لعل المثل الشعبي الشهير القائل : “المرأة الكاملة ماتصنع في البيت العطل..؟!” جعل المرأة وخاصة الريفية، تصنع المعجزات بل والعجائب.. وجعلت هي من الأزمة الطاحنة التي يمر بها الوطن تقف عاجزة أمام إرادتها القوية في مواجهتها ومجابهتها والتصدي لها.. لتحلق السعادة على أفراد عائلتها فاستبدلت اسطوانة الغاز بالحطب لتصنع به خبزاً لذيذاً يفوق مذاق خبز الغاز ولم يعجزها البترول الذي بسبب انعدامه توقف سريان قطرات الماء إلى البيوت وإن كان يتم نقله ب«الوايتات» فلم تقف مكتوفة الأيدي فأخذت سطل الماء لتملأه من العيون والمضخات والآبار حتى لا تشعر أسرتها بالعطش وأوقدت الفحم لتطبخ على ناره الهادئة ألذ طعام تصنعه أناملها الرقيقة وهكذا استبدلت هذا بذلك حتى لا تقهر هي وأفراد عائلتها في عقر دارها وهي صانعة المعجزات ورصيدها التاريخي وضع بصماته على مدرجات وجبال اليمن العصية.. !! وهي عكس شقيقتها في المدينة التي وإن تساوت معها في الظروف بعض الشيء إلا أنها تعدم استبدال الوسائل كون المدن عاشت فترة لا بأس بها على بساط مخملي فلم تعد العيون موجودة في المدن وليس هناك أماكن لتواجد الحطب وإن وجد ذلك فيتم جلبه من الريف لذلك “مدام المدينة” أشد معاناة من شقيقتها في الريف بل إن الريفية أصبحت أكثر سعادة بوجود الوسائل الأخرى حسب رأي ضيوف هذا التحقيق الذي يسلط الضوء على آفاق هذا الطرح فكن معنا عزيزنا القارىء.. صديقة الطبيعة.. !! بداية يتحدث عن الموضوع أ/محمد دحان راجح موجّه مادة اللغة العربية حيث يؤكد: إن النساء شقائق الرجال والمرأة تعد ذات أهمية في المجتمع فهي نصف المجتمع وشريكة الرجل فالمرأة قد تكون أم، أختاً، زوجة ، ابنة.. الخ، ويضيف الحديث عن المرأة الريفية: هي تلك المرأة التي تسكن الريف والتي يعد السكن والطبيعة من مقومات شخصيتها والريف عكس الحضر، ومواجهة الظروف القاسية ودور المرأة الريفية يعد جزءاً من هذه البيئة الريفية والطبيعة المختلفة عن المدينة فدورها كبير ومهم ودورها مكمل لدور الرجل وقلبها بلون الطبيعة وجسدها كالجبل وعطاياها أشبه بعطايا الشجر المثمر فهي في الرخاء امرأة وديعة مشرقة مثلها مثل المرأة في الحضر وفي الشدة تكون كالطبيعة تتحمل وتواجه الصعوبات وتتغلب على المصاعب، برغم الظروف القاسية والتي استجدت بمجتمعنا حالياً من أزمات متعددة وانعدام أساسيات الحياة كانعدام الغاز وانقطاع الكهرباء.. الخ. والناظر لدور المرأة في مواجهة تلك الظروف القاسية يرى أنها أبرزت نفسها بقوة واستطاعت التغلب على الصعاب والظروف، فعمدت إلى مصادقة الطبيعة ومدت جسر التواصل والتعاون مع الأشجار لتغطي عجز الغاز كما لازمت الذهاب إلى الوديان ومنابع المياه لتزود أسرتها بماء الشرب وفي جانب الطواحين والتي انعدمت عمدت إلى استخدام وسائل أخرى لتوفير «الطحين كا لرحابة» القديمة والتي تستخدم منذ قديم الزمان وبرغم ظروفها إلا أنها سعيدة ومتلذذة بعملها والريفية عظيمة بإنسانيتها واللافت للنظر أني شاهدت موقفاً بقريتي جديراً بالإعجاب ويواصل أ/محمد استرساله بالموضوع: أن خلاصة ذلك الموقف أن أسرة نزحت من صنعاء إلى القرية بسبب المشاكل الحالية وأن تلك الأسرة وقفت عاجزة في التغلب على الظروف التي استجدت عليهم فكان من المرأة الريفية بدلاً من أن تطلب من يساعدها إذا بها تمد يد المساعدة لتلك الأسرة النازحة.. فجلبت لهم الحطب والماء.. وزرعت الابتسامة على وجوه أفراد تلك الأسرة..!! وهي بهذا الجهد تستحق التقدير والإعجاب بدورها فقد استطاعت تحويل المحن والصعاب إلى منح وسعادة في حياتها.. ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن عواطل فهي عظيمة، ذكية ، فطنة، ولها مايميزها بتطلعها وحبها للتعليم والتعلم بتلك الرؤى والأفكار الجميلة أختتم رؤيته أ/محمد. عوامل اجتماعية.. !! وتتحدث أ/عبير يحيى المؤيد: أن المرأة هي المجتمع بأكمله لأنها تلد وتربي النصف الآخر.. وتستدرك لكن نحن الفتيات الريفيات نشعر أن واقعنا العام يختلف عن واقع المقيمات في المدن.. وهي حقيقة تتحدث عن نفسها نظراً لعوامل اجتماعية وثقافية وكذلك اقتصادية التي جعلت من المرأة الريفية تتحمل مشاق وأعباء الحياة اليومية بالإضافة إلى غلاء الأسعار وانعدام المشتقات النفطية فلكي تطبخ الطعام لأسرتها تذهب لتجمع الحطب ولكي تشرب عائلتها وتغسل الملابس عليها أن توفر الماء من الآبار والمضخات فقد حولت المحنة إلى منحة بإرادتها وعزيمتها القوية. الريفية التي لاتهزمها الشدائد ..!! أما الأخت أمة الرزاق الزكري: تؤكد أن المرأة الريفية في مجتمعنا اليمني جعلت من الظروف والأحداث تقف عاجزة حيال ما آلت إليه الأوضاع التي أرادت أن تضعف بصرها وبصيرتها وتحول دون تحقيق أهدافها في الحياة ولكنها تصدت لها بكامل قواها.. لكل قوى الشر المنتشرة في هذا العالم الجاحد لكل ما هو عظيم وجميل.. فها هي المرأة اليمنية اليوم مدرسة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهي لم تعتبر انقطاع التيار الكهربائي واسطوانة الغاز كارثة كبرى نزلت أوحلت بها بقدر ما تعتبرها أزمة وتعدي على خير.. بل أوجدت البدائل والوسائل نتيجة التأقلم والادخار وقوة العزيمة والإيمان الذي تمتلكه المرأة اليمنية.. فهي المرأة التي لا تهزمها الشدائد لما عرفت به منذ قديم الزمن من رجاحة في العقل وصلابة في الموقف ورؤيتها دوماً شامخة، لأنها راضية ومقتنعة بالعيش على أي ظرف كان.. بل أن تلك العوامل أثرت تأثيراً كبيراً فيما حولها.. وقد أهلتها تلك الظروف القاسية.. والصروف البالية أن تكن صانعة من صنّاع المجد أولئك الذين يجلهم التاريخ ويجعل أسماءهم تتصدر قوائمه المشرفة والمشرقة.. لذا يمكنني الآن القول: بأن المرأة اليمنية عامة والريفية خاصة استطاعت أن تحول المحنة إلى منحة ربانية أكسبتها مواهب العطاء والامتنان، لأنها تمردت على كافة قوى الشر وخاصة التآمر الخبيث الذي أرادوه لنا صُناع الفتن ومخترعوها.. الذين أرادوا أن يحولوا أرض الوطن إلى ساحة صراع دامية إذ لا نعلم من المتصارع بها الفئران أم الثيران..؟!!. وتواصل الزكري حديثها بالقول: وهي بمثابة الجندي الأمين الحامي لمقدسات الوطن المعطاء.. فهي تزرع لتحصد المحصول وتجني خيره بما يساعدها وأفراد أسرتها على توفير العيش الكريم والآمن فتربي الدواجن والمواشي لكي توفر الغذاء المتكامل.. وتجمع الحطب لتوقد النار لتطهو طعام عائلتها فتجعله ألذ مما يكون بالغاز.. لأنها تطبخه على نار هادئة من اختراعها فيصير ذات رائحة شهية تطيب لمأكله النفوس. وتختم الزكري: وحرصاً منها على سلامة وصحة أسرتها بحيث لا ينال منهم الضرر في ظل الأزمة القائمة.. فهي مؤمنة إيماناً عميقاً بالله خالقها الذي تعهدها بالحماية منذ أن كانت في غياهب الأرحام.. فالوطن في خير طالما هناك أناس قدسوا ثراه الطاهر.. وفي مقدمتهم المرأة الريفية الصامدة. تذليل الصعاب ويرى أ/ عبدالله سليم: إن المرأة الريفية في اليمن عامة والمحابشة خاصة استطاعت أن تتحدى الأزمات ومن مفهوم الحاجة أم الاختراع انطلقت في البحث عن توفير حاجياتها في ظل الأزمة الخانقة التي سببها عديمو الضمائر والقيم والأخلاق.. فتجاوزت المرأة هذه الأزمة.. فذهبت إلى “المحاطب” وجلبت الحطب بدلاً عن اسطوانة الغاز.. كما استبدلت “تنور الغاز” بتنور الفخار “المدر” الذي ما يزال يصنع في المنطقة.. واستبدلت “الفرن أو البوتجاز” بالمستوقد “المدر” فملأته بالفحم وبتلك الأواني الفخارية طهت ألذ وأشهى المأكولات.. فقاومت ولم تدمع عيناها من الدخان بقدر ما دمعت حرقة وألماً على وطن أوصلوه إلى أوضاع مزرية وصعبة جداً.. أيضاً أوجدت وسائل كثيرة كجلب الماء والحطب والإضاءة بالطرق التقليدية.. الخ, وقد أثبتت أنها أقوى من كل الأزمات والمصاعب لا تتذمر من الأعباء وفي نهاية هذا التحقيق نرسو عند شاطئ أ/ ابتسام هاشم شرف رئيسة اتحاد نساء اليمن بمحافظة حجة التي ترى أن المرأة اليمنية مناضلة في كل الأوقات والعصور برغم المعاناة التي تعاني منها في حياتها إلا أنها صامدة وشامخة مثل شموخ الجبال، والمعروف عن المرأة اليمنية عبر العصور أنها مكافحة وصبورة ومناضلة وتتأقلم مع الوضع الذي تعيش فيه ومع الظروف التي تحيط بها.. فهي صبورة لا تتذمر من الأعباء التي توكل إليها وتستطيع أن تدير الأمور بحكمة ورجاحة عقل وسعة صدر وتكون مخلصة في أداء الأعمال المناطة بها، وحتى أنها تكتم معاناتها عن أقرب الناس إليها، فهي حفيدة بلقيس وأروى.. إنها الحياة في أي مكان تكون فيه.. وصدق الشاعر حين قال: الأم مدرسة.. وهذه العبارة تحوي الكثير من التفاسير والحكم.. الخ. وتضيف شرف قائلة: والمرأة في اليمن وخاصة الريفية تعاني الكثير من المتاعب وخاصة أنهم يوكلون إليها الأعباء الكثيرة مثل: جلب الماء والحطب والأعمال الزراعية وتربية الحيوانات إلى جانب الأعمال المنزلية في إدارتها لشئون بيتها من طبخ وكنس وغسل ملابس وتربية الأطفال.. الخ فالمرأة في المدينة أفضل من المرأة في الريف ولكنها الآن وفي الأزمة الراهنة تتشابه إلى حدٍ ما بشقيقتها في الريف.. نتيجة للأعمال التخريبية التي يمارسها بعض أصحاب النفوس المريضة الذين لا ينظرون إلى الأمور بل بمنظار العقل والحكمة بل بمنظار الدمار والخراب والقضاء على الخدمات الضرورية للحياة مثل: الكهرباء، البترول، والغاز، والمواد الغذائية.. إضافة إلى رفع الأسعار.. متناسين أنهم يهدون ويدمرون الحياة ويزيدون من الأعباء على كاهل المرأة.. هذا المخلوق الرقيق الذي يجب علينا جميعاً مدَّ يد العون والمساعدة في توفير الخدمات الأساسية وتحسين البنية التحتية حتى تتمكن المرأة في الريف أو المدينة من الانخراط في الحياة العلمية والعملية وتخفف من المعاناة التي تعانيها. وتختم أ/ شرف: ولنعمل جميعاً من أجل مصلحة البلاد وتحسين وضع العباد والحفاظ على ثروات البلاد من الانهيار ونحافظ على بلادنا الخلابة.. ونتيح الفرصة للمرأة أن تنال المعالي وأن تشارك أخاها الرجل في عجلة البناء ليمننا الحبيب.