وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز تستذكر ليلة الصمود التي أجبرت صالح وقيران على الاستسلام
في الذگرى الأولى للمحرقة ..
نشر في يمنات يوم 14 - 06 - 2012

في مثل هذا اليوم من العام الماضي الأحد 29/5/2011م وقف السفاح قيران (أو قيرون لكن على وزن قيرون) وقف على منصة الخزي والعار مخاطباً وآمراً قادة عصابة الإجرام لإحدى عشرة جهة أمنية وعسكرية بضرورة اقتحام ساحة الحرية وحرقها حتى يتفرق دمها بين القبائل فتعجز الحالمة عن أخذ الثأر وتلك الجهات كما دونت بخط (قيران)هي: قائد اللواء 33 قائد اللواء 22 حرس قائد اللواء 170 دفاع جوي قائد اللواء 17 مشاه -الشرطة -الأمن المركزي -النجدة – الأمن العام- الأمن القومي- الأمن السياسي- الاستخبارات.. وقد اتفق الجميع على غدر الساحة وتلقين أبناء تعز درساً اجرامياً لن ينساه التاريخ وكانت التعليمات القتالية الأمنية لغدر الساحة كثيرة وعلى رأسها:
وضع خطة تطويق على ثلاث مراحل. احتلال أهم المباني المسيطرة على الساحة. . إخلاء الساحة. إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى الساحة. إغلاق مدينة تعز وعدم الدخول إليها. متابعة العناصر القيادية وضبطهم.. وأخرى...
وبالفعل شارك جميع القادة في تنفيذ تلك الخطة الاجرامية وكان على رأسهم عصابة الإجرام العوبلي والحاشدي والحاج والصبري والمطري والسماوي والكينعي وعلى استحياء الصوفي ظناً منهم أنهم سيقهرون أبناء الحالمة فكانت النتائج غير متوقعة بعد أن ركعوهم أبناء الحالمة تحت أقدامهم في ساحة المعركة. وبتلك الذكرى المأساوية أجرت المستقلة تحقيقاً عن يوم اقتحام وصرف ساحة الحرية لمعرفة حجم الجريمة التي ارتكبت في حق أبناء تعز الذين كانوا وسيظلون رمزاً للثورة والحرية وإلى التحقيق..
تحقيق/ امين راجح
د/محمد أحمد مخارش.. رئيس اللجنة الطبية لساحة الحرية.. تحدث قائلاً: يوم الاقتحام كنت في منزلي وتم التواصل معي من قبل اللجنة الطبية أن هناك جرحى.. تحركت فوراً إلى الساحة وكان هناك أطلاق نار متقطع على فندق المجيدي.. أشتد الضرب فاتصلت بالشيخ سلطان السامعي.. قال: أنا بالفندق أسمع وأرى وكذلك الشيخ حمود المخلافي.. كان الشباب في هلع كبير إلا أنهم كانوا مصرين على الصمود وعزيمتهم عالية لحماية الساحة..
في تمام الساعة الخامسة بدأت الأخبار تتسرب أنه سيتم اقتحام الساحة من قبل النظام فرأيت مجموعة معروفين بانتماءاتهم السياسية يغادرون الساحة ولم يبقَ في الساحة إلا الشباب وبعضهم كان يقول والله لن أغادر الساحة إلا على جثتي أذكر منهم حسام النعمان ومناف المقدم كانا مصابين رغم ذلك رفضوا مغادرة الساحة.. وأتذكر شاباً أخر في تمام الساعة الحادية عشرة كانت يده محروقة بسبب رمي الزجاجات الحارقة على العسكر، فطلبت منه مغادرة الساحة فحلف وأقسم أن لا يذهب إلا وهو شهيد فعاد إلى مداخل الساحة للحراسة وهو مصاب وإذا به يسعف مرة أخرى وهو ملطخ بدمائه وقد استشهد ولم أتعرف عليه إلا من خلال يده المحروقة فكان أول شهيد يصل إلى اللجنة الأمنية في تمام الساعة 12 تقريباً..
في تمام الساعة الواحدة كان الحريق يلتهم الساحة من الجهة الشرقية بشدة فاتصلت بالوالد مهدي أمين باعتباره أحد أعضاء لجنة الوساطة ومن أعيان المحافظة المقبولين فطلبت منه أن يأتي لاخراج العسكري الذي يتعللون أنهم أقتحموا الساحة من أجل الافراج عنه فقال على ضمانتك؟! قلت على ضمانتي فوافق وقال سأتجه إليكم وما هي إلا دقائق حتى اشتد الحريق من جميع المداخل وكذلك القصف فلم نستطع التواصل مع أحد.. كان الضرب عشوائياً وقد التهم الحريق نصف الساحة.. كان الموقف صعباً ويفوق الخيال.
لقد كانت احصائية المصابين من الساعة الثالثة عصراً إلى الساعة الثانية والنصف أكثر من (200 حالة اختناق، وحوالي 60 جريح بالرصاص، كان الضرب مركزاً على الفخذ والبطن والظهر ونتيجة للعدد الكبير من الضحايا فقد وزعناهم على مستشفى الصفوة إلا أننا بعد ذلك الوقت لم نستطع أن نرسل أي حالة ولم نعد نستقبل أي حالة جديدة بسبب الحريق الذي ملأ الساحة وبسبب كثافة الرصاص التي بدأت تخترق اللجنة الأمنية فاحتمينا بأعمدة الصبة داخل اللجنة.
الجرحى مفروشون أمامنا على أرض الغرف يتألمون وينزفون ولم نستطع مساعدتهم، أحدهم كان مصاباً بطلقة اخترقت كليته كان ينزف ولم نستطع مساعدته.. وكنا قد أغلقنا الباب في ذلك الوقت وبينما نحن في الداخل مع الجرحى والشهداء رأوا النور داخل اللجنة فتوجهت مجموعة من العساكر نحونا هز أحدهم الباب بقوة فتحدثت إليه من خلف الباب بعدم إطلاق الرصاص وسأفتح له الباب، وأول ما فتحت دخلوا بقوة وهم يطلقون الشتائم.. قال: يا أولاد الكلب أنتم تتبعون الأحمر.. فقمت بنعت آل الأحمر وكنت أرتدي عصابة تحمل شعار الطاقم الطبي المحمي دولياً.. قلت له لا يجوز الاعتداء على هذه البدلة فرد علينا بكلمات لا أستطيع أذكرها وقاموا بزبط الجرحى وهم على الأرض وضربهم بأعقاب البنادق.. نزعوا الضمادات التي كانت على بعض الجرحى حتى يموتوا وهم ينزفون، فترجيتهم وقلت لهم أن هناك جريحاً مصاباً ويمكن أن يموت إذا لم يسعف (كان القصد إسعافه في الدرجة الأولى ولكي ننجو بأرواحنا) نظر بعضهم إلى بعض فوافقوا على إخراج المصاب وبسبب إطلاق النار الكثيف طلبت منهم حمايتنا عند الخروج حتى نعبر الساحة نحن والجريح من الجهة الغربية إلى الجهة الشرقية فطلبوا من زملائهم ذلك..
خرجنا من باب اللجنة الطبية ونحن نحمل الجريح على النعش فوق اكتافنا وهو ينزف بعد أن تركنا خلفنا عشرة جرحى وثلاثة شهداء لم نعرف كيف تعاملوا معهم بعد خروجنا ثم بدأنا بالسير داخل الساحة ولم نصدق ما حدث.. كنا نتخطى وأحياناً ندوس اللهب المشتعل والمتناثر من بقايا الخيام خائفين الحريق أو رصاص طائشة تصيبنا فيسقط الجريح من على أكتافنا وكأننا في فيلم من أفلام هليود إلى الآن لا أصدق ذلك المشهد الذي عشته وشاهدته بعيني.. كنا خمسة أشخاص وسادسنا الجريح؟ أنا والأخ مناف المقدم، وحسام النعمان، وعبد الله حمود وشخص أخر لا أعرفه.. كانت الساعة حوالي (3.5) وإذا بأحد العساكر من الحرس يعترضنا قائلاً: أين عتودوا هذا؟! فأجبنا أنه بحاجة إلى عملية.. فقال بالحرف الواحد لماذا عتودوه العمليات؟.........؟ فقلت له: أتق الله فسمح لنا بمرافقته بالمرور، ثم رافقنا أثنان لعبور الساحة إلى أمام مستشفى الصفوة، وهناك رأينا كل الأهوال التي لم نكن نتوقعها.. رأينا مستشفى الصفوة من الباب وقد أصبح ركاماً من الحزن والدماء والجروح.. كنا نشاهد العسكر وهم كخلية النحل يدخلون ويخرجون لنهب الأثاث والمعدات الطبية الثمينة حتى الأدوية فأجهشت بالبكاء لا إرادياً ولم أكن أشعر بثقل الجثة التي كانت على كتفي.. لحظات ثم أفقت لا واصل مع زملائي حمل ذلك الجريح الذي لا نعلم أن كان حياً أو ميتاً حتى وصلنا مستشفى الثورة.. قمنا حالاً لعمل الإسعافات الأولية (دم و محاليل وريدية).. أدخل الجريح غرفة العمليات وبقينا نفكر بكيفية الخروج من مستشفى الثورة حتى لا يقبض علينا فكان من حسن الحظ أن طلع أحد حرس البوابة معروفاً معي فقام بتسريبنا من داخل المبنى واحداً واحداً.. فكنت أنا الأول ثم مناف وحسام، وبعد خروجي تسللت والتجأت إلى منزل أحد الزملاء الأخ عصام مهيوب وبقيت عنده إلى الصباح الساعة ستة ثم خرجت وقبل أن أتوجه إلى منزلي أتصل بي الجيران أن الجماعة يبحثون عني فغيرت اتجاهي إلى القرية بعد أن أبلغت الزوجة وأولادي الثلاثة بأن يتركوا البيت والبقاء في منزل أختها..
طفل يهزم جيش التتار
أم يوسف.. منزلي طرف الساحة من الجهة الشرقية يوم اقتحام الساحة كنت مروحة من التحفيظ متجهة إلى المنزل أول ما وصلت تفاجأت بإطلاق الرصاص على الشباب أمام منزلي حاولت أعبر لكن الطريق مقطوع بالعسكر وبعد عراك مررت.. كان هناك ثلاثة من الشباب مغمى عليهم بسبب إطلاق النار وقنابل الغاز والمياة الساخنة.. دخلت المنزل وجلست أشاهد ذلك العدوان البربري على الشباب العزل والشيوبة والأطفال.. كنت أشوفهم يأخذون الأحجار وماذا عسى أن يعمل الحجر أمام الدبابة أو المصفحة.. لحظات ثم زاد إطلاق النار بشكل جنوني مواقف لا تنسى.. أذكر أحد الأطفال كان يرمي العسكر بالحجارة فأطلقوا النار عليه فاحتمى بالمنزل ودخل الحوش.. سمعت الصوت داخل الحوش فخرجت وإذا بالطفل مختبئ داخل الحمام الخارجي للحوش واقف والأحجار بيده عمره حوالي 12 عاماً رفض أن يلقي الأحجار من يده ليعود يدافع من جديد عن الساحة موقف لا ينسى.. كان المشهد أمامي رهيباً كان عدد الجرحى يزيد في الشارع رأيت أحد المسنين يخلع قميصه ويملؤه بالحجارة ليواجه جيش التتار القادم إلى الساحة.. كان منظراً مؤثراً وبسبب كثافة الغاز قام بربط فمه وأنفه بقميصه حتى لا يغمى عليه.
حاولت أمدهم بثلاث غتر فازداد إطلاق النار نحو المنزل فأغلقت النافذة.. كان أولادي الثلاثة داخل الساحة.. كنت أتصل بهم بين الحين والأخر لأعرف فيما إذا استشهدوا أم لا.. أستمر إطلاق النار للصباح والحريق يملأ المكان، أحد الجرحى بعد منتصف الليل تسلل أيضاً إلى الحوش وبقى معلقاً على رف صغير.. كان خائفاً من الرصاص وخائفاً من أهل المنزل (مننا) لا نكون بلاطجة.. حسيت به فتلثمت وأخرجت له دبة ماء وقلت له لا تخف ثم أبلغت الأولاد وقلت لهم أحد الثوار في الحوش إذا تمكنتم من الدخول أنتبهوا تؤذونه.. حرق الساحة جريمة لا تغتفر كان العسكر والبلاطجة من فوق مديرية القاهرة يطلقون النار مباشرة إلى صدور الشباب العزل ومن المبنى الذي خلف مبنى القاهرة، أحياناً كانوا يحاصرون الشباب فيدخلون بعض الأزغاط والبلاطجة ينتظرون قدومهم لرميهم بالأحجار من على السطوح..
صاحب مطعم ساحة الحرية محمد عبد الرحمن المنصوب وعامله عبده ياسين سعد المنصوب تحدثا عن المحرقة بقولهما: كنا نسمع الرصاص ونحن نعمل داخل المطعم.. قلنا أن الأمور ستمر عادية ولم نتوقع اقتحام وحرق الساحة..
وفجأة رأينا المنتدى أمامنا بدأ يشتعل وخفنا أن تنفجر محطة البترول التي بجوارنا فأغلقنا الباب وبعد ذلك حسينا بالمصفحة تسحب باب المطعم لخلعه وهم يقولون: “هذا حق حميد الأحمر” فبدأنا بتهريب العمال من الباب الخلفي للمطعم وبقينا نحن.. أول ما دخلوا أشهروا السلاح علينا وقادونا للخارج.. أخذوا كل شيء 12 دبة عسل حتى طفاية الحريق، صندوق التبرع الخاص بمرضى السرطان أخذه ثلاثة عسكر حرس جمهوري وتضاربوا بالخارج ما سدوش على القسمة.. توقف المطعم لمدة أربعة أشهر والخسارة أكثر من خمسة ملايين.
فتحية الحميدي.. في ذلك اليوم خرجنا للمسيرة الاحتجاجية ولم نكن نملك عصا وأول ما وصلنا أمام (كاك بانك) تم إطلاق الرصاص كانت الساحة مليئة في ذلك اليوم وأصاب النساء الهلع وبدأ الأطفال يبكون خاصة بعد إطلاق الرصاص على المنصة باتجاه النساء من العمارة المجاورة للساحة (مبنى القاهرة)
وكان يتمركز فوق سطوحها ناس ملثمون، كانوا يطلقون الرصاص عشوائياً علينا مما أدى إلى سقوط جرحى فغادرت النساء اللاتي لديهن أطفال الساحة واتجهنا للصفوة لنشارك في الإسعاف فلم نستطيع امتلأ المستشفى الميداني واللجنة الطبية والصفوة بحالات الاغماء والجرحى وصلوا إلى البوابة الخارجية كان الدم يسيل إلى بوابة مستشفى الصفوة.. مناظر لا تنسى كان هناك جرحى أدمغتهم تسقط على الأرض، لم نستطع أن نشارك في الإسعافات كنا نشاهد الدم فيغمى علينا فعدنا للساحة وبعد إطلاق المسيلات إلى مكان النساء أزداد الوضع فاضطرينا لنقل النساء إلى فندق المجيدي هناك أكثر من 20 حالة البعض اتجهن إلى الخالة تفاحة كانت تقدم لهن الخل والبصل وبسبب المحاصرة من الجهة الجنوبية أيضاً للساحة وفي تمام الساعة العاشرة أمرنا الشيخ حمود بإخلاء الساحة..
خدعة الحرس ونجاة أول منظم باعجوبة
د/ عبد الكافي محمد شمسان القدسي أحد العاملين في مستشفى الصفوة تحدث عن يوم اقتحام وإحراق الساحة بقوله: وفي ذلك اليوم استقبلنا من الساعة الرابعة إلى بعد العشاء حوالي (تسعين جريحاً بالرصاص) أربعة كانت إصاباتهم بالدماغ والقلب استشهدوا.. الممر كان مليئاً بالدم والجرحى.. لم نكن نستطيع أن نمشي وكنا نتخطى الجرحى حتى لا ندوسهم.. أجرينا لهم الإسعافات الأولية ومنهم من أجرينا لهم عمليات طارئة في الطوارئ وفي قسم العمليات لم نستوعب ذلك العدد.. هدأت الأمور من الساعة الثامنة إلى الساعة التاسعة فاتصلوا بي من مستشفى اليمن الدولية وطلبوا مني الحضور لإجراء عملية شرايين مع الزملاء هناك (أبو ذر الجندي وعبد الواحد الجنيد) فذهبت إلى هناك وبعد إنهاء العملية اتصل بي طوارئ مستشفى الصفوة وطلبوا مني الحضور بسبب تجدد القصف على الساحة وزيادة عدد الجرحى.. تحركت على طول.. كانت الساعة الثانية عشرة ليلاً تقريباً وبينما كنت نازلاً إلى الساحة من الجهة الجنوبية.. فوق الجامعة الأردنية.. رأيت فوجاً من الحرس الجمهوري بكامل أسلحتهم نازلين على الأقدام باتجاه الساحة.. وصلت الساحة وكان على المنصة مجموعة من الحرس والأمن والشباب يهتفون لهم (حيابهم..).. إلا أن ذلك كان طعماً لإحراق الساحة دخلت المستشفى وشاهدت الجرحى في الطوارئ وكان بينهم العسكري الذي أطلق النار على شباب الثورة.. كان مصاباً بكدمات ويتألم لكنه في كامل وعيه.. بدأنا نتعامل مع الجرحى بصعوبة.. في تمام الساعة الواحدة أدخلنا الشرعبي المصاب بعدة طلقات في البطن وهو من العسكر الأوائل المنضمين للثورة.. إلى غرفة العمليات واستمرت العملية تقريباً إلى وقت آذان الفجر..
أثناء العملية كنا نسمع صوت القنابل والرصاص تتساقط على سطح المستشفى وغرفة العمليات ثم دخلت علينا الدكتورة منيرة العريقي المناوبة في تلك الليلة.. وأخبرتنا أنه تم اقتحام الساحة وحرق الخيام وبدأ اقتحام مستشفى الصفوة وتكسير كل محتوياته من قبل (مدنيين وعسكريين مسلحين كانوا يدخلون جماعات من خمسة إلى عشرة معظمهم ملثمون.. كان خوفهم الأول والأخير التقاط الصور لذا كان أول ما يقومون به مصادرة الكاميرات والتلفونات)..
كان الوضع مأساوياً ونحن نشاهد الحريق في الساحة من الشباك الجنوبي لغرفة العمليات أنا والدكتور عامر القباطي وأحمد عبده علي وطاقم العمليات.. أحترقت الساحة ونهبت مستشفى الصفوة والشيء الذي لا يمكن نهبه يتم تدميره دمروا الأجهزة وخزانة الفلوس.. بكل همجية أحد العسكر رأى البث المباشر لحرق الساحة من قناة الجزيرة فقام بإطلاق النار على الشاشة البلازما أخيراً حاولوا الدخول إلينا ونحن في غرفة العمليات لإخراج الجريح الشرعبي وبطنه مفتوحة فقالت لهم الممرضة أن أمعاء الجريح بالخارج، فلم يفهم وكأنه قدم من كوكب أخر وسأل أحدهم ما معنى أمعاء؟! فقلت لهما قولي (الأمغال) فقالت له الأمغال حق المريض على الأرض فافتهم له ورجع.
حوالي 40 مريضاً لم يلتفت عليهم أحد من بعد الساعة الواحدة ليلاً.. بعد طرد الممرضين والعاملين بالمستشفى فاضطرينا تقريباً في الساعة الثامنة صباحاً إلى نقلهم بواسطة مرافقيهم ومتطوعين بالباصات كل شخص يأخذ مريضه أينما يريد، وفي الساعة التاسعة نسقنا مع سيارة الهلال الأحمر وقمنا بنقل بعض الجرحى إلى بقية المستشفيات.. عندما نزلنا الطابق الأرضي للمستشفى شاهدنا عملية النهب أمامنا وحصلت بيني وأحد الجنود فقام بإطلاق النار فوق رؤوسنا وبعد خروجنا قمت بإغلاق بوابة المستشفى بالأقفال إلا أنهم كسروا الأقفال ودخلوا من جديد لاستكمال عملية النهب.. في تلك اللحظة فاضطريت إلى إخلاء بقية الجرحى من قسم العناية المركزة رغم أن منهم من كان في حالة غيبوبة وعلى اكسجين ونقلناهم بسيارة الهلال الأحمر إلى مستشفى اليمن الدولي..
كان خروجي من الصفوة إلى الدولي حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً مع الجريح الشرعبي لأن حالته كانت خطيرة.. أجريت له عدة عمليات وغسيل كلى وتصفية الكبد رغم ذلك عاش ولم يمت .
صمود عظيم أمام حقد لئيم
هالة الأغبري: قدمت إلى الساحة الساعة الخامسة عصراً من الجهة الشرقية عند مديرية القاهرة رأيت الطقومات والمدرعات وعسكراً كثيرين والمدخل محاصر ولم أكن أعلم لماذا؟ اتجهت نحو أحد العسكر وطلبت منه أن يسمح لي بالمرور بحجة أن أختي في الساحة.. قال (مري) ولا أعرف ماذا في نفسه.. بدأت بالدخول تقريباً ثمانية أو عشرة متر وإذا بالرصاص تطلق بكثافة بالقرب مني وبين أقدامي.. أنطلق إلي أحد شباب الثورة خوفاً عليَّ وقال بافديك بروحي يا أختي لا تخافي با نموت سوى امشي وهو يدافع عني بجسمه.. ثم أنطلق شاب آخر من بين الشباب المرابطين في مدخل الساحة نحوي لمساعدتي وإذا به أخي.. وكانت الرصاص الكثيف ومسيلات الدموع تملأ المكان.. حاولنا نصلي المغرب ضربوا علينا قنبلة مسيلة دموع فأوقفنا الصلاة.. على بعد أمتار رأيت أختي فتحية مغمى عليها فأسرعت نحوها لأسعفها فأغمي عليَّ بجوارها دون أن أعرف إلا بعد أن فقت وأنا داخل مبنى اللجنة الطبية.. بعد ذلك اتجهنا إلى لجنة التغذية عند الخالة الشهيدة (تفاحة) لنشاركها تقشير حبات البصل وإخراجه إلى الساحة صلينا هناك العشاء ثم عدنا إلى
المنصة بعد أن سمعنا الشباب يقولون (أصمدوا.. أصمدوا..) فرموا علينا مسيلات دموع مرة أخرى موقف لا ينسى كان هناك أكثر من عشرين شاباً على الأرض حاولت البنات من أقاربهم إسعافهم فلم يستطعن بسبب كثافة الغاز.. أغمي علينا من جديد فتم إسعافنا إلى استراحة فندق المجيدي.. كنا كثيرات وفي الصباح سمعنا بكاء الأطفال يملأ الساحة وبسبب مواصلة الضرب على الفندق اضطرينا للعودة إلى لجنة التغذية بجوار الخالة الشهيدة (تفاحة) كان المكان دون نوافذ والبعض عندهم أزمة فلم نحتمل البقاء وفي تمام الساعة العاشرة تقريباً تم أخراجنا بواسطة دباب وكنا ثمان والبقية خرجنا من الجهة الغربية المجاورة لفندق المجيدي وتركنا الشهيدة (تفاحة) ومعها القليل صامدين في وجه جيش التتار.. الله يرحمها..
ابني أصيب بحالة نفسية
الثائرة/ صفية عبد الله حمود: كنت يوم 29/5/2011م أنا وأولادي وبناتي في الساحة.. أقسم بالله أن قلبي كان يدق وقلقة ولا أعرف لماذا بعد أن خرج الشباب لإقامة وقفة احتجاجية أمام مديرية القاهرة للإفراج عن أحد المحتجزين هناك جلست أبكي خلف البرميل بالساحة فقالت لي (الشهيدة عزيزة) وأختها لماذا تبكين ونحن متعودون على الخروج كل يوم فقلت لهما لأعرف.. وبالفعل أول ما وصل الشباب بالقرب من مديرية القاهرة تم إطلاق النار عليهم بجميع أنواع الأسلحة.. بقينا بالساحة وبعد ضرب الساحة ما قدرت أتنفس فخرجت إلى سطح المنزل على حدود الساحة جوار محطة صافر.. وتركت أولادي في الساحة موسى وعيسى وتقي الدين وأخي خالد.. لم أستطع النوم وطلعت فوق سطح المنزل استرق النظر إلى الساحة حتى الصباح.. حاولت أصور فلم أستطع كان الضرب على النوافذ كثيفاً.. كانت الرصاص تمر جنب رأسي وأني أشاهد الحريق يملأ الساحة.. كان هناك شباب عزل يصرخون وسط الساحة بعد أن حاصروهم من جميع الجهات وأولادي معهم كان البعض يحاول إطفاء النار والبعض الآخر يدعو ويهتف وآخرون يقومون بالاسعاف.. ذلك المنظر الاجرامي الغاشم واللاإنساني سبب لي مرض القلب فأقمت بالمستشفى شهراً بعد محرقة الساحة من شدة الصدمة أبني أيضاً تقي الدين أصيب بحالة..
كان ضمن لجنة الإسعاف وفي تلك الليلة من كثرة الإسعافات عاد إلى البيت وملابسه مليئة بالدم وهو أسود بسبب الإنقاذ كان يبكي ومرعوباً.. تطورت حالته للغاية وأصيب بحالة نفسية من ثاني يوم من وقوع المحرقة أحياناً يخلع ملابسه ويبقى (عريان) حاولنا نعالجه ولم ينفعه شيء.. الله لا رحمهم نهبوا مستشفى الصفوة وأنا أشوف ثم الجامع والمستشفى الميداني وراحوا في اليوم الثاني جابوا سيارة مليان نساء يتمشين بالساحة وهم يصورونهن على أنهن جيران الساحة وهن يحمدن الله أن الساحة انتهت..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.