقوم عليها صناعة السياحة تتمثل بالآتي: 1 المادة الأولية رأس المال العمل الدعاية والإعلان والترويج النقل البنية التحتية. عرض المنتج السياحي وفي هذا الإطار الهادف إلى صناعة السياحة يأتي المهرجان السياحي لمحافظة إب الذي يلخص الدكتور أمين جزيلان مدير عام مكتب سياحة محافظة إب رسالته بالقول: المهرجان السياحي السنوي يعد أهم حدث سياحي بمحافظة إب، كونه يعمل على عرض المنتج السياحي الثقافي والتعرف على المناظر الطبيعة الخلابة من خلال الزيارات لأهم المواقع السياحية، كما أنه يصب في اتجاه تعميق معارفنا بما تمتلكه محافظة اللواء الأخضر من مقومات سياحية ثقافية وطبيعية وبالتالي الحفاظ على تراثنا وموروثنا الشعبي وبيئتنا الجميلة. بنية السياحة وعلى ذات الصعيد، كشفت دراسة علمية حديثة عن خلل في التركيبة القائمة في بنية السياحة بمحافظة إب خصوصاً في جوانبها الطبيعية والبشرية، وأشارت الدراسة التي أعدها الباحث فتح عبدالله محمد الشعيبي والتي حصل بموجبها على درجة الماجستير من جامعة صنعاء أن ماتتميز به محافظة إب من مقومات جذب سياحية جعلها مقصداً للسياح. عوامل الجذب وخلص الباحث فتح الشعيبي إلى القول بأن المقومات الطبيعية شكلت عوامل الجذب الرئيسية للسياح إلى محافظة إب، بينما كانت المقومات البشرية أقل أهمية بنسب تتفاوت بين عناصرها المتنوعة وذلك بسبب القصور التي تعانيه خاصة في جانب الخدمات العامة والخدمات السياحية التي يحتاجها السياح خلال زيارتهم للمحافظة. اتجاهات السائحين وكشف الباحث فتح الشعيبي عن مسار الحركة السياحية في محافظة إب بقوله: من خلال دراستنا الميدانية توصلنا إلى العديد من النتائج الهامة وأهمها، أن غالبية السائحين زاروا مدينة إب والمناطق المجاورة لها، بما يعكس القصور في الترويج للمناطق الأخرى، كما أن السائحين القادمين من الخارج إلى محافظة إب معظمهم من الدول المجاورة للجمهورية اليمنية، ولاسيما من السعودية، بينما السياح من الداخل جاءوا من مختلف محافظات الجمهورية بنسب متفاوتة، ومازالت السياحة في محافظة إب تواجه مشاكل كثيرة في مختلف مرافقها، لاسيما خدمات البنية الأساسية والخدمات السياحية، وقد أثبتت الدراسة أن هناك علاقة ارتباطية بين خصائص السياحة الخارجية والسياحة الداخلية ما يعكس أهمية النوعين لازدهار المحافظة سياحياً واقتصادياً، ومن المفيد الإشارة إلى أن المواقع السياحية تنتشر في مختلف المديريات، ولكنها لم تستغل بعد حتى اليوم، وتعاني المحافظة ضعف الاستثمارات السياحية، ومحدودية مصادر التمويل للمشاريع السياحية المقترحة، وتركز الموجود منها في مدينة إب فقط. المسح الشامل للآثار ومن منطق البحث العلمي الذي يعد أهم مرتكزات البناء الحضاري في العصر الحديث يقدم الباحث الشعيبي العديد من التوصيات والمقترحة التي يعتقد بأهمية تنفيذها للارتقاء بالنشاط السياحي في محافظة إب فيقول: اعتماداً على النتائج التي توصلت إليها الدراسة فإننا نوصي بما يأتي: تحديد المناطق الطبيعية المتميزة بخصائصها النادرة وإعلانها محميات طبيعية، تنفيذ مسح شامل للآثار وتحديد أماكنها والحفاظ عليها من العبث، وحمايتها من السرقة وصيانتها بطرق علمية تحافظ على أصالتها، الاهتمام بالنظافة العامة في مدينة إب، ومرافق الخدمات السياحية فيها، ومراكز المديريات والمدن الكبيرة، الصيانة الدورية للطرقات البرية، والشوارع في المدن، والعمل على توسيعها وتزويدها باللوحات الإرشادية والعلامات المرورية، والإضاءة، نشر الوعي بين المواطنين بأهمية الحفاوة والكرم والأخلاق والمعاملة الحسنة معاملة السياح وعدم مضايقتهم والتذمر منهم، تخفيف عمليات التفتيش والتوقيف للسيارات الخاصة التي تقل السياح في مداخل ومخارج المحافظة، وخصوصاً ذوي العائلات منهم. دعم الحرف ومكافحة التلوث ويستطرد الشعيبي في تقديم مقترحاته الرامية لتنمية السياحة بمحافظة إب قائلاً: وفي سبيل الدفع بالنشاط السياحي إلى الأمام فلابد من العمل على مكافحة التلوث الذي تتعرض له المحافظة خاصة مدينة إب بسبب انتشار السيارات التي تعمل بمادة الديزل كوقود، تشجيع استثمار الحمامات الطبيعية للسياحة العلاجية، تقديم الدعم اللازم لأصحاب الحرف بهدف إنشاء مصانع صغيرة للصناعات الحرفية والأشغال اليدوية التي تروج للسياحة في المحافظة، الترويج للسياحة في المحافظة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإقامة المعارض والمهرجانات السياحية في الموسم السياحي، وعرض فعاليات نابعة من الثقافة المحلية، تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين على المساهمة في تطوير وتنمية السياحة في المحافظة وإقامة المشاريع السياحية الكبيرة، تعريف السائح بحالة الجو اليومية في المحافظة عبر وسائل الإعلام والاتصال المتنوعة، تشجيع الباحثين والدارسين للقيام بإجراء مزيد من الدراسات حول تطوير وتنمية السياحة في المحافظة؛ لأن الحاجة ماسة لذلك حيث إن الأعمال المبنية على أسس متينة من نتائج الدراسات والأبحاث العلمية تمثل الركن الأساسي في التنمية فيما تذهب الأعمال العشوائية والاعتباطية بمرور وقت قصير، وأحياناً قبل أن يكتمل العمل بها. مدير عام السياحة بإب : .. مهرجان إب السياحي أهم حدث تشهده المحافظة لكنه بحاجة إلى توفر كامل المقومات لاستثماره .. دراسة حديثة: محافظة إب تعاني من ضعف الاستثمارات السياحية ومحدودية مصادر التمويل للمشاريع المقترحة