سنغني لك موطني.. بكل عشقٍ وحبٍ وفخرٍ وإباء.. سنكون معك على الدوام.. على دربك ماضون، وبك مغنون، وفيك هائمون..!! هكذا قالها الفن.. كلماتٌ تغنى بها لعشيقهِ.. يعشق روحه وترابه.. يعشق أنفاسه، وحجاره، وبره وبحره.. سأظل معك موطني.. في كل مرحلةٍ تمر بها.. ولن أكون أداةً لمن يريد الِمساسَ بك.. فاطمئن حبيبي...! وثيقة عهدٍ أطلقها الفن في قلب من يغني لأجله.... الوطن!! ظل الفن يواكب أي حدثٍ تمر بها البلاد، رغم الصعاب التي تواجهه والتهميش الذي يتعرض له هو ورواده الرائعون، الذين ما زالوا يعانون مرارة العناء من أجل أن يبقى هذا العملاق نقياً طاهراً لا يرى إلا رضى مَن مِن أجله يشدو بالألحان (اليمن..) الفن أسطورةٌ خالدةٌ تتجدد في كل حين... لن يموت... بل سيظل رائداً عبر التاريخ.. خلال الثورة الشبابية الشعبية السلمية... والتي أُطلق عليها ( ثورة الفن ) فهي ثورة فن فعلاً ليس مزايدة.. من خلالها عرفنا المِئات من الفنانين الذين صدحوا بأصواتهم من أجل الحرية والكرامة.. من أجل شعبٍ عانى الأمرين من الاضطهاد..والاستبداد, والظلم، والفساد, وكل ما رأت العين ولمست اليدين من السوء، التي وصلت إليه البلد، كانت الثورة الشبابية.. وكان للفن فيها دوره الذي يُشكَرُ عليه.. دائماً وأبداً.. الفن هو وسيلة إقناعية ليست سهلة... بالنسبة للكثير من الناس.. لهذا حاول الفن والفنانون أن يقدموا شيئاً ليخدم ما تمر به البلاد.. فما إن أتى مؤتمر الحوار الوطني إلا وكان الفن هو السَباق إلى طاولة الحوار.. ظهرت العشرات من الأناشيد والأغاني الرائعة التي تعبرُ عن فرحة الشعب في لقاء ممثلي الشعب ... الكل حاول أن يرسم لوحة الحوار بألحانه وكلماته وأفكاره التي تغوص في أعماقه ليقدمها لهذا الزائر الكريم الذي سيقيم بيننا جميعاً مدة ستة أشهر أو يزيد .. فقُدمت أفكارٌ رائعة للتوعية بأهمية الحوار الذي يُعتبر مخرجاً للبلاد وهذه الأفكار هي أساس كل فن هادف فهناك قاعده شعبية تقول: فن ٌلا يُقدمُ فكرةً يخدم بها شعبه .... للأسف قد نسميه عفناً ..!! فالفن هو ذلك الذي يرسم أفكاراً إيجابية ليقنع شريحة كبيرة من الناس.. وبالتالي فقد رَسم الفن في اليمن أجمل لوحاتٍ خلدها التاريخ في أروع صفحاته الفنية.. فقد رفد ثورة سبتمبر وأكتوبر بما يجب أن يقدمه ورافق درب الوحدة الوطنية فكان رائداً فيها بأروع الألحان وأرق العبارات والكلمات التي جسدت مبدأ الوحدة بعمق في أصداف قلوبنا فامتلأت أوعية تلك القلوب شغفاً وحباً وولاءً لروح الوحدة... فظلت الوحدة هي الموضوع الدائم لأي فنان يريد أن يتغنى بوطنه... فغنى لها الكثير والكثير وصدعت في سمائها أعذب ألحانٍ تسحر وجدان سامعها..! حتى أتى الحوار الوطني الذي جمع أبناء الشعب بعد مرارة الفراق والشتات .. وجمعهم على طاولةٍ واحدة أخذ الفن على عاتقه هذه المرحلة الرائعة التي بها سنحقق الحلم الذي طالما حلمنا به.... إنه ذلك الصباح المشرق الذي ننتظر إشراقه بكل شغفٍ وشوق .....! فكم أتذكر تلك الكلمات التي سحرت وجداني وأسقطت أدمعي... لما فيها من إحساسٍ رائع.. فطبيعي جداً أن تكون بهذا القدر من الإحساس؛ لأن من كتبها هو ذلك المحب الولهان دائماً لهذا الوطن الحبيب ، إنه الكاتب المعروف "جمال أنعم " فقال: سيأتي الصباح الذي في النفوس ......سيأتي كما أبدعته الشموس.. كلماتٌ ذات دلالةٌ بالغة، فباعتقادي أن هذا هو الصباح المنتظر الذي في نفوسنا... فها قد أتى صباحُك أيها الجميل.. ومن أجل هذا الصباح القريب... تغنى الكثير للحوار الوطني الشامل وظهرت عشرات الأغاني والأناشيد والفلاشات التوعوية.. بالرغم أنه لم يتجاوز الأسبوعين.. لكن هكذا عودنا الفن دائماً أن يكون السباق قبل كل الفنون ليرسم صباح وطنه بألحانه... وبالمناسبة.. رحم الله كل صوت وطني غادر الحياة إلى جوار ربه... فقد رحل لكن صوته لم يرحل من أسماعنا.. وشفى الله كل صوتٍ طريح فراش المرض.. ووفق الله كل صوتٍ مازال يكافح من أجل أن يرى يمناً جميلاً يحتضن لصوته الذي غنى من أجله.. فسنظل نرسم لوحات الألحان لذلك اليوم الجديد المُنتظر....!