بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله و حده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده وسلم تسليماً كثيرًا وبعد : لقد كان ما يقود حياتي كلها باستمرار هو نقطة ارتكاز أساسية فريدة هي ما الذي يحدث فرقاً في نوعية حياة الناس ؟
كيف يمكن لأشخاص بدأوا بدايات متواضعة ومن خلفيات مقفرة أن يبتدعوا لأنفسهم حياة من نوعية تبهر أبصارنا على الرغم , من ناحية أخرى لماذا ينتهي المطاف بالكثيرين ممن ينتمون إلى بيئات متميزة وممن تتوفر لهم كل أسباب النجاح و التفوق , لماذا ينتهي بهم المطاف أشخاصاً خائبين بدينين وربما مدمنيين ؟ وما الذي يجعل حياة بعض الناس قدوة وحياة آخرين نذيراً لغيرهم؟ وجدت أن الناس الناجحين في حياتهم من مسلمين وغيرهم كانت هناك محطات تغيير في حياتهم ابتدءاً من أفكارهم ومعتقداتهم عن أنفسهم ومن حولهم , فمثلا الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود عندما غير النظرة عن نفسه من إنسان راعي غنم ضعيف البنية ليس له مال ولا جاه وكان يعيش في مجتمع كانت القوة عندهم في الحسب و النسب وفي المال و في القوة البدنية وهو كان يفتقر إلى كل هذه الاشياء ولكنه غير معتقد عن نفسه بأنه قادر على أن يكون ذا شأن فمن هو ابن مسعود رضي الله عنه بعد إسلامه وكيف أصبح من علماء وكبار الفقهاء في عهد أبي بكر وعمر وغيرهم ولم يكتف بعد إسلامه بأن يكون مثلاً راعي أغنام لأحد الصحابة ويقول كما يقول اليوم الكثير من الناس ما أعرف إلا هذه المهنة وهي التي ورثتها عن أبي و لكن اكتشف أن القوه الحقيقة هي في العلم وأن لا مكان للجهال في مجتمع شعاره ( اقرأ بسم ربك الذي خلق ) فبعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم تغيرت موازين القوى المهيمنة من القبيلة و المال إلى العلم ومن يملكه هو الذي سوف يكون له شأن في قيادة الأمة و يكون صاحب قرار وقد تمكن ابن مسعود رضي الله عنه من تكوين مذهبه الخاص في التفسير وله أتباع في كل أصقاع المعمورة رضي الله عنه وعن جميع الصحابة . و القصص و الشواهد كثيرة على ما نقول فإننا إذا نظرنا اليوم للناجحين الذين سطروا لنا أروع الأمثلة في النجاح الشخصي وهم من أصحاب الدخل المحدود كما يقال وليسوا من أبناء الطبقات المميزة الذين صُنع لهم النجاح وهم في أحضان أمهاتهم ويقدمون اليوم على أنهم من الناجحين ويحتفل بهم في كل مكان , فهؤلاء ليسوا هم المعنيين بحديثي هذا . أنا أتحدث عن أناس حولوا نقاط الضعف و المعوقات لديهم إلى نقاط قوة وصلوا بها إلى أهدافهم وأكبر مثال على ذلك : الرجل الذي كان يجلس على كرسيه المتحرك و كان صوته ضعيفًا لا يستطيع أن يسمعه إلا الذي يكون بجانبه وقريبًا منه ولم يستسلم كما فعل الكثير ممن هم في مثل حالته فيجلس بجوار الحائط ويطلب يد العون من الآخرين بحجة أنه من المعوقين بل استطاع أن يجبر ملايين من البشر على الاستماع لخطابه ويهتم بكلماته ويسطر لنا أروع قصص البطولة والشجاعة وجعل الملايين يهتفون باسمه ويتمنون أن يكونوا مثله ، لعلك أخي القارى عرفت من المقصود ؟ إنه الشهيد البطل مؤسس حماس( الشيخ أحمد ياسين) رحمه الله تعالى . بينما تتعجب عندما ترى شابًا قوي البنية سوي العقل يمشي في حياتة متخبطًا ليس له أهداف ولا يستطيع أن يوجد قوت يومه بل يسأل الناس أن يساعدوه في أبسط أمور الدنيا ويندب حظه بأنه ليس من أبناء الأثرياء و يجهل نفسه ويحتقرها ولو أنه فتش في نفسه بصدق لوجد في نفسه نقاط قوة كبيرة قد تكمن في صوته أو جسمه أو أسلوبه في الحديث و غيرها كثير, ولو استغلها وجعلها محور تركيزه لأصبح من الذين يشار إليهم بالبنان ولعل مما يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون) . إنه لكي تكون التغيرات ذات قيمة حقيقة فلابد لها أن تكون دائمة ومستمرة , لطالما جربنا جميعاً التغيير للحظات , غير أننا ما نلبث أن نشعر بالخذلان والإحباط في النهاية . كنت أقرأ في كتاب لكاتب أمريكي مشهور وكنت أعتقد أنه من حاملي الشهادة العليا ولكن تفاجأت عندما روى قصته بأنه يحمل ا لشهادة الثانويه فقط ، ومما ذكره أنه في يوم من الأيام كان يقود طائرته الهليكوبتر متجهاً في طريقه لإحدى محاضراته وبينما كان يحلق فوق مدينة جلينديل تنبه فجأة الى بناية كبيرة وأخذ يحوم حولها ويتذكر بأنه كان في يوم من الأيام يعمل فيها بواباً قبل اثنتي عشرة سنة فقط ! وعندما وصل إلى المدرج الذي سوف يهبط فيه ويلقي محاضرته تفاجأ بوجود عدد كثير من الناس ورجال الأمن يمنعونهم من الوصول إليه وأنه كان يجب أن يحاضر في ألفين فقط ولكنه وجد ما يزيد عن سبعة آلاف شخص يريدون حضور المحاضرة فكان يقول ما زلت أتذكر كيف كنت أعود من عملي محبطًا وأجلس في شقة صغيرة وحيدًا لا أحد يعرفني وأفكر كيف أوفر بنزين السيارة القديمة المتهالكة واليوم أصبحت أقود طائرة وملايين الناس تعرفني و تحبني وأملك دخل شهري يزيد عن مليون دولار شهرياً, والسر في ذلك أنه رفع من مقايسس نفسه أي أنه عرف كيف يقدر نفسه ويغير قناعاته الداخلية وصدق الله سبحانه وتعالى حيث يقول (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم )) . إنه الكاتب الأمريكي الشهير ( أنطوني روبنز ) صاحب كتاب ( أيقظ قواك الخفية ) . أخي القارئ الكريم أنا وأنت بحاجة ماسة لتغيير نظرتنا إلى أنفسنا وعدم التألم من الماضي و التذمر من الحاضر و التشائم من المستقبل فهذا المبدأ هو شعار الفاشلين في حياتهم , ولكن دعنا نستفيد من الماضي ونتمتع بالحاضر و نستبشر بالمستقبل كل الذين تراهم من الناجحين في هذا العالم فشلوا في الماضي ولم يتوقفوا بل جعلوها محاوله وتجربة توصلهم الى الهدف ومن هؤلاء وأشهرهم توماس أديسون مكتشف الطاقه الكهربائيه الذي أضاء العالم كله ، لقد فشل مرات عديدة ، ومثله هنري فورد صاحب شركة فورد للسيارات قد أفلس أكثر من مرة ولكنه لم يستسلم و أصبحت اليوم سياراته من أفضل السيارات في العالم ، وقل مثل ذلك في كثير غيرهم ، فلا تجعل الإحباط يتغلغل إلى صدرك ويفسد عليك دينك ودنياك ولكن عليك بالتفاؤل والأمل . جلس رجل أعمى على إحدى عتبات بناية واضعاً قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها " أنا أعمى أرجوكم ساعدوني ". فمرّ رجل إعلانات بالأعمى ووقف ليرى أنّ قبّعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع المزيد فيها . ودون أن يستأذن الأعمى أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى في طريقه . لاحظ الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية ، فعرف أن شيئا قد تغير وأدرك أن ما سمعه من صوت الكتابة هو سرّ ذلك التغيير فسأل أحد المارة عما هو مكتوب عليها فكانت الآتي : " نحن في فصل الربيع لكنّني لا أستطيع رؤية جماله" . لا ندعوك للتسوّل بالطّبع من خلال هذه القصّة الرّمزيّة ولكن لنقول لك : " غيّر وسائلك عندما لا تسير الأمور كما يجب " *المدرب و المحاضر الدولي في التنميه البشرية القاهره