في حديث ودي بيني وبين الأستاذ عادل سيف مدير مكتب السياحة بمحافظة ذمار في صباح يوم ذماري ضبابي ونحن نتجول في مدينة ذمار القديمة، قلت له ما أشبه ذمار القديمة بصنعاء القديمة، ليبتسم ابتسامة خفيفة وأتبعها حديثا مقتضبا: لست أول من يقول ذلك، فالحقيقة أن ذمار تتشابه جداً مع صنعاء من حيث مبانيها وطرازها المعماري..في هذا الاستطلاع سنحاول تسليط الضوء على الفن الجمالي للطراز المعماري القديم على وجه العموم وبشيء من الوصف عن النوافذ والقمريات والنقوش التي صنعتها أياد ماهرة تدل على عبقرية الإنسان اليمني التواق للفن والجمال. تناغم وتشابه تتشابه مدينة ذمار القديمة مع صنعاء القديمة في المباني والنوافذ والقمريات حد التناغم بين المدينتين، وقبل الخوض في الحديث عن هذا التشابه بين ذماروصنعاء، سنخوض بمقدمة قصيرة عن طراز الفن المعماري في اليمن، فهناك طراز متبع في تشييد المنازل الصحراوية والتي عادة ما يتم تشييدها باللبن “الطين” وهو عبارة عن تراب الآجر الممزوج بالماء والقش، فيما الطراز الثاني وهو الطراز المتبع في المناطق الجبلية كصنعاءوذمار، حيث يتم تشييد المباني هناك بالأحجار المنحوتة وجميع واجهات هذه المنازل مزينة بالجص “الجبس.. والطراز الأخير هو المتبع في مدينتي صنعاءوذمار، حيث مادة الجبس هي المادة الأساسية في صناعة القمريات والخشب في صناعة النوافذ “المشربيات” ومازالت المدينتان القديمتان تحتفظان بتلك الأصالة في صورة جمالية بديعة أبهرت السياح الأجانب وكل زائر لتلك المدينتين. نوافذ من المرمر ! وتختلف النقوش لتلك القمريات بحسب المباني والأماكن.. تقول الفرنسية موري في كتابتها عن النوافذ اليمنية في صحيفة “لوموند الفرنسية” إن ما أثار إعجابها بتلك المباني هو تلك النوافذ التي تتنوع مع تنوع المباني، فالمنازل الصغيرة الشبيهة بالأكواخ لها نوافذ واسعة وجميلة ومنقوش على واجهاتها الخارجية زخارف رائعة، بالإضافة إلى القمريات المتعددة الألوان، ويمكن أن نرى في هذه المباني أيضاً كثيراً من المشربيات المصنوعة من الخشب وشيئا آخر ما كنت أعرفه هو أن هناك زجاج نوافذ من المرمر. المشربيات تعد المشربيات من الآثار الإسلامية التي مازالت كثير من البيوت اليمنية تحتفظ بها، خصوصاً في مدينتي صنعاءوذمار والمشربيات تصنع غالباً من الخشب، وتعد القمريات ميزة أساسية لليمنيين وتعبر عن أصالة هذا البلد وتمتاز بتعدد ألوانها حسب ذوق كل إنسان.. وما يزيد المباني اليمنية ذات القمريات الملونة جمالاً فوق جمال هو عندما ترسل الشمس أشعتها الذهبية نحوها، فإنها تعكس الضوء بألوانه المتعددة في صورة تبهر الرائي بألوان قوس قزح. خصوصية اليمن تقول الفرنسية موري في حديثها عن القمريات في المباني اليمنية: إن القمريات من الأشياء الكمالية وفي هذه الجزئية بالذات أختلف مع موري إذ إن القمريات تعتبر من أساسيات البناء اليمني قديماً وحديثاً فالصورة الجمالية للبناء تعد أهم ركيزة عند البناء اليمني وهذا يدل على أن الإنسان اليمني تواق للجمال، وخصوصية القمريات تجعل اليمني تتفرد بها عن بقية بلدان العالم. نقوش تبهر الرأي وتمثل القمريات تحفة بديعة تأسرك بجمالها وزخارفها ونقوشها وكأنها حلي على عنق فاتنة حسناء.. ليست موري هي أولى المعجبات بنقوش تلك القمريات فكثير من السياح الأجانب أبهرهم ذاك الفن المميز ما جعلهم يكتبون عنه ويدونونه بالكلمات والصورة عبر الصحف والمدونات في بلدانهم ويعد هذا توثيقاً تاريخياً ربما لم يهتم به أبناء هذا البلد..ونحن نسدل الستار عن هذا الاستطلاع نتوقف بالإعجاب كما كان الإعجاب بدايتنا.