نساء مخدوعات، وأطفال في حكم اليتامى، في رحلة بحث عن الزوج، والأب، الذي خرج ولم يعد.. من القاهرةوعدن نبحث عن آثار زواج باركته الصدفة، على ذمة الرغبة، وأهملته الظروف وقلة الوعي وانعدام الضمير، ودفع ثمنه أطفال أبرياء.. أمام بوابات السفارات العربية / اليمنية في القاهرة والعربية في صنعاء/ على حسب جنسية الأب, يحدث أن ترى نساء، حزينات، تملؤهن مشاعر من الغضب والبؤس، ويشكون قلة حيلتهن، تجدهن يحتضنَّ أطفالا في حكم اليتامى، يبحثن عن أزواجهن الذين كانوا هناك يوما ما، لكنهم رحلوا تاركين لهنَّ أطفالا قد لا يعرف الكثير منهم سوى أسماء آبائهم.. طريق مسدود “أمل”، “هدى”، و”سلمى”، في عمر الزهور، شقيقات من أم مصرية وأب يمني، يقفن على الأرصفة بذهول وهن يفتشن بين وجوه السياح الزائرين للقاهرة عن يمني قد يكون والدهن الذي تزوج من والدتهن ثم سافر ولم يعد.. تركز الطفلات الثلاث على الناطقين باللهجة اليمنية. وما إن يصادفهن أحد اليمنيين حتى تتهلل وجوههن بالبشرى للسؤال عن الأب الذي ذهب ولم يعد، علهن يحصلن على أي معلومة توصلهن إليه. - عندما يتخلى الآباء عن أدوارهم كآباء، ويتنصلون من واجباتهم في رعاية أسرهم وتربية أطفالهم، ويذهبون دون عودة، مخلفين وراءهم مصير أبناء يكبرون ليسألوا: أين آباؤنا؟! وأين هو ذلك المثل الأعلى؟! وإن لم نجده فأين سنجد الحب والعطف والأمان...؟!. - مأساة أمل وأخواتها تتكرر كل يوم بعد أن يصل الأب والأم إلى طريق مسدود يذهب كلا منهم في طريق ليصطدم الأطفال وحدهم بهذا الجدار ..تقول أمل بعد 9 سنوات عاشها أبي معنا بمعدل شهر في كل سنة يزورنا فيه في القاهرة ليعود بعدها إلى اليمن أتى ليقول لأمي انه قرر الاستقرار بنا في اليمن ..وعندما رفضت أمي ذلك خوفا من ما ينتظرها هناك .. عندها حصل الطلاق بهدوء بتعهد من أبي أن يلتزم بالإنفاق علينا.. وسافر أبي من غير عودة.. والى الآن بعد أكثر من12 سنة لا نعلم هل هو حي أم ميت سألنا عليه كثيرا وذهبنا إلى السفارة أكثر من مرة ولكن دون جدوى معللين أن عنوانه في اليمن قد تغير؟!. - سألتها: لماذا تبحثين عنه وبهذا التوقيت بالذات؟ هل السبب الجانب المادي؟ قالت: “لم نتوقف عن السؤال عنه يوما من الأيام. كل اليمنيين الذين التقيناهم، فمنهم من قال لنا إنه مقيم في مدينة صنعاء، ومنهم من قال إنه متزوج وله أبناء غيرنا في اليمن، وجميع المعلومات التي توصلنا إليها لم توصلنا إلى شيء. لمدة أثنى عشر سنة لم يصلنا أي مال منه، الآن أنا وأخواتي كبرنا ونعمل لنعيل أنفسنا وأمنا ومشكلة المال لم تعد في أولوياتنا ولكننا كبرنا وان اعتمدنا على أنفسنا ماديا يبقى هناك فقر عاطفي لا يغني عنه إلا الأب الذي حرمنا منه والأمان الذي نفتقده... كبرنا ونحتاج إلى أبينا أكثر من أي وقت مضى، أريد أبي لكل ما تحتاجه الابنة من أبيها، فهل أطلب المستحيل أو شيئا ليس من حقي؟!. ما خفي كان أعظم بحسب معلومات من داخل السفارة اليمنية في القاهرة أكثر من عشرة آلاف يمني متزوجون من مصريات مسجلين في مصر فقط، ومن لم يطرق باب السفارة كثيرون، وما خفي كان أعظم. فمتى يتحمل هؤلاء الآباء مسؤولياتهم؟! هناك البعض - وهم قلة- تم الحصول على معلومات عنهم وتم التواصل مع أبنائهم، سواء كانوا داخل اليمن أم في بعض الدول العربية. - قضية تتكرر ولكن باختلاف من يؤدي الأدوار فالمشكلة ليست قاصرة على المصرية المتزوجة من يمني ولكن تتعداها إلى اليمنية المتزوجة من سوري أو مصري أو سعودي أو جنسية أخرى!!. جازع طريق..!! في اليمن لم يكن الزوج الهارب هو وحده المسئول بل الحكومة أيضا كما قالت لنا أم حنين، فلم تستطع إخفاء امتعاضها من الإجراءات الطويلة العريضة على حد تعبيرها والشروط المعقدة لمثل هكذا زواج.. أم حنين هي نفسها من ضحايا هذا الزواج تقول زوجي السابق سوري الجنسية وبسبب طبيعة عمله كان لا يقيم في اليمن أكثر من يوم إلى يومين في الأسبوع والباقي يقضيه على متن قاطرته التي يعمل عليها على خط اليمن السعودية وبسبب طبيعة عمله لم يستطع أن يقوم بإجراءات المتابعة في وزارة الخارجية والأمن القومي والخارجية وسفارة بلاده.. وفي الأخير كان الزواج على يد مأذون شرعي شرط علينا انه لن يسلمنا ورقة العقد حتى نسلمه الأوراق المطلوبة.. وبعد سنة زواج للأسف انتهى هذا الزواج ولكن الأشد أسفا أنني كنت حامل بحنين التي ولدت من دون أن ترى أباها والى اليوم.. لم تهمني النفقة ولكن ما كان يؤرق مضجعي إجراءات استخراج شهادة الميلاد لابنتي.. وفعلاً بعد الولادة ذهبت إلى وزارة العدل بعد رفض السجل المدني منحي شهادة ميلاد لابنتي بحجة أنني لا املك وثائق موافقة الجهات المطلوبة أو حتى وثيقة عقد القران.. ولولا أنني قريبة احد العاملين هناك استطاع، بنفوذه وسخائه، لما استطعت استخراج شهادة ميلاد رسمية لابنتي ولظللت من غير هوية!!!. ضياع الأنساب.. السؤال هنا هل كل النساء اللاتي تزوجن بنفس الطريقة لديهن واسطة يستخرجن عن طريقها شهادات ميلاد لأطفالهن؟ - وهل المشكلة هي استخراج شهادة ميلاد وأوراق ثبوتية لهؤلاء الأطفال مع أهميتها حيت سمعنا أن كثيرا ممن واجهتهن هذه المشاكل اضطررن إلى نسب الأطفال إلى الجد من جهة الأم؟! وما يترتب عليه من احتيال وتزوير في أوراق رسمية والأهم من هذا وذاك ضياع الأنساب.. - عن أي آباء نتحدث هنا! عن آباء لا يحملون أي صفات للأبوة حتى أسماؤهم قد لا يستطيع أطفالهم حملها !!. فص ملح وذاب أما نهاد التي تزوجت من شاب مصري الجنسية كان يعمل في محافظة عدن تزوجته وعاشت معه ثلاث سنوات كانت حصيلته طفلين، ومع علم الزوجين أن هذا الزواج غير مستوفي الشروط القانونية حيث تم عقد القران بواسطة مأذون ومن دون إحضار الأوراق المطلوبة وبوعود متكررة من الزوج لزوجته بأن يستخرج الوثائق المطلوبة في اقرب فرصة، وعندما انتهى عقد عمله سافر الزوج إلى بلده وبعد أكثر من أربعة أشهر اتصل على نهاد ليقول لها أنت طالق.. وأقفل السماعة!! هكذا ومن دون أي تبرير على حد قولها.. الآن المشكلة ليست فيها ولكن بمصير الطفلين لجأت إلى الجهات المختصة لتثبت النسب لكن دون أي جدوى فالجهات الرسمية تطالبها بورقة العقد وورقة العقد محتجزة عند المأذون ورافض إعطاءها لها لأن في ذلك ضررا عليه؛ لأن ما قام به مخالف للقانون؟! أصبحت نهاد تندب حضها بعد أن خسرت أهلها الذين عارضوا هذا الزواج منذ البداية وبين الزوج الذي فرش لها البحر طحينة وفي لحظة فص ملح وذاب! تقول نهاد لا أعرف ماذا اعمل و أين اتجه؟.. سيصل أبنائي إلى سن المدرسة قريبا وماذا سأعمل حينها وهم من غير شهادات ميلاد تثبت نسبهم؟! متزوجة أم مطلقة..؟! أو عن تلك التي تزوجها شاب سعودي في اليمن أيضا عن طريق مأذون فقط وبعد أن سافر إلى المملكة أرسل لها مبلغا ماليا لتسافر له هي وأخوها بتأشيرة عمرة وبعد أن قضى معها شهر زمان خرج من الشقة المفروشة التي استأجرها لها ولم تر وجهه حتى الآن!! تقول: بعد أن طال غيابه عنا وبعد أن نفد ما معي من مال اضطررت أنا وأخي لاستدانة قيمة تذاكر العودة إلى اليمن أما زوجي اختفى كأنه دخان!! وأنا الآن لا أعرف هل أنا متزوجة أم مطلقة؟ تجاوزات مدير عام التوثيق بوزارة العدل احمد القبلاني قال: إن الإجراءات المتخذة في زواج الأجانب (الزواج المختلط) تتخذ لجانب أمني وفي كثير من البلدان كما أنها تحفظ حقوق اليمنيين من الجنسين في حال حدوث طلاق أو أية مشكلة.. وان التأخير في الإجراءات سببه وزارة الداخلية.. وأنهم عرضوا عليها أن تفوض الوزارة لفروعها في المحافظات لقبول إجراءات الزواج من أجانب ولكن دون جدوى!! - وأضاف القبلاني أن هناك تجاوزات يقوم بها بعض القضاة وأمناء السر بعقدهم لمثل هكذا زواجا دون أن يكون قد استخرجت الوثائق المطلوبة وأنهم في الوزارة في حالة متابعة مستمرة لمثل هكذا تجاوزات واتخاذ الإجراءات العقابية الصارمة التي تصل إلى المساءلة القانونية وسحب التراخيص منهم. إحصائيات وفي أحدث إحصائية صادرة عن إدارة التصديق بوزارة العدل اليمنية بلغ إجمالي عدد موافقات الزواج المختلط من يمنيين ويمنيات 1005 حالة موافقة من 67 جنسية منها 773 موافقة لغير يمنيين تزوجوا من يمنيات و232 حالة موافقة لغير يمنيات تزوجن من يمنيين. - تصدر من يحملون الجنسية السعودية المرتبة الأولى فيها بعدد 263 حالة تلتها الإمارات العربية المتحدة وفي المركز الثالث دولة الصومال. - ورغم هذا كله كثير هي الحكايات التي شاهدناها والأكثر منها ما سمعناه عن حكايات لفتيات يمنيات تملأ القلب حسرة ونحن نرى ونسمع نفس المأساة تتكرر مراراً وتكراراً.. - من المسئول عن هذه المأساة التي يدفع ثمنها أطفال أبرياء.!؟