ترابها إسمنت وجبالها رخام وحليبها أجبان وأخشابها فحم.. هي مدينة البرح إذا.. على بعد خمسين كيلو متراً من تعز على الخط الواقع بينها وبين الحديدة.. بوادي الحائط تزدهي وبخضرته تفاخر ، هناك حيث الماء المتدفق على شواجب الحقول ليروي ظمأ أنواع المزروعات و ليغسل أقدام أشجار المانجو المصطفة على ممره كاصطفاف المصلين للصلاة قبل أن يجتاز سائلة الوادي إلى حيث يريد.. ويبقى وادي الحائط قبلة الزوار، و المكان المناسب للتنزه وقضاء الرحلات القادمة من تعز وضواحيها.. جبل العَرَف مصنع إسمنت البرح يقف بشموخه المعتاد بأبراجه وصوامعه على هضبة مميزة، و تمتد أذرعه نحو جبل ( العَرَف ) لتجلب منه الصخور التي ما تلبث أن تتحول إلى مادة إسمنتية بعلامة تجارية شهيرة تنافس بثقة في أسواق المنافسين فتستحيل مادته عمائر ذات بهجة على امتداد رقعة الوطن. يمتد الجبل أكثر فأكثر فيكشف عن سر آخر يحمله إنه الرخام الفاخر فالجبل يحمل في تلافيفه الرخام الأشهر والأجود بين مقاطع الرخام في اليمن إن لم يكن على مستوى العالم إلا أن خلافاً بين الأهالي والدولة حال دون استخراجه وبيعه بكميات تجارية . مدينة الدخان سحابة دخان تظلل سماء البرح بصورة شبه دائمة، تبدو للمشاهد كلما مر من المنطقة فيخيل إليه أن حريقاً شب هناك ، الأمر ليس كذلك،فآثار صناعة الفحم المتشكِّل في أفرانه الشهيرة والتي تتوزع مواقع متفرقة على طول الخط الإسفلتي. - صناعة الفحم من أهم الحرف المتأصلة في البرح نتيجة لوفرة الحطب المناسب لتحضيره عن طريق جمع الأعواد في مستعمرات ممتدة يتم رصها على شكل أكوام متقاربة وإشعالها ، ومن ثم دفنها بالتراب وتركها فترة كافية تلتعج بلا لهب وأثناءها يتصاعد الدخان من بين التراب المغطى للأخشاب المحترقة. - يستخرج الفحم بعد أن ينطفئ أواره ويًزال التراب , يتم بعد ذلك جمع المحصول في أكياس ومن ثم عرضه وبيعه في الأسواق . صناعة الأجبان الجبن العوشقي هو أشهر الأجبان المعروضة في مدينة البرح وينسب إلى منطقة قريبة منها حيث يصنع ويجلب لبيعه على شكل أقراص دائرية. - والجبن أنواع كثيرة تتباين حجماً ولوناً ومذاقاً ويفرّق بينها بمقدار تركيز الملح فيها وعمرها و نوع الحليب الذي تصنع منه ،فالبعض يُصنع من حليب الأغنام و هو الأشهر والبعض الآخر من حليب الإبل. - وتمر صناعة الجبن بمراحل معقدة تبدأ بالحلب والتخمير ثم (الكِبا) أي التدخين قبل أن يكون جاهزاً للعرض والبيع إما في الأسواق أو على قارعة الطريق. - كل هذا الإنجاز للمدينة لم يشفع لها لتكون مدينة تحت الاهتمام والتقدير فهي لا تحظى بخدمات معقولة بل تفتقر للخدمات الأساسية وشيء من التنظيم لشارعها الوحيد و لسوقها الذي يكتظ بالقُصَّاد وبالأخص يوم السبت فهو السوق الأسبوعي الذي تستعد له المدينة من عصر اليوم الأول.