الوضع الإنساني للنازحين واللاجئين في اليمن لم يعد أمراً عادياً، فحجم المشكلة قد زاد توسعاً وخطورة، وهو مايستدعي قيام المنظمات الدولية الإقليمية والمجتمع الدولي بحملة جدية لحل إشكالية تدفق اللاجئين الصومال إلى اليمن أولاً.. وثانياً المساهمة الفاعلة في حل أزمة النازحين من محافظة أبين الذين يزيد عددهم عن “170 ألف نسمة” أجبرتهم الحرب والأعمال الإرهابية لتنظيم القاعدة على ترك منازلهم ومدنهم فراراً بالأرواح. تعاني اليمن مشاكل جمة.. نتيجة لما تواجهه من تحديات مختلفة، حيث تشير تقارير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أن مايقرب من “500.000” من اليمنيين قد نزحوا من ديارهم بسبب الصراعات المختلفة والحروب الأهلية في محافظة صعدة، بالإضافة نحو “170 ألف نازح” من محافظة أبين أجبرتهم الحرب للنزوح إلى كل من محافظتي عدن ولحج وهو الأمر الذي زاد من تفاقم المشكلة وزيادة الأعباء على الدولة التي تعاني هي الأخرى أزمة سياسية واقتصادية خانقة. أضف إلى ذلك أن اليمن يعتبر من أفقر الدول في منطقة الشرق الأوسط ذلك أن مايزيد عن “4.350.000” من اليمنيين يمثلون نسبة قدرها “17.5% من السكان” يعيشون على أقل من واحد دولار في اليوم وأن أكثر من سبعة ملايين ونصف من اليمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن أن معدلات سوء التغذية في بعض المناطق هي قريبة من معدلات سوء التغذية السائدة في الصومال. ولأن اليمن يعد بمثابة عبور تاريخي بالنسبة للمهاجرين نظراً لموقعها الاستراتيجي الهام وقربها وارتباطها البحري الكبير بسواحل جنوب وشرق أفريقيا، ودول القرن الأفريقي.. التي أدى الجفاف الشديد فيها ونشوب النزاعات، وعدم الاستقرار السياسي في تلك البلدان, بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة القرن الأفريقي كل تلك العوامل أدت إلى زيادة تدفق أعداد اللاجئين، وطالبي اللجوء، والمهاجرين ممن يصلون إلى اليمن بحثاً عن الأمان والحماية وفرص العمل. أما بالنسبة للأشقاء الصوماليين فإن اليمن تمنحهم مباشرة صفة اللجوء بصفة جماعية مراعاة للوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء الشعب الصومالي جراء الحرب الأهلية التي أكلت الأخضر واليابس, وتجدر الإشارة إلى أن اليمن هو الوحيد في منطقة شبه الجزيرة العربية الذي صادق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951م وبروتوكولها لعام 1967م. أفواج اللاجئين الصومال الذين يصلون إلى سواحل بلادنا مازالت تتدفق بشكل كبير في الوقت الذي لاتوجد لدى البلاد أي إمكانيات لمواجهة أعباء هذا التدفق فيما نشاط المنظمات الدولية مازال دون المستوى الكبير لأعداد اللاجئين الذين يدخلون البلاد بطرق عشوائية وغير شرعية وبعضهم من بلدان أفريقية أخرى. كما أنه من الصعب إجراء إحصائيات دقيقة لعدد أفواج هؤلاء القادمين, لاسيما وأن القدرة على حماية السواحل والشواطئ غير متوافرة لدى قوات خفر السواحل اليمنية. ففي حين تفيد التقارير المحلية وتصريحات المسئولين اليمنيين بوجود مايقارب المليون لاجئ صومالي على الأراضي اليمنية.. وهو ما تؤكده عين المشاهد للواقع والتجمعات السكانية الكبيرة لهؤلاء اللاجئين الصوماليين ويكفي على سبيل المثال لا الحصر منطقة البساتين بمديرية دار سعد.. ومخيم خرز, ناهيك عن بقية المناطق والمديريات في مختلف محافظات اليمن وفي المقدمة المحافظات الساحلية. في الوقت الذي تورد تقارير المفوضية التابعة لشئون اللاجئين أن آخر الإحصائيات المتوفرة لديها تؤكد وجود “224.000” لاجئ صومالي, لكن التقارير نفسها تؤكد أن العام 2011م والذي شهدت فيه اليمن صراعا سياسيا منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية في مطلع العام 2011م قد زاد فيه عدد اللاجئين الصوماليين القادمين إلى اليمن منذ مطلع العام الحالي 2012م وهو مؤشر على الزيادة في أعداد وأفواج اللاجئين الذين يزيدون من عبء الأزمة عبئاً كبيراً على اليمن والسلطات اليمنية الكسيحة والتي أصبحت عاجزة عن معالجة أوضاع نازحيها, فكيف إذا ما استمرت أمواج اللاجئين الأفارقة والصومال على نفس هذه الشاكلة وبنفس الوتيرة.. وهو ما يعني زيادة تفاقم خطورة استمرار وضع كهذا دون التدخل الدولي العاجل والسريع لوضع حد لمثل هكذا معاناة.. بما في ذلك المساعدة على الأزمة الصومالية وتدخل المجتمع الدولي في العمل على مساعدة الصوماليين في استتباب الأمن والاستقرار على أرض الصومال ومساعدة السلطة هناك للقيام بمهامها.. حتى يتسنى لهؤلاء اللاجئين العودة إلى ديارهم في بلدهم الصومال الشقيق. بالإضافة إلى تقديم كافة أوجه الدعم لليمن لمواجهة وتحمل أعباء من هم داخل اليمن حالياً ومحاولة الحد من التدفق الجديد. وفي هذا السياق طرحت صحيفة الجمهورية هذه الإشكالية على الممثل للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تفيد حسين الذي اعترف بدوره بعدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد اللاجئين الصومال غير من تم تقييدهم لدى المفوضية والذين وصل عددهم إلى “224.000” لاجئ. وفيما يخص وجود تقارير محلية تؤكد زيادة العدد عن ذلك قال: هناك الكثير ممن يدخلون الأراضي اليمنية من دول أفريقية أخرى بغرض العبور إلى دول الخليج العربي كالسعودية, وأضاف بأن إجراء الحصر الدقيق لأفواج اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من دول القرن الأفريقي لايمكن أن يتأتى في الوقت الراهن إلا عندما توجد الإدارة الكفوءة للجهات المعنية بحماية الحدود البحرية اليمنية.. بما في ذلك تأهيل قوات خفر السواحل والتي ستكون عاملا مساعدا لضبط المهاجرين غير الشرعيين. ودعا ممثل المفوضية الأممالمتحدة ودول الإقليم إلى دعم اليمن بصورة عاجلة بما في ذلك عقد مؤتمر لتقديم المساعدات لليمن ولمعالجة الإشكاليات القائمة في دول القرن الأفريقي. وفيما يخص تفاقم وزيادة حجم المخاطر التي تواجهها اليمن لاسيما في الجوانب الأمنية جراء الأعمال الإرهابية والتي اتضح مؤخراً مشاركة أجانب وصوماليين فيها قال ممثل المفوضية السامية من الصعب أن نحمل هذا البلد أو ذاك أو هؤلاء الأشخاص من اللاجئين مسئولية المشاركة في الأعمال الإرهابية وليس من المنطق أن نلقي باللوم ونحمل مسئولية قيام فرد بعينه بأعمال إرهابية على كافة المجتمع أو على جميع اللاجئين القادمين لليمن, ولكن مهمة المجتمع الدولي متمثل بتقديم مساعدة لليمن فيما يخص أوضاع اللاجئين المقيمين فيها. يشار إلى أن المفوضية السامية تقدم خدماتها كالمساعدات الإنسانية وغيرها إلى اللاجئين المقيدة أسماؤهم لديها والذين يتمركزون في التجمعات والمخيمات كمخيم خرز الذي أكدت المفوضية بأنها قامت مؤخراً ببناء(300) مسكن جديد بتمويل من المفوضية الأوروبية ومن بين(18.000) لاجئ يعيشون في مخيم خرز، هناك ما يقارب (3.000) كانوا يعيشون في (800) خيمة بالإضافة إلى الجهود الأخرى وتقديم أوجه المساعدة للاجئين الصومال. إشكالية النازحين من محافظة أبين النازحون من محافظة أبين لمحافظة عدن ولحج من الإشكاليات الإنسانية التي تستوجب استنفار الجميع لمساعدة هؤلاء النازحين وحل مشاكلهم فالعدد الذي وصل إلى نحو (170) ألف نازح لمحافظة عدن قد ترك آثاراً إنسانية وشكل عبئاً ثقيلاً بما في ذلك توقف العمل في نحو 83 مدرسة بمحافظة عدن وتحولها إلى نصف مدارس المحافظة,.ناهيك عن الإشكاليات الأخرى. الدمار والخراب الذي حل بمنازل وقرى ومدن هؤلاء النازحين جراء الأعمال الإرهابية والتخريبية لما يسمى بعناصر أنصار الشريعة وخلال أيام الحرب ضد هؤلاء الجماعات أدى إلى النزوح القسري لهؤلاء الموطنين, فماذا عن دور المفوضية السامية للأمم المتحدة فيما يخص نازحي أبين؟ يجيب السيد نفيد حسين ممثل المفوضية السامية بأن المفوضية قد استجابت على أرض الواقع لأزمة النازحين داخلياً منذ بدايتها في مايو من لعام 2011م وقامت بتقديم المساعدات الإنقاذية الضرورية لهم وقد أنشأت المفوضية أيضاً مأوى بديل لأكثر من 100 عائلة وأشار السيد حسين إلى أن المفوضية ومن خلال التطورات الأخيرة الحاصلة في أبين فقد قامت بإرسال فريق إلى زنجبار ولودر وجعار لإجراء التقييمات السريعة وأيضاً إلى المدارس لتقييم احتياجات النازحين من أجل العودة وأجرت المفوضية أيضاً عملية مسح ووجدت أن النازحين يرغبون بشدة في العودة إلى ديارهم كما لوحظ مدى قلق النازحين من الوضع الأمني وأيضاً مدى توافر فرص كسب المعيشة. وأضاف بأنه وبناء على النتائج الأولية للتقييم السريع فقد تم البدء بتوزيع حقائب العودة والتي تحتوي على البطانيات والفرشات والأغطية البلاستيكية والدلاء وأواني الطبخ التي تم توزيعها على 200 عائلة في لودر وجعار، وكما أن التقييم جار لتحديد الاحتياجات في مناطق أخرى بتوقع العودة إليها بما فيها عاصمة المحافظة زنجبار. السيد/ حسين أعرب عن قلقه إزاء الوفيات والإصابات التي حدثت مؤخراً للعائدين بسبب الألغام والذخائر المزروعة والتي تركها عناصر ما يسمى بأنصار الشريعة. وأكد في هذا الصدد استمرار دعم المفوضية كل الجهود التي تبذلها الحكومة لمساعدة النازحين داخلياً للتوصل إلى حلول آمنة وكريمة. منظمات إنسانية المنظمات الإنسانية الدولية والعربية...لمنظمة الصليب الأحمر الدولي أرسلت فريقها لمحافظة أبين لتقديم أوجه المساعدات حسب ما أفاد إيريك ماركلاي رئيس البعثة والذي أفاد أيضاً أن الجهود منصبة على توصيل المساعدات إلى المناطق المنكوبة والمتضررة في أبين بصفة إنسانية عاجلة مطالباً اللجان المعنية التنسيق مع أعضاء الفريق الدولي وتهيئة الأجواء الآمنة لتوصل المساعدات بصفة عاجلة. أما مؤسسة الشيخ/ خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية فقد بدأت بتوزيع المواد الغذائية للنازحين في محافظة أبين حسبما أفاد رئيس الفريق الزائر لمحافظة أبين والذي أكد أن المساعدات الغذائية تتمثل بمنح كيس دقيق وكيس أرز وكيس سكر وحليب للكبار وللصغار وزيوت طبخ ولحوالي 30 ألف أسرة, كما أفاد وذلك كمرحلة أولى في إطار الدعم المقدم من الشيخ/ خليفة بن زايد آل نهيان باعتماد 500 مليون درهم لشراء مواد غذائية لأبناء الشعب اليمني إسهاماً من الأشقاء في تخفيف المعاناة التي تواجه اليمنيين. الجهود لعودة النازحين إن عودة النازحين من محافظة عدن أي نحو(170)ألف شخص إلى منازلهم ليس بالأمر السهل فلابد من مساعدة هؤلاء في إعادة ترتيب أوضاع بيوتهم ومنازلهم وتهيئة الأجواء المعيشية والاقتصادية والإيوائية والأمنية حتى يضمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم فيعودون طوعاً إلى قراهم,ولكن يسبق ذلك إجراءات أمنية وترتيبات تتولاها قيادة المحافظة وكافة القوى والجهات المعنية. الأخ/ محمد علي الشدادي نائب رئيس مجلس النواب ممثل الدائرة الانتخابية زنجبار, قال: قبل البدء بعودة النازحين لابد من تحقيق الأمن والاستقرار في محافظة أبين وأضاف بأن الوضع بدأ يتحسن حالياً في المحافظة خاصة وأن قيادة محافظة أبين بدأت تباشر عملها في عاصمة المحافظة التي تشهد تحسناً ملحوظاً وتدريجياً في تسير الأمور واستيعاب الوضع بعد أن تم فتح جميع الطرقات من وإلى عاصمة المحافظة وفيما يخص عودة النازحين قال نائب رئيس مجلس النواب هناك جهود يبذلها الجميع لهذا الغرض, ولكن قبل هذا وذاك هناك جهود تبذل من قبل قيادة السلطة المحلية في المحافظة والقيادات الأمنية والعسكرية لترتيب مجمل الأوضاع وفي المقدمة الأوضاع الأمنية مشيراً إلى المخاطر الكبيرة التي أودت بحياة العشرات في انفجارات لألغام مزروعة تركها عناصر الشر ما يسمى بأنصار الشريعة وأن هناك عشر فرق متخصصة لنزع الألغام من الأماكن العامة والدوائر الحكومية والمنازل والمنشآت العامة والخاصة وأنه في حال تم استكمال أعمال المسح الميداني ونزع الألغام يتم وضع الترتيبات لعودة النازحين إلى ديارهم.