تضامن محلي وعربي واسع مع الفريق سلطان السامعي في وجه الحملة التي تستهدفه    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    فوز شاق للتعاون على الشروق في بطولة بيسان    رونالدو يسجل هاتريك ويقود النصر للفوز وديا على ريو آفي    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    منظمات مجتمع مدني تدين اعتداء قوات المنطقة العسكرية الأولى على المتظاهرين بتريم    وسط هشاشة أمنية وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة.. اختطاف خامس حافلة لشركة الاسمنت خلال شهرين    من الذي يشن هجوما على عضو أعلى سلطة في صنعاء..؟!    سان جيرمان يتوصل لاتفاق مع بديل دوناروما    لبنان.. هيئة علماء بيروت تحذر الحكومة من ادخال "البلد في المجهول"    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    تعرّض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى !    تعاون الأصابح يخطف فوزاً مثيراً أمام الشروق في بطولة بيسان الكروية 2025    إيران تفوز على غوام في مستهل مشوارها في كأس آسيا لكرة السلة    المجلس الانتقالي الجنوبي يصدر بيانًا هامًا    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    إجراءات الحكومة كشفت مافيا العملة والمتاجرة بمعاناة الناس    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    مهما كانت الاجواء: السيد القائد يدعو لخروج مليوني واسع غدًا    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    هائل سعيد أنعم.. نفوذ اقتصادي أم وصاية على القرار الجنوبي؟    إصابة 2 متظاهرين في حضرموت وباصرة يدين ويؤكد أن استخدام القوة ليس حلا    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    عساكر أجلاف جهلة لا يعرفون للثقافة والفنون من قيمة.. يهدمون بلقيس    منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثانية    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    الاتحاد الأوروبي يقدم منحة لدعم اللاجئين في اليمن    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    خبير طقس يتوقع أمطار فوق المعدلات الطبيعية غرب اليمن خلال أغسطس الجاري    من هي الجهة المستوردة.. إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثي في ميناء عدن    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أريج الأثر وروعة الوصول
فارس النور
نشر في الجمهورية يوم 12 - 01 - 2013

سلسلة مقالات وجدانية للكاتبة والخبيرة في التنمية البشرية المدربة الدولية عائشة الصلاحي عن مؤلفها النوعي الصادر حديثاً (فارس النور)، من إصدارات مجلة نجاح المتخصصة في التنمية البشرية والعلوم الإدارية.
تثقل أجفانك وكأنها جبال عظيمة.. وتتوق نفسك للراحة.. فتغمض عيناك لآخر مرة.. وترتخي شفتاك فيطلق صدرك أغلى زفرة في حياتك كلها.. زفرة لا تُقدر بكل كنوز الدنيا.. زفرة لا يعادلها كل ما ناضلت في جمعه مهما كان.. فقيمتها من نوع آخر لا يعادله شيء في الأرض.
على الرغم منك.. لا بد أن ترحل.. سعيداً.. حزيناً.. مضطراً.. أو حتى محلقاً مشتاقاً.. لا بد لك من الرحيل.. ولا بد لك من اجتياز أخطر منعطف في حياتك الحافلة بالأحداث.. منعطف عجيب أوله ها هنا على الأرض وآخره هناك في السماء، حيث لا أحد تعرفه ولا شيء تملكه.. وفجأة تكتشف أن كل شيء وكل أحد قد تساوى.. هكذا في لحظة كلهم سواء ساعة رحيلك عنهم.. كل من أحبوك وأحببتهم.. كل من عادوك وخالفتهم.. كل من أساؤا إليك وظلموك وجالدتهم.. كل من نافسوك ونافستهم.. يا للسخرية الكل تساوى في لحظة الرحيل.. فلا المديح أو الحب ينفعك.. ولا البغض والظلم يضرك.
تخرس كل الأصوات وتهدأ الجنبات في صمت عجيب لم تشهده من قبل.. ولأول مرة تعرف ما معنى حقيقة الوحدة الشاملة.. كم أنت وحيد فكل ما أنت راحل إليه.. أنت غريب عنه فلم تشهده من قبل أبداً.. تظل مندهشاً مذ فارقت دنياك وستظل مندهشاً فلا شيء هناك تعرفه أو تألفه.. لعلك تحاول تصور ما يضطرم في نفسك ساعتها.. ومهما تخيلت ستظل بعيداً عن الحقيقة التي ستدهشك حينها.. وأي دهشة!!.
لطالما نحاول تناسي لحظة الرحيل فنتعامل معها بتجاهل غبي، أو قد نأخذها كموضوع لإرعاب أنفسنا، زاعمين أن ذاك الرعب هو (تذكرة) فنذرف الدموع في ضيق يائس وبهذا انتهت تذكرتنا بزعمنا.. لكن الحق غير ذلك أبداً.
الحق أن نتذكر دوماً أننا لا بد راحلون وكذلك الكل راحل.. لكن رحيلاً خائفاً حزيناً يختلف عن رحيل مستبشر واثق.. وذاك الأخير ما نبغيه ويجب أن نجهد لنتعلمه ونناله.. فما أحلى أن نرتحل شوقاً إلى من عملنا له سبحانه طوال أعمارنا.. شوقاً للراحة بعد النصب المثمر الطيب.
ما أحلى أن نلتفت عند لحظة المغامرة خلفنا.. قبل لحظة الانعطاف الأخيرة.. نلتفت التفاتة استغناء وفراق شجاع لكل ما خلفناه.. ما أجمل أن نغادر برأس مرفوعة وروح مفتخرة ليس لأننا كنا صالحين جداً أو لأننا من مصيرنا واثقون.. بل نفخر أن الله قد اختارنا ليتفضل علينا بما أنجزناه من خير في حياتنا الماضية.. نفتخر أنه منحنا فضله وتيسيره لنفعل جهدنا بكل ما خولنا وبكل ما ألهمنا إياه.
لقد بذلنا جهدنا.. هذا كل ما لدينا لنرجو النجاة من ألم النادمين.
حقاً هي مؤلمة لحظة الانعطاف.. لكن العجب كل العجب ممن يلتفت فيبستم في ذاك الألم، فلقد جاءته البشارة.. فتلك الحياة المليئة بالإنجاز والعطاء الميسر من السماء تُبشر ذلك المرتحل بالانتهاء الكريم هناك في آخر المحطات بعد أن مُنح الابتداء الطيب.. يبتسم هو وحده، بينما يبكي فراقه كل من أحبوه ومن تنعموا بعطائه وكل من اقتاتوا على روعة روحه لسنين وسنين.. تبكيه السماء من مكان صعود أفعاله العطرة وتبكيه الأرض لأنها لن ترى إشراقات إنجازاته وبذله.. تبكيه أشراف الأرض فهم يشعرون بالغربة من قلة عددهم وكم زادت غربتهم حين فارقوا دفء حنانه وتألق حماسه ودافعيته.. بل إنه لتنعاه أملاك السماء، فكم كانت تطرب لصولاته وجولاته الراشدة.. لقد كان هو بروعته الفرحة لهم كلهم وهو اليوم صاحب (الفرحة) الوحيد بينهم.. من قال إن الموت يعني نهاية للجميع؟!.. إنه انتهاء لأولئك الذين انتهت حياتهم مع أنهم لا زالوا يسيرون على وجه الأرض.. أما الذين عاشوا حياتهم كفرحة لكل من وما حولهم فإن حياة هؤلاء لا يمكن أن تنتهي، فالموت أضعف من أن يمحوا أريج أثرهم وعبق عطائهم الذي نقش على صفحة الحياة والتاريخ.. بل لعل العمر الحقيقي لهم ولأعمالهم يبدأ بعد رحيلهم وذلك برواج بضاعتهم عند من افتقدوهم وقرروا متابعة خطاهم.. لِمَ نُحمِل أنفسنا هَمَ لحظة الرحيل إن كنا نعرف أن لا رحيل لمن عاش حياته لفكرة لا تموت ولمشروع خير لا ينتهي.. مشروع مثمر أول طرف انجازه معه وآخر أثره فالله وحده يعلم أين.
إن هكذا فهم لمعنى الرحيل يجعلنا نهتم أكثر باللحظة الممكنة من أعمارنا فنصنع منها ضياء لنا ولمن بعدنا بلا تضييع.. بل إنه يجعلنا نتشوق إلى لحظة الختام.. لحظة إسدال الستار فنجتهد أن تكون مشرفة ورائعة تزيد حياة أفكارنا ومعتقداتنا خلوداً.. أكد أحدهم أنه يعرف الشهيد قبل موته بسنين، فلما سئل عن سر ذلك، قال: إنها الأفعال والروح وانجازات العمر تخبرك أن مثل صاحبها لا يموت ميتة عادية بل يموت ليخلد خلود الشهداء.. إذن فالكل يموت، ولكن يموت وهو رابح؟ هذه هي المعادلة الثمينة، فلتكن لحظة النهاية دافعاً لنا لنكون الفرحة التي يبكيها الكون كله عند الرحيل.. ولنرسم مشهد الختام بشرف وفخر مهما بدا أننا بالغنا في التضحيات فهذا هو ثمن العمر المخلد واللذة الباقية.. إنه ثمن الرواج والاتباع من الآخرين.. نهرنا الهادر إن مثل هذا الفهم لنهاية أعمارنا يمنحك مزيداً من الدافعية أن تكون أعلى من قيود الأرض المادية وأكثر استعلاء وبقاء من قيود طبيعتنا البشرية الفانية.. إنه فهم الربيع الذي يعلم أنه لن يدوم ولكن من يفعل بالمروج والهضاب مثل فعله الأخاذ؟، من سينساه وهو الذي أعطى الحياة معنى أروع من كل الأيام والفصول.. يظل الربيع حبيباً لكل شيء، ينتظره الجميع ويظل أثره باقياً.. باقياً.
نهرنا العزيز ثابر لتكن لحظة مغادرتك هي أروع لحظات حياتك، فهي لن تفيض إلا بالذي فاضت به كل حياتك.. ولتجاهد لتكون اسماً وربيعاً لا ينساه الدهر مهما دار.. أنت أهل لهكذا خلود ولهكذا استعلاء.. فاجتهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.