هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    صدام وشيك في رأس العارة بين العمالقة ودرع الوطن اليمنية الموالية لولي الأمر رشاد العليمي    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    دائرة الرعاية الاجتماعية تنظم فعالية ثقافية بالذكرى السنوية للشهيد    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات ملتهبة من قلب المحرقة (2-2) !

من الصعب نسيان أحداث محرقة ساحة الحرية بتعز يوم 29 مايو العام الماضي هكذا أكد شهود عيان وقالوا إنهم لم يكونوا يتوقعوا ماحدث من هول ما رأوه وسمعوا من دمار وخراب وقتل وجرحى فاقت قدرات وإمكانيات الأطباء، ووصفوها بأنها أشبه بفيلم من أفلام هوليود.
وجب طبي
د.عبدالكافي محمد شمسان استشاري الجراحة العامة بمستشفى الصفوة قال: ما إن بدأت التجمعات البسيطة لشباب عزموا أن تكون الساحة المجاورة لمستشفى الصفوة بداية الانطلاق لثورتهم، ثم تزايد أعدادهم وتصميمهم، حتى شعرنا بأن التغيير قادم معهم ومن ساحة الحرية تحديداً.
وبعد إلقاء القنبلة على الشاب السلمي في الساحة كان ضحيتها استشهاد “مازن البذيجي” أول شهيد للثورة بتعز وإصابة عدد كبير من الشباب بجروح بسبب شظاياها، ازداد إحساسنا بالمسئولية تجاه هؤلاء الشباب من الناحية الطبية، وتم تقديم جميع الخدمات الصحية للجرحى في المستشفى قبل إنشاء المستشفى الميداني، وظل المستشفى يقوم بواجبه تجاه الجرحى وبحضور فريق طبي متكامل في جميع التخصصات وبمشاركة الزملاء الأطباء في حالة وجود أعداد كبيرة للجرحى.
إلى أن أتى اليوم والليلة التي لاتنسى 29/5/2011م يوم وليلة المحرقة البشعة ففي تمام الخامسة عصراً امتلأ المستشفى بالجرحى والشهداء الذين سقطوا بالرصاص الحي والمباشر أمام مديرية القاهرة ووصل العدد لأكثر من “80” جريحاً، والذي فاق قدراتنا وإمكانياتنا، حيث كنا نمشي ونتحرك من فوق الجرحى.. بين الدماء حتى نقوم بإسعاف الجريح الأكثر خطورة وإنقاذ حياته.. تم التواصل مع بقية الزملاء وتوزيع الجرحى على المستشفيات الخاصة، وفي تمام الساعة الثانية عشرة ليلاً تم استدعاؤنا من قبل أطباء الطوارئ مجدداًَ، حيث امتلأ المستشفى بالجرحى من جديد وخلال نزولنا من شارع الهريش شاهدت توجه مجاميع مسلحة من الجنود باتجاه الساحة وعند وصولي إلى قرب منصة ساحة الحرية شاهدت الشباب مستبشرين بانضمام جنود من الأمن لصفوف الثورة.. وهذا كان الطُعم.
وعند دخولي لطوارئ المستشفى وجدت جرحى بإصابات بطلقات نارية في الرأس والبطن والأطراف، وكذلك الجندي الذي أطلق النار من مديرية أمن القاهرة، والذي رغم ذلك تم تقديم الخدمة الطبية له دون تقصير.. وفي الساعة الواحدة ليلاً أجرينا عملية جراحية لأحد الجرحى، أصيب بطلقات نارية في بطنه وأثناء العملية دخل علينا الأطباء من قسم الطوارئ وأخبرونا بأن الساحة قد أحرقت وتم اقتحام المستشفى وضرب العاملين فيه وإطلاق الرصاص داخل المستشفى.
بدأت بعد ذلك عمليات الترهيب والتدمير وتم الاعتداء على الجرحى سوى ممرض واحد في قسم العناية المركزة فيما المستشفى ممتلئ بالجرحى والمرضى والمرافقين للمرضى.
كنا نشاهد النيران تتصاعد من خلال النافذة ونسمع سقوط القذائف على أسطح غرف العمليات.. وأثناء العملية حاول بعض الجنود الدخول لقسم العمليات إلا أن الممرضة أخبرت الجندي بأن بطن المريض مفتوح والأمعاء على الأرض فتراجع الجندي ومع الصباح كان المستشفى مليئاً بالمرضى والجرحى ومليئاً بالجنود ولم يكن يوجد ممرضون ولم نستطع تقديم أبسط الخدمات للجرحى مثل مسكنات الألم أو السوائل الوريدية أو الماء بسبب الحزن والدمار.. كما كان قسم العناية المركزة ممتلئاً بالمرضى على أجهزة تنفس اصطناعي وفي حالة غيبوبة، وهنا بدأت عملية إخراج المرضى والجرحى عن طريق المتطوعين والمدافعين، وكان لدينا أمل بأن الأمور ستنتهي مع إشراقة الصباح، حيث تفاءل أحد الزملاء.. د.عبدالرحمن سعيد بأن شباب الثورة قادمون في مسيرة حاشدة لتطهير الساحة إلا أن الرصاص المستمر والمدرعات منعت وصول أي شخص للساحة والمستشفى وعندما منعت أحد الجنود من النهب والتدمير قام زميله بإطلاق الرصاص باتجاهي داخل المستشفى وهنا أدركت بأنه لايمكن الاستمرار داخل المستشفى وتواصلت مع الهلال الأحمر وتم نقل الجرحى الذين هم في غيبوبة بسيارات الهلال الأحمر إلى المستشفى اليمني الدولي وبقية المستشفيات وخرجت مع أحد الجرحى في الساعة 12 ظهراً يوم 30 /5 وتم إغلاق المستشفى بعد ذلك لثمانية أشهر وبقي الكادر الطبي في المستشفى يقوم بواجباته تجاه جرحى الثورة، حيث قمنا بإجراء عمليات جراحية في مستشفى الروضة واليمن الدولي وابن سيناء وخلال فترة التوقف والإغلاق لمستشفى الصفوة لم يتم ذكر الصفوة إلا قليلاً وبالرغم مما حدث فقد شاعت الأخبار بأنه تم تعويض الصفوة بملايين الدولارات من قطر، وبعد ذلك شاعت الأخبار بأننا استلمنا تعويضا خياليا من الحكومة وبدأت شركات الأدوية بالاتصال بالمستشفى تطالب بمديونيتها.. لقد تحملنا كثيراً ومازلنا؛ وذلك لأننا نؤمن بأن الثورة والتغيير لايمكن لها النجاح إلا بمساهمة كل أطياف الشعب بالدم والمال والتوعية وقد عادونا افتتاح مستشفى الصفوة مجدداً بجهود ذاتية وبإرادة أقوى مما كانت.
جرحى ودمار
د.أحمد عبده علي أخصائي جراحة عامة قال: في يوم الأحد الموافق 29/5/2011م في حوالي الساعة الخامسة عصراً وصلت إلى مستشفى الصفوة من المدخل الجنوبي للساحة كانت الساحة تكتظ بالثوار من كل الأعمار شباباً وشابات وأطفالاً وكباراً في السن وكانت الغازات السامة تملأ الساحة وأصوات الرصاص الحي يأتي من الجهة الشرقية للساحة وهو المكان الذي بدأ فيه التظاهر أمام مبنى مديرية القاهرة اختطف واحتجز فيها أحد الثوار وهم يحاولون مقاومة الجنود الذين يطلقون النار وقنابل الغاز باتجاههم وباتجاه الساحة بما تيسر لهم من الحجارة في هذه الأثناء سقط عدد من الشباب بين قتيل وجريح عند دخولي إلى مستشفى الصفوة كانت الغرف المهيأة لاستقبال الجرحى والممرات مليئة بالجرحى والدماء في كل مكان بقيت أنا ومجموعة من زملائي الجراحين حتى الساعة الحادية عشرة أجريت فيها عمليات لمجموعة من الجرحى وتم إنقاذهم وعدد آخر منهم تم نقلهم إلى مستشفيات خاصة أخرى خارج الساحة، عدت إلى البيت بعد ذلك وعند حوالي الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل رن تليفوني وكان الاتصال من مستشفى الصفوة يفيد بأن العديد من الجرحى داخل المستشفى، لكن لايوجد جراحون قمت على الفور وذهبت إلى الساحة من مدخلها الشمالي وأوقفت سيارتي بالقرب من المستشفى الميداني، كانت الساحة مضطربة جداً وأصوات الرصاص الكثيف والانفجارات الضخمة تملأ المكان ورائحة الغازات السامة والدخان وألسنة اللهب تنتشر في الخيام الموجودة في المدخل الشرقي باتجاه الساحة .. كان الشباب يواجهون هذا الفعل بشجاعة نادرة.. تمنيت فيها لو أني فنان تشكيلي لأجسد تفاصيل هذه الملحمة بكل دقة، كان الكل يهتف للثورة يهللون ويكبرون، كانوا شباباً عُزلاً سلاحهم الوحيد هو إيمانهم بعدالة ثورتهم السلمية.. واجهوا الموت وهم على يقين بأن ثورتهم ستنتصر في آخر المطاف، وأن الموت والهزيمة والخزي والعار لمن خطط وموَّل ونفذ هذه المحرقة.
عند وصولي إلى بوابة المستشفى كان مغلقاً من الداخل، ولكنه فتح من قبل الحارس بعد أن تم التعرف عليّ .. دخلت إلى المستشفى، كان الجرحى بالعشرات مجندلين على بلاط الممرات والغرف وعلى الأسرة وعدد قليل من الممرضين والأطباء وبمساعدة بعض الشباب المسعفين كانوا ينقلون السوائل الوريدية لمن هم مازالوا على قيد الحياة.
اتجهت مباشرة إلى غرفة العمليات وأجرينا الكثير من العمليات مع الدكتور. عبدالكافي شمسان والدكتور. عامر القباطي، فقط نحن من استطعنا الدخول إلى الساحة؛ لأن معظم منافذها كانت مغلقة ومحاصرة.
كان معنا اثنان من فنيي العمليات واثنان من فنيي التخدير أحدهم من أوزباكستان والآخر محمد السامعي وبقينا حتى الخامسة فجراً.. كنا في غرفة العمليات ونسمع أصوات الرصاص ودوي الانفجارات داخل المستشفى..دخل علينا الجنود إلى غرفة العمليات في الصباح وقاموا بتهديدنا؛ لأننا بحسب رأيهم أنقذنا البلاطجة، حاولوا نهب أجهزة التنفس من فوق المرضى في غرفة العناية المركزة وبعد أخذ ورد معهم اقتنع أحدهم بعدم نزع أجهزة التنفس، مع العلم أن المستشفى في ذلك الوقت كان قد نهب أو لم تكسر كل محتوياته من أجهزة وأثاث وأدوية وغير ذلك خاو إلا من العسكر، أخرج منه كل الجرحى بعد أن نهبوا ما بحوزتهم من تليفونات وساعات وأموال.. لا أستطيع أن أصف الهمجية التي مارسها الجنود في تلك الليلة، جميع الجنود كانوا يهددون، بقينا محتجزين داخل المستشفى، وكان الوقت يمر علينا ببطء شديد، نزلت إلى الطابق الأرضي وبقيت بجانب الباب في الداخل أراقب الساحة وكان الجنود مشغولين بما نهبوه ويحملونه على سيارات كانت الساحة قد أحرقت بالكامل، وكانوا يطلقون النار في الهواء حتى لا يتجرأ أحد من الدخول إلى الساحة وتصويرهم.
كانت الساعة الثامنة صباحاً ولا أدري كيف قررت الخروج من المستشفى في هذا الوقت الخطر واتجهت إلى سيارتي التي كانت بالقرب من المستشفى الميداني، والتي لحسن الحظ لم تحترق، صعدت إلى السيارة وانطلقت بها خارج الساحة من الجهة الشمالية.
صمود وعزيمة
محمد أحمد مخارش رئيس اللجنة الطبية بساحة الحرية: يوم الاقتحام كنت في منزلي، وتم التواصل معي من قبل اللجنة الطبية في الساعة الرابعة عصراً تقريباً وأبلغت بوجود جرحى تحركت فوراً إلى ساحة الحرية وكان هناك إطلاق نار متقطع على فندق المجيدي الكائن في الساحة اشتد الضرب فاتصلت بالشيخ سلطان السامعي فقال لي إنه في الفندق ويسمع ويرى ما يجري هو والشيخ حمود المخلافي، وكان الشباب في هلع كبير إلا أنهم كانوا مصرين على الصمود وعزيمتهم عالية لحماية الساحة وفي تمام الساعة الخامسة بدأت الأخبار تتسرب بأنه سيتم اقتحام الساحة من قبل النظام السابق فرأيت مجموعة معروفين بانتماء سياسي معين يغادرون الساحة ولم يبق فيها إلا الشباب الثوري وبعضهم كان يقول والله لن أغادر الساحة إلا على جثتي أذكر منهم حسام النعمان ومناف المقدم وكانوا يقومون بإسعاف المصابين.. في تمام الساعة الواحدة كان الحريق يلتهم الساحة من الجهة الشرقية مع إطلاق النار الكثيف على الساحة فقمت بالاتصال بالأستاذ: مهدي أمين سامي باعتباره أحد أعضاء لجنة الوساطة فطلبت منه أن يأتي لإخراج العسكري الذي يتعللون أنهم اقتحموا الساحة من أجله فقال لي على ضمانتك قلت له نعم على ضمانتي فقال سوف أتجه إليكم الآن وما هي إلا دقائق حتى ازداد الحريق من جميع المداخل وكذلك القصف ولم نستطع التواصل مع أحد كان الضرب عشوائياً وقد التهم الحريق نصف الساحة تقريباً وكان الموقف صعبا ويفوق الخيال وقد كانت الإحصائية من العصر حتى الثانية بعد منتصف الليل “200” حالة اختناق وحوالي “60” حالة إصابة بالرصاص وكان الضرب مركزاً على الفخذ والبطن والظهر ونتيجة للعدد الكبير والحالات الخطرة التي لم نستطع إسعافها فقد تم تحويلها إلى مستشفى الصفوة هذا المستشفى الميداني الحقيقي لساحة الحرية والذي قام بجهد كبير جداً، إلا أننا بعد ذلك لم نستطع إرسال أي حالة ولم نعد نستقبل أي حالة جديدة بسبب الحريق الذي ملأ الساحة وكذلك كثافة الرصاص التي بدأت تتجه إلى اللجنة الطبية فاحتمينا بأعمدة الصبة داخل اللجنة والجرحى أمامنا على أرض الغرفة يتألمون وينزفون ولم نستطع مساعدتهم بسبب كثافة النيران على اللجنة الطبية.
وكان هناك مصاب قد اخترقت الطلقات كليته وكان ينزف وكنا قد أغلقنا الباب الخارجي للجنة المكونة من باب شباك حديدي، وبينما نحن في الداخل مع الجرحى والشهداء ورأى الجنود النور داخل اللجنة فتوجه مجموعة منهم نحونا وهم يطلقون النار حتى وصلوا إلى باب اللجنة وهز أحدهم الباب بقوة فتحدثت إليه من خلف الباب بعدم إطلاق الرصاص وسوف أفتح الباب وأول ما فتحت دخلوا بقوة وهم يطلقون الشتائم كنت أرتدي سترة تحمل شعار الطاقم الطبي المحمي دولياً وقلت له لا يجوز الاعتداء على الطواقم الطبية فرد عليّ بكلام لا أستطيع أن أذكره وقاموا بركل الجرحى وهم على الأرض وبضربهم بأعقاب البنادق.
نزعوا الضمادات التي كانت على بعض الجرحى حتى ينزفوا ترجيتهم بأن هناك مصابا ويحتاج إلى عملية إسعافية والقصد إسعاف المريض وننجو نحن معه.. نظر بعضهم إلى بعض فوافقوا على إخراج المصاب وبسبب إطلاق النار الكثيف في الساحة طلبت منهم حمايتنا حتى نعبر الساحة عند الخروج ونحن حاملون المصاب على المحفة فوق أكتافنا فطلبوا من زملائهم عدم إطلاق النار علينا، وبينما نحن في وسط الساحة ونتخطى النيران التقينا مجموعة من العسكر ويسألون ما هذا قلنا لهم مصاب ويحتاج إلى عملية فقال أحدهم “ليش عاد العملية خلونا نخلص عليه” فصحت “اتق الله” وقد تركت خلفنا عشرات الجرحى مرميين على الأرض وثلاثة شهداء ولم نعرف كيف التعامل معهم بعد ذلك؛ وإذ نحن نمشي في الساحة غير مصدقين ذلك الموقف الرهيب ونحن نتخطى اللهب وأحياناً ندوس عليه من الخوف، الخوف من أن تأتي رصاصة طائشة من هنا أو هناك وكأننا في فيلم من أفلام هوليود، إلى الآن لم أصدق ذلك المشهد الرهيب الذي عشته وشاهدته بعيني كنا خمسة أشخاص وسادسنا الجريح أنا والأخ مناف المقدم والأخ حسام النعمان والأخ: عبدالله حمود وشخص آخر لم أعرفه كانت الساعة حوالي الثالثة والنصف فجراً، فمشينا إلى مستشفى الصفوة وهناك رأينا الهول أيضاً الذي لم نكن نتوقعه رأينا مستشفى الصفوة وقد أصبح ركاماً من الحزن والدماء والجروح كنت أشاهد العسكر وهم كخلية النحل يدخلون ويخرجون لنهب الأثاث والمعدات الطبية الثمينة حتى الأدوية فأجهشت بالبكاء لا إرادياً ولم أكن أشعر بثقل المريض الذي كنت أحمله على كتفي لحظات ثم أفقت لأواصل مع زملائي حمل المريض والذي لم نكن نعلم وهو على أكتافنا أنه حي أو ميت وعند خروجنا إلى أمام مديرية القاهرة كنا نترجى العسكر والأطقم العسكرية أن يقوموا بإيصالنا إلى المستشفى الجمهوري أو الثورة، ولكنهم رفضوا رفضاً قاطعاً وكانت الأطقم مليئة بالمعدات الطبية التي نهبوها من م. الصفوة.. كما أن هناك شخصا يرتدي زيا مدنيا قام بتوجيه أوامر إلى أحد الأطقم بإسعافنا إلى م. الثورة وعندما وصلنا إلى مستشفى الثورة قمنا بإسعاف المريض مع الطاقم الطبي في المستشفى حتى تم تحويله إلى العمليات وبعدها فكرنا كيف نخرج من المستشفى حتى لا يتم اعتقالنا فقام أحد الأشخاص بإخراجنا من أحد الأبواب خرجت أنا أولاً وبعدها خرج باقي الزملاء.
فندق المجيدي.. هدف في مرمى الدبابات
فندق المجيدي هو أحد أبرز المنشآت الذي نال نصيباً وافراً من التدمير والقصف والنهب إلى جانب مستشفى الصفوة.
فيوم المحرقة تم نهب جميع محتوياته من تلفزيونات ورسيفرات وثلاجات وبطانيات وجميع الأثاث الموجودة فيه، ولم تسلم حتى التحويلة الهاتفية من النهب.
أشياء أخرى كان مآلها من قبل الجنود حسب صادق عبده ناجي مستأجر الفندق والذي قال: تم نهب جميع الكمبيوترات الموجودة في الفندق والمجالس العربية وكذلك جميع محتويات المطعم المتكامل والمكيفات، إضافة لنهب خزينة الفندق بما فيها من مبالغ مالية خاصة بالفندق وبالنزلاء “الأمانات” من جنابي وذهب وغيرها، كما تم اعتقال جميع العمال من الناشطين في الفندق إلى جهات أمنية متعددة والتحقيق معهم.. أما في اليوم التالي للمحرقة فتم تنظيف الفندق من بقية الأثاث الذي لم ينهب في ليلة المحرقة، بل ووصل الأمر أن أمر الجنود أبناء الفئة المهمشة بخلع موكيت الفندق ونهب جميع اللمبات الكهربائية والمراوح والسخانات وبعد ذلك تم اقتحام الفندق والتمترس فيه بأسلحة متوسطة وخفيفة وإطلاق النيران منه هو ما تم بعد ذلك.
وكأن كل ما سبق لم يكن كافياً حيث كان الفندق هدفاً لقذائف الدبابات ولأكثر من “18” قذيفة هاون، ما نتج عنه تدمير الواجهة الأمامية له، وكذا تعرضه لعدد من القذائف الحارقة والتي نتج عنها إحراق الدورين الرابع والخامس تماماً، وتدمير خزانات مياه الفندق البالغ عددها “13” خزاناً.
فخور لأنه من محافظة باسلة وقفت ضد الظلم والقهر والاستبداد هذا هو حال صادق عبده ناجي مستأجر الفندق، لكن توقف منذ 29/5/2011م نشاط الفندق والتزامات مالية بالملايين، ليس مانعاً لأن يختتم بالقول: ما يحز في نفوسنا أننا في الوقت الذي استبشرنا خيراً بالحكومة والمحافظ شوقي أحمد هائل، إلا أننا لم نر أي بوادر أمل أو خير في تعويض المتضررين ونحن منهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.