صدر عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث القراءة الثانية للحالة اليمنية تحت عنوان (العبور الآمن)، والذي سلط الضوء على الفترة الانتقالية في اليمن وسيناريوهات ما بعد الربيع العربي. قوة سياسية شبابية الاصدار الذي جاء في 180 صفحة شمل دراسات دعت الشباب إلى سرعة التحول إلى قوة سياسية جديدة، وأوصت النظام الجديد بإفساح المجال لهم في مختلف مؤسسات صناعة القرار تجنبا لأي ربيع ثوري جديد. وتطرقت دراسات الشباب والثقافة إلى أهمية تعزيز قيم حرية الرأي، وثقافة القبول بالآخر، والحق في الفكر والانتاج والابداع والشفافية والنزاهة، وإنشاء المزيد من الأندية والمؤسسات الشبابية، وإعادة الاهتمام بالثقافة وعلى رأسها المسرح والسينما، داعية المثقفين للتوحد والحوار والوقوف على أرضية مشتركة، وخلق ارادة مجتمعية واحدة لتعزيز قيم الدولة المدنية وكشف القيم الفاسدة والمساهمة في ارساء ثورة قيمية. دولة لا مركزية واشتمل ( العبور الآمن) على 15 محوراً وأكثر من 30 دراسة من أهمها محور القضية الجنوبية، حيث دعا الى سرعة دعم قيادم دولة عصرية ترتكز على اللامركزية، والاسراع في اعادة حقوق المستبعدين من الوظيفة العسكرية والمدنية وحل مشاكل الأراضي ومعالجة اوضاع النازحين وتأهيل المناطق المدمرة وتغيير المسئولين الفاسدين بكفاءات نزيهة. وأوصى أبناء المحافظات الجنوبية ووضع تصور شامل لرؤيتهم حول القضية الجنوبية، بالتزامن مع إجراءات وتدابير من الدولة لإعادة الثقة إلى الجنوبيين في الدولة الموحدة، والعمل على حل القضية الجنوبية في إطار الحوار الوطني حلاً عادلاً. العدالة بوابة الحوار وشددت دراسات الحوار الوطني في إصدار أبعاد على أهمية توفير الاجواء لإنجاح المؤتمر، مشيرة إلى أن ضمان تمثيل عادل لكل المكونات، والاهتمام بملف الشهداء ومصابي الثورة والافراج عن المعتقلين، وعدم إصرار أي طرف على مواقفه بالذات فيما يتعلق بالقضية سيزيد من فرص نجاح الحوار الوطني. وأوصت دراستا العدالة الانتقالية والدستور القادم في إصدار (العبور الآمن) على ضرورة نزع سلاح الميليشيات وبقاء السلاح في اطار القانون والدستور، ومنع مرتكبي الانتهاكات من تولي مناصب، وفتح الملفات السرية الخاصة بالانتهاكات والقتل خارج القانون ، وتعويض كل من طالتهم جرائم وانتهاكات، وتحريك دعاوى قضائية ضد المنتهكين والغاء قوانين الحصانات، والفصل بين السلطة والثروة من خلال رقابة وشفافية مطقة للذمة المالية. ادماج المسلحين وفي محور الجماعات المسلحة والتيارات الأيديولوجية حذرت الدراسة من أن السلاح مع بعض الجماعات المسلحة لم يعد وسيلة دفاع بل أصبح آلية للتنظيم والانتشار والحفاظ على مواقع النفوذ. وطالبت بدعم وتشجيع التيارات الأيديولوجية التي انخرطت في العملية السياسية، وفتح اطر الحوار مع بقية التيارات الدراسة التي ترفض العمل السياسي، والتوقف عن إلباس الخصومات السياسية لباساً دينياً لتبرير أعمال القتل. ولتعزيز ادماج الجماعات المسلحة، دعت إلى تعزيز سلطة الدولة وهيبتها ومعالجة الاسباب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أدت الى انتشار السلاح، واتاحة حرية الفكر والتعبير، ونشر ثقافة التسامح ونبذ العنف، وخلق اصطفاف شعبي للتوعية برفض أي فرض لفكر بالقوة، ومحاورة الجماعات المسلحة في جو من الحرية ، وتبني مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية وتأهيلهم مهنيا، والدفع بالدولة نحو الاستقرار، والاهتمام بأولويات الانسان اليمني واصلاح التشريعات ، وايصال خدمات الدولة إلى كل المناطق النائية، واصلاح التعليم والقضاء، وسرعة البت في القضايا أمام المحاكم، وتجفيف منابع تدفق السلاح ودمج تجار السلاح في تجارات مختلفة. واوصت الدراسة بضرورة الحوار وإسقاط الحواجز الوهمية بين التيارات المختلفة، وتقويم الخطاب الاعلامي الديني، وتوفير فرص للشباب وايجاد بدائل سياسية وفكرية واجتماعية تساعد على ادماج الجماعات المسلحة. جيش بدون ولاءات ضيقة وفي الدراسات الأمنية والعسكرية التي كانت توصياتها نواة لقرارات هيكلة المؤسسة العسكرية، تتبعت دراسة جديدة أضيفت لتلك الدراسات في (العبور الآمن) مدى ايجابيات تلك القرارات، واعتبرتها هامة أبعدت شبح الحرب الأهلية، وراعت الأبعاد الجيوسياسية. وأكدت أن تطبيق الهيكلة الجديدة دون تمييز وبإنهاء كل أشكال الولاءات الضيقة، فإنها ستفسح المجال أمام الكوادر العسكرية الشابة لتولي مناصب هامة، وتقلل من تدوير الفساد ، وتنهي وجود أي قوة عسكرية خارج السيطرة وترفع الغطاء عن العابثين بالأمن وتحقق أفضل قدر من الأمن القومي لليمن وتزيل المخاوف الاقليمية. وانتقدت دراسة أمنية عدم ادراك المسئولين أن اليمن دولة بحرية، وأوصت بدمج الاجهزة المشرفة على الأمن البحري في جهاز واحد، وتوفير التدريب الجيد والكفاءات، ووضع خارطة بالنقاط الساخنة للتهريب، وانشاء منظومة رادارات ودعمها بطائرات هيلوكبتر، ومكافحة النشاط الاستخباراتي القادم من القرن الافريقي. توازن سياسي وتطرق الاصدار، إلى عدة سيناريوهات حول مستقبل الأحزاب السياسية، وجاء في دراساته أن تكتل المشترك أمامه خمسة سيناريوهات، بين البقاء بما هو عليه أو تطوير تجربته أو توحد بعض أحزابه في حزب واحد، أو انفراط عقده او رسم تحالفات جديدة، فيما رأت أن المؤتمر الشعبي العام أمام سيناريوهين، إما الجفاف والخفوت أو الدخول في تحالفات جديدة ، مشيرة إلى ان السيناريو الثالث يعتمد على حرص الآخرين على بقاء المؤتمر حزباً قوياً لإحداث التوازن السياسي، لأن غياب التوازن سيعيد انتاج نظام كالنظام السابق – حسب تلك الدراسات. الأمن الغذائي في الاقتصاد أكدت دراسات ( العبور الآمن) لمركز أبعاد على ضرورة تأمين الموارد المالية العاجلة للتخفيف من الفقر عبر برامج الضمان الاجتماعي، وصندوق الرعاية الاجتماعية، وبرامج التحويلات النقدية، وبرامج الأشغال العامة التي تستهدف مجموعات سكانية محددة بعينها ، تندرج ضمن النطاق العاجل بالمساعدة والتدخل. وأكدت على أهمية استعادة الاستقرار لخلق ديناميكيات اقتصادية وسياسية واجتماعية سريعة، وتوفير الحد الأدنى الممكن من التعايش معه من الخدمات العامة واحتياجات السكان الأساسية، وخلق روح الإجماع والمشاركة المجتمعية خلال المرحلة القادمة. تعزيز السيادة وحول تعزيز السيادة والحد من التدخلات الخارجية، أكدت دراسات أبعاد في إصدار ( العبور الآمن) على ضرورة حل المشاكل وتقوية الجبهة الداخلية، وبسط سيطرة الدولة على كامل الاراضي اليمنية، وادماج الجماعات المسلحة القبلية والايدلوجية في العمل السياسي، وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة، وإنهاء المخاوف والاحتقانات والتقاسمات والمحاصصة واضعاف التعصب الايديولوجي والحزبي والمناطقي. تقاطع المصالح وخلط الأوراق وفي دراستين منفصلتين حول الربيع العربي واليمني والوضع الاقليمي والتدخلات الايرانية أكدت احدى الدراسات أن ثورات الربيع العربي أعادت صياغة المصالح الدولية وهو ما انعكس على موازين القوة في المنطقة، مشيرة إلى أن التخوف من حكم الاسلاميين المعتدلين هو جوهر تقاطع المصالح الأمريكيةالايرانية، كون التيار الاسلامي الشيعي في ايران وامتداداته في لبنانوسورياوالعراقواليمن ليس لديه القوة الشعبية التي ستسنده أمام طوفان الاسلام الاخواني، فيما الاسلام السلفي التقليدي لم يعد مرغوبا لدى الشارع العربي، إلى جانب أنه شكل حالة عبء للغرب بالذات في قضايا الديمقراطية وحقوق الانسان. وتوقعت الدراسة أن الأمريكيين لا يجازفون بمحاولات جديدة في اسقاط أنظمة ديمقراطية بعد تجاربهم الفاشلة في ايرانوالعراق وأفغانستان التي أدت إلى تعميق الكراهية ضدها لدى شعوب تلك الدول. كما حذرت دراسات أبعاد دول المنطقة من الغرق في مخاوف وصول الاسلاميين إلى السلطة دون أن يتذكروا ان تلك المخاوف سلمت العراقلإيران العدو الاستراتيجي. وسردت الدراسة الخسائر التي منيت بها إيران بعد الربيع العربي، مشيرة إلى أن أخطاءها في اليمنوسورياوالعراق قد تؤدي إلى خسارتها الربيع العربي نهائيا. وحول الصراع الايراني - الأمريكي ، اعتبرت دراسات أبعاد أن النفط هو القضية الأساس ، وأن أهمية المضائق المائية التي تمر منها النفط هي من دفعت إيران إلى توسيع استقطاباتها في المنطقة. ودعت الدراسة إيران إلى إعادة النظر في استراتيجيتها وبناء تحالفات جديدة مع الاسلاميين في الحكم والتخلي عن الحلفاء التقليديين الذي تم التحالف معهم وفق الأيديولوجيا وليس البراجماتية. الربيع الاسلامي وحول سيناريوهات ما بعد الربيع العربي أشارت دراسة أخرى إلى أن انعدام التجربة هي نقطة ضعف الاسلاميين الذي أوصلهم الربيع العربي الى الحكم، متوقعة انهيار نظام الأسد في سوريا، وتحول العراق إلى ساحة صراع اقليمي. وأوصت الدراسة السوريين أن يبقوا مرحلة الانتقال السياسي سورية صرفة وأن لا يرهنون قرارهم بأطراف اجنبية، كما دعت إيران قبول الخيار الأسلم وقبول المستجدات التي يفرزها الربيع العربي والتعامل معها إيجابيا من خلال تفاهم إيراني - تركي - عربي، يحفظ مصالح الأمم الثلاث ويوقف التعبئة الطائفية المتصاعدة. وتوقعت الدراسة استمرار حالة الانتقال في دول الربيع العربي الأخرى، وتواصل انفجار الأزمات والاضطرابات التي ستضر بالواقع الاقتصادي والتنموي، معتبرة أن تلك هي مرحلة مؤقتة، قبل ادراك الأطراف المختلفة حقيقة أحجامها السياسية، وأن أصل العمل السياسي الديمقراطي هو في التعامل مع الآخر. وعن حركات الإسلام السياسي أكدت الدراسة أنها تمر بحالة انتقال عميقة بسبب التراث السياسي الذي تشكل أثناء ممارسة العمل المعارض، متوقعة أن الواقع الإسلامي يفرز أفرادا ومجموعات تنجح في الانتقال إلى مكانها الطبيعي الذي وصلها الربيع العربي اليه. وتطرقت الى ايجابية من ايجابيات الربيع العربي وهو التطور الذي حصل للحركات السلفية التي انخرطت في العمل وطورت خطابها.