تزهو مدينة “تريم” حضرموت بقصور عديدة تمثل عينة فريدة لبناء معماري بالغ الأناقة والتعقيد.. ويمتاز الأسلوب المعماري في بناء هذه القصور الملونة بتزاحم التأثيرات الجمالية والتزيينية المستعارة من عناصر العمارة الإندونيسية والهندية والماليزية حسب د. عبدالله كرامة التميمي.وتتراوح طوابق قصور تريم مابين ثلاثة إلى أربعة أدوار مع إحاطة أسوار بها بأطوال تتراوح “4 5” أمتار محاطة بالحدائق الغناء وأشجار النخيل التي تمد غرف القصور بالنسائم العليلة لتضمن الهندسة المعمارية الفريدة التي جعلت “المنور” يتوسط كل قصر نظام تكييف طبيعي صيفاً وشتاء مستبقة بذلك اختراع المكيفات التقنية. قصر المنيصورة قصر المنيصورة والذي يعد من أجمل القصور في تريم من حيث الزخارف والواجهات الخارجية حيث تتوزع الأعمدة الصغيرة الفاصلة مابين نافذة وأخرى وهي أعمدة تتأزم لحمل الدور الذي يليه، فيما يتزين بألوان الأزرق والأخضر الفاتح مابين الأدوار فيما لايغيب اللون الأبيض كذلك عن الحضور. ويتميز القصر كذلك بواجهتيه الشرقية والجنوبية كما تم المزج بين الأصالة التي مثلتها النوافذ الحضرمية ذات الفتحات المعكوفة، والمعاصرة التي مثلتها التيجان والزخارف المزينة لهذه الواجهات ويقع قصر المنيصورة شرق مسجد المحضار، أما تاريخ بنائه فيعود إلى العام “1351ه 1932م” حيث أسسه أحمد بن عمر بن عبدالله بن يحيى ويتبع آل بن يحيى حالياً. قصر عشة ويعد قصر عشة أحد أروع المباني المعمارية الطينية في تريم حيث يقع هذا القصر في حارة المحضار وتم بناؤه في “1349ه 1930م”. ويعود تأسيس قصر عشة إلى عمر بن شيخ الكاف أحد أهم أعيان وتجار تريم سابقاً، وتم بناء هذا القصر على يد المعلم “عمر يعمر” وبإشراف المهندس علوي أبي بكر الكاف، أما تسميته فتعود إلى اسم “بئر عشة” الأرض الزراعية التي أقيم عليها. ويتميز القصر بطرازه المعماري والذي برع فيه المهندس والبناءون في استخدامهم للخامات المحلية من طين ونورة وتبن باستثناء الزجاج وبعض القطع الحديدية التي استجلبت من الهند وسنغافورة وتم استخدامها في صناعة النوافذ والأبواب. كما يتميز بالنقوش الزجاجية المختلفة الألوان ومن أجملها الموجودة في الطابق الأول والتي ميزت القصر عن جميع قصور حضرموت كافة. ويلاحظ في الزخارف الداخلية للقصر مدى التنوع الرائع فيها في كل غرفة حيث تميزت كل واحدة منها بزخارفها الجدارية والمحيطة بالأبواب والنوافذ ذات الزجاج الملون وكذا زخارف السقوف. وفي وسط القصر توجد الغرفة الوسطى في الطابق الثاني، وهي أحد أهم غرف المبنى وأجملها والتي زينت جدرانها وأبوابها بزخارف خاصة مع تناغم وتناسق بديع، أما سقفها فقد تمت زخرفته بالمرايا الزجاجية فأضفت على الغرفة جمالاً رائعاً. قصر السلام والقبة يعد “قصر السلام” أحد القصور التي بناها محمد بن حسين الكاف حيث يعود تاريخ بنائه إلى “1375ه 1956م” كما يأتي قصر “القبة” الواقع وسط المزارع المنتشرة في منطقة عيديد على الطريق المؤدية إلى حافة الروضة بعيديد، كأحد أجمل المتنزهات التي أسست. ويعود القصر لمحمد بن شيخ الكاف وبنى في حوالي “1350ه 1931م”. ويتميز القصر بحديقته الغناء وبساتينه وكذا بركة السباحة التي تعد أكبر بركة سباحة أقيمت في تريم في ذلك الوقت، أما المبنى فقد تم العناية بزخرفة واجهته الأساسية حيث المدخل الرئيسي الذي تتقدمه عدة درجات أكسبت الواجهة انبساطات واسعة وعلى السطح تعلو القبة المنتصبة على قاعدة مضلعة، في تناغم جميل من الألوان الملونة للأعمدة والعقود والنوافذ المنتشرة في هذه الواجهة. وشهد العام “1969م” إهمال القصر عمرانياً، أما في سنة “1975م” فتم تأميمه من قبل النظام الحاكم في جنوب الوطن سابقاً وتحويله إلى استراحة كما تم استخدامه كفندق وكان محطة لكبار الزوار والضيوف. ويصف الباحث المؤرخ عبدالقادر الصبان القصر بالفخم الذي تحفه البساتين من كل الجهات وتقابلك الأزهار المتفتحة المرحبة والمبتسمة لمقدمك عند مدخله. قصر عبدالرحمن الكاف وفي ضاحية عيديد الجديدة يأتي قصر السيد عبدالرحمن بن شيخ الكاف ،المبني في 1938م كواحد من أجمل قصور تريم وأضخمها والذي يشبه قصور روما القديمة،حيث تتزين واجهته الضخمة بالأعمدة الضخمة رالذي اعُتني بتنفيذ وإبراز الزخارف البديعة فيها وكذلك النوافذ التي أكسبت الواجهة نفساً شرق آسيوياً. أما خلف القصر فتوجد حديقة بديعة تتوسطها نافورة وحوض سباحة لم يبق منها إلا الأطلال. قصر الرياض إلى جانب القصور السابقة يأتي قصر الرياضي لمبنى في 1952م من قبل السيد عمر بن شيخ الكاف حسب علي جنيد رمضان أحد المدرسين في تريم ببساطة واجهاته والمتفرد عن غيره بتعدد الشرفات “البلكونات” من طوابقه الخالية من الزخارف الخارجية باستثناء التاج المتوسط للواجهة الجنوبية الأمر غير المعهود في المباني الطينية الأخرى. قصر التواهي كما يأتي قصر التواهي الواقع في وسط مدينة تريم العائد ببنائه إلى العام 1938م والذي يعد من المباني المحظوظة إلى حد ما، حيث لم تنله يد التأميم. ويتميز قصر التواهي بساحته الأمامية الواسعة التي شهدت العديد من الفعاليات منذ تأسيسه على يد المرحوم السيد عمر بن شيخ الكاف وحتى اليوم. قصر الرناد ويمثل قصر “ الرناد “ أحد أبرز المعالم الحضارية الشامخة في مدينة تريم لما يتميز به من دقة البناء وتفرد الزخرفة. ويعود تاريخ بناء القصر إلى ما قبل بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ب “ 400” عام،حيث يؤكد ذلك صاحب كتاب “ شرح الصدور” السيد على بن عبدالرحمن المشهور. ومثل قصر الرناد الموجود في وسط مدينة تريم رمزاً للحكم والسلطات المتعاقبة منذ عهد الإسلام،حيث أقام به عامل الرسول صلى عليه وسلم زياد بن لبيد الإباضي، كما أقام به السلطان عبدالله بن راشد القحطاني أثناء حكم دولة آل راشد. ويتكون القصر من عدة مبانٍ وملحقات وغرف تحوي النقوش والزخارف الرائعة، فيما يوجد داخل الحصن بئر قديمة ونفق أرضي يؤدي لخارج سور المدينة. أما واجهته فقد احتوت أبياتاً شعرية تشير إلى عمليات الترميم، والتجديد التي تعرض لها في مراحل مختلفة من تاريخه أبرزها. قصر عليه تحية وسلام بسامه لهلاله أيام قصر بن يماني كما يأتي قصر بن يماني كتحفة معمارية بناه المقدم عبدالله بن أحمد بن يماني التميمي هو إلى 1819م لينتهي بناؤه في 1831م في عهد المقدم العبد بن علي بن أحمد بن عبدالله بن يماني مقدم الطائلة الظنية. ويمتاز القصر بموقع مميز وجدران سمكية ويتكون الدور الأول من غرف فسيحه للضيوف وكبار النزلاء كما يوجد بوابتان كبيرتان مزينتان بالنقوش والنوافذ الجميلة في كل طابق مايزيد عن العشر،فيما ينقسم كل دور إلى جناحين بالغي الفخامة. الأمثال لم تغفل هذه القصر حسب الباحث عبدالقادر الصبان،حيث ضربت فيه الأمثلة وبمؤسسية كما قيلت فيه الكثير من الأبيات الشعرية. وغير القصور السابقة لاتزال تريم تزهو كذلك بقصر “حسن” الذي أسسه الشاعر حداد بن حسن 1948م، وقصر الخضب، السرور ، أسمرا، قصر آل الجنيد “بخيتة “ في المحف، وقصر الكاف حميرانه، قصر آل بن إبراهيم السقاف في قسم بتريم، دار آل الهادي، البطيحة، قصر عبدالقادر بن شيخ الكاف وكذا قصر حمطوط الذي بناه حسين بن شيخ الكاف في العام 1943م.