محرقة ساحة الحرية التي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى لا تزال حديث المجالس في كل وقت وحين ومع توالي الأيام تتكشف حقائق جديدة , حقائق لم تكن في الحسبان ولم يتوقعها أحد .. فتيات من تعز شهدن حادثة المحرقة تعرضن لأنوع من الاعتداءات إثناء اجتياح ساحة الحرية بما ينبئ عن الانحلال الأخلاقي الذي وصل إليه النظام وزبانيته وخاصة الذين أقدموا على اقتحام ساحة الحرية وشاركوا فيها . يمن فويس – الأخدود – عبدالكريم العواضي : تستهل أنيسة شهادتها بالقول : ككل يوم من أيام التصعيدات السلمية في مدينتنا الحالمة تعز بدأت المسيرة الصباحية صباح الأحد وانتهت الموافق 29 /5 وانتهت باعتقال بعض الشباب . الساعة الرابعة عصرا في ذك اليوم وصل المتظاهرون للساحة واتفقوا على إطلاق سراح زملائهم وحدد لذلك موعد وهو عصر ذلك اليوم , وعندما أقترب الموعد المحدد , كانت كل الأمور على عادتها في الساحة , الفعاليات المتنوعة على المنصة , الهتافات , كما وهناك الدورات التأهيلية والاجتماعية والتي يشارك فيها الشباب كل بحسب ميوله واهتماماته , وبدوري اتجهت لإحدى الدورات في الوقت الذي أتجه بعض شباب من الساحة للاعتصام أمام مديرية القاهرة القريبة المكان . تتابع أنيسة سردها للحدث : بعد مرور قرابة 15 دقيقة على توجه الشباب نحو مديرية القاهرة حتى بدأت أسمع طلاقات الرصاص ولأن الصوت كان قريب من الساحة فلم أستوعب أن مصدر هذه الطلقات المديرية بل لم أرد تصديق ذلك كون المديرية كانت قريبة مننا ولا يفصلنا عنها سوى بضعة أمتار من الحاجز الأمني للساحة . بعدها سمعت دوي انفجار قنبلة خرجت من الدورة التدريبية وأنا أمشي بخطى ثقيلة ومن أمامي نساء يصرخن وأناس يهرولون كل في اتجاه , المشهد أثار الخوف بداخلي أحسست بثقل في قدماي وأنا اتجه تحو مستشفى الصفوة وعندما اقتربت منه أدركت أن المصيبة عظيمة وخاصة بعد مشاهدتي جموع الناس حول المستشفى , عند البوابة كان يقف مصور الي بي سي كان مصاب وقد تغير لون وجه وكان يتصبب عرقا فسألته .. إصابات كثيرة ؟ هز رأسه ومضى . دخلت المستشفى فرأيت الجرحى ملقين على الأرض وجراحهم تنزف بشدة وإصابات خطيرة كانت الدماء تملأ الأرض ولم يكن هناك إلا موضع للقدم فقط , كما والغرف مكتظة بالجرحى ورائحة الدماء تفوح في كل مكان . ألتفت يميناً ويساراً والجرحى يصيحون ويتألمون منهم من ينطق بالشهادتين ومنهم من يدعو الله ومنم من يبكي من شدة الألم وكان هناك المصورون يلتقطون الصور بينما الأطباء في حالة استنفار كون عدد الجرحى يزيد عن طاقة الأطباء والمسعفين , قلت في نفسي هناك من ينوب يعني لذلك تركت التصوير وبدأت بالإسعافات وكان عداد الجرحى في تزايد فمنهم من دخل العمليات ومنهم من تم تحويلهم إلى مستشفيات أخرى . الساعة كانت تقترب من الساعة ووصل عدد الشهداء إلى ثلاثة شهداء . كنت أتنقل مابين الصفوة والمستشفى الميداني وإطلاق الرصاص والقنابل الغازية مازال مستمر حتى صار لون سماء الحرية رماديا , اكتظ المستشفى الميداني بحالات الاختناق والإصابات ولم يعد هناك مكان لإسعاف المختنقين , لذلك أنتقل الأطباء والمسعفون إلى أمام المستشفى الميداني بالخارج وامتلاء الشارع بالحالات وأشتد إطلاق الغازات حتى وصلت إلى البيوت . كان المشهد مهول وأشبه بأفلام الرعب , قررت حينها أن أبقى في الصفوة لإسعاف المختنقين حيث كان الغاز يتسرب إلى الداخل لذلك كان يقفلون باب المستشفى بين الحين والآخر لكثافة الغاز وأستمر إطلاق الرصاص واستمرت الحالات بالتوافد إلى الصفوة . الساعة التاسعة مساء عند الساعة التاسعة والنصف تقريبا جاء شباب يحملون جندي وكانوا يصيحون أفتحوا الطريق هذا معنا هذا منا وادخلوه الغرفة وكان يصيح كانت هناك ضربة على وجهة وكان يقول : أنا أساعدهم أنا معهم لما ضربوني والله لوريهم انا بعلمهم وأخذ يتوعد ويهدد انه سيرد الصاع صاعين والأطباء يهدونه ويعملون له الفحوصات وظل على هذا الحال يتهدد حوالي الساعة في ذلك الحين كان الشباب على المنصة يهتفون هذا الجندي منا وأخونا ونحن سنعالجه . الساعة الثانية عشر ظل إطلاق الرصاص والغازات في استمرار وعند الساعة الثانية عشر دخل أخر شهيد رايته الى الصفوة وكان دمه يقطر كالشلال منظر لم تتحمله الممرضات عندما رأينه صرخن وهربن كانت أصابته برصاص معدل قد أخذت جهته اليسرى من رأسه ما أن دخل والقات ما زال في فمه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بعد تلقينه الشهادة على السرير كنت أصور وابكي كانت مشاعر الحرية تختفي لما حل بنا .. أتى ملاكي الحارس ( أخي ) بعد أن كان مع لشباب أمام الحارس الأمني للمستشفى وهم يردون القنابل الغازية ويحاولون حماية الساحة ظل جواري وعرض علي أن نرجع للبيت فقلت له لا يوجد من يصور سواي هنا , لحظتها بدأت أعداد الجرحى بالتزايد وبدا التوافد مجدد للجرحى إلى المستشفى , وبدأت بالتصوير , حتى مع البدء بإحراق الخيام كنت الشباب يستميتون في إطفاء النار بالماء دون فائدة . الساعة الرابعة فجرا أتجهت لغرفة العمليات لأطمئن على الدكتورة والممرضات كانوا بخير ثم دخلت إحدى الغرف المطلة على جهة الجامعة الأردنية فرأيتهم وهم يحرقون الخيام وسمعت قائدهم الذي يتحدث بالصنعانية وهو يقول : حرجوا الخيام أحرجوا إلي مكتوب عليها ارحل ذهبت وأحضرت الكاميرا من أحد شباب الفيس بوك وبدأت أصور كان هذا في الرابعة فجرا وكانت إحدى الممرضات بجواري قالت لا تصوري قلت له لا .. الله معنا لازم نفضحهم صورتهم وهم ينهبون الخيام ثم يحرقونها وهم بزيهم العسكري وكانوا يطلقون النار فبدأت يداي تهتز ولم استطيع السيطرة ذهبت إلى سلم السطح أطلب من المصور أن يأتي لأني لم أستطع أن أكمل . ثم سمعت صوت تكرار ا فالتفت وقلت لطفلين صغيرين كانوا وراء الدواليب الذي أمام باب درج السقف ما هذا فرأيت باب حديد مفتوح وعلية جنود يقولون أفتحي إحنا جئنا نساعدكم نحنا جيش قلت للأولاد لا تفتحوا وأقفلت باب الدرج وقلت لهم جنود حرس , اتجهت بعدها إلى غرفة الإنعاش فوجدت الجنود بجوارها وقالوا لي لماذا لم تفتحي ليش خفتي نحنا جينا نساعدكم وكان هناك رجل عجوز على أرض المستشفى قال انتم جئتم تساعدون والله يحفظكم , فقام أحدهم يلبس ثوب وجاكيت حرس بركله بقوة , فصاح الرجل حرام عليك يا أبني فزد الجندي بشتمه وأخذ تلفونه وفي نفس الوقت سحب تليفوني وشنطتي من يدي , وهو يقول لمن حوله خذوهن وأعلموا فيهن .. لم أصدق ما سمعته وقلت حينها اللهم اكفنا هم بما شئت وكيف شئت , بعدها دخلوا غرفة الإنعاش وكان ملاكي الحارس قد جلس على الأرض وزميلة بجوار سرير الإنعاش كمرافقين داخل ذلك الوحش الهمجي يكسر ويأخذ التلفونات ويقول أعطوني الجهاز اللي بالكهرباء يقصد جهاز الصعق والطبيب يحاوره هذا نحتاجه وهو يقول هات وأعطاه الجنود ثم قال أطلقوا على هذه التلفزيونات النار يقصد أجهزة الإنعاش وأنا أصيح لا سيموتون لا لا لا …. بعدها تحدث باللاسكي برموز ثم قال نريد حملة اعتقالات في بنات هنا وعيال ويرددها إلى الأخير ثم اقفل , بعد ذلك أخذ يضرب ببندقيته كالمجنون سرير المريض وكانت الوفود من الحرس تتوافد ثم خرج وقال له الطبيب هنا عمليات ما في سني ثم خرج وبدوا بتمشيط الغرف ذهابا وإياب قلت له اعدلي تلفوني وحاجاتي , فقال : عندك عشرة ألف ادفعي برجعلك ثم قلت له أريد الذاكرة سأكسرها قال الأخر لا أهم حاجة الذاكرة ,, كانوا كالوحوش يدخلون الغرف ينبشون ويتحملون الأشياء دخلت غرفة خالي فتبعني وقال لما تريدين التلفون ايش معاك صورتي حاجات وضربني على راسي بيده القذرة وقال وين كنت متخبية بالسقف قلت له لا ثم خرج بحقارته ودخل آخر وبدا بتفتيش ثلاجة خالية المضحك في الأمر انة يقول فين المتخفيين داخل الثلاجة ويقلب الزبادي والفاكهة وينبش الأشياء الشخصية ثم خرج . بعدها نزلوا الدور الأول ونزلت ولم يكن هناك احد من الجرحى ثم عدت سريعا إلى الأعلى دخلت الغرفة التي كنت أصور منها ورأيت الجرافات تجرف ولم أدري ما كانت تجرف والرصاص يضرب ذهبت إلى المتخبيين في الدرج وقلت لهم قد سلمنا الله هذه المرة الآن انزلوا لا نظمن حياتنا قد تأتي دفعة أخرى ثم نزلوا وتفرقوا في الغرف دخلت بقية الغرف فرأيت طفلا يبكي ويقول حتى ثلاجتنا سرقوها . الساعة السادسة صباحا ذهبت إلى الناحية المطلة على المحطة فوجئت طقم قد امتلاء بالأجهزة من شاشات تلفاز ورسيفرات وغيره ولم أصدق ما رايته وثلاجات .. أردت التصوير فلم استطع نتيجة تواجدهم في المستشفى ثم بعد ذلك بدأ طقم آخر بإطلاق النار نحو المستشفى الميداني كان من يطلقون بزي امن عام انتظرنا حتى السادسة والنصف واتفقنا أن تخرج مجموعة واحدة مع خلة وبنتها ثم قلت لهم دقيقة فلقيت نظرة على غرف الدور الأول وغرف الدكاترة كل شيء مدمر فيما رائحة الدماء والبارود تملئ المكان . شاء الله أن يطيل بعمرها لتحكي لتحكي وتروي لنا ما حصل معها وما شاهدته في مستشفي الصفوة يوم اجتياح ساحة الحرية حيث أن زينب كانت ترافق أمها المريضة والتي كانت تعاني من مرض السرطان حاولت زينب أن تسرد جزء من ما حدث وتقول أن ما حصل أبشع وأفظع من أن تحتويه الكلمات وهي تصف ما شهدته ليلة اجتياح ساحة الحرية بقولها : كنت في مستشفى الصفوة مع أمي المريضة المرقدة هناك سأحاول أن اذكر لكم جانب مما حدث فما حدث أفظع من أن تحتويه الكلمات ولتعلموا أعزائي مهما قلت فما حدث اكبر من ذلك بكثير …… بيدي أمسكت دماغ أحد الشهداء في العصر الساعة الخامسة مساء وفي أول الليل كانت أعداد الجرحى والشهداء تتوافد على المستشفى الدماء تملأ الأرض كنت انظر يمينه ويساره ويسرة وأنا مذهولة مما أرى ولا اصدق ما يجري أمام عيوني هل أنا في اليمن أم في غزة أو العراق ؟ أصوات الرصاص تصم الآذان كنا في اقل تعبير في ساحة حرب كانت عاملات النظافة في المستشفى يسحبن الدماء بالسحابات ملابسي تلطخت بالدماء من الأرضية نفسها ، بيدي أمسكت دماغ احد الشهداء الجميع في ذهول الكل لا يصدق ما يجري بعد ذلك صعدت إلى الغرفة التي فيها أمي ,, كانت مريضة جدا و أقسمت أن أضل بجانبها اقتربت أصوات الرصاص والقذائف من المستشفى ،المكان كله يرتج كان الضرب على المستشفى مباشرة في تلك اللحظة استعدينا للموت , تيقنا بأننا لن نعود إلى بيوتنا اتصلت بابي وأخبرته بان اقتحام المستشفى بدأ … كنت اسمع أصوات التدمير وضرب الرصاص في الدور الأسفل .. تجرد من الإنسانية والله لست ادري ما أقول لكم جلسنا في الأرض أطفأنا الأنوار فتحت باب الغرفة رائحة البارود تملأ الممر للدور الثاني رأيت بعض المرضى يتجمعون أمام العناية المركزة وقد أظلمت الدنيا و فررنا من غرفتنا إليهم أمي لا تستطيع المشي جررناها جرا تقطعت الأنابيب التي كانت إلى صدرها جلسنا أمام العناية المركزة الكل في خوف وترقب ما لذي سيحدث لنا .. لحظات موت كنت خائفة أن تموت أمي خوفا . صعد المجرمون وهم يكسرون الأبواب ويرمون بأنابيب الأكسجين على الأرض يدمرون كل شيء يمرون عليه، دفع الباب الذي كنا خلفه بكل قوته- بالعامية زبط الباب- دخلوا كالوحوش علينا ارفعوا أيديكم استسلموا وهم شاهرين السلاح إلى صدورنا , أحدهم وجه بندقيته إلى صدري مباشرة فقد كنت الأقرب إليهم لم اصدق ما أرى هل هؤلاء مسلمون يمنيون لقد تجردوا من ابسط معاني الإنسانية كنا نصيح في وجوههم نحن نساء نحن مرضى اتقوا الله فينا .. دخلوا العناية المركزة ويكسرون وينهبون كل شيء أمامهم سرقوا كل شيء حتى متعلقاتنا الشخصية . اخذوا كل ما استطاعوا حمله من معدات المستشفى و الذي لا يستطيعون حمله يكسرونه كانت تذهب المجموعة الأولى لتأتي أخرى ويعودوا لتهديدنا بالسلاح ونهب ما تبقى لم اصدق ما أرى كنت أظن نفسي في كابوس وأشاهد فيلم رعب كانوا يصيحون بأعلى أصواتهم خذوا ما تريدون كل شيء ملك لكم يقولون لنا سنحرقكم ما الذي فعله بكم علي ؟!!!!!!! الصفوة اثر بعد عين كانوا يهددونا لحظات رعب مرت وكأننا في فلسطين ولسنا في مستشفى الصفوة ظللنا عل هذا الحال حتى الفجر سرقوا تلفون أختي قالت لهم كيف أتواصل مع أهلي رد عليها وهو مشهر السلاح عليها والله لقتلك . قالت له خذه ، اخذوا كل شيء حتى حقائبنا الشخصية فتحوها واخذوا ما فيها والله لا ادري ما أقول إلا أن الصفوة أصبحت اثر بعد عين دخلوا إلى الجرحى و مرافقيهم واخذوا المرافقين وهم يهددونهم بالسلاح لا ادري إلى أين كانوا يقولون اخرجوا من المستشفى عندنا أوامر من الرئيس بحرق المستشفى بما فيها و تفجيره قلت لا نستطيع الخروج الآن انظروا حتى الصباح . عندما أشرق الصباح تسللت إلى النافذة لم اصدق ما أرى الساحة محروقة مجروفة بالجرافات أمر أشبه بالزلزال بالكارثة تمالكت أعصابي قلت اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها . أطلقوا علينا وحوش وليس بشر بعد ذلك تجمعنا وخرجنا من المستشفى وأخذت انظر يمين ويسار لأرى من حولي ,, الساحة والله أصبحت كارثة بكل المقاييس- لقد أطلقوا علينا وحوشا ليسوا بشرا – ونحن نتجه للخروج رأيت سيارتنا وقد أصبحت خردة عزيت نفسي ما عسى السيارة أمام الأرواح التي أزهقت والله مأساة لم اصدق نفسي إنني عدت إلى منزلي بعد تلك الليلة التي اقل ما يقال في حقها ليلة عصيبة . الله هو الذي حفظنا رفعوا السلاح في وجوهنا ثلاث مرات لكننا في تلك اللحظات آمنت من كل قلبي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل اجلها و رزقها , قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا . لا بد من الثبات لننزع الخوف من قلوبنا لنقل ونعمل بالحق دون أن نخاف في الله لومه لائم , لنصنع من كل شبر ساحة حرية كيف نرضا أن يحكمنا مثل هؤلاء الذين لا يرقبون في مؤمن لا ولا ذمة كيف نسكت لهم لابد من الثبات لا ادري لما هذا الحقد الدفين على مستشفى الصفوة ضربوا على المستشفى دمروه سلبوا كل ما فيه هل حدث هذا في العالم أن يعتدي على مستشفى بهذه الفظاعة وممن؟!!!!! لكن حسبنا الله ونعم الوكيل في النهاية اشكر ملاك الرحمة الذي ظل صامد كالجبل أمام بطشهم وجبروتهم لا يخاف في الله لومة لائم وقف بجانب مرضاه إلى آخر لحظة وستظل كلماته ترن في أذني : أما أن نعيش بكرامة أو نموت بدونها : أقول له الله معكم وسيعوضكم خيرا مما أخذ منكم سامحوني على الإطالة ,, و أأكد لكم ما قتله لكم ماهو إلا غيظ من فيض .