تعددت التبريرات والقراءات التي تفسر عدم نجاح اللاعب اليمني في الاحتراف ولكنها في الغالب تراوحت بين التحامل والتجني ، وخضعت للأحكام الجاهزة والمعلبة والمسبقة مبتعدة عن التوصيف الحقيقي والبحث الجدي عن الأسباب الحقيقية التي جعلت لاعبينا في السنوات الأخيرة يفشلون في الالتحاق بالأندية الخليجية أو الدوريات العربية..أن البحث في أسباب هذا الفشل يمر حتماً عبر ذكر مجموعة من الحقائق التي ظلت غائبة عن أذهان الناس أو بالأحرى مغيبة بفعل فاعل، وظُلم خلال ذلك كله اللاعب المحلي الذي أتهم ظلماً وجوراً بمحدودية المستوى وعدم القدرة على اللعب في الأندية الكبرى ومواكبة المستوى الخليجي الراقي والعالي.الحقيقة الاولى : اللاعب المحلي لايحترف في الخليج لأنه ببساطة دورينا غير منقول تلفزيونيا.ً يتحمل الإعلام في بلادنا جزءاً كبيراً من عدم احتراف اللاعبين اليمنيين في الدوريات العربية وأقربها الدوريات الخليجية حيث نشاهد معظم اللاعبين الذين أصبحوا مطلوبين في أندية عربية هم الذين لعبوا للمنتخب الوطني وتم نقل المباريات على شاشة التلفاز جراء مشاركاتهم مع المنتخب. أما من خلال الدوري المحلي فإنه لايوجد لاعب واحد حتى الآن أصبح محط أنظار الأندية الخليجية والعربية من خلال الدوري فالحقيقة المرة أن الدور الذي يلعبه الإعلام في أي بلد من أجل تحسين صورة اللاعب المحلي غائباً في بلادنا بسبب العشوائية والارتجالية التي يعشها الاتحاد العام للعبة مع القنوات المحلية حتى أن قناة مثل «سبأ» أصبحت تعيد الأغنية أربع إلى خمس مرات لأنها لاتمتلك برامج جمع أنها في الأصل شبابية رياضية ولاتنقل أية مباراة في الدوري إلا إذا كانت في صنعاء ومن أجل عيون (س أو ص). كنت قد تابعت خلال الفترة الماضية النشاط والجهد الملحوظ الذي يبذله الزميل المبدع محمد الوشلي وهو يوزع عبارات المدح والثناء على لاعبينا من خلال نقل مباريات الدوري من ملعبي الأهلي والشعب في صنعاء لكن هذا النشاط هو نتاج مجهود فردي لذلك لم يؤت ثماره لدرجة أن المباراة ما بين شوطيها تنقل إلى استديو الأغاني(مع أغنيتين للحارثي) ويتم تجاهل الاستديو التحليلي إضافة إلى أنه بعد انتهاء المباراة مباشرة يدخل تايتل المسلسل الكارتوني من قناة ( غباء) التي يديرها مجموعة من الذين لا يفقهون في الرياضة أكثر من فقه جدتي بالشبكة العنكبوتية والذين لا يزال حب الرياضة خيانة وممارستها رجس من عمل الشيطان يجب اجتنابه. الحقيقة الثانية: اللاعب المحلي يفشل في الاحتراف لأن الأجهزة الفنية للمنتخبات لاتعطيهم الفرصة. وعلى من يدعي عكس ذلك أن يعطينا اسماً واحداً فقط للاعب محلي احترف أو كان مطلوباً للاحتراف ولم يكن لاعباً في صفوفه.؟ إذاً ما هو الشيء الذي يجعل الأندية الخليجية تنتدب لاعبين يمنيين؟ وهل بالإمكان أن تجلب لاعباً يمنياً وهوليس دولياً؟كيف ذلك؟ المشكلة هنا ليس الإعلام وإنما في الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية التي دائماً تعطي الفرصة لأشخاص محددين ومعروفين. ولنتصور أن لاعباً مثل أيمن الهاجري اللاعب الذي يعجبني أداءه جداً لعب في خمسين يوماً مع ثلاثة منتخبات من فئات سنية مختلفة. لعب في المنتخب الأولمبي في استراليا ثم طار إلى العراق ولعب مع المنتخب الأول ثم عاد إلى صنعاء ولعب ودية منتخب الشباب ولايزال يعكسر في منتخب الشباب الذي يستعد لتصفيات آسيا ..وكأنة لا يوجد في اليمن أيمن آخر. أيمن الهاجري لاعب رائع ومهاجم لايشق له غبار ، بل إننا نعلق عليه أن يكون نجم المستقبل..لكن أن يأخذ فرص ثلاثة لاعبين هذا مايجعلني اختلف مع الأجهزة الفنية وليس مع اللاعب فهو في الأول والآخر يلبي دعوة توجه له..لكن ماذا لو أعطيت الفرصة لأكثر من لاعب ربما لأصبح بديلاً جاهزاً على الأقل في حالة غياب الهاجري أيمن.! أتمنى أن لايتأثر اللاعب الذي يستعد لخوض تجربة احترافية من فحوى كلامي فهو فقط مثال على عدم وعي الأجهزة الفنية في منتخبي الشباب والألمبي الذي من المفترض أن يكونا رافدين للمنتخب الأول لكن لن يتم استدعاء لاعبين من المنتخب الأول فهذه هي المصيبة!. الحقيقة الثالثة: فكر اللاعب اليمني من يفشل الصفقات الاحترافية.. آخر هذه الحقائق ما أورده السيد خليفة السادة حين أرسل رداً على اتهامات الورافي أكرم بالوساطة الفاشلة ليست الأولى وليس غريباً فشل الصفقة ،الاحترافية للاعبنا الدولي..فقد سبق هذا فشل احتراف كافة اللاعبين اليمنين بدءاً ب «شرف محفوظ» مروراً ب«أكرم الصلوي وناصر غازي وعلاء الصاصي ومحمد صالح يوسف والوادي». منطقياً من ضمن هؤلاء من هم مؤهلين للاحتراف بأفضل الأندية العربية خصوصاً من لايزال في ملاعب الكرة وضمن قائمة المنتخبات الوطنية كالصاصي والورافي..لكن إذا سلمنا بمصداقية الإشادات من قبل مسؤولي الأندية التي تخضعهم للتجربة..فالسؤال الذي لايفهمه الجمهور والشارع الرياضي اليمني إلى حينه(لماذا فشلت كافة تجارب اللاعبين اليمنين في مهدها قبل أن تبدأ؟..ومن يقف عقبه في طريق هكذا محاولات ويحول بين احتراف اللاعب اليمني وبين حتى أندية الدرجة الثانية الخليجية أو كبدلاء على الأقل أسوة بكل اللاعبين العرب المحترفين؟). ما هو السر؟ ولماذا الغموض الدائم يكتنف فشل هذه المحاولات والعودة في صمت مطبق.. ومن المسؤول؟؟..ومتى يتنبه القائمون على الرياضة المحلية لهذا الأمر إذا أرادوا التطوير والارتقاء بالرياضة وكرة القدم اليمنية تحديدا.ً إن هذه الأسئلة المرة التي لايستطيع أحد الإجابة عليها تجعل المتابع اليمني في حيرة من أمره. القصة الأولى من الفشل تبدأ حين يبدأ اللاعب بالبحث عن المقابل المادي قبل التفكير بالجانب الفني الذي قد يجنيه من هذه التجربة فالكثير من لاعبينا يقع في فخ المال قبل أن تبدأ التجربة فيبحث النادي عن مبرر يستطيع من خلاله التخلص من هذا اللاعب. فشل الوادي في الأردن ومن قبله فشل محفوظ في لبنان وفشل الصلوي في السودان ومثله فشل الورافي في البحرين وغازي في البحرين أيضاً والصاصي في الإمارات ومحمد صالح في كثير من الأندية التي كانت تطلب وده ثم سرعان ما تتراجع وتستمر الحكاية،..ولعل آخر الصفقات التي لاتزال في حكم القائمة هي التجربة التي يتوقع أن يخوضها اللاعب الدولي أيمن الهاجري مع النادي الإيراني الذي طار إليه قبل أكثر من ثلاثة أيام من أجل الاتفاق على باقي بنود العقد (نتمنى له التوفيق). الحقيقة الرابعة: يفشل احتراف اللاعب لأنه لا يوجد وكيل أعمال.! لا تزال اليمن بدون وكيل أعمال إلى الآن رغم وصول بلادنا إلى مشارف الاحتراف خلال المواسم القادمة بحسب تصريحات (أمين عام اتحاد اللعبة ) فالكثير من اللاعبين يتعرضون للبهذلة خارج الديار خاصة أولئك الذين يقعون في وساطة وسطاء نصابين. وأتذكر المعاناة التي حكاها لي اللاعب الدولي نجم الهلال والتلال والمنتخبات الوطنية أحمد الوادي وعن المشاكل التي لحقت به جراء المعاملة السيئة من الوسيط الأردني الذي خدعه بتجربة احتراف كتب عليها الفشل قبلان تبدأ. من خلال الأربع الحقائق التي سردناها في سياق التقرير المنصرم ومهما كانت المبررات لفشل لاعبينا فإن الاتحاد العام للعبة لايزال على علاقة ضعيفة مع الاتحادات القارية والعربية والإقليمية من خلال تبادل الدورات التدربية والتأهلية للاعبين إضافة إلى عدم وجود عقلية احترافية تنظم انتقالات اللاعبين. وتبقى فشل الصفقتين الاحترافيتين الآخرتين للاعبين الدوليين علاء الصاصي والورافي أكرم مسئولية شخصية يتحملها اللاعبان بسبب التسرع في قبول العرض ومن ثم التعجل في الهروب من أنديتهم. كما أن الدولي سالم عوض قد أعلن قبل أيام عدم رغبته في تجديد العقد مع المصنعة العماني سيفتح باب التساؤلات على مصرعيها لماذا لاترغب الأندية في تجديد العقود للاعبينا كما حدث من قبل مع سالم سعيد والنونو وخالد عفارة والآن سالم عوضس.