قديماً كان الإنسان اليمني يشيد منازله على سفوح الجبال حفاظاً على الأراضي الزراعية، أما اليوم فقد طغى الزحف العمراني على كثير من المنخفضات والقيعان وعلى الأراضي الزراعية كما هو الحال في محافظة إب التي أصبح بساطها الأخضر عرضة للزحف العمراني، لتبدو غداً محافظة أسمنتية مما سيؤثر في بيئتها الطبيعية التي تعد من أهم عناصر الجذب السياحي في المنطقة.. الزحف العمراني مشكلتنا د.أمين جزيلان مدير عام السياحة بالمحافظة أكد أن هناك قراراً اتخذه المجلس المحلي للحد من البناء العمراني في وادي السحول باعتباره محمية طبيعية يمنع البناء فيها.. المسألة هنا تقتضي ضرورة الحفاظ على ما تبقى من الرقعة الخضراء والأراضي والأحواض المائية، والبيئة الجميلة هي المكان المناسب للتنمية السياحية. ويعد الزحف العمراني مشكلتنا الراهنة، ونحن نعرف أن مكتب السياحة الآن يقع في أهم وادٍ، كان يسمى وادي الظهار ويمتد إلى مفرق ميتم، ونظراً لنمو النشاط العمراني أصبح الوادي أثراً بعد عين. الزحف العمراني للرقعة الخضراء مشكلتنا الراهنة ويرى الشيخ عقيل الجعفري ممثل لجنة المغتربين والاستثمار بالمحافظة أن الزحف الخرساني على البساط الأخضر آفة، والسبب أننا ننطلق وفق رؤية ضيقة تنحصر عند مصالحنا الخاصة، وتغلب ذلك على المصلحة العامة، وإذ استمررنا على منوال تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة أعتقد أن كل شيء سينتهي.. نحن نريد أن يكون الغد أفضل من اليوم. وإذا ما نظرنا إلى الزحف العمراني وتلك العشوائية الظاهرة نكتشف أنه لا توجد هناك مخططات، ليس هناك شوارع مخططة ولا ملاعب في الحارات ولا حدائق مثل ما هو موجود في بلدان العالم، حيث يوجد ذلك في كل حارة وعلى مساحة محددة ملعب وحديقة مخصصة لأبناء الحارة. وهذا لا وجود له في المحافظة السياحية، حيث لا توجد فيها حديقة أو منتزه عام. ليس لدينا مخططات ولا نظرة مستقبلية نحن نفكر بعقلية ضيقة، لا نفكر بالمستقبل ولا نخطط لذلك. نحن الآن نخطط لما قبل 20 30 سنة مضت، بينما بلدان العالم قد وضعت مخططات بعيدة المدى وفق نظرة تتطلع لمستقبل أفضل، وهو ما لا نفكر نحن فيه، حيث نشيد العمارة في منتصف الشارع. ويؤكد الشيخ عقيل فاضل وكيل المحافظة للشئون الفنية أن الزحف العمراني قضى على كثير من الأراضي الزراعية، ونحن بدورنا سنعمل على ايقاف البناء في أكثر من منطقة، حفاظاً على مسمى محافظة إب الخضراء. ونسعى لتدارك ما يمكن استدراكه في القريب العاجل.. ونحن نؤكد أن هذا الزحف العمراني والتداخل العشوائي يشوه جمال المدينة، وهذه تعد من المشاكل التي نواجهها في المحافظة، لأنه لا يوجد «مستربلان» وهو ما يعني المخطط العام للمحافظة، والذي يحدد المساحات والمسطحات الخضراء ومواقع الخدمات ويحدد كل ما يتعلق بالمدينة، وهناك فرق فنية متخصصة في جانب التخطيط سوف تنزل في القريب العاجل لعمل «مستربلان». وأؤكد أنه خلال الفترة القادمة لن يتكرر ما حصل في الفترة الماضية. توسع مخيف عبداللطيف المعلمي مدير عام الأوقاف اعتبر التوسع العمراني في المحافظة مخيفاً جداً كونه قد قضى على مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية، واستغلالها للبناء أفقد الرقعة الخضراء كثيراً من المميزات التي اشتهرت بها إب.. ولهذا أصدر المحافظ القاضي الحجري توجيهاته بمنع البناء في السحول وفي الأراضي الزراعية للحفاظ على ما تبقى منها، وهذه نعتبرها خطوة إيجابية نأمل أن تحظى بالاهتمام والقبول من المختصين الذين في الأصل لم يمنعوا البناء في مثل هذه المناطق ويستغلوا الجبال المحيطة بالمدينة لعملية البناء والجوانب الخدمية الأخرى. نحن في مكتب الأوقاف قمنا بمنع وتوقيف أو تأجير أي أراضٍ خاصة للبناء في أراضٍ زراعية خاصة التي لم تخطط حتى الآن، وبالتالي هذه مساهمة من الأوقاف للحد من هذا الزحف والحفاظ على ما تبقى من الأراضي الزراعية والمناطق التي حددت كأحواض مائية في جبلة وشبان والسحول وغيرها من المناطق. من المسئول؟ أ.د.أحمد محمد شجاع الدين قال: إن السلطة المحلية هي من تتحمل المسئولية في مسألة الزحف العمراني للرقعة الزراعية والأحواض المائية، وهذه المسألة من اختصاصها. كيف تنادي أن محافظة إب هي المحافظة السياحية لليمن؟ وفي الوقت نفسه تباع الوديان والجبال والهضاب وكل ما هو خير وطبيعي يباع سواءً للشركات أو للأهالي أو للمضاربة في الأراضي والعقارات. كيف ننادي بأن محافظة إب هي محافظة سياحية للبلد؟ وفي الوقت نفسه يتم القضاء سنوياً على كل اخضرار فيها.. إذاً الناس سيأتون إلى هنا من أجل ماذا؟! ماذا سيشاهدون..؟! طبعاً سيشاهدون كتلاً أسمنتية.. السياح في بلدانهم يعرفون أن الحياة أصبحت كتلاً أسمنتية وهذا العبث الحاصل اليوم بالبيئة وجمالها سيحد من مجيئهم إلى هنا لغرض السياحة إذا لم نتدارك هذه المشكلة الخطيرة على اقتصاد البلد. عاصمة دكاكينية عبدالحكيم مقبل مدير عام الثقافة: يرى أن عملية الزحف الأسمنتي على البساط الأخضر يعد جريمة بشعة في تاريخ المدينة، ولا أقول إن هذه قضية رئيسية، بل أعتبرها من أبشع الجرائم التي ارتكبت في حق هذه المحافظة الخضراء التي حباها الله بكثير من المميزات والسمات الجمالية، لكن البشر هم الذين دمروا كل شيء بالزحف الخرساني الذي شوّه هذه المحافظة. ليته كان حتى بناءً جميلاً ومنظماً، ولكنه عشوائي.. أصبحت إب بدلاً من أن تكون العاصمة السياحية أو المحافظة الزراعية صارت مدينة إب العاصمة الدكاكينية. أشكر صحيفة «الجمهورية» على تطرقها لهذا الموضوع، وأتمنى أن نكون جميعاً الجند للدفاع عن كل القضايا التي تهم حاضرنا ومستقبلنا وتحديداً ما تتعرض له الثروة المائية والزراعية والسياحية من نهب وعبث وفوضى. هناك إجراءات العقيد أمين الورافي الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة قال: لاشك هناك زحف عمراني على الرقعة الخضراء في محافظة إب، نحن في السلطة المحلية اتخذنا العديد من الإجراءات منها تحديد أماكن الأحواض المائية والحفاظ على ما تبقى من الأراضي الزراعية. طبعاً التخطيط العمراني انتقل من الوديان إلى الجبال على أساس الحفاظ على الأراضي الزراعية.. وقد تم إلغاء العديد من المخططات الموجودة لدى مكتب هيئة الأراضي ومكتب الأشغال وتحويلها إلى مناطق تكون صالحة للبناء. هذه الأشياء طبعاً نستطيع أن نقول إنها خطوة للحفاظ على ما تبقى من اللوحات الخضراء الجميلة في مدينة إب. مخططات عامة ويقول مدير الأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بإب: سبق أن تم في اجتماع سابق مع الأمين العام للمجلس المحلي ومدير الزراعة تحديد مواقع الأراضي الزراعية الخصبة في مدينة إب وكذلك مواقع الأحواض المائية على أساس حجز تلك المواقع في المخططات العامة ووقف أي تراخيص للبناء فيها. المعروف أن مدينة إب كلها أراضٍ زراعية خصبة.. فهل من المعقول ألا يتم فيها وضع مخططات بحكم أنها أراضٍ زراعية..؟ ليس من المعقول ذلك، سيتم البناء فيها عشوائياً إذا لم يكن مخططاً. وللحد من هذه العشوائية وضعنا مقترحاً للتخفيف من هذه المشكلة، حجز الأراضي الزراعية المغتصبة وعدم السماح بالبناء فيها بدلاً من أن تظل بدون تخطيط ويبنى فيها بشكل عشوائي كما هو حاصل الآن. حجز المواقع بالنسبة للمواقع الاستثمارية هناك فريقان من المهندسين يشكلان مجموعة عمل مهمتهما حجز المواقع السياحية والاستثمارية. وللقضاء على العشوائية كانت مدينة إب إلى ما بعد جولة العدين ليست هناك مخططات وإلى حد الآن لا يوجد مخطط جوي.. والعمل الذي تم على أساس إنجاز مخططات وحدات الجوار تم وفق جهود شخصية نظراً لعدم وجود خرائط جوية التي من خلالها يمكن تحديد الانحدارات والمناسيب فتم العمل من خلال أوراق من «الجوجل» وهي أشبه بصورة فوتوغرافية تبين المنازل والعمارات المنتشرة بشكل عشوائي. ومن ثم تم إسقاط كافة المباني العشوائية حتى منطقة مشورة كون الاتساع العمراني الآن يسير باتجاه الغرب وتم إسقاطها على وحدة الجوار الجديدة التي تم إصدارها وتعد هي الأولى، وهناك 21 وحدة جوار إلى ما قبل منطقة مشورة نحن الآن بصدد إصدارها في ظرف الشهرين القادمين للقضاء على العشوائية نهائياً. انتهاك المخططات والشيء الذي ينبغي هو أن يلتزم مكتب الأشغال بالمخططات، مع العلم أن المشاكل التي نواجهها تتمثل في مخالفة المخططات والبناء بطريقة عشوائية.. ولهذا نحن نطالب مكتب الأشغال بأن يلتزم بالمخططات، نحن أصدرنا وحدات جوار ومخططات ولكنها تنتهك «وكأنك يابوزيد ماغزيت». من الممكن تحسين الواقع الموجود وتلاشي التحديثات في مناطق الأطراف، ولمدينة إب أولوية واهتمام خاص بشأن وضع المخططات لها من قبل رئيس هيئة الأراضي والمساحة والتخطيط العمراني لأنه يدرك جيداً أن البناء العمراني في هذه المدينة يتسم بالعشوائية.. وفي المقابل أيضاً هناك فريق تخطيط يعمل في مديريتي يريم والقاعدة والعمل جارٍ فيهما. وبخصوص ما يتعلق بالمواقع السياحية ثمة فريقان كما ذكرت يعملان في الميدان لحجز مواقع سياحية سواء كانت من أملاك الدولة أو أملاك مواطنين أو أملاك الأوقاف.. وإذا كانت أملاك مواطنين يمكن تعويضهم أو أن يكونوا مساهمين مع المستثمر، أما أملاك الدولة تسلم وفق شروط عن طريق الهيئة العامة للاستثمار. ونحن نحرص على حجز أهم المواقع الصالحة والمناسبة للاستثمار ونعمل دراسة لها ومن ثم إسقاطها. ثمة إشكاليات في الأراضي مثلاً الدولة تقول هذا ملك الدولة وتسلم للمستثمر وفجأة يظهر مواطنون بادعاء ملكيتهم ويدخلون في صراع مع المستثمر وبسبب ذلك يفشل المشروع. نحن الآن كلفنا فريق تحرٍ حول الموقع المختلف عليه والتأكد من حيثيات الادعاء في ذلك ومن ثم ترفع التقارير بشأنه إلى قيادة المحافظة.