الإسعافات في أحيان كثيرة لحظات إنقاذ من موت محقق, لكنها حتى تكون ناجحة ذات كفاءة لابد قبل كل شيء من توافر عنصرين أساسيين, ألا وهما التدريب وعامل السرعة. ويقصد بالإسعافات الأولية: الرعاية التي يمكن للأفراد الموجودين في مكان الحادث تقديمها للمصاب قبل وصوله إلى المستشفى أو إلى مركز الرعاية الصحية. في سياق موضوعنا التالي جوانب هامة جداً في الإسعافات الأولية غلب على الناس الجهل حتى بأبسط تدابير وإجراءات التعامل الصحي السليم لمنع أو لتخفيف تفاقم حدة خطر الإصابة.. إنها الإسعافات الأولية, وسنركز هنا على إسعافات الحروق بأنواعها وأشكالها المختلفة.. قواعد عامة يعتمد الإسعاف الأولى بصورة عامة على قواعد أساسية يجب اتباعها, كإبعاد المصاب عن مصدر الخطر, وفك الأربطة والأحزمة والملابس الضيقة, وتجنب محاولة خلع ملابس المصاب، وإنما تمزيقها حول مكان الجرح أو الإصابة. فإذا كان المصاب في حالة إغماء, يتم البحث عن أي جسم غريب في الفم, كالأسنان الصناعية أو بقايا القيء, ومن ثم إزالتها, أما إذا كان يتقيأ فيُميّل رأسه جانباً ويجذب لسانه إلى الأمام كي لا يختنق. وعلى الفور يُجرى له تنفس صناعي عبر الفم إذا كان تنفسه متوقفاً. وفي حال وجود نزف ظاهر يوقف النزف بالضغط على موضعه بالأصابع أو بقطعة قماش نظيفة أو بربط العضو النازف في مكان أعلى من الجرح برباط ضاغط. أما في حالة الاشتباه في وجود نزف داخلي, وجب الإسراع في نقل المصاب إلى المستشفى أو إلى المركز الصحي فعلامات النزف الداخلي قد تبدو في قلق المصاب وشكواه من العطش, وسرعة تنفسه, وسرعة النبض وضعفه, وشحوب لونه وبرودة جلده, دون وجود نزف ظاهر. وفي حال التعرض لضربة شمس مصحوبة بارتفاع درجة حرارة الجسم وبسخونة الجلد دون وجود عرق, يمدد عندها المصاب بعيداً عن الشمس ورأسه أعلى من قدميه مع غمس أطرافه في ماء بارد مثلج. وعلى كل يجب التنبه إلى جزئية مهمة وهي ألا يُعطى المغمى عليه أي شيء بالفم. الحروق وأسبابها تنشأ الحروق جرّاء تلف أو تخرب في طبقات الجلد السطحية, وقد يشمل الأنسجة الأخرى تحت الجلد بسبب التعرض للحرارة العالية, كالتعرض للاحتراق بالنار المشتعلة أو ملامسة المعادن الساخنة أو التيار الكهربائي, كذلك عند تناول السوائل الساخنة أو التعرض للمواد الكيميائية الكاوية, كالأحماض أو التعرض لأشعة الشمس المحرقة. أهم المضاعفات يبقى من الخطأ الجسيم إبقاء الحروق على حالها دونما اتباع قواعد وأسس السلامة.. إذ قد ينشأ عن الإهمال أو الجهل بتدابير الإسعاف المبني على أسس صحية سليمة, خصوصاً إذا كانت الحروق واسعة أو عميقة, وقوع مضاعفات على درجة عالية من الخطورة مثل: - التلوث البكتيري. - الصدمة بسبب الآلام الشديدة وفقدان البلازما. - تشوه الجزء المصاب وحدوث الالتصاقات. - حدوث الوفاة. درجات الحروق وإسعافاتها للحروق ثلاث درجات: الدرجة الأولى: بسيطة سطحية تشمل فقط سطح الجلد ويصاحبها احمرار وألم في الجلد. ويطلب إسعاف جروح كهذه وضع الجزء المصاب في ماء بارد نقي فوراً أو كيس به قطع ثلج فوقه أو ضمادات مبللة بالماء البارد، أو وضع الجزء المصاب في حوض به ماء، كل ذلك لمدة عشر دقائق. بعد ذلك يمكن وضع مادة مطهرة, مثل (الجنشيان) ومن الممكن أيضاً إعطاء المصاب مسكناً عند شعوره بألم شديد. الدرجة الثانية: معها الحروق تمتد إلى داخل الجلد وتسبب فقاقيع مائية, ولإسعاف هذه الحروق يجب ألا تفتح الفقاقيع المائية, فإذا كانت مفتوحة يغسل موضعها بالماء النظيف ويحفظ الحرق من التلوث، كما يمكن تغطية الحرق بشاش عليه (فازلين) معقم, وبعدها يغسل الحرق بمحلول الملح، كذلك يمكن وضع بودرة مضاد حيوي أو مادة مطهرة مثل: محلول اليود على الحرق أو مادة غير لاصقة, مثل (السفراتول)، وبالتالي يغطى الحرق بشاش معقم ويربط به, على أن يتم تغيير الضماد كل يوم أو يومين وإعطائه المسكنات للتخفيف من الألم. وفي الحالات الخطرة أو إذا لم يلمس المصاب بهذا النوع من الحروق أي تقدم أو تحسن في صحته أو وجد ضعفاً في استفادته من الإسعافات والمعالجة التي أجريت له, ففي هذه الأحوال يلزم نقله على الفور إلى المستشفى أو المركز الصحي. الدرجة الثالثة: وهي أخطر أنواع الحروق, يصاحبها تفحمات وغالباً ما تكون مميتة, حيث يحترق الجلد كله شاملاً الأنسجة والعضلات, ومن الممكن أن يصل إلى العظم. ولإسعاف حروق الدرجة الثالثة لا يعمل أي شيء إزاءها بسبب وضعها المتفحم, إنما تغطى بضماد كبير معقم, وعلى وجه السرعة يتم التوجه بها إلى أقرب مستشفى. إلى ذلك تنتج حروق بسبب تناول مادة كيميائية كاوية، وقد تحدث تورماً وتضيقاً في الحنجرة, ما قد يؤدي إلى الاختناق، لذا يسقى المصاب بعض زيت الزيتون ويمص قطعاً من الثلج. كما يمكن عمل كمادات ساخنة على الرقبة لتقليل خطر تورم الحنجرة.. وفي حال الحروق الكيميائية على الجلد يسكب ماء على مكان الحرق لتخفيف أثر المادة الكيميائية ومن ثم إزالتها, وإذا تبللت الملابس بالمادة الكيميائية يتم تمزيقها, ثم ينقل المصاب فوراً إلى المستشفى أو إلى المركز الصحي, أما إذا تعرضت العين للحرق بسائل ساخن, فيتم إسعاف هذا النوع من الحروق بوضع رأس المصاب في حوض به ماء حتى تغمر عيناه بعدها يفتح عينيه في الماء لفترة ويحاول فتحمها وإغلاقهما مراراً, وبالتالي تجفف العينان بقطن معقم, ومن ثم توضع قطرة من مادة مسكنة مخصصة للعينين لتسكين الآلام, ثم تضمد وينقل المصاب على وجه السرعة إلى المستشفى. احتياطات وقائية.. واحتياجات الحذر ضروري ومطلوب مع وجود الأطفال, فالطفل قد لا يعي خطر ما يقدم عليه بدافع الفضول والتعرف على الأشياء, وهذا يتطلب منا التزاماً حقيقياً بإبعادهم عن المواد والأشياء الخطرة التي من شأن العبث بها التسبب في اندلاع حرائق عبر: - وضع الكبريت والمواد الكيمياوية الحارقة, وكذا المواد القابلة للاشتعال بعيداً عن متناول أيادي الأطفال. - الإبقاء على اسطوانة الغاز بعيداً عن متناول الأطفال, وإغلاقها باستمرار عقب الانتهاء من الطبخ, وكذلك منع الأطفال من العبث بمفاتيح الطباخات والأفران. - تجنب تمرير السوائل الساخنة فوق رؤوس الأطفال, ومنعهم من العبث بفتحات توصيلات وأفياش الكهرباء. - الكف عن الطلب إلى الصغار جلب أشياء من المطبخ. من جهة أخرى يحتاج المصاب بحروق في جسمه إلى عناية من نوع خاص, فهو بحاجة إلى راحة وإلى الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالبروتين, مع شرب السوائل بكثرة. وجد مؤخراً أن العسل البلدي فعال جداً في التعجيل بشفاء الحروق والحد من حدوث التشوهات, وذلك عند استخدامه موضعياً في علاج الحروق, وللتخفيف من شعوره بالألم يتم إعطاؤه المسكنات. إلى هنا وينتهي بنا الحديث عن موضوع الإسعافات الأولية في حالات الإصابة بالحروق المختلفة، وأود أن أنوه إلى ضرورة تجنب وضع مواد على الحرق, كالدهن, الزيت, معجون الأسنان, الصلصة, كما يفضل عدم إزالة الفقاعات التي تظهر في الحروق؛ لما تشكله من حماية للجزء المصاب من التلوث. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.