الخلاف الزوجي وارد في الحياة، وسُنة فيها، ولكن المهارة تكمن في كيفية التعامل مع هذا الخلاف، فبإمكان الزوجين جعل الحياة الزوجية مثل ألوان الطيف الضوئي 7 ألوان مختلفة إلا أنها متكاملة ومتناغمة.. يُحكى أن زوجة ذهبت إلى ساحر لكي يعمل عملاً لزوجها بعدما فاض بها الكيل منه ومن مشاكله، حيث تصورت أنه أسوأ وأشرس رجل في العالم!!.. في الحقيقة لم يكن ذلك الرجل ساحراً وإنما شيخ متدين يعرف الله تماماً!! وبعد أن استمع إلى الزوجة جيداً وسمع ما طلبته منه قال لها: تحت أمرك وسوف أعمل لزوجك عملاً ممتازاً يجعله خاتماً في إصبعك. ففرحت الزوجة جداً، وقال لها الشيخ: إن من شروط هذا النوع من الأعمال للأزواج أن تحضر الزوجة شعرة من رأس أسد!! مع لزوم أن تحضر هذه الشعرة بنفسها، ولا ينفع أن يحضرها لها أي شخص غيرها ولا أن تشتريها! أخذت الزوجة تسأل عن غابة بها أسود وعن كيفية ترويض الأسود، فقيل لها إن الأسد لابد أن يأكل لحماً طازجاً عدة مرات ولمدة عدة أيام حتى يعتاد على ابن آدم ويرتاض عليه ولا يهاجمه.. فاقترضت الزوجة مبلغاً من المال وأخذت تذهب إلى الغابة عدة مرات وتلقي باللحم لأسد هناك حتى استأنس لها الأسد وأخذت منه الشعرة بعد عدة سنوات وذهبت إلى ذلك الشيخ أو الساحر وقالت له مبتهجة: نعم لقد حصلت لك على الشعرة، أين العمل؟ فقام الشيخ وعنفها قائلاً: أيتها الزوجة المسكينة، لقد استطعت أن تروضي أسداً في الغابة وصبرت عدة سنوات حتى استطعت الحصول على ما تريدين منه ولست قادرة على أن تروضي رجلاً أنت مجنونة أم ما حكايتك؟ أيهما أخطر وأشد فتكاً زوجك أم الأسد؟ فرجعت المرأة إلى بيتها واستطاعت أن تضع زوجها في (جيبها) بالأخلاق والمعاملة الحسنة والطيبة والأخلاق والصبر على المشاكل والمنغصات!! المداخل لحل المشاكل يحدد الاختصاصي الأسري خليفة المحرزي قواعد لحل المشكلات الزوجية تتمثل في مناقشة المشكلة مع الطرف الآخر على انفراد وتجنب وجود أي شخص آخر حتى الأطفال أو الخادمة، مع محاولة الحفاظ على الحدود قدر الإمكان قبل مناقشة الطرف الآخر والتأكد من دقة المعلومات التي يستند إليها الزوج أو الزوجة في المناقشة. مع التركيز على سلوك معين وليس على العموميات وتحديد الخطأ الذي وقع فيه الطرف الآخر، كما يمكن إثارة النقاش بعد حدوث المشكلة مباشرة شرط تجنب الانفعال والغضب، فالحل في دقائق الهدوء أفضل كثيراً من الحل في ساعات الغضب؛ لأن قاعدة (الزمن جزء من العلاج) لا تنفع في هذا المقام، كما أنكما بحاجة إلى ختم جلسة النقاش بالتفاهم على النتيجة التي تم الخروج بها مع بعضكما وعدم تعليق الموضوع من غير نتيجة ليتسنى لكما إغلاق الموضوع وعدم فتحه عند أية جلسة أخرى مستقبلاً وعدم استخدامه كسلاح لمحاربة شريك حياته. عزيزَيّ الزوجين.. لابد لكما من التعامل بشكل راقٍ مع المشاكل، فالمشكلة لا تكون أحياناً في وجود مشكلة، بل في عدم معرفة وجود مشكلة نعاني منها، وعدم التعامل معها بشكل صحيح، فالمشاكل درجات منها ما هو معقد ومنها ما هو بسيط وهناك ما هو متوسط، ولكل مرحلة في الزواج مشاكلها الخاصة بها ففي بداية الزواج تكون المشاكل بسبب عدم التكيف مع الطرف الآخر ثم مشاكل الأبناء والتربية و... و... و.... النظرة للمشكلة نظرة واعية وعادلة أمر مهم جداً مع المبادرة لحل المشكلة، فتراكم المشاكل يصعب حلها، وقد نصل لمشكلة معقدة بسبب تراكم المشاكل البسيطة مع ضرورة الاحتواء وعدم خروج المشكلة من نطاق الزوجين لأنها إذا خرجت كبرت وتفاقمت. أمسك عليك لسانك، ولا تتكلم وأنت غاضب، وعالج المشكلة وليس أعراضها، فقد يتصرف أحد الزوجين تصرفات مشينة يكون الدافع منها خللاً وليس هذا التصرف طبعاً له. وننوه لضرورة التواصل اللفظي بين الزوجين لتصفية النفوس وانتقاء الألفاظ عند الكلام واختيار اللين والطيّب من القول، ومن الضروري إيجاد الحل السريع.. فترك المشكلة بلا حل يضر ويحدث ثغرة في الحياة الزوجية، وابحث عن الدوافع الحقيقية للتصرفات الخاطئة، واحذر الفهم الخاطئ ولابد من مراعاة التباين بين الزوجين في كل الأمور. التماس العذر للطرف الآخر أمر مهم ويجب من الزوجين المبادرة للحل وعدم التقاطع مع تجنب حل كل المشاكل دفعة واحدة، وضرورة تحديد نقاط الاختلاف تذكروا الرفق ثم الرفق ثم الرفق، ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، النظرة المتوازنة للمشكلة، فلا تهول المشكلة ولا تهون من أمرها بل اعطها حقها فلا يطغي جانب على جانب، وذلك بالموازنة بين السلبيات والإيجابيات، فكل شخص له إيجابيات وسلبيات وليكن الإنسان كالنحلة لا تقع إلا على الطيب، انتقد الفعل وليس الفاعل فلا تقل مثلاً أنتِ لا تعرفي الطبخ، ولكن قل الطبخة اليوم ناقص ملحها أو.... وليحذر كلاكما محاولة عزلة الآخر عن بيئته فلكل إنسان طباع اكتسبها من بيئته وقد يصعب تركها، ولا ننسَ الاهتمام بالحالة النفسية لكل من الزوجين والتنفيس عن النفس أثناء حدوث مشكلة، ولكن مع من يفيدك لا من يشمت بك وليس من الضروري حل كل المشاكل بشكل جذري لصعوبة ذلك، ولكن يجب التغاضي بعض الشيء، مع التدرج في الحل وعدم التسرع، ومن أراد الحقوق فليقم بالواجبات، مع الموازنة بين الخطأ والعقاب وتحري العدل. كيف تتصرفين أثناء المشكلة؟ عند بداية المشكلة بينك وبين زوجك حاولي أن تكوني أكثر هدوءاً وأقل كلاماً، وإذا شعرت بأن زوجك بدأ بالانفعال، تحلي بالهدوء واتركيه يقول ما يريد.. أما إذا بادرك بالصراخ فاكتفي بالصمت وأشعريه أن هذا الأسلوب جرح شعورك واتركيه حتى يهدأ. إذا تفوه زوجك بكلمات أزعجتك أو رفع صوته عليك لا تبادليه بالمثل حتى يبقى الحق معك وحتى تملكي أنت زمام الأمور في النهاية، وإذا صدر منك أي فعل أو قول رغماً عنك فبادري بمصالحته والاعتذار له فوراً قبل أن يبدأ الشيطان عمله. إن كان زوجك حنوناً وعاطفياً أشعريه بخطئه وأن ما تكلم به قد جرحك وأثّر على نفسيتك وأنه حين رفع صوته عليك غيّر صورته من أمام عينيك.. أما إذا كان زوجك عصبياً وجامداً فاكسري هذا الجمود بلسانك وليس هناك من هو أبرع من النساء في الكلام، قولي له مثلاً من لي في هذه الدنيا غيرك؟ أنت أبي وأمي وأهلي وكل دنيتي فإذا تضايقت مني فمن سيتبقى لي؟ أنا من غيرك أضيع.. ماهي حياتي من غيرك.. فهذه الكلمات تكسر الحجر. إذا كان زوجك سريع الإثارة فاستغلي هذه الفرصة! ارتدي أية ملابس مثيرة وسرحي شعرك وضعي القليل من الماكياج وبعض العطر ولا تكفي عن المجيء والذهاب من أمامه مع تجاهله تماماً. أهم نصيحة أن لا تتركي أي خلاف بينك وبين زوجك يدخل معكما إلى غرفة النوم؛ لأنه إذا دخلها فلن يخرج بسهولة، وإن حصل هذا حاولي وأنت بجانبه بالفراش عدم تجنب ملامسته والابتعاد عنه بل بالعكس إذا لمسك دعيه يلمسك ولا تبتعدي عنه وكوني على أجمل حلة، فبالإمكان في أية لحظة أن تتصالحا فإن حصل وتصالحتما فلا مشكلة ببعض العتاب الخفيف بطريقة رقيقة و«دلوعة»، تذوب قلبه وتجعله حريصاً على حل النزاع وإن لم تتصالحا فكلام الليل يمحوه النهار.. بمعنى أن تبدئي نهارك في اليوم التالي كأن شيئاً لم يكن.. وعندما تهدأ الأمور لابد من العتاب والتفاهم من أجل حل الخلاف.. لا تجعلي الخلاف سبباً في هجرك لزوجك بل قومي بكل واجباتك الزوجية على أكمل وجه، وصدقيني ستجدين أن الزوج يلاحظ هذا الأمر ويحفظه ويسعى مع الوقت للتغير من أجلك، وإن لم يكن من أجله فتذكري رضا ربك عنك. ماذا تفعل إذا لم تنجح؟ قد تطول محاولاتنا لحل المشكلات ولا نصل إلى فائدة تذكر، فما الذي بيدنا فعله لنتحاشى وقوع المشكلات في بيتنا، والحيلولة دون غزوها لعشنا الزوجي؟ يمكننا أن ننهي المشكلة بالمنطقية في الطلبات وعدم إرهاق الطرف الآخر، ولابد أن تتذكر أنك تتعامل مع البشر وكل إنسان ناقص، لكن ماذا تفعل إذا لم تنجح؟ تعايش مع المشكلة ولا تنعزل عنها ولابد من قبول كل طرف للآخر كما هو؛ لأن هناك ثوابت لكل إنسان لا يتخلى عنها واترك أفعالك تتحدث عنك ولا تقل ما لا تستطيع فعله، ولا تستعجل بالنتائج بل جرّب أكثر من طريقة لتحل المشكلة واستعن بالله ولا تعجز، استشر ذوي الخبرة من المستشارين النفسيين والاجتماعيين. لا تدعا التوافه تغلب على أموركما الحياة كلها تضحيات ولا بأس بالتنازل عن بعض الأمور للحصول على شئون أكبر وأعظم، ابتعدا عن إثارة الشجار أو الخصام أو (الزعل) فالشجار والخصام لا فائدة منهما ما دمتما تعيشان سوية، ومن العجب أن بعض الزوجات يتفاخرن في أنه مضى شهراً أو أكثر وهي لا تكلم زوجها وهو معها في نفس البيت!! وكل هذا يترك رواسب نفسية تتجلى آثارها الوخيمة في المستقبل. غضا الطرف وعيشا لحياتكما، واكنسا من ذاكرتكما قدر الإمكان أذى بعضكما لبعض في الأيام السابقة، وليحاول كل منكما أن يتذكر دائماً أن الآخر هو أغلى ما عنده، وهو الوسادة التي يتكئ عليها في الشدائد، ويسامحه على أخطائه والله غفور رحيم، وإذا شد الحبل طرف يرخيه الطرف الآخر حتى تسير دفة الحياة. إذا عرفت المرأة خصوصيات زوجها فإنها ستستطيع إيجاد العلاقة الناجحة وإدامتها معه، وإذا جاء زوجك المتعب من العمل لا تفتحي له محضراً للسؤال والجواب، بل دعيه يأخذ قسطاً من الراحة وبعدها بإمكانكما الحديث عما تفكرين فيه. ولا ننسَ أن للعمر أحكامه فابن العشرين يختلف عن ابن الثلاثين، وابن الثلاثين يختلف عن ابن الاربعين، وهكذا ولا ننسَ أيضاً أن الأسرة التي تتكون من زوجين فقط تختلف عن الأسرة التي يصبح الزوجان فيها أبوين أو جدين. كل زوجة تحاول أن تكون حياتها الزوجية ناجحة ومتألقة وسعيها هذا يرسم بصماته على أبنائها وبناتها أيضاً. مع تمنياتي لكم بحياة زوجية سعيدة وخالية من المشاكل..