لا أدري لماذا لا تشير المنظمات المدنية والجهات التنموية للمرأة في الريف وتتحدث عن معاناتها واحتياجاتها الصحية والتعليمية وغيره،على الرغم من معرفة القيادات النسوية العاملة في هذا الميدان بأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( سيدوا / CEDAW) ) وهي اتفاقية دولية تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر كانون الأول ( ديسمبر 1979م ) قد أشارت في المواد من (10- 14) للحقوق الأساسية التي يجب أن تنالها المرأة كحقها في التعليم والعمل والصحة والحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية مع أخذ بالاعتبار من جانب الدولة الاهتمام بالمرأة الريفية . و الجمهورية اليمنية انضمت إلى هذه الاتفاقية بالمصادقة عليها في (30 أيار مايو 1984م ) .. ولم يقتصر التهميش على المنظمات فحسب بل إن الإعلام أكثر تهميشاً لنساء الريف ويتناول المرأة من زوايا معينة ولا يتوغل في طرح همومها ومشاكلها ولا يبحث عن احتياجاتها وطرح البدائل والمعالجات،ويقتصر دوره في التغطيات والتناولات السطحية لفعالياتها دون إعطاء بعد للمشاكل وقضاياها المطروحة . أعتقد بل أجزم إن الإعلام ان تحمل مسئولياته فإنه سيلعب دوراً كيبراً في مناصرة وإبراز قضايا المرأة وبشكل يجعل الجهات المسئولة تتنبه لما نسبته 73 % من سكان اليمن وليس المرأة فحسب . حيث من المفترض أن تخصص وسائل الإعلام المختلفة برامج وزوايا خاصة بالنساء الريفيات وتخرج إلى الريف لمعرفة ما يجري هناك وماذا تعانيه المرأة وتنقل الصورة الحقيقية لما تتحمله النساء الريفيات من معاناة وتعب وما تعترضها من مشاكل وعنف أسري ومجتمعي وحرمان من كافة الحقوق في الوقت الذي تطالب فيه بالواجبات الكاملة تجاه زوجها وأولادها وتجاه الزراعة والرعي وما الى ذلك، فهي تجلب الحطب والمياه على رأسها وتقطع بها مسافات طويلة ووعرة وتتحمل الآلام والأمراض ولا تحظى بالرعاية الصحية الضرورية .. النساء الريفيات هن الشريحة الأكبر والعامل غير المأجور والجندي المجهول في الحسابات المختلفة حتى على مستوى المنظمات المدنية التي تتحدث عن السياسة فقط و تتمركز في المدن الرئيسة ولا تخرج لتعرف المناصرة الحقيقية أين يجب أن تكون، ففي الريف تعمل المرأة وكأنها خادمة طوال اليوم ولا يحتسب لها أجراً تزوج بطريقة همجية تقليدية دون الأخذ برأيها ولا تستشار في مسألة الحمل والإنجاب وتتحمل أعباء المنزل والأطفال وحدها دون تدخل الرجل وتحرم من حقوقها التعليمية والصحية والزوجية وحتى حق الميراث ولا تعرف مالها من الحقوق وما عليها من الواجبات المشروعة . المرأة في الريف محتقرة ومهدورة الحقوق وتعيش تحت وطأة الظلم القبلي والدكتاتورية الأسرية والهنجمة العائلية،ولن يسمع لها إلا من خلال الإعلام الفاعل والمؤثر الذي يجب أن يتناول مختلف مشاكل المرأة الريفية وعكسها في قوالب وفنون إعلامية متنوعة كون الريفيات هن الأكثر معاناة من غيرهن، وهذا سيكون له الدور الفاعل لطرحها على طاولة الجهات المعنية وبالتالي السعي لمعالجتها وتطبيب جروحها. فهل نحن قادرون .. إصرار سأظل أبحث عن تلك "الوردة" السوداء.. إلى أن أجدها.. لأسألها لأي "الفصول " تنتمي ؟! فلعل "بستان" الحزن في أوج ربيعه..