كمسلمين نحن مطالبون على كافة المستويات أن نعيد النظر في كثير من الأمور التي كانت ولا زالت سبباً - كما أثبتت الأيام - في إخفاقنا في جزء كبير من مفاصل حياتنا كأفراد وجماعات. الأمر الذي يدعونا وبإلحاح شديد إلى أن نبحث عن شكل جديد للحياة التي نريدها أو تلك التي ينبغي أن نعيشها في رحاب الله من نستمد العون من عنده، وإلا فسيبقى حالنا كما صوره الشاعر بقوله: نحن نبني هياكل النور لكن كم ضياء بنا وأدنا انبثاقه كلما لاح في سمانا هلال واستوى بدره صنعنا محاقه إيه يا صوتنا القديم أغثنا قبل أن ندمن الدجى وانغلاقه أمن التائهين ترجو دليلاً؟ ومن البكم تستمد الطلاقة إنه الوهم يا حداة المطايا ليس في الركب أحمد يا سراقة ومثل هذه الثقافة نحن بالفعل - والواقع يشهد بسلبيتها المفرطة - مطلوب منا الابتعاد عنها كثقافة يعود لها الفضل في كثير من التردي الذي نحن غارقون في وحله وفي كثير من ميادين الحياة حولنا. كغيري من البعض قد أكون واحداً من أولئك الذي هم بحاجة إلى أسلوب حديد يعيشون به حياتهم، وهذا هو الأصل الجوهري الذي يجب ألا نغفله في حياتنا الدنيا طالما وعرق ينبض في أرواحنا، ومتى ما أدرك الإنسان أنه بحاجة إلى تغيير شكل حياته فإنه وبلا شك يضع قدمه في المسار الصحيح الذي ينبغي أن يسير عليه دائماً وأبداً وإلا لتكلسنا في حياتنا، ولدخل الجمود علينا، حتى ليصبح هو الشيء الأساس والشيء الثابت في عيشنا ومن ذا الذي يرتضي الحياة جموداً وكسلاً إلا إنسان رضي بالدون في حياته، ولعمري إنها لحياة “البطالين” كما وصفها كثير من السلف الصالح. أخي القارئ أضعك مع هذا الموقف البسيط والجميل والذي سيبين لنا كم هو الشكل الجديد لحياتنا مهم لتجديد الروح التي نعيش بها وفيها وعليها، فلقد جلس رجل أعمى على إحدى عتبات عمارة واضعاً قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها: “أنا أعمى أرجوكم ساعدوني”، فمر رجل إعلانات بالأعمى ووقف ليرى أن قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع المزيد فيها دون أن يستأذن الأعمى. أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى في طريقه.. لاحظ الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالقروش فعرف أن شيئاً قد تغير وأدرك أن ما سمعه من الكتابة هو ذلك التغيير، فسأل أحد المارة عما هو مكتوب عليها فكانت الآتي: “نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله”. إنه الربيع الذي لا نستطيع أن نرى جماله إلا إذا صنعنا مثل الذي صنعه ذلك الرجل، فعندما لا تسير الأمور كما يجب، فقط ما عليك إلا أن تغير وسائلك، ففي تغيير الوسائل سر الوصفة الناجحة لأي داء عضال خاصة ونحن نعيش مطلع عام جديد. إشراقة ومناجاة بربك أيها العام الجديد أفيك من الأماني ما نريد ألا يا عام بشرنا بخير فأنت على متاعبنا شهيد ألا يا عام أنت لنا وليدٌ يحيي الشرق طالعه السعيد لك الصنع الجميل إذا قضينا بك الأوطار والأثر الحميد وفي الله الرجاء فما سواه لما ترجو الخلائق والعبيد