سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
95 طفلاًً يموتون في المستشفى اليمني – السويدي بسبب الانفلات الإداري وزير الصحة يحمّل محافظ تعز المسؤولية ويكشف عن مناقشة مجلس الوزراء للقضية وتشكيل لجنة تحقيق
الملجأ الوحيد لمعظم حالات الأطفال المرضية في تعز والمحافظات المجاورة يعيش منذ مطلع يناير الماضي أوضاعاً ليست أقل من كارثية بحق الأطفال والكادر الطبي والإداري والتمريضي فيه, ويحتاج إلى معالجات مسئولة سريعة لإخراجه مما هو عليه الآن. في ال 4 من يناير نفّذ موظفون في المستشفى اليمني - السويدي اعتصاماً طالبوا فيه بعديد مطالب تتعلق بالتحقيق في قضايا فساد مالي وإداري وأخرى حقوقية.. لم يلتفت أحد لتلك المطالب أو يتعامل معها بمسئولية, حيث اعتبرت مماحكات فوضوية لم يعرها مكتب الصحة في المحافظة أو السلطة المحلية ولا في وزارة الصحة أي اهتمام؛ ليتحول الاعتصام إلى مشكلة تنذر بكارثة حقيقية. داخل المستشفى صباحاً تكتظ الطواريد الضيقة بالمرضى من الأطفال وأمهاتهم, وتم استحداث مختبر بسيط لتقديم اللقاحات رغم وجود مختبر يتمتع بإمكانيات عالية المستوى على بُعد خطوات من المختبر المستحدث.. الموظفون وطاقم التمريض والكادر الطبي انقسموا إلى مجموعات ثلاث مع وضد المعتصمين ومحايدين اكتفوا بمشاهدة ما يجري دون أي تعليق أو تدخل. رغم الحركة الضاجة نسبياً داخل المستشفى إلا أن الخدمات تبدو معطلة في ظل إدارة مهملة وتسيب مالي وإداري, فالأجهزة واقفة في المختبرات وبعضها دون محاليل, ومن يديرون شئون المستشفى حالياً يؤكدون أنهم غير ملزمين بتسديد الرسوم الخاصة بالمحاليل والأجهزة التي كانت الإدارة السابقة قد تعاقدت لشرائها. نائبة المدير العام الدكتورة سبأ علي عبدالله قالت ل«الجمهورية» إن إغلاق شباك الصناديق والتذاكر أثر على إيرادات المستشفى, وأكدت أن الإنفلات الإداري الحاصل في المستشفى تسبب في وفاة (95) طفلاً خلال شهر ونصف تقريباً. وطالبت الدكتورة سبأ بتكليف لجنة للتحقيق في ما هو حاصل بالمستشفى وما يتعرض له الأطفال من اغتيال قسري لحياتهم بسبب نقص الأكسجين وعديد مستلزمات طبية ودوائية ضرورية. نائبة المدير العام حمّلت الجميع مسئولية ما يحدث؛ وهي تؤكد أن المطالب تظل دائماً مشروعة طالما وهي لا تتعارض مع ما تنص عليه اللوائح والقوانين ولا تتعارض مع التعامل الإنساني الذي من أجله وجد المستشفى. وكانت “الجمهورية” قد تواصلت مع الدكتور عبداللطيف مجلي, مدير عام المستشفى اليمني - السويدي؛ لكنه امتنع عن الإدلاء بأي تصريح بحجة تعرّضه لتعسف منعه من دخول المستشفى ومزاولة عمله خلال فترة الاعتصامات. المعتصمون لايزالون متمسكين بمطالبهم, وقد أنكروا أية علاقة لهم بوفيات الأطفال, وقالوا لنا: بإمكانكم الرجوع إلى إحصائيات الأشهر السابقة للاعتصام للتأكد من وجود وفيات بأرقام أكبر من المذكورة حالياً. فهد العميري, أحد المعتصمين قال ل«الجمهورية»: نحاول جاهدين تقديم الخدمات إلى المحتاجين لها, واعتصامنا جاء لإسقاط فساد مالي مستشرٍ وحقوق غائبة يكفلها القانون وصادرها مدير المستشفى. العميري أكد أنهم سينهون اعتصامهم بمجرد تلبية مطالبهم, وأن الأقسام الإسعافية تعمل بكل قواها. زيارة “الجمهورية” للمستشفى اليمني - السويدي للإطلاع عن كثب على حقيقة ما يجري هناك تزامنت مع وجود لجنة مكونة من الدكتور عبدالله الذيفاني, رئيس المجلس الوطني والدكتور أحمد عبده سعيد من المجلس المحلي تسعى إلى ذات الغاية التي جئنا من أجلها. رئيس المجلس الوطني في تعز الدكتور عبدالله الذيفاني حمّل قيادة محافظة تعز المسئولية الكاملة عن استمرار الوضع بهذا النحو؛ لأنها كسلطة محلية لم تتدخل لعمل حل حاسم للإشكالية. وقال الذيفاني ل«الجمهورية» إنه ونتيجة لاتصالات تلقّاها خلال الأيام الفائتة تخبره عن مأساة لا ينبغي السكوت عنها أبداً أوجبت عليه الذهاب إلى المستشفى بإحساس المسئولية؛ لأن ما يجري يعتقده البعض أنه ضمن العمل الثوري, وهو في الحقيقة عمل ناتج عن وجود فساد وخلافات وظيفية.. لا يوجد ما هو أغلى من أرواح أطفالنا الذين يموتون داخل المستشفى اليمني - السويدي.. يقول الذيفاني, ويضيف: على السلطة المحلية أن تتدخل وتعيّن بحسب المقترحات المقدمة إليها نائب المدير العام ومنحه صلاحيات تمكّنه من تجاوز الإشكالية. ويؤكد الذيفاني أنه طلب من محافظ تعز اتخاذ قرار جريء لحل الإشكالية؛ إلا أن الصوفي اعتذر بحجة أنه غير مخوّل بذلك, ويحتاج الوضع في المستشفى اليمني - السويدي إلى تشكيل لجنة من خارج المستشفى لتدقق في البيانات والإحصاءات وتتأكد من أن الخدمات المقدمة كافية أم لا.. مقترحات وضعها الدكتور الذيفاني أمام كل المعنيين. ويطالب رئيس المجلس الوطني في تعز الكادر الموجود داخل المستشفى بالاستمرار في تقديم الخدمات لأنهم معتصمون ضد الإدارة وليسوا ضد المرضى.. كما طالب وزير الصحة بعدم اخضاع القرار إلى المركزية, فالمسألة جداً خطيرة وتستدعي التعامل معها من منطلق الحرص على أرواح أطفالنا الغالية وحقوق الموظفين المشروعة. من جانبه أكد وزير الصحة أحمد العنسي ل«الجمهورية» أنه كلّف مدير عام مكتب الصحة بمحافظة تعز للتحقيق في إشكالية المستشفى اليمني - السويدي. وقال إن موضوع المستشفى نوقش أمس في مجلس الوزراء, وقد وجّه المجلس ووزارة الصحة رسالتين إلى محافظ تعز تحمّله المسئولية الكاملة واتخاذ الإجراءات اللازمة والقانونية لحلّها. وأضاف: إذا لم يحل محافظ تعز المشكلة فإنه يتهرب من المسئولية, فالمستشفى يتبع السلطة المحلية.. وزير الصحة أكد أيضاً أن المتطلبات الحقوقية للموظفين والكادر الطبي في المستشفى سيتم الإيفاء بها وفقاً لما هو قانوني, لكنه أشار إلى أن أي تغيير لقيادات إدارية في مكاتب ومؤسسات الدولة مؤجل إلى ما بعد ال 21 من فبراير الجاري بحسب قرار مجلس الوزراء.. وفي الوقت الذي يحمّل فيه كل طرف مسئول الطرف الآخر مسئولية ما يحصل؛ يواصل الموت حصد أطفال لم يعوا بعد كيف أن الإهمال واللامبالاة كان سبباً رئيسياً لتعرّضهم لخطر الموت, كما إن (59) متعاقداً و(25) عامل نظافة لايزالون ينتظرون رواتبهم التي رغم ضآلتها لم تصرف حتى يومنا هذا.