تعد تربية النحل وإنتاج العسل من الحرف القديمة في بلادنا حيث يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد كمصدر رزق وزيادة في الدخل لكثير من الأسر، فضلاً عن توفيرها لفرص عمل جديدة.. ويتمتع العسل الحضرمي بمكانة مرموقة وشهرة تجارية كبيرة فقد بلغت قيمة الكيلو جرام الواحد من العسل سعراً لم يبلغه أي نوع من العسل في العالم.. فاليمن من أهم المناطق لتربية النحل لتنوع المناخ والمراعي الطبيعية طوال العام، وقد تزايدت أعداد النحالين في السنوات الماضية بشكل كبير وأصبحت مهنة النحالة المصدر الرئيسي لدخل الكثير من الأسر. تشير بيانات وتقارير الإحصاء الزراعي أن عدد طوائف النحل يرتفع من عام إلى آخر، وأكدت أن عدد خلايا النحل في بلادنا تصل إلى أكثر من “1.2.23.000”خلية، النسبة الأكبر منها تتركز في محافظة حضرموت لتوفر البيئة والمراعي المناسبة للنحل وتبلغ كمية العسل المنتجة سنوياً من محافظة حضرموت حوالي “800.000” كيلو جرام من “325.000” خلية نحل، تليها محافظة أبين بإنتاج سنوي “367.000” كيلو جرام، وجاءت محافظة شبوة في المرتبة الثالثة بكمية إنتاج تصل إلى “315.000” كيلو جرام، وحلت محافظة الحديدة رابعاً بحوالي “298.000” كيلو جرام، وتتصدر محافظة حضرموت المحافظات الأكثر إنتاجاً للعسل اليمني بأنواعه المختلفة التي من أهمها وأشهرها العسل الدوعني، ولفتت التقارير الإحصائية إلى ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي للعسل بنوعيه الطبيعي والتجاري إلى حوالي “3.1” مليار ريال منه “2.4” مليار لنوعية العسل الطبيعي و 700 مليون ريال حجم الاستهلاك للعسل التجاري وقد ثبت أن للعسل أروع المميزات الغذائية والعلاجية فهو غني جداً بمكوناته من طاقة وبروتينات وأملاح وفيتامينات وإنزيمات ملونة ومواد مضادة، بالإضافة إلى كونه يساعد في شفاء الجروح وأمراض المعدة والأمعاء والكلية والالتهابات البلعومية والحنجرية وأمراض الكبد والجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض، وذكرت أحاديث كثيرة عن أهمية العسل وقد وهبها الله سورة في القرآن الكريم “سورة النحل” التي تحدثت عن أهمية العسل في العلاج. مشاكل النحالة وبالرغم مما تشهده تجارة العسل من رواج واسع في الاستهلاك المحلي ورفد الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة فإن النحالة اليمنيين يواجهون مشاكل ومعوقات تحد من تطوره، ومنها: الآفات التي تصيب النحل وتسبب أضرارا كبيرة بالطوائف واستخدام المبيدات بشكل عشوائي بقرب المناحل تؤدي إلى هلاك أعداد كبيرة من النحل في ظل عدم إدراك المزارعين بأهمية نحل العسل في زيادة الإنتاج الزراعي، واستخدام الخلايا التقليدية وضعف الرغبة في استخدام الخلايا الخشبية الحديثة لصعوبة التنقل والاعتقاد بانخفاض جودة العسل الناتج منها، استيراد طوائف نحل إلى بلادنا نتج عنها تدهور بعض صفات النحل المنتشرة في معظم المناطق، ولجوء بعض التجار إلى غش العسل اليمني بأنواع مستوردة؛ مما يؤثر على جودة العسل اليمني وسمعته وشهرته العالمية، وكذا عدم وجود لوائح وتشريعات لعملية النحالة وغياب المواصفات القياسية لنوع العسل، من المشاكل أيضاً التي تواجه النحالة، تعبئة العسل في عبوات غير جذابة، كما أن الهدف الأساسي من تربية النحل في بلادنا هو الحصول على العسل ولم يؤخذ بالفوائد الاقتصادية الأخرى من تربية النحل “ زيادة الأزهار لجمع الرحيق وحبوب اللقاح، إنتاج الغذاء الملكي، والشمع البر بوليس، صمغ النحل، وسم النحل”. سوق شعبي لبيع العسل وسط مدينة القطن بمحافظة حضرموت الوادي والصحراء يقع مقهى أحمد ناصر بن علي الحاج وهو مقهى شعبي قديم يقصده الناس لتناول كوب من الشاي أو احتساء الفول والعيش كونه يمتاز بإعداد وطهي هذه الوجبة منذ القدم، كما يقصده البعض منهم للتسوق وعرض الأشياء القديمة من الأسلحة والسلاح الأبيض والساعات وكثير من الأشياء التي اعتاد الناس من رواد المقهى على بيعها وشرائها، ومنذ ما يقارب عشرين عاما ازدادت رقعة التجارة في هذا المقهى وأصبح ملتقى وسوقا شعبيا كبيرا لبيع وشراء منتجات النحل من العسل، حيث يرتاده تجار العسل ومربو النحل من كل حدب وصوب من كافة مناطق الجمهورية لبيع منتجاتهم من العسل بعد الجني والقطاف أي ما يسمى بالدباسة أي في شهر أكتوبر ونوفمبر من كل عام، بعد مضي عام من العناء والمشقة والتنقل من مكان لآخر للبحث عن مراع لنحلهم علهم بعد ذلك وحين القطاف يحصلون على ثمار ذلك العناء فتجدهم في هذا السوق الكل يعرض منتجاته فمنهم من يفترش الأرض وأمامه دبب وعلب العسل ومنهم على متن سيارته والبعض الآخر داخل محلاتهم التجارية التي تقع بجانب المقهى، نحن بدورنا تجولنا داخل ذلك السوق وسط زحام كبير من الباعة والسيارات والمستوقين فوجدناهم مشغولين بتسويق عسلهم على شكل علب قصدير أو عبوات بلاستيكية حجم 5لترات يعرفون الشخص من بداية حديثه هل نيته الشراء أم الفضول مثلي، أما الزبائن فيتجولون بينهم تارة يقومون بالاكتفاء بالنظر إلى العسل وشم رائحته في حال رغبتهم بالشراء أو أعجبهم العسل يقومون بإدخال سبابة أصابعهم في أعلى العبوة لإخراج جزء بسيط لتذوقه، نحالون وتجار توافدوا من مناطق حضرموت ومن المحافظات الأخرى، تحدثنا مع عدد منهم. تسويق كافة الأصناف دويل محمد بن مرتع عضو اتحاد النحالين العرب رئيس جمعية النحالين بالقطن تحدث إلينا قائلاً: أنا متواجد في هذا السوق منذ 15عاما وكان السوق يشهد حركة دءوبة طوال العام حيث تسوق فيه كافة أصناف العسل “المراعي والبغية والسمرة” ولكن السوق يشتد ويكون في ذروته في هذه الشهور أكتوبر ونوفمبر وخصوصاً بعد دباسة موسم العلب “السدر” وهذا العام الإنتاج قليل مقارنة بالأعوام السابقة؛ وذلك نظراً للأزمة السياسية التي مرت بها البلاد بسبب ضعف التنقلات والبحث عن المراعي ذات الجودة. ويضيف: إن سعر الدبة العسل حجم خمسة لترات بلغ هذا العام مابين “45000 95000” حسب جودته ونوعيته وبلغ سعر العلبة القصدير مابين 18000 15000 ريال يمني، نحن نعتمد على تصدير العسل إلى الخارج، ولكن هذا العام واجهتنا مشاكل في النقل وأيضاً ارتفاع رسوم الشحن من 20 ريالا سعوديا للدبة إلى 45 ، بالإضافة إلى ذلك قلة الإنتاج هذا العام، كذلك تواجه النحالة وتجار العسل كثير من المشاكل، ومنها ضعف النحل وتغذيته على السكر، وكذا غياب عدد من النحالة هذا العام عن السوق بسبب الأزمة والتنقلات من خارج المحافظة، زحمة النحل على المراعي يقلل من إنتاج العسل، كذلك نطالب المسئولين بالرقابة على العسل المستورد “التركي” ومراقبة الغش وتنظيم استيراد العسل الخارجي في علب لايزيد حجمها على كيلو واحد؛ لأن الدبب الكبيرة تساهم في عملية الغش، هذا العام وبسبب الأزمة تراجع تسويق العسل وذلك لقلة الزوار من خارج الجمهورية الوافدين من دول الخليج. سوق ضعيف بسبب الأزمة النحال عبدالله سالم سعيد العولقي من محافظة شبوة تحدث إلينا: أرتاد السوق في كل موسم ولي ما يقارب عشرين عاما وأنا أعمل في النحالة حيث أسوق منتجاتي من العسل في سوق القطن وكذلك في سوق عتق وبالنسبة للسوق هذا العام ضعيف بسبب الأزمة حيث نعاني قلة المواصلات والتنقل للبحث عن المراعي، نطالب الحكومة بتوفير العلاجات للنحل وحمايته من الآفات والاهتمام بالعلب. يشاركه في الرأي جمعان عبود بن حبيش أحد النحالين من منطقة وادي عمد بحضرموت حيث قال إنه يعمل في تربية النحل منذ عشرين عاما ويقوم بتسويق منتجاته إلى هذا السوق أو إلى صنعاء أو السعودية وهذا العام السوق ضعيف بسبب المجني ووجود بعض المشاكل مثل مرض الدوباس، وكذا الإنتاج ضعيف والقيمة النقدية للعسل قليلة مقارنة بالأعوام السابقة وخصوصاً بسبب ضعف التصدير إلى الخارج حيث واجهتنا بعض الصعوبات في بداية الأمر في المنافذ. كما تحدث إلينا الدلال صالح سليمان الجمهوري المتواجد في السوق طوال العام حيث يأخذ أجرته من عمل الدلالة أي الوساطة بين البائع والمشتري حيث يقول أعمل في السوق منذ عشرين عاما الحمدلله على كل حال مرة تصيب ومرة تخيب وإذا كان السوق قويا حصلنا على بركة الله وإذا كان ضعيفا نحصل أتعابنا حيث نتقاضى مقابل الدلالة مابين 100 300 عن كل علبة أو دبة.