صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا الذي صنعت الأغنية التعزية ولي الريادة مع سعيد الشيباني
الفنان محمد مرشد ناجي ل« الجمهورية » :
نشر في الجمهورية يوم 30 - 05 - 2012


ملخص ما نشر:
من الطفولة إلى العمل وحكايات لا تنتهي من المصاعب والظروف القاهرة ويقابلها التحدي والإصرار وفي الحلقات الماضية عرفنا حكايات هذا التحدي وتلك الظروف وكذلك بداية المشوار الفني والتوفيق فيه مع أول لحن وأول أغنية له أمام الجماهير ، والمصادفة التي قادته إلى هذا المجال الذي لم يكن على البال ولا على الخاطر كمهنة بل كان مجرد هواية أو لحاجة مادية تجبره الظروف المعيشية على استغلال هذه الإمكانية لتأمين حياته المعيشية هو وأسرته الكبيرة هكذا تحدث المرشدي الفنان الكبير والإنسان الرائع وعن مشواره الفني بدأ يسرد ذكرياته مفصلاً كل صغيرة وكبيرة في هذا المجال تحدث عن تاريخ مرحلة وهي من أهم المراحل الغنائية في عدن وعن شخوصها الفنية منهم من استطاع المسير ومنهم من تعثر ومنهم من كابر ولم يستطع الوصول . وفي هذه الحلقة يواصل (المرشدي) حديث ذكرياته عن أهم تفاصيل هذه المرحلة التأسيسية للأغنية الجديدة ليس في عدن بل وفي اليمن كله .
ندوة عدن الموسيقية
^^.. تحدثت عن ندوة عدن الموسيقية وذكرت في سياق حديثك عن تقديم أول ألحانها إلى أعضائها، هل لنا أن نعرف عن هذه الندوة.. نشأتها، فكرتها ، وإلى ماذا كانت تهدف؟ وهل فعلاً كان قيامها لخلق أغنية عدنية؟ أم إنها كانت مجرد فكرة ليس إلا؟
الندوة الموسيقية العدنية خلقت لتأسيس أو لخلق أغنية عدنية أو ماتسمى الأغنية العدنية هكذا أريد لها وهذه الندوة تأسست في العام 48م وقبلها في نفس العام تأسست الجمعية العدنية برئاسة الأستاذ الكبير محمد علي لقمان والتي طالبت الانجليز بالحكم الذاتي لعدن أسوة بالسلطنات والإمارات الموجودة في المحمية حيث أراد الأستاذ لقمان لعدن الحكم الذاتي حتى يرعى أبناء عدن شؤونهم الداخلية بأنفسهم في ظل وجود الانجليز أولاً كما هي العادة في بقية السلطنات والإمارات الأخرى التي يتولى فيها السلاطين والأمراء شؤون بلادهم الداخلية وهذا ماأراده لقمان في ذلك الوقت الذي كان فيه الكثير من أبناء عدن عاطلين عن العمل والبطالة تزداد بشكل مخيف ونضطر نحن أبناء عدن للعمل في المحميات بينما الوظائف والأعمال في عدن كانت من نصيب الهندوك واستسمح إخواننا من الهنود اليمنيين أو مايسموا بالبنيان ولكن هكذا كان الوضع في عدن حتى لايفهم كلامي خطأ هؤلاء هم من كانوا يتولون المناصب الإدارية في المستعمرة وأبناء عدن لايجدون الوظائف وحوربوا في هذا الجانب لأن الانجليز كان لديهم تخطيط رهيب ولكنه تخطيط يدل على قصر نظر الانجليز في هذا الاتجاه في أن تكون عدن غير عربية أو ممسوخة من عروبتها لذلك ملأوها بالهنود وبالشرق أوسطيين أشكالاً وأجناساً من البشر وحتى تصبح عدن ليست لها علاقة باليمن أو بما يسمى بالمحميات وفي هذا الوضع طالب الأستاذ لقمان الانجليز بالحكم الذاتي لعدن أولاً لكي يجد أبناء عدن وظائف وبحيث تكون هناك شخصية عدنية مستقلة ومن بعد حصولها على الحكم الذاتي لفترة معينة تبدأ المطالبة بالاستقلال ، لذلك هو من هذا المنطلق وهذه النظرة أراد أن يكون لعدن كل شيء ليس في الجانب السياسي والاجتماعي وغيرها من الجوانب بل والغناء بمعنى أن يكون لعدن أغنيتها وأدباؤها وشعراؤها وغيرها من الأشياء التي تطلبها الدولة بحيث تكون مستقلة وليست لها علاقة بالإمارات المجاورة هذه كانت نظرته ومنها أيضاً خلق أغنية عدنية وهو الذي أوحى في هذا الجانب إلى الأستاذ خليل محمد خليل وغيره من الذين كانوا يجتمعون في مكان معين عند باخبيرة لتأسيس ندوة الموسيقى العدنية بدلاً من غنائهم الأغاني الهندية التي كانت سائدة في ذلك الوقت بحكم تأثير الأفلام الهندية والأغاني الهندية في الأربعينيات من القرن الماضي ليس في عدن بل وفي حضرموت أيضاً لذلك كان كثير من الفنانين في عدن يجيدون الغناء الهندي بل ويحوّلون الألحان الهندية على قصائد شعرية عربية ومثال الأستاذ احمد عبيد قعطبي وهو من الفنانين الماهرين جداً وكذلك الأستاذ الفنان محمد جمعة خان في حضرموت ، هؤلاء كانوا يهندمون الأغنية أو اللحن إلى الهندي على قصيدة عربية حتى من المضحكات أن هناك أغنية كان يغنيها القعطبي تقول في مطلعها:
تعيش أنت وتبقى
أنا الذي مت حقا
هذه الأغنية كان الفنان القعطبي يغنيها بلحن هندي ولكن إخواننا الفنانين في صنعاء افتكروا أنها صنعانية وقد سمعتها بصوت الفنان علي السمة على أنها صنعانية واسمح لي في هذا المقام أن أتحدث عن الأغنية الصنعانية أو مايسمى بهذا الاسم كلها أغانٍ مأخوذة من عدن وابتداء من أغاني الأستاذ علي الآنسي وحتى الآخرين والفنان القعطبي هو الأستاذ الحقيقي في هذه المسألة وكذلك الأستاذ العظيم الشيخ علي أبو بكر باشراحيل والذي يعد أستاذ الأغنية التي تسمى بالصنعانية ، وهناك من يغني هذه التواشيح وهم أفضل من يجيدون هذا الفن يسمعون أو يقال لهم أولاد هزام حتى هؤلاء وهم كما قلت أفضل من يغني هذه التواشيح التي فيها الكثير من الأغنية المسماة بالصنعانية عندما سألتهم عن مصادرهم في هذه الألحان أجابوا بأنه الشيخ علي أبو بكر باشراحيل هو مرجعهم الأول وهو من عدن مع أنه المفروض أن يقولوا أو أن يكون مصدرهم من صنعاء وهذه تكون صنعانية صحيحة أما أن يكون باشراحيل هو المصدر فهذا فيه نظر .
وعودة إلى حكاية الأغنية العدنية فأقول: إن الأستاذ محمد علي لقمان وليسمح لي الناس بأن أقول أستاذ لأننا نعتز بأن نسميه هكذا فهو أستاذنا جميعاً وهو الذي أراد أن يكون لعدن كل مقوماتها ابتداءً من الاستقلالية السياسية وحتى الفنية لذلك كما قلت في حديثي سابقاً هو من أوحى إلى أولئك النفر المجتمعين عند باخبيرة الذين يغنون الأغاني والكلام الفاضي خاصة وأن عدن أو هكذا كان يفكر هذا الأستاذ مقبلة على تأسيس دولة عدنية فكتب الأستاذ محمد عبده غانم أغنية (ياحياتي) على ماأعتقد ولحنها الأستاذ خليل محمد خليل ولقيت هذه الأغنية استحساناً كبيراً بين هذه المجموعة عند باخبيرة ومن بعدها تطورت الفكرة وخرجت بفكرة أخرى هي تأسيس ندوة الموسيقى العدنية يجتمع فيه فنانو عدن لخلق أغنية عدنية .
وهذا ماحصل فيما بعد وكان لهذه الندوة أثر كبير في تجديد الغناء ليس في عدن بل وماجاورها .
التجديد الغنائي ومؤسسوه
^^.. حدثنا أكثر عن هذه الندوة.. عن مؤسسيها، أعضائها، أثرها في تطوير أو تجديد الأغنية اليمنية الخ؟ ثم ماهي نتائجها باعتباركم واحداً من شواهد هذه المرحلة؟
أبرز المؤسسين لهذه الندوة كما قلت لك سابقاً كانوا من كبار الموظفين في عدن وهؤلاء لهم الدور الكبير في خلق مايسمى بالأغنية العدنية والذي اسميه أنا بالتجديد الغنائي لأن هؤلاء الناس كما شرحت لك سابقاً كانوا في درجات وظيفية تعادل درجة الوزير حالياً منهم الأستاذ حمدي يعقوب خان لا أذكر أي مركز وظيفي له والأستاذ ياسين شوالة الذي كان يعد المختبري الأول في مستشفى عدن وحميدان كان عازف إيقاع من الدرجة الأولى والأستاذ علي سالم علي احد كبار التجار في عدن والأستاذ عبدالله حامد خليفة وكان يضرب بالدف وهو السكرتير لضواحي الشيخ عثمان التي كانت مفصولة عن بلدية عدن التي تضم فقط كريتر والتواهي وخورمكسر وكان سكان الشيخ يعاملون مثل مايعامل المنبوذون فجعلوا لنا سلطة ضواحي عدن وممن المؤسسين أيضاً الأستاذ السياسي المعروف حسين بيومي الذي كان صوته يوم الاستقلال يجلجل على مسامع الناس في كل مكان وكذلك الأستاذ علي عبدالله بدري من كبار التجار في عدن .. الخ .
هؤلاء الناس هم الذين سعدت عدن بهم ووصلت عدن إلى ماوصلت إليه من تجديد غنائي وأثر هذه المبادرة التجديدية على جميع المناطق المجاورة ليس في عدن بل وفي حضرموت ولحج وصنعاء وعلى جميع المناطق حيث أصبح فنانو لحج مثلاً يصيغون ألحانهم الخاصة بعد 1956م، ويخرجون عن النمط القديم الذي كان يمثله القمندان فجاء الأستاذ عبدالله هادي سبيت بألحانه وأغانيه الجديدة والرائعة الجمال والشاعر صالح نصيب والأستاذ محمد سعد صنعاني وغيرهم والذين جددوا في الأغنية ومثلهم فعل أبناء حضرموت وكله كان يحكم التأثير والانطلاقة في التجديد الغنائي الذي بدأ من عدن ومثلما احتضنت عدن كل التراث الغنائي اليمني كانت عدن أيضاً هي السباقة في التجديد وأنا أقول هذا الكلام لأول مرة لأنه هناك بعض الناس تريد أن تحجم عدن بقولها أغنية عدنية فعدن أكبر من هذا الكلام لأن عدن هي التي احتضنت التراث الغنائي اليمني كله وأبناء عدن هم الذين احتضنوا هذا التراث الشيخ إبراهيم محمد الماس وقبله أبوه محمد الماس وهو من كوكبان وجاء ومعه ِأشياء كثيرة وهناك الشيخ علي أبو بكر باشراحيل وهو شيخهم جميعاً وشيخ الغناء الصنعاني وهو من أبناء حضرموت لهذا يحق لنا أن نتساءل عن حقيقة ما يسمى بالغناء الصنعاني.. ومن أين جاء فأستاذ مايسمى الغناء الصنعاني هو باشراحيل وهو من أبناء حضرموت والأستاذ محمد عبده غانم أكد في كتاباته أن لهذا الشيخ أجداداً منذ العشرينيات وهم شيوخ الأغنية الصنعانية وكذلك الإخوان الجراشان أحمد وعلي من أبناء عدن وكذلك المكاويان عبدالمجيد وعبدالرحمن وهما أيضاً من أبناء عدن وجميعهم كانوا يغنون الغناء الصنعاني إذاً من أين جاء الغناء الصنعاني؟!
أجدني أقول: لقد جاء من عدن، فهذه المدينة وأبناؤها هم من احتضنوا الغناء الصنعاني، وأنا أقولها بكل تأكيد ويقين أنه لولا هؤلاء الناس الذين ذكرتهم وهم الذين احتفظوا لنا بهذا التراث الذي لولاهم لكان هذا التراث ضائعاً هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تتعلق بفترة التجديد وهي التي جددت في التراث الغنائي وكان لهذا التجديد أثره على المناطق ولا أحد يستطيع أن ينكر هذا.
وهناك أيضاً دور آخر لعدن فأنا مثلاً أسمع من يقول بالأغنية التعزية وأن فناننا وحبيبنا أيوب طارش هو الذي جاء وعمل مايسمى بالأغنية التعزية وغيرها من هذه الأشياء ومن هذه المسميات، وقد صمت حول هذا الموضوع ولم أكن أريد أن أتحدث لأن التاريخ هو الذي يكتب ويثبت عكس ذلك.
ولكن مادام والأمر متعلقاً بشهادة تاريخية وتوثيقية وكان لابد لي من الحديث واستطيع اقول وبدون فخر أنه أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا فأنا الذي صنعت هذه الأغنية الحجرية أو ما يسمى بالتعزية، وإن كنت لا أعترف بمثل هذه المسميات المناطقية لأنه لايوجد شيء اسمه أغنية كذا أو لون كذا وكل مايوجد لدينا هو أغنية يمنية وتراث غنائي يمني وهذا موضوع سنتحدث فيه في حينه وعودة إلى موضوع الأغنية التعزية والقول في أن حبيبنا وفناننا أيوب طارش هو الذي عملها وأنا أقول: أن أيوب طارش جاء سنة1965م وكنا قبله أنا والأستاذ أحمد الجابري قد عملناها وصنعناها في سنة 1954م في أغنية أخضر جهيش مليان حلى عديني وفي أغنية إلى جمال.
خلي الحمام ياجمال يغني
صوته شجي أحلى من المغني
ليتك تشوف بين الضلوع جناحه
والا النسور كيف ينهشوا جراحه..إلخ
وكذلك مع الأخ سعيد الشيباني الذي كانت لنا الريادة في هذا الموضوع.
وأغاني يانجم ياسامر وياطير يارمادي هذا جانب أما إذا أردنا أن نتحدث عن عدن فعدن هي التي جاءت منها كل هذه الأغاني بما فيها مايسمى بالأغنية التعزية فهل يحق لنا أن نقول على مثل هذه الأغاني أنها أغنية عدنية؟ إن من يقول مثل هذا القول فهو يحقر عدن ويقلل من حجمها التاريخي الكبير وكذلك الحال مع الأغنية التهامية مثل (شابوك أنا بامجبل) وهي احدى الأغاني التي عملتها أنا ولكن مع ذلك لا أقول إن هذه الأغنية أو غيرها من هذا المسمى وأناصاحبه عدني أو تعزي أو تهامي.. إلخ، هذه الأقاويل، فما يهمني هو أن هذه الأغاني هي التي صنعتها عدن وليس أنا ومن ثم جاء الآخرون وتابعوا هذا الدور الريادي.
التراث الغنائي وأساسيات التلحين
وكما قلت أنا جئت في 1951م وانتسبت إلى هذه الندوة والتي كان لها دور كبير لايستطيع أن ينكره أحد أو يقلل من أهميته وأهمية الندوة ودورها في مجال التجديد الغنائي بالرغم من انتهاء دورها في حينه إلا أن هذه الندوة فتحت الباب أمام الشباب في الدخول إلى المجال الغنائي وكان قصب السبق في هذا للفنان خليل محمد خليل ومن ثم جاء الفنان سالم أحمد بامدهف وكان له دور مهم في التجديد الغنائي وأغانيه محل إعجابي واهتمامي حيث كانت له أغانٍ خفيفة وهي أغان وألحان ليس لها أية علاقة أو تأثير بالغناء العربي أو حتى بالتراث اليمني.. كأن تقول فيها تأثير من اللون اللحجي أو الحضرمي.. إلخ، هذه المسميات إلا أنها أغانٍ خفيفة لا أدري من أين جاءت.
بعدها جئت أنا بعامين وأقول بصدق: أكاد الوحيد المنتمي إلى الندوة الذي له علاقة بالتراث الغنائي اليمني.. الآخرون لم تكن لهم علاقة بالتراث اليمني، بل إنهم لايعرفون أصلاً التراث أو حتى الأغاني اللحجية القريبة منهم، أو أية أغانٍ من هذا النوع وما شابهه.
^^..من وجهة نظركم وبعد هذا المشوار الفني الطويل: ماهي أبرز خصائص التلحين أو الشروط التي تتوفر للملحن؟
في هذا السياق أريد أن أقول: إن من أساسيات التلحين أن تكون للفنان والملحن علاقة وطيدة بتراث بلده ولابد أن يجدد فيه وعندما أقول التجديد لا أقصد أن الفنان يأخذ أغنية تراثية ويرتبها في كلام جديد لا.. ليس هذا فالتجديد أو المجدد لابد أن يكون حافظاً للكثير من التراث الغنائي المنوع أي غناء يافعي، حضرمي.. إلخ من المهم أن يكون لديه في ذاكرته الموسيقية مخزون من التراث والألحان التراثية والألحان العربية أيضاً.
ومن المهم إلى جانب هذا أن تكون لديه موهبة الخلق الإبداعي والصياغة الإبداعية الجديدة لهذا تعد الموهبة إلى جانب المخزون التراثي في الذاكرة الموسيقية عاملين مهمين من عوامل التجديد والمبدع المجدد وبنقص واحدة منهما يكون العمل أي عمل فني ناقصاً ونحن لدينا في اليمن مخزون تراثي منوع منه مايسمى بالغناء التقليدي ذي المسميات المناطقية وهذا لنا قول فيه ولدينا نوع آخر من التراث وهو مايسمى (بالفلوكلوريات) في كل قرية وكل مدينة وهذا موجود ومتنوع بشكل كبير جداً وعلى الفنان أن يكون ملماً بهذا التراث وأن يكون في ذاكرته الموسيقية مخزون كبير منه ولكن لايعني هذا أن الفنان إذا ما فكر أن يضع لحناً ما أو وجد على سبيل المثال قصيدة وأعجبته ورغب في وضع لحنٍ لها يأخذ المقطع الأول منها ويلحنه على اللحن الفلاني وبعدين يأتي ويأخذ لحناً آخر وهكذا فهذا كلام مرفوض رفضاً قاطعاً حتى ولو كان ذلك اللحن من الألحان التراثية فالمسألة ليست بهذه الطريقة، وإنما الذاكرة الموسيقية هي التي تساعده على صياغة الألحان إلى جانب الموهبة، فمثلاً أغنية يانجم ياسامر التي كتب كلماتها سعيد الشيباني يأخذ المقطع الأول من يانجم ياسامر فوق المصله فعند التلحين يحفظ هذا المطلع ويترك الباقي إلى أن يأتي الخاطر اللحني قد يأتيه وهو ماش أو جالس في أي مكان فيصبر عليه وقد يأتي هذا الخاطر في أٍسبوع أو شهر أو شهرين أو حتى في يوم إذا ماكان لديه مخزون موسيقي في ذاكرته لأن الخاطر اللحني هو مفتاح اللحن وعندما يأتي لحن باقي القصيدة بسهولة بعد ذلك يبدأ يدندن به ويعزفه بالعود بعد أن يكون قد سجله بالمسجلة حتى لاينساه أو يضيع عليه في لحظته.
التدوين الموسيقي
^^.. وماذا عن التدوين الموسيقي؟
إذا كان يعرف التدوين الموسيقي يمكن أن يدونه في لحظته ولكن في أيامنا كان المسجل الصغير دائماً في الجيب وأول ما يأتي الإلهام يدندن به مع مطلع القصيدة وفي بعض الأحيان كنا نعمل اللحن قبل القصيدة ولكن هذا نادر جداً بالرغم أننا كنا في زمان نقيم حفلات سنوية والحفلة تطلب منك تقديم ستة ألحان جديدة.. وعني أنا كنت أبحث دائماً عن قصائد شعرية من هنا وهناك في الجرائد والمجلات أو من الشعراء أمثال لطفي وجرادة وكثير منها يعجبني والبعض منها لم يعجبني وكما ذكرت لك أن من أساسيات التلحين أن يكون الملحن صاحب مخزون موسيقي في ذاكرته الموسيقية إلى جانب الموهبة والملحن والشاعر في خانة واحدة فالشاعر لايمكن أن يقول اليوم سأكتب قصيدة أو (سأخزن) وأكتبها في اللحظة الفلانية أو الساعة كذا.
لا الشاعر الحقيقي والشعر الحقيقي هو ما يأتي في لحظة تجلٍ دون سابق إنذار أو تفكير مسبق وكان الشاعر لطفي يقول لا أنام إلا والقلم والورقة فوق الطاولة الملتصقة بسريري وهكذا قال صلاح عبدالصبور: إن القصيدة هي التي تكتبه أي إنها تأتي في لحظة ما دون ما يفكر هو في كتابتها وهكذا الملحن لايمكن أن يقول اليوم سأجلس وألحن هذه القصيدة بل عليه الانتظار حتى يأتيه الخاطر اللحني مثله مثل الإلهام الشعري ومع ذلك فليس هناك إلهام شعري أو خاطر لحني إن لم تكن هناك قراءات وثقافة سابقة للشاعر في هذا المجال وذاكرة موسيقية بالنسبة للفنان والملحن.
الإلهام بين الشاعر والملحن
أيضاً هذا الملحن أو الفنان مثله مثل الشاعر، فالشاعر يكتب قصيدته وفيها شيء منه ومن تجربته والملحن عندما يجد قصائد شعرية تعبر عن ذاته أو تتحدث أبياتها عن تجربة يعيشها هو أو حتى مشابهة لتجربته يكون تلحينها عليه أسهل وأسرع، فمثلاً في بداية حياته تكون القصائد العاطفية أقرب إلى نفسه ويجد سهولة في تلحينها ولكل مرحلة من حياته تجاربها، وأتذكر أن الشاعر صلاح عبدالصبور أيضاً كتب معظم قصائده العاطفية وهو شاب وبعد سن الثلاثين لم يعد يكتب في مثل هذا المجال حتى إن كتب مثله إلا أنه لم يكن بنفس ما كتبه وهو في سن الشباب لأنه كان يعيش التجربة نفسها وهكذا الملحن أيضاً وعلى سبيل المثال عند حضوري مهرجان أبها في السعودية التقيت الفنان المحبوب محمد عبده وقال لي: أريد أغنية مثل أغنية يانجم ياسامر لحناً وكلمات فقلت مثلما قال لي سعيد الشيباني نفسه هي ما تجيش إلا مرة واحدة لايمكن أن تتكرر وإن تكررت لم تكن بنفس المستوى السابق وهكذا تكون القصائد والألحان التي هي وليدة لحظتها أو مرحلتها تعيش في قلوب الناس دون أن تنسى«يانجم ياسامر لها أكثر من 60سنة وكذلك أغنية على امسيري ولم تنس حتى الآن».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.