سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سيف العسلي ل(الجمهورية): نحن نقود أنفسنا إلى النار بأيدينا ونتوهم بأننا خرجنا من حقول الألغام قال : إن أبناء الخليج والمجتمع الدولي يريدون إطفاء الحريق ولا يهمهم النتيجة فيما بعد
- المبادرة الخليجية أعادتنا إلى الصفر : لا دستور ولا مؤسسات ولا ديمقراطية - الإخوان المسلمون لا يزالون يعملون في الظلام ثم يخرجون إلى النور فلا يرون قال البروفيسور والخبير الاقتصادي سيف العسلي إن ما يجري اليوم في البلاد هو فنتازيا على قاعدة أعمل ما أريد ويقول هو ما يريد وأننا نقود أنفسنا إلى النار بأيدينا ونتوهم بأننا خرجنا من حقول النار وحقول الألغام وتحدث وزير المالية الأسبق ل(الجمهورية) عن الثورة والوضع في البلد والمبادرة الخليجية التي وصفها بأنها أسوأ من مصالحة 70 وأعادتنا إلى نقطة الصفر إضافة إلى برنامج الحكومة وعدد من القضايا الفكرية والسياسية والاقتصادية.. وهاكم التفاصيل.. بداية كيف يقرأ البروفيسور سيف العسلي ما يدور من أحداث على الساحة العربية منذ سنة مضت؟ يمكن القول أن العالم العربي بدأ عصرا جديدا منذ أن أحرق البوعزيزي نفسه، ولكني لا أرى أن هذا العصر هو عبارة عن ربيع، لأن الربيع فصل من فصول السنة يأتي ثم ينتهي، هذا بداية لعصر جديد بدأت أولى خطواته ولا تزال في بدايتها، وهناك أمور كثيرة ستحدث في المنطقة تؤهلها للاندماج مع العالم من جديد، ومن يتابع ما يجري يدرك حقيقة التغيرات التي تتم وصعوبتها، إذ ليست بالسهولة أو بالرومانسية التي قد نتوقعها.. الثقافة التي اختزلها العالم العربي والإسلامي لقرون طويلة جعلته منفصلا عن العالم بقرون، لذا نحتاج إلى ميدان أو ساحة تغيير داخل عقل كل إنسان عربي، هذه بداية ستتبعها سلسلة من الأحداث، ونتمنى ألا تكون النتيجة مكلفة، مع أن الأماني والأحلام شيء والواقع شي آخر.. نحن أمام تغيرات جديدة قد تطول لسنوات.. # قلت منذ أن أحرق البوعزيزي نفسه تفجرت الثورات.. هل البوعزيزي في حد ذاته هو من فجر الثورات هذه لأنه أحرق نفسه فقط أم أننا يجب أن نعتبر أن البوعزيزي ما هو إلا الشرارة التي أحرقت الهشيم اليابس، أو القطرة التي أفاضت الكأس؟ البوعزيزي نفسه عبر عن اليأس الذي وصل إليه، ولم يكن يتوقع أنه ستحدث ثورة، وهذا أقصى ما يعبر به، حاله كان إيذانا ببداية المرحلة وإلا فهناك أشخاص آخرون أحرقوا أنفسهم من قبله كثير في تونس أو في غيرها، هذه لحظة تاريخية اقتنصها البوعزيزي باختيار قدري..هذه اللحظة كانت أكبر من أن يراها البوعزيزي أو ابن علي، أو مبارك وآخرون، ولكنها كانت، الأوضاع كانت مرشحة للانفجار، حالة اجتماعية تتفاعل، مثلها مثل البركان عندما يتفاعل غالبا لا يحدث قبله أي إنذارات، هذه الثورات من هذا النوع، والحقيقة أن الأشخاص ينبغي ألا يشغلونا كثيرا، فقط يجب أن نستغل اللحظة التاريخية بالاستفادة منها، من خلال كسر كل القيود التي كانت من المحرمات سابقا، وكانت خطوطا حمراء، أيا كانت..اليوم على الناس أن يملؤوا الفراغ كاملا.. # ألا ترى أن هذه الحالة قد تأخرت إلى حد ما وكان ينبغي أن تكون قبل اليوم؟ العرب قبل الإسلام كانوا أمة فوضوية تتقاتل وتتناحر، وبدل أن تشتغل في خلق الثروة تقاتلت مع نفسها لكسبها من غير مصدرها، لم تركز على كسب الثروة بالطريقة المشروعة إنما ركزت على السبي والنهب والفيد والغزو وعلى التقطع، وجاء الإسلام وبث فيها روح النظام والسلام، لكن ما هي إلا فترة حتى غلبت الروح الفوضوية التي عادت من جديد على الروح العقلانية وأنتجت ثقافة مشوهة، بين بين.. ألا ترى أنه عندما بدأ عصر التنوير يشق مجراه في عهد ابن رشد وابن سينا وغيرهم من رجالات التنوير غلب الجانب الفوضوي وأطلق على هؤلاء السحرة والضلال أو الفلاسفة الزنادقة، ولعل أبا حامد الغزالي آنذاك شاهدا على تلك الحقيقة..بدأ فيلسوفا وانتهى مخرفا إن جاز التعبير، وكان المفروض أن يكون العكس، حصل ارتداد عقلي كبير.. # لكن الواقع يقرر حدوث نهضة حضارية وعلمية راقية في العصر العباسي الأول وتحديدا سنوات الرشيد والمأمون، وأيضا في الأندلس.. ما الذي أصاب العقل الجمعي العربي؟ أصابه طبيعة الازدواج الذي لم ينفك، التعايش بين المعقول واللامعقول.. بين العلم والخرافة، وهذا مما لا يجتمع في العالم، حاولنا في العالم الإسلامي أن نزاوج بين الخرافة والعلم، مثلما يحصل اليوم، هناك من يحاول أن يزاوج بين العنف والسلم، وهذا لا يكون في النهاية، هناك من يزاوج بين الثورة واللاثورة.. هناك من يزاوج بين الدين الحقيقي والدين المزيف.. # هذا عن المشهد العربي بصورته الأوسع.. حبذا لو سلطنا الضوء بصورة أقرب على المشهد اليمني؟ المشهد اليمني لا يختلف كثيرا عن المشهد العربي بل يجوز القول إنه أحد تجلياته، فما يقال عن الحكمة اليمانية يمكن أن نطلق عليه “الغباء اليماني” لأن الحكمة هو وضع الشيء في مكانه، لكن الغباء هو محاولة المزاوجة بين الثلج والنار!! ولا يمكن لهما أن يلتقيا. # مزيدا من التوضيح..؟ نحن الآن في ظل مرجعية المبادرة الخليجية من الناحية السياسية، وهي مرحلة الدستور واللادستور.. مادة في هذه الاتفاقية تقول إن هذه المبادرة فوق الدستور، وإذا كنا نقول إننا في مرحلة شرعية ثورية فيجب إلغاء الدستور بالكامل، كالبناء لا يمكن أن تهدم جزءا وتبني جزءا آخر، إما نقول عنها إما أنها منسجمة مع الدستور وتتوافق معه، وإما أن تكون استثنائية وغالبة عليه فنقول عن الدستور اليمني إنه غير صالح اليوم.. # هذا عمل سياسي لنستفد من المبادرة فيما يمكن الاستفادة منه ونستفد من الدستور فيما يمكن أن نستفيد منه؟ هذا هو الغباء، وهذا نتاج ما وصلنا إليه، هنا معناه لا قانون، لا مرجعية، فتصبح هذه الاتفاقيات قابلة للتفسير والتأويل، وغير ذلك وهي لا شرعية لها أصلا، لنفترض أن من في السلطة تم تغييرهم فما الذي سوف نلزم به الآخرين من بعدهم؟ فلم تكن نتاجا لاستفتاء شعبي أو في إطار دستور قائم، إنها نزوة وهوى، إنها محاولة خيالية للخروج عن الواقع.. # المشهد من أساسه سياسي والمبادرة عمل سياسي وأركانها رجال سياسة، وبالتالي فالسياسة في النهاية فن الممكن ما دام سنتوصل إلى حل؟ السياسية وفن الممكن.. السياسة هي التصالح.. السياسة هي التوافق.. السياسة هي التراضي.. # كل ما يجري اليوم هو كذلك.. تصالح وتوافق وتراض؟! ليس كذلك.. ما يجري اليوم هو فنتازيا على قاعدة أعمل ما أريد ويقول هو ما يريد، عندما نأتي إلى الواقع يحصل التصادم، لا أنا أنفذ ما تريد ولا أنت تنفذ ما أريد، إذن هناك تصادم وخداع للنفس ومغالطة، لأن المشهد في حقيقته جمع بين الثلج والنار، هناك مطالب لهذا الطرف تتناقض مع مطالب الطرف الآخر..مثلا: كيف يمكن أن تقنع الرئيس يترك السلطة وأنت ليل نهار تهدده بأنه سيذهب إلى حبل المشنقة، الإنسان العاقل لن يضع نفسه في حبل المشنقة مختارا.. # الطرفان في طريقهم إلى التوصل إلى مصالحة وطنية شاملة..؟ إذا نظرنا إلى الواقع بكل تجرد، فنقول للرئيس ارحل مقدرين لك ما قدمته، ولكن مقابل أن تترك السياسة.. طيب ما يجري اليوم هو كذلك؟ لا يوجد نص، وهو يقول أنه سيستمر في المنصب، هو يقول إن هذه الاتفاقية لا قيمة لها ولا شرعية لها، هو يعتمد على قوته..وهو في منزلة بين المنزلتين الآن، الحالة الآن مسخ، وقد يستمر في الدفاع عن قوته لا لشيء إلا ليحافظ على نفسه، هذه الاتفاقية خلقت له مبررا للتمسك بالسلطة وإن كانت في ظاهرها تقول بعكس ذلك، إذا سلم السلطة سيقتلونه، بل لن يحاكموه سلفا..بدأنا في السير كالسير على السيرك لأنه ملهاة ولن يصل إلى الهدف الأخير، المشهد إلهاء للآخرين، لا يزال في الحلقة لا يزال في المسرح.. # إذن ما توقعاتك للمشهد القادم؟ توقعاتي هو الانفجار الكبير، وبدلا من أن يكون هذا الانفجار تحت السيطرة عليه للتقليل من خطره فإننا نقود أنفسنا إلى النار بأيدينا، ونوهم أنفسنا بأننا خرجنا من حقول الألغام ومن حقول النار مع أننا فيها، نحن الآن كمن يريد أن يقاوم في معركة ما ويهرب في نفس الوقت، نهرب باتجاه الألغام التي ستنفجر قريبا.. # تكلمت قبل القليل عن المبادرة الخليجية ويبدو من خلال حديثك نوع من التذمر من هذه المبادرة من أساسها.. لا أدري هل صدق حدسي أم خاب؟ أبناء الخليج جاءوا وتدخلوا في الشأن اليمني بطلب من السلطة والمعارضة معا، وحاولوا أن يكونوا وسطاء، وهذا نتاج للعقل اليمني الغبي، هم تعاملوا مع اليمنيين على قدر عقولهم من منطلق: “إذا كنت في روما فافعل ما يفعله أهل روما” وهم في الحقيقة يريدون أن يطفئوا الحريق الآن ولا يهمهم النتيجة فيما بعد، ونفس الأمر المجتمع الدولي، اليمنيون لم يظهروا هنا الحكمة اليمانية إنما أظهورا الغباء اليماني.. # نحن مرتبطون بهم منذ عقود وتحديدا بالسعودية وبالتالي فلا جديد في الأمر؟ الارتباط شيء والارتهان شيء آخر. # نحن أيضا وإلى حد ما مرتهنون، أو شبه مرتهنين، وحقائق الفترة الماضية تقول ذلك؟ لذلك فنحن على الحال الذي نحن عليه الآن!! لماذا لا نشب على الطوق؟ لما ذا لا يكون عندنا نوع من النضج ونتعامل مع الأمور بما فيه مصالحنا ومصالحهم أيضا. # الربيع أحد فصول السنة ويأتي من الشتاء.. فمن أين أتى ربيع الوطن العربي السياسي؟ التسمية لا تبتعد عن ما حصل في تشيكوسلوفاكيا في الثمانينات تقريبا، حين خرج الشعب على الديكتاتور وسموه بعد ذلك ربيع براغ، أزهرت فيه الحرية حينها، وعملت فيه آلة الحرب السوفيتية ما عملت من أجل هدم هذا الربيع..الربيع العربي خروج عن الرتابة وعن المألوف السائد وهو ليس بالطبع أياما كما حصل في براغ، ونحن الآن في البداية لعملية طويلة جدا، لأن العالم العربي قد تأخرت فيه كثير من الأمور ومن الصعب منطقيا التغلب على مشكلاته خلال المدى القريب ولا بمجرد الخروج إلى الميدان، المصريون اليوم لا يزالون في الميدان رغم مرور سنة، وقد أصبح الميدان وكأنه العصا السحرية لحل المشكلات.. في دراسة لك مهمة لما تنشر حتى الآن قلت إن حركة الإصلاح الديني التي كانت بداية القرن العشرين قد باءت بالفشل.. ألا تعتبر ما حصل بعدها من تطور هو نتاج لها.. ثمة جهود عظيمة للكواكبي ولجمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده ورشيد رضا، ثم لجماعة الإخوان المسلمين بعدها.. هل كل تلك الجهود لم تثمر؟ لو لم تفشل لما كانت هناك حاجة للربيع العربي، لكنا الآن في وضع عملية مؤسسية تراكمية، عملية يبني الجيل الحالي على الجيل السابق وهكذا نسلم للأجيال المستقبلية، لكن جهود الأوائل فشلت ثم جاءت حركة الإخوان المسلمين انتكاسة وتضاد وإلغاء لكل ما عمله محمد عبده وأضرابه..؟ # عفوا دكتور ألفت عنايتك هنا إلى العامل الزمني.. بين حركة الإصلاح الديني العربي إن جازت التسمية واكتمال نشوء وبروز حركة الإخوان المسلمين حوالي خمسين عاما.. مثلما بيننا وبينها الآن.. ألا نعتبر حركة التحرر العربي التي قادها الضباط الأحرار من نتاج عملية الإصلاح الديني التي بدورها قادتنا اليوم إلى عصر الشعوب الأحرار.. ليكون المشهد على النحو التالي: المفكرون الأحرار.. الضباط الأحرار.. الشعوب الأحرار والفاصل الزمني بين كل منها متقارب جدا؟! حركة الضباط الأحرار في حد ذاتها انتكاسة مثلما هو الحال مع حركة الإخوان المسلمين، جاءت بحكم الفرد.. جاءت بحكم العسكر دمرت كل ما تم بناؤه من السابق، ألا ترى أن مصر كانت ديمقراطية قبل ثورة يوليو 52م، نفس الأمر في سوريا، نفس الأمر في العراق كانت هناك ديمقراطية.. حتى عندنا كان الإمام يتمتع بمصداقية أحسن من الثوار، كان صادقا مع نفسه.. # لكن بالنهاية يا دكتور ألا ترى أن حركة الضباط الأحرار قد أوجدت أو قل أضافت شيئا على صعيد التطور العلمي والعسكري في الوطن العربي؟ لا. لم توجد شيئا، أوجدت هذا التناقض فقط، لم تخلص في النهاية إلى عمل مؤسسي، ربما كانت طموحة أكثر مما ينبغي، ثورة 26سبتمبر عندنا في اليمن كانت ربما طموحة أكثر مما ينبغي، ولكنها في حقيقة الواقع لم تحقق شيئا.. # عفوا دكتور هكذا بالمطلق لم نحقق شيئا منها ولو جزءا يسيرا؟ لا. ما هو الذي تحقق؟ أقل شيء إقامة نظام جمهوري. طيب نحن اليوم نتكلم عن نظام فردي، أين النظام الجمهوري الذي نتحدث عنه؟ هذا في الخيال.. لما ذا خرجنا اليوم إلا ضد النظام الفردي.. النظام العائلي.. النظام الأسري..إما أنه تحقق شيئ ونحن ننكره أو لم يتحقق شيء البتة. أعتقد أننا لم نحقق شيئا، دخلنا في متاهات وانقلابات ومشكلات وبررنا الانقلابات وقلنا هي ثورات، وبررنا القتل وقلنا من أجل الوطن، وبررنا العنف وقلنا من أجل حماية الناس. ربما حصل تطور من حيث المباني والتوسع العمراني لكنه تطور طبيعي بحكم الزمن، حل تطور تكنولوجي، لكن هل نحن الذين صنعنا التكنولوجيا؟ نحن فقط جلبناها إلى عندنا، عقليتنا هي الشيخ، وربما زادت سوءا، بدل أن يكون شيخا على حاشد فقط صار شيخا على اليمن كله!! يجب أن نكون صريحين وأن نضع النقاط على الحروف ونزن الأمور بموازينها الصحيحة. # طيب كلامك يقودني إلى التساؤل لماذا فشلنا؟ فشلنا لأننا لم نتعامل مع الواقع. أردنا أن نقفز عليه، تخيلنا أنه بمجرد الكلام وبمجرد الشعار وبمجرد الهتاف سنحقق شيئا، قلنا هذه خطوة أولى يتبعها عمل.. يتبعها شفافية.. يتبعها صدق مع النفس.. # ألم يقل المؤتمر الشعبي العام أنه أنجز الكثير والكثير وأنه أتى بما لم تأت به الأوائل.. بنى اليمن الحديث، وحقق المعجزات...؟!! بكل سهولة لو حصل ما يردده هؤلاء لما نحن اليوم في هذا المشهد، المنجزات لا تخفي نفسها، أعني المنجزات الحقيقية، أما الكلام والادعاء فلك أن تدعي ما تشاء والواقع يصدقه أو يكذبه، المبادرة الخليجية اليوم أعادتنا إلى نقطة الصفر، لا دستور ولا مؤسسات دولة ولا ديمقراطية، ألا ترى أنها تفرض رئيسا توافقيا واحدا، هذا في حد ذاته أسوأ من الاستفتاء، لأن الاستفتاء أن تقول نعم أو لا. أما أن تقول نعم في أمر الرئيس التوافقي فهذا من الغباء اليماني. تمت إعادتنا إلى ما قبل التاريخ، هذه المبادرة أسوأ من مصالحة عام 70م. في عام كانت مصالحة حقيقية توقف الحرب وبدأ الناس مشوارا جديدا في البناء، لكننا اليوم غير ذلك.. # نعود إلى حديثنا السابق.. ما يتعلق بنشوء وظهور حركة الإخوان المسلمين، قلت هي في حد ذاتها انتكاسة.. مزيدا من التوضيح هنا؟ هي انتكاسة لتعيد الخلافة التي سقطت فعلا، هذه الخلافة سقطت لأنها فشلت لا لأن هناك مؤامرة خارجية فقدت موضوعيتها.. فقدت قوتها، وبالتالي فالدعوة لإعادة شيء جرب وعدم النظر إلى الظروف الجديدة وهم، بدأ الإخوان المسلمون وهم يقولون نحن روح الأمة، واليوم يقولون هم جزء من الأمة دون أن يعترفوا أن تصورهم السابق كان خطأ، وهذه هي الازدواجية، وهذا هو المعقول واللامعقول في آن واحد. # هم بدأوا بمشروع طموح في زمن حرج جدا، وانطلقوا في مسيرة الألف ميل ولا يزالون وربما اقتربوا اليوم من الهدف.. ألا يدعونا ذلك إلى قراءة العملية وفقا لملابساتها الموضوعية زمانا ومكانا؟ طبيعي أن يبدأ الإنسان في الخطوة الأولى ولكن إذا أخطأ عليه أن يعترف بالخطأ، الإصرار على عدم الاعتراف بالخطأ هذه دعوة للتأله، والله وحده هو الإله.. هل صدرت عن الإخوان المسلمين مراجعات واعترافات وتصحيح؟ # هناك مراجعات كثيرة في أدبياتهم التنظيمية والثقافية خاصة من مطلع الألفية الجديدة؟ أين هي؟ لا توجد. لا يزالون يعملون في الظلام ثم يخرجون إلى النور فلا يرون، ما عملوه في الظلام يظنونه أنه النور، لا يزالون في نفق مظلم إلى الآن ويريدون الخروج إلى النور لكن أعينهم لم تتعود على النور بعد. # أتكلم معك هنا وفي ذهني التجمع اليمني للإصلاح.. دعك من الحالة الإخوانية المصرية؟ من المفارقة أن يكونوا جماعة وحزبا في نفس الوقت.. # هم في الحالة اليمنية حزب سياسي منذ سبتمبر 90م ومعروفون بذلك؟ لكن لا تزال تديره الجماعة،وهذا لا يمكن أن يكون. # أي جماعة تتحدث عنها يا دكتور.. هم حزب سياسي له مؤسساته التنظيمية وله أطره وهياكله وهي معروفة؟ لو كان الإصلاح حزبا بالصورة التي تتكلم عنها لما ظل محمد اليدومي وياسين عبد العزيز مسيطرين على التنظيم إلى اليوم. هم خائفون، وغير واثقين بالعمل المؤسسي الذي بنوه، هم يختزلونه في أشخاصهم، أتحدى الإخوان في اليمن أن يتخلصوا من ياسين أو اليدومي أو الآنسي إذا كانوا صادقين بأنهم قد بنوا حزبا مؤسسيا، إنهم يخدعون أنفسهم ويخدعون الآخرين، إنهم يتدخلون في كل عملية انتخابية من خلال إصدار قوائم جاهزة من اختيارهم هم، 60 % مما يتم في انتخاباتهم شيء مفبرك في الظلام ويريدون إخراجه للنور.. # هذه معلومات رقمية وحقائق تتحدث عنها أم مجرد تهويمات وتقديرات؟ معلومات أساسية.. أنا كنت في الإخوان وأعرف ذلك، وأعتقد أنهم لا ينكرونها، ألاترى أن المجلس الوطني حمل هذه البصمة؟ ألا ترى أن الحكومة الآن حملت هذه البصمة؟ هم يدعون أن فلانا مستقلا وآخر غير منظم معهم.. والحقيقة العكس.. أليست هذه هي الازدواجية في التعامل وعدم الصدق مع النفس؟! # بشكل عام هذه طبيعة الجيل المؤسس في أي تنظيم أو كيان عادة ما يستمر في السيطرة فترة طويلة.. عادة ما يتدخل في التفاصيل الخاصة والصغيرة حتى يستوي النظام مثلما هو حاصل في كل الأحزاب والجماعات، لا تنس أيضا الإخوان أو الإصلاح ابن بيئته.. الديمقراطية لما تختمر بعد سلوكا لا عند السلطة ولا عند المعارضة؟ يجب أن نفرق بين التأسيس الذي يؤدي إلى البناء وبين التأسيس الذي لا يؤدي إلى البناء..( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الشخصانية تؤدي إلى الانهيار، خلافا للمؤسسية والروح الجماعية. ومن التقوى أن تعترف بالخطأ، لكن أن تقول إن كل ما عملته صحيحاً وتقول أن موقفك من الحزبية في الأربعينيات والخمسينيات صحيح، وموقفك اليوم منها أي معها هو أيضا صحيح أنت انتهازي.. # يا دكتور.. فقط لهذا الموقف نعتبرهم انتهازيين؟!! ألا نعتبر ذلك محمدة للجماعة في الرقي الفكري والتطور الثقافي ومعايشة الزمن.. تريدهم اليوم يفكرون بعقلية الأربعينيات والخمسينيات لتقول أنهم ثابتون على مبادئهم وغير انتهازيين؟ رؤاهم وبرامجهم مرتبطة بالظروف الزمانية والمكانية.. ألا ترى ما يقول كبيرهم في مصر اليوم إنهم يسعون للخلافة الإسلامية وأن الإمام البنا قد تنبأ ذلك، وقد أصبحوا اليوم هناك حزبا سياسيا لكنهم لم يقولوا أن الإمام البنا أخطأ عندما قال أننا لسنا حزبا سياسيا.. هناك انتقالية.. # أتكلم معك عن الحالة اليمنية.. لم نسمع من أحد منهم أن قال أننا لم نخطئ خلال مسيرتنا السابقة؟ إذن إما أن يكون الإصلاح أشبه بالإله وبالتالي فكل ما عمله صحيح حتى الآن وليس لديه أخطاء.. وإما أن يكون أخطأ فأخفى ذلك، وفي كلا الحالتين هو متهم، عليه أن يقيم تجربته ويقول نجحنا في كذا وأخطأنا في كذا، لكن أن يقول لقواعده أنه لم يخطئ وهو أخطأ فهذا نوع من التضليل.. يجب على الإصلاح أن يكاشف الناس ويظهر الحقيقة، هو اليوم يتصدر المشهد السياسي ويريد أن يحكم اليمن ومن حق اليمنيين أن يعرفوا تفاصيله.. # طيب يا دكتور قل لي أنت ما هي الجوانب التي أخطأوا فيها؟ تحالفوا مع الرئيس ثم انقضوا عليه. فلماذا يتحالفون معه بالأمس واليوم ينقضون عليه؟ أليس هذا سؤال مشروع؟ جميل؛ لكن اسمح لي أقول لك: التحالف في حد ذاته فعل سياسي، وفي السياسة لا صديق دائم ولا عدو دائم. هذه من مسلمات الأداء السياسي، ومن جهة ثانية فقد تحالفوا على تأسيس دولة مدنية يسودها العدل فحصل تملص من الطرف الآخر وبالتالي فالخروج عن التحالف أمر طبيعي هنا..؟ ليقولوا لنا ذلك، في البداية كانوا من أشد حلفائه وفجأة تحولوا إلى أشد خصومه. لا بد أن يقولوا للناس ويوضحوا للرأي العام ذلك.. # برأيك لماذا كانوا بالأمس معه واليوم انقلبوا ضده؟ كانوا بالأمس معه، من أجل أن يتخذوه سلما للوصول إلى السلطة، دخلوا معه بغير وضوح، بنوع من الخداع.. بنوع من التضليل.. بنوع من الكذب.. وعندما شعروا أنه لن يوصلهم إلى السلطة انقلبوا عليه، ولم يكن الوطن حاضرا في تفكيرهم إنما السلطة، ويجب أن يعترفوا بذلك، لأن علي عبدالله صالح هو هو لم يتغير هو نفسه الذي كان في الثمانينيات وهو نفسه الذي هو قائم اليوم. ما الذي جعله إ ماما وخليفة وصاحب شرعية بالأمس واليوم ليس له أي شرعية من ذلك؟ # في الثمانينيات كانت رجالات اليمن بجانبه.. كان حكماء اليمن إلى جانبه، وهم من يديرون معه اليمن وحققوا شيئا يسيرا يذكر.. اليوم بجانبه العيال يتحكمون بمصير البلد وأنت تعرف ذلك؟ كل الذين كانوا بجانبه انتهازيون، وكانوا معه لأنه في السلطة.. # حققوا شيئا يسيرا لليمن خلال تلك الفترة؟ ما الذي تحقق؟!! لم يتحقق شيئاً. هم أنفسهم نقضوا ما قالوا إنه تحقق. اليوم يقولون إنهم كانوا في حكم الفرد.. في حكم العائلة.. في حكم الاستبداد.. كنا أسوأ من الإمام..وهم كانوا شركاء في الواقع ويتحملون جزءا من المسئولية. # من وجهة نظرك أنت إلى أي حد هذا الكلام صحيح أو خاطئ؟ نعم. نحن كذلك؛ لكن لماذا يقدسونه بالأمس وقالوا علي عبدالله صالح مرشحنا واليوم خصمنا.. # علي عبدالله صالح لم يكن يحمل مشروع التوريث في الثمانينيات؟ هذا الكلام حتى الآن ليس صحيحا. هذا الكلام اخترع اختراعا فقط لغرض ما في نفوس هؤلاء.. # يعني علي عبدالله صالح لم يكن يسعى للتوريث؟!! أنا لا أرى أية مؤشرات على ذلك. # سلم ابنه أكثر من منصب مدني وعسكري في نفس الوقت، ومكن بقية أفراد العائلة من القبضة على الجيش والأمن، وكذا المقربين منه.. هذه ليست مؤشرات؟!! وأولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ألم يتسلموا طرفا من الحكم معه أيضا؟ إذن ما عملوه هؤلاء حلال وما عمله هؤلاء حرام! الانقلاب من الشيء إلى ضده بهذه الحدية يدل على عدم النضج. # قلت تحالفوا مع الرئيس من أجل أن يحكموا.. ألا ترى أن من حقهم أن يحكموا؟ يحكموا بوضوح وبشفافية وبصراحة.. يقولون نحن نسعى إلى الحكم من أجل أن نعمل كذا وكذا وكذا..والشعب هو الذي يختارهم، لا يأتون إلى السلطة من طريق التآمر، حتى اليوم الإخوان لم يقولوا في أدبياتهم إن الانقلاب ممنوع وأن استخدام العنف ممنوع، هناك ازدواجية في مواقفهم.. # كأني بك تقول أن ما يحدث اليوم في الساحات والميادين هو فعل انقلابي من أجل الاستيلاء على السلطة؟ ما أود قوله إنه انقلاب باطن وليس انقلابا مكشوفا، القفز وراء الشباب وادعاء الحداثة وادعاء الديمقراطية وهم وتوهيم مع أنه يصدر عنهم النقيض من ذلك، هذا انقلاب من نوع جديد.. من طراز جديد، يقوم على أساس تبني مطالب الشعب والشباب ثم الانقضاض عليه.. # مرة ثانية ما يحدث اليوم في اليمن وفي الربيع اليمني الذي تحدثنا عنه في البداية من أقصاه إلى أقصاه ليس ثورة؟!! الشباب أعلنوها ثورة والإخوان تزعموها وركبوا موجتها ويريدون العودة إلى الديكتاتورية من جديد.. وبالتالي لن ينجحوا. # ما يجري اليوم في اليمن كله وهذا المشهد برمته مشهد إخواني.. أين بقية المكونات السياسية والمدنية الأخرى؟ أين الاشتراكي؟ أين الناصري؟ أين البعث؟ أين المستقلون؟ أين منظمات المجتمع المدني؟ أ ين اليمن؟ تحالفوا مع الرئيس ليقصوا القوى الأخرى.. أقصوا المتدينين والأحرار.. أقصوا المستقلين.. أقصوا من ينظرون إلى الإسلام نظرة جديدة تتواءم مع العصر، وبالتالي فكل من يخالفهم فهو عميل ويشتغل في الاستخبارات، لا يقبلون بأي رأي مخالف.. # بهذه الصورة.. الشعب اليمني كله طلع إخوان مسلمين.. أين البقية؟ الذين في الساحة هم مع الإخوان المسلمين إما بشكل مباشر أو بغير مباشر، وبالتالي الشعب اليمني خرج مع الثورة فتفاجأ بالديكتاتورية من جديد. # أنا لا أبرر أي أخطاء قد تحصل من الإصلاح أو من غيره في فعل ثوري كهذا، لكن من الطبيعي أن تحصل أخطاء ومن الواجب معالجتها وننظر إليها من زاوية الفعل الثوري بحجمه، وبحجم المساحة التي يشغرها؟ وبعدين هات لي ثورة في العالم لم ترتكب من الأخطاء الجسيمة ما ارتكبت؟ هناك أخطاء لكنها جسيمة، هي تقول: هذا من الأمن القومي وهذا من الأمن السياسي وهذا حوثي وهذا غير ذلك، ولا تزال تحكم مساحة صغيرة وتبني سجونا خاصة وتمنع الناس من أن يتبادلوا المنشورات والصحف والأخبار كما يريدون.. # ما أعرفه أن اللجنة التنظيمية التي تدير العملية الثورية بما ذلك المنصة من كل الأحزاب السياسية وليست حكرا على حزب بعينه؟ بدعة الإخوان أن عملوا 60 % منهم و4 % من الآخرين، وهكذا في كل شأنهم, والقرار في نهاية الأمر هو في أيديهم لأنهم يملكون المال ويملكون القوة.. # أين ذهب الحزب الاشتراكي والناصري واتحاد القوة الشعبية والحق و....؟ انخدعوا. وسوف يندمون على ذلك. # كلهم انخدعوا؟ ثم هل هم من السذاجة بمكان أن ينخدعوا إلى هذا الحد؟ نعم. والمؤشرات تقول ذلك. # ألا ترى أن ثمة قوى أخرى فاعلة وهي جزء من المكون الثوري واقفة ضد سياسة الإصلاح.. الحوثيون.. الحراكيون.. الشباب.. هؤلاء وجهتهم غير وجهة الإصلاح؟ وما قيمة هذا الرفض إذا لم يتحول إلى أفعال؟ هذه ظاهرة صوتية، إذا كان الإصلاح ومن ورائه المشترك قالوا: لن يوقعوا على المبادرة الخليجية ووقعوها، وقالوا: لن يعطوا الرئيس حصانة وأعطوه، وكل شيء قالوا إنهم لن يعملوه عملوه، فما قيمة أصوات هؤلاء؟ # الإصلاح بهذا الحجم الكبير الذي أبديته وكأنه “السوبرمان” هل هو كذلك؟ نعم. لأنه استخدم الدين.. استخدم المال.. استخدم التضليل وهذا ثلاثي مدمر. # ألا ترى أن ثمة حدة في انتقادك للإصلاح إلى هذا الحد ربما دون غيره؟ نعم. لأني كنت أحدهم، وعرفت باطنهم وظاهرهم، وأريد لهم أن يروا الحقيقة لأنهم جزء من هذا المجتمع وسيظلون كذلك وهم إخواننا وآباؤنا وأبناؤنا ونريد لهم الخير. كما نريد الخير لأنفسنا، أنا أصرخ بكل قوة لا لتدميرهم ولا لإقصائهم وإنما لكي أريهم الحقيقة علهم يتعظوا ويكونوا عامل بناء في هذا المجتمع، أنا أحرص عليهم. # قلت أنك كنت منهم.. لماذا لا تحاول الإصلاح من الداخل فربما كان أجدى وأكثر نفعا؟ حاولت ذلك كثيرا، وحاورتهم من أقصاهم إلى أدناهم، ثم قيل لي إما أن تقبل أو تخرج فخرجت. # بعيدا عن هذا الموضوع.. توقعاتك للمشهد القادم في اليمن؟ لسوء الحظ ربما إننا نمشي في حقول الألغام ونوهم أنفسنا بأن هذه الألغام لن تنفجر لكنها ستنفجر. وسننظر الوضع وأتمنى ألا يحدث ذلك. # تقييمك للوضع الاقتصادي؟ حتى لا تتهمني أني متشائم أنظر إلى برنامج الحكومة، هل ترى في برنامجها أدنى بصيص أمل للنجاح؟ إنه برنامج الحكومات السابقة. تمت إعادته بالنص، وإذا لم ينفع في الماضي فكيف سينفع اليوم؟ # هل كان الخطأ في البرنامج نفسه أم في التنفيذ؟ في الاثنين معا، أولا في البرنامج لأنه ليس فيه أولويات، لأنه جمع بين الثلج والنار، جمع كل المتناقضات، وجوده وعدمه سواء. البرنامج في الأصل هو عبارة عن أولويات.. عبارة عن خيارات.. عبارة عن بدائل.. وهذا ليس فيه شيء من ذلك. هذه الحكومة جاهلة لا تدري بوضعها. أين برنامج هؤلاء الذين كانوا يريدون الوصول إلى السلطة؟ كيف يأخذون برنامج الحكومة السابقة؟ أليس هذا دليل على إفلاسهم؟ وإذا كان عندهم برنامج آخر فلماذا يخفونه؟ تجريب المجرب خطأ. # حد علمي عرضت عليك المشاركة في الحكومة.. لماذا؟ نعم رفضت ذلك. هذه الحكومة نتيجة لصفقة المبادرة الخليجية وأنا أرفض المبادرة الخليجية. فكيف يمكن أن أنسجم مع هذه الحكومة؟ # ألا ترى أنك تهربت من عمل وطني قد يكون الوطن في حاجة إليك وبالتالي كان موقفك غير إيجابي؟ لا. إذا دخلت الحكومة سوف أدخل بشروطها هي لا بشروطي أنا ولا بشروط الشعب، وأنا ملزم بأن أكون صادقا مع نفسي ومع الشعب. الاقتصاد الآن على حافة الهاوية. # هل أنت مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية التي يجري الجدل حولها الآن؟ رفع الدعم عن المشتقات النفطية من الممكن أن يكون مفيدا في ظل معالجات، لكن تريد أن ترفع الدعم لكي تدفع المرتبات أو توفر موارد لفشل الحكومة هذا ظلم، لأنك تعاقب المواطن المسكين ولا تجرؤ على معاقبة أصحاب الشركات الذين لا يدفعون الضرائب، ولا تستطيع أن تعاقب المؤسسات الحكومية التي تبذر بالمال العام، ولا تستطيع أن تعاقب المهربين. ستظلم الشخص الضعيف فقط، وهو المواطن. إذا رفعت الدعم فبمقابل ذلك ترفع مرتبات الناس.. ترفع الضمان الاجتماعي.. يكون هناك انتعاش اقتصادي، لكن أن ترفع الدعم لكي توجد موارد تكون جزءا من الفساد فهذا هو الفساد بعينه. # هل تحمل أنت برنامجا إصلاحيا ينعش الاقتصاد ويخرج اليمن من ورطته؟ نعم. لو كنت في الحكومة لعملت على تحسين الاقتصاد على النحو التالي: على المدى القصير، سأرفع مرتبات الموظفين 100 %. ولا بد أن أحافظ على قيمة الريال اليمني ثابتة. ولا بد أن أطور الضمان الاجتماعي. أما كيف؟ فمثلا: من أراد أن يشتغل في الحكومة فيبقى مرتبه كما هو وأرفعه 100 %. ولكن لا أسمح له أن يشتغل في القطاع الخاص. سأفصل بين العمل الخاص والعمل الحكومي، الكوادر التي في البيوت سأعيدها للميدان. ثم أطالب المجتمع الدولي أن يدعمنا. في المدى المتوسط سأركز على ثلاث قضايا أساسية: التعليم.. التعليم..التعليم..ثم الكهرباء ثم الاتصالات. ومن خلال الاتصالات والكهرباء سأطور التعليم عن بعد. الكهرباء قضية محورية وتحتاج جهدا وطنيا عن طريق الرياح أو الطاقة الشمسية وليس الطاقة النووية. وعن طريق الغاز.. سأطور التعليم من خلال اللوح الالكتروني..ثمنه 100 دولار الحكومة تدفع 50 % والمواطن يدفع 50 % وعن طريق الانترنت يمكن للرجال والنساء والأطفال أن يتواصلوا مع مدرسيهم. الطالب يمشي إلى المدرسة ساعتين أو ثلاث ويعود إلى البيت في ساعتين أو ثلاث ومن ثم لا يتعلم شيئا. وبعده نركز على الحكم المحلي، هذه قضايا أساسية مهمة، بالكهرباء الزراعة تتطور.. الصناعة تتطور.. التعليم يتطور.. # كنت وزيرا سابقا للمالية ما الذي أعاقك عن تنفيذ برنامجك هذا، وهو برنامج راقي وممكن بالفعل؟ بقيت سنة وشهرين فقط، ركزت في بدايتها على تنظيم المالية وفعلا حققت نتائج كثيرة، وقد بدأت أخاطب الحكومة، ولكن الحكومة في ذلك الوقت لا تسمع رؤاي، ومحاضر رئاسة الوزراء تشهد بذلك، هذه رؤى تقدمت بها للحكومة، لكنها رفضت. # يتوجه هذه الأيام وفد الحكومة اليمنية إلى الخارج لجلب الدعم إلى اليمن.. ما الذي تتوقعه؟ جربنا الشحت من زمان فلم ينفع. نذهب نشحت مستغلين كرم الناس وشهامتهم، ليس لدينا خطة اقتصادية قابلة للتنفيذ. سيقولون لنا: نحن مقدرون وضعكم؛ لكن أين خططكم؟ كما كانوا يقولون للحكومات السابقة. فإذا ما قال ليس لدينا خطط. سيقولون له: عد واعمل خططاً. وسيعود وسينغمس في المماحكات السياسية ولن يعمل خططاً ولن يعود. هم راحوا بدون خطط، برنامجهم واضح. ليس هناك شيء خفي؟