“ لقد قمت بزيارات الى الاقطار الشقيقة والصديقة وهي الجمهورية العراقية والمملكة الاردنية والجمهورية العربية السورية والامبراطورية الايرانية ودولة البحرين والمملكة العربية السعودية ووجدت في كل بلد نزلته قادات مصلحين كلهم يهتمون بإحياء الحضارة الاسلامية وبعثها من جديد مشرقة بوجهها الذي منحها لها الاسلام بتشريعه العادل مما جعلني اقوى ثقة بأن المسيرة الاسلامية اليوم في طريقها الى استعادة ذلك المجد الحضاري وأن المسلمين سيعيدون للشريعة الاسلامية قوتها حتى تؤدي رسالتها من جديد وعدت بهذا الأمل كما عدت مثقلاً بمكارم الملوك والرؤساء وشعوبهم ومنها هذه الهدايا النفيسة وقد قبلتها باسم اليمن شاكراً ومقدراً وأنا اعلم أنها لم تهد إلى لأني أمثل الشخصية اليمنية الوضاءة , وفي هذا الشعور اخذتها بقانون الشريعة الاسلامية فيما يهدى الى الامراء والموظفين فإني قد تنازلت عن تلك الهدايا المذكورة, وتنازلت عنها للشعب اليمني وأن توضع في المتحف الوطني ملكاً للشعب وإني لآمر بالاحتفاظ بها وصيانتها من كل ما يغيرها لأنها ترمز إلى صداقة الجمهورية العربية اليمنية المتينة مع هذه الدول الشقيقة والصديقة وفقنا الله الى مافيه خدمة هذا الوطن. مقدم / ابراهيم محمد الحمدي حرر 27شعبان 1395ه الموافق 3سبتمبر 1975م كلمات خالدة وأحرف من ذهب سطّرها الشهيد البطل الرئيس ابراهيم محمد الحمدي رئيس الجمهورية العربية اليمنية عندما اهدى كنوزه الثمينة والتى حصل عليها كهدايا غالية من قبل ملوك وزعماء كثير من الدول العربية والاسلامية والصديقة للمتحف الوطني بصنعاء بتاريخ 27شعبان 1395 ه الموافق 3سبتمبر 1975م في لوحة الاهداء معتبراً أنها هدايا قُدمت للشعب اليمني في شخصه وقد تم اعداد وتجهيز قاعة خاصة لهدايا الرئيس الحمدي في جناح التراث الشعبي في الدور الرابع في المتحف في مبناه القديم بدار الشكر متحف التراث الشعبي حالياً وكانت تضاف اليها الهدايا الجديدة التي يقدمها الحمدي في فترات لاحقة حتى ضاقت القاعة بمحتوياتها الثمينة وشملت هذه الهدايا مجموعة ثمينة من السيوف المصنوعة من الذهب “اللاز” والفضة والتي قُدمت لفخامته من الرئيس العراقي احمد حسن البكر رحمه الله والشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الامارات رحمه الله والمملكة العربية السعودية، بالاضافة الى هدايا فخمة قدمها له شاه ايران السابق محمد رضا بهلوي واهمها طاسة كبيرة من الذهب الخالص عليها زخارف كتابية لآيات قرآنية «انا فتحنا لك فتحتاً مبينا» وزخارف «نباتية» غاية في الروعة والابداع ومفتاح طهران من الذهب واوانٍ ومزهريات من الفضة والنحاس مطعمة بأحجار كريمة تمثل عناصر زخرفية «نباتية» بالاضافة الى تحف رائعة من العاج تمثل ادوات «مكتبيه» رسمت ونحتت بصورة عجيبة وجنابي ذهبية وبرونزية من سلطنة عمان ودولة الامارات العربية المتحدة واونٍ مختلفة من النحاس والفضة من مصر وتحف متنوعة من بلدان كثيرة منها مجموعة من العملات تذكارية من الذهب اهداها الرئيس التونسي بورقيبه لابن الرئيس الحمدي الذي كان مرافقاً لوالده اثناء زيارته لتونس وتثبت هذه الهدايا مدى العلاقة الطيبة التي كان يتمتع بها الرئيس ابراهيم الحمدي مع زعماء دول العالم العربي والاسلامي والدولي التي انعكست ايجابياً على علاقة اليمن السياسية والاقتصادية مع هذه الدول واستمر الوضع حتى عام 1987م حينما قررت قيادة الهيئة العامة للآثار ودرو الكتب الانتقال الى مبنى دار السعادة المجاور والذي كان تشغله محافظة صنعاء نظراً لاتساعه واحتوائه للعديد من الغرف والتي تستوعب الكثير من الأجنحة والقاعات لعرض الكثير من القطع الأثرية والتراثية ونظراً لمشاركة الحكومة الهولندية في دعم مشروع تطوير المتحف الوطني في تلك الفترة، فتم اعداد سيناريو العرض بحيث يشمل جناحاً للآثار اليمنية القديمة وجناحاً للآثار الاسلامية وجناحاً للموروث الشعبي, ولم يؤخذ بالإعتبار عرض قطع حديثة كالهدايا المقدمة للرؤساء والزعماء والمسؤولين للمتحف الوطني.. وفي التسعينيات من القرن الماضي تم عرض موضوع عرض هدايا الرئيس ابراهيم الحمدي والاستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى الاسبق رحمه الله على وزير الثقافة والسياحة في حينه الاستاذ يحيى حسين العرشي، والذي وافق مشكوراً وتحمس للموضوع وتم اختيار الدور الرابع من مبنى المتحف الوطني ليكون جناح الهدايا ودعم معالي الوزير العرشي إعداد تأثيث خزانات العرض ولكن الوقت لم يسعفنا لاستكمال المشروع نظراً لتغيير وزير الثقافة وتوقف المشروع مع تغييره , وتحول جناح الحمدي فيما بعد الى معمل لصيانة وترميم المجموعة الأثرية التي يمتلكها المتحف الوطني . واعتقد انه آن الأوان لعرض الكنوز الثمينة التي قدمها الحمدي وعبدالعزيز عبد الغني وتجهيز قاعات لعرضها واقترح فيما يخص هدايا الرئيس ابراهيم الحمدي ان يتم اعداد وتجهيز المفرج الاصلي لدار السعادة والمفرج الغربي الذي بناه القاضي علي احمد أبو الرجال عندما كان محافظاً لصنعاء, وتجهيز نفس القاعة السابقة لهدايا الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني, وهذا ابسط حق من حقوق الشهيدين واسرتيهما اللذين حرما من الاستفادة من هذه الهدايا الثمينة والتي لو احتفظ بها الشهيدان لأسرتهيما لأغنوهم عبر الدهر, ولكنهم ضربوا اروع الامثلة فى التضحية والايثار وسلموا هداياهم للمتحف الوطني لتكون ملكاً للشعب اليمني بأسره.. والله من وراء القصد.