تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    اليمن: حرب أم حوار؟ " البيض" يضع خيارًا ثالثًا على الطاولة!    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    شبوة تتوحد: حلف أبناء القبائل يشرع برامج 2024    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    وفاة نجل محافظ لحج: حشود غفيرة تشيع جثمان شائع التركي    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيوب.. من شبابة الرعيان إلى زاوية الجنيد
نشر في يمنات يوم 15 - 10 - 2010

من أعماق الذاكرة نسترجع شيئاً من سحر الأمس وقليل من عبق الماضي، وعلى أطلال الزمن الجميل نجتر صوت العذوبة الطافح بالحب الخافق بالشجون، ومن المحربي في الأعبوس ومن مدينة الفن والعشق والطرب من شواطئ عدن نستدعي لحظات ممتعة من عهد مغاير.. ومن تعز وصنعاء وجيزان والقاهرة والخرطوم ولندن وغيرها.. من الأصقاع نستجمع ذاكرتنا لنقف أمام علم يلمع في فضاءات الكون اليماني.. مع أيوب ومن أيوب طارش نستجلي عهود الصبا ونستلهم نبض المتعة وسلسبيل الإبداع وعناوين التميز.
حاولنا عرض شذرات من سيرة أيوب طارش، ذاكرة الوطن وإشراقته الجميلة.. وقد لا نأتي بجديد لكن سيرة أيوب حلوة المذاق ولا تمل كما هو حال أغانيه.
عاشق الليل
هو من غنى لكل شيء جميل في الوجود، وقد عرفناه من خيوط الفجر ودخداخ النسيم.. عرفناه من صباحات المدارس ومن مهاجل الزراع ومواويل الرعيان .. مع ألحان أيوب رسمنا خيالات المستقبل، ومن أنغامه عرفنا كيف نقتنص لحظات الحب والجمال .. فهو من علمنا كيف نعشق الأرض ونتمتع بزهو الحقول وخضرة الوديان، .. كما علم العشاق كيف يرسمون القبلات وكيف يمارسون طقوس الحب، والوفاء على شواطئ القمر وفي ثغر الشمس وهو من صاغ ذائقتنا الوجدانية والفنية ومعه عشنا مشاعر الفرح والشموخ.
أيوب ظاهرة غنائية فريدة، اجتمعت فيه سمات الفنان والتقت على أنغامه مشاعر الحب والحنين للأرض والإنسان. ومعه وجدنا روائع الغناء وروح الأصالة ونقاء الوطنية تحلق بنا في مدارات النجوم.
أيوب في المحربي الأعبوس
في قرية المحربي، عزلة الأعبوس مديرية حيفان محافظة تعز، ولد أيوب وعلى سفوح الجبال وبين شعابها وأنكابها رعى الأغنام من شروق الشمس إلى غروبها، ولم يكن يتميز عن بقية أقرانه الحفاة سوى في الشبابة التي كان لا يفارقها، فهي سلواه في لظى الهواجر وسكون الليل، وعند جلجلة الرعود ولمع البروق، فقد كان يحملها معه إلى الجبل ويظل يغرد وينسج ألحان الرعاة وكأنه قد خلق للفن الذي كان يعيش به منذ نعومة أظفاره.
سيف الصلوي وبنت شريان
كان يقيم في منزل والد أيوب عامل بسيط اسمه "سيف الصلوي"، يساعد الأسرة في أعمال الزراعة وجلب الماء وغيرها من المنافع، وكان هذا الرجل عندما ينتهي من أعماله ليلاً يجلس أمام شباك في غرفته ويأخذ بالغناء، وكان يغني أغانٍ قديمة لبنت شريان بصوت جميل كان يسلب لب أيوب، ولاعجاب أيوب بصوته فقد كان يتعشى سريعاً ويذهب ليسمر مع سيف الصلوي في غرفته كي يسمعه من تلك الأغاني..
عدن ..عدن فيها الهوى ملون
عندما بلغ أيوب سن العاشرة حمل صبابته وودع قريته الصغيرة التي قاسمته الأفراح والأحزان، تاركاً خلفه ذكريات المراعي وصدى طفل كان يصوغ من خلاله مواويل الرعاة وألحان البتول، ووصل أيوب إلى عدن في عام 1953م، ومثل ما تعلم من سيف الصلوي أبجديات الغناء في الأعبوس تعلم من محمد عبد الوهاب أصول الفن في عدن من خلال متابعته لسهرة محمد عبد الوهاب التي كانت تبثها إذاعة عدن كل ليلة أحد لمدة ساعة كاملة.
وكما يروي أيوب أنه في تلك الليلة من كل أسبوع كان يستنفر طاقته ويكمل عمله مبكراً ويعود إلى الغرفة التي يسكنها ويلملم جسده المثقل بعناء العمل ويغلق النوافذ ويطفئ الضوء ويجلس في الظلمة يستمع لمحمد عبد الوهاب، وكما قال (وأنا مش موجود خالص)، ومما يتذكره أيوب أنه كان يتعمد المشي إلى البيت في طرق خالية من المارة والإنارة كي يغني ويسمع نفسه من ألحان محمد عبد الوهاب فكانت تمر عليه الطريق سريعاً ولا يدري إلا وهو أمام البيت.
حكاية الأغنية الأولى
بالله عليك وامسافر لا لقيت الحبيب
بلغ سلامي إليه وقلَه كم با تغيب
أمسيت أناجي القمر والناس جمعة رقود
أدعي لربي وأقول أيحين حبيبي يعود
عام 1956م عزفت أنامل أيوب ألحان هذه الكلمات وصدح بها في الآفاق فلامست الجروح وتسللت إلى القلوب معلنة عن ميلاد فنان من نوع خاص ومدرسة فنية من طراز فريد وسجل هذه الأغنية مع مجموعة أغانٍ أخرى وأرسلها إلى إذاعة تعز مع جمال (طبل) يدعى عبد الغني العمشة، وبدأت الإذاعة تبث هذه الأغاني منذ ذلك العام.
الأغنية من كلمات أخيه محمد طارش عبسي الذي كان مقيماً في القرية، فقد اختاره والده أن يقيم إلى جواره بعد سفر إخوانه إلى عدن كي يعتني بالأرض ويقوم بمهام الزراعة..
عندما علم محمد طارش بأن أيوب وصهره قد أشتريا عوداً مناصفة أرسل لأيوب بأغنية "بالله عليك وامسافر" وأغنية "يوم السفر أصبحت أوادع أهلي" وأغنية "بس لا تؤشر لي سلام بيدك" وأغنية «قد كان طبعك حلا» وقد كانت هذه الأغاني مفاجأة لأيوب لأنه يعرف أن أخاه لا يكتب شعراً ولكن بحسب قول أيوب لصحيفة الميثاق "كأن الله ألهم محمد طارش تلك القصائد ليعطيني ضوءاً أخضراً وتذكرة سفر للإبحار في عالم الفن".
مرارة الاغتراب..!!
عاش أيوب مرارة الاغتراب منذ طفولته، فالسفر إلى عدن كان يعني الانقطاع عن الأهل والأحبة والأرض والدار.. وكما قال أيوب: أنه لم يكن يربط المسافر بأهله سوى (الطبل) (البريد التقليدي) من خلال المراسيل التي كانت تؤجج اللهفة والاشتياق، وقد لعب الحنين إلى مراعي الصبا دوراً كبيراً في صياغة ألحان أيوب فزخرت أغانيه بجمال الجبال والوديان والمدرجات، والسيول وهمس الزهور..
وبألحانه ومواويله صاغ مقامات الاغتراب وترجم الكلمات إلى أحاسيس ومشاعراً وصوَر لحظات الوداع وحال المفارق وجسد الأشجان للأرض ولامست أغانيه الجروح وأشعلت المشاعر المحبوسة، وكانت كالفجر الذي يلهم الطيور التغريد.
كانت الغربة ثقيلة على أيوب، ولذلك نجده يطلب من عبد الله عبد الوهاب نعمان أن يكتب له أغنية تخفف عليه وطأة الغربة وتحمل معه المدرجات والسواقي وتذكره بالظل والشواجب أثناء سفره إلى صوفيا للمشاركة في مهرجان الشباب العربي، فسطر الفضول رائعته ولحنها أيوب في ليلة من ليالي صوفيا الجميلة:
جنحت واجناحي حديد لا ريش
فارقت أرضي حيث احب واعيش
لا أين لا أي البلاد؟ ما ادريش
كوخي حديد غنيت ما سمعنيش
شاعود للخلان والأحبة
شاعود يكفيني شجن وغربة
لقد قسى أيوب على المغتربين بأغانيه وأشعل فيهم مرارة الغربة ولوعة الفراق فعزف :
ياغريب الوطن يكفيك غربة وأسفار
الوفاء دين يالله شرفوا الأهل والدار
لا تردوا الرسائل ما تطفي الورق نار
والنقود ما تسلي من معه في الهوى شان
وناداهم بالعودة :
ارجع لحولك كم دعك تسقيه
ورد الربيع من له سواك يجنيه
كل الألوان
لقد غنى أيوب لكبار شعراء الأغنية ومن كل ألوان الغناء اليمني، فأبدع أيما ابداع فمن كلمات صالح نصيب غنى :
أحبك والدموع تشهد.. ودمع العين ما يكذب
ولا حبيت غيرك حد.. وبك وحدك عرفت الحب
عرفته يوم ما شفتك
وناجيتك بأنغامي.. وكل الناس غنت لك
وقلبي لك يعيش ظامي..بجنبك عاش يحلم بك
وكم حرمت نوم العين.. لأن الطيف يشغلني
وكم قد ذبت بيني بين.. شجن وانت قريب مني
ولكلمات الشاعر الكبير أحمد الجابري صاغ أيوب أعذب الألحان..
خذني معك، وأشكي لمن وانجيم الصبح قلبي الولوع، وأيش معك تتعب مع الأحباب ياقلبي وتتعبنا معك.. وغيرها.
كما غنى لعثمان أبو ماهر والصريمي وعبدالحميد الشائف وأحمد الجنيد والأمير السعودي فهد بن محمد صاحب أغنية جوال وعبدالرحمن عبد الجليل والديلمي والشرفي وراشد محمد ثابت.. ومن كلمات هذا الأخير:
ياحاملات الشريم والطل فوق الحشائش
هيا اسبقين الطيور وغردين بالغباشش
إلى أن يقول:
عراجش السوم تزهر ورده بوصلك هائم
اذكر عهود الشواجب.. همس العيون والمباسم
وغنى التهامي :
كل امغنى وامفل من تهامة
وسجعة ام قمري وامحمامة
وخضرة ام ريحان والتمامه
وهي الأغنية التي كتبها الفضول قبل وفاته وكانت أول محاولة شعرية له باللهجة التهامية.. وقبلها أغنية علي عبد الرحمن جحاف ،
واطائر أم غرب ذي وجهت سنا امتهائم
كما غنى الحميني :
يابروحي من الغيد هيفاء كالهلال
حسنها شل روحي وعقلي
غانية مالها في الغواني من مثال
لا ولا في المحبين مثلي
الثنائي الرائع
عانقا الإبداع وامتزجت قدراتهما ببعض فخرجت أعمالهما بأجمل صورة وأزهى خيال، فقد وجد كلاهما في الآخر ضالته وكان المبتدأ في "دق القاع دقه" و"عدن عدن" وكان الخبر تشكيل ثنائي رائع، الفضول معين لا ينضب من القصائد وأيوب بحر زاخر باللحن والصوت فامتزجت الكلمة الرائعة بالوتر الحساس..
تبكي معي أعماق روحي كلما أبكي عليك
وتردني الأشواق من عندك وترجع بي إليك
ما عاش بي حسي ولا نفسي أوت إلا لديك
وتدفق هدير الأغاني العاطفية والوطنية وصدح أيوب:
لمن تضوي ياصباح بالنور
لمن تغني ياحمائم الدور
لمن لمن نسيمات يا حور
وتقطفين زهر الخزام ممطور
وأنا من الدنيا قليبي مهجور
وتوهج عطائهما وأشجت كلمات الفضول وأغاني أيوب الصغير والكبير.
أيوب.. صوفياً
عندما يسكن الكون ويخلد الأنام للنوم تجد أيوب يقظاً يستمتع بهجوع الليل .. يرقب خيوط الفجر.. يناجي ربه.. يتلبس الخشوع ويعيش الروحانية الساكنة في جسده وروحه.
فأيوب في حقيقته إنسان بسيط لا يعرف التكلف ولا يصطنع الخجل، تسكنه براءة الطفل القروي وصدق الفلاح العبسي.
وحسب المعنى الحقيقي للصوفية فهو صوفي بالفطرة.. وعلى هذا فقد جاءت أعماله الغنائية الصوفية عميقة اللحن شجية الصوت لأنها تنبع من روح صوفية تموج (ببساطة الطيبين ونفحة الصالحين).. ولهذا شدا :
حبنا ماتاه في الإثم ولا ضل
حبنا حكم من الأقدار مرسل
ويغني لرمضان فيقول:
رمضان ياشهر الصيام الأوحد
أهلاً بنورك قد أطل بموعد
فناناً لا مداحاً
رغم أنه يحب عبد الناصر وصدام حسين وإبراهيم الحمدي إلا أنه لم يغن لأحد منهم.
والمرة الوحيدة التي غنى فيها لحزب كانت بأمر وزير الإعلام أثناء الانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية،عام 2006م وعندما لحن الأغنية في صنعاء وسجلها حذف منها المقاطع التي تمدح الحزب الحاكم، وبعد أن سافر إلى تعز اتصل به وزير الإعلام يعاتبه على الحذف وطلب منه العودة إلى صنعاء لإعادة تسجيل الأنشودة بدون حذف فرد عليه أيوب"إذا كان بأمر الدولة سوف أعود، وعاد وسجلها دون حذف".
الإنسان الفنان
تقول زوجة أيوب: إذا أيوب ماشي في الشارع بالسيارة ووجد أعمى ينزل يقوده ويقطع به الشارع.
ويقول هو أنه يقضي أوقاته في مساعدة الآخرين وتلمس هموم الجيران والبحث عن مساعدة لمن يتألمون ويتوجعون.
أما حياته اليومية فأيوب يفضل التخزينة في البيت طوال أيام الأسبوع عدا يوم الخميس فإنه في مجلس الجنيد..
روحه اجتماعية ودودة لا طقوس لديه في اختيار الألحان فهو يختار له أي ركن من أركان المنزل ويجلس يدندن بعوده غير متضايق ممن يتحدثون أو يمرون بجواره.
من نشيدي إلى أنيني
الفنان الذي صاغ الذائقة الفنية على مدى ستة عقود وهذب الأحاسيس ورسم أجمل اللوحات الوطنية والفنية وسكن وجدان أجيال من اليمنيين.. مضى به العمر ويقضي أيامه في مدينة تعز يكابد الألم ويعيش محنة المرض الذي رافقه طوال عشرين عاماً عانى من الإهمال أحياناً كثيرة ووجد العناية أحيانا قليلة.. كان حب الجماهير الهادر هو المعين له في كل المحن وآخرها تلك الوقفة الشعبية التي رافقت علاجه في الأردن والمانيا وأحرجت الموقف الرسمي كثيراً.
عود أيوب لأيوب
في مقابلة سابقة مع صحيفة النداء قال أيوب: سأهدي عودي لمن أراه موهوباً من أوساط أسرتي وأتوقع أن يكون أيوب صلاح أيوب فالموهبة لديه فإذا أعطاها حقها من الاهتمام وبدأ يجيد العزف فهو المستحق برأيي.
الحلم الأخير
أن يستطيع بناء منزل لأولاده في حوش المنزل المقيم فيه.
محطات في حياة عملاق
- الاسم: أيوب طارش نائف العبسي
- تاريخ الميلاد: 1942م.
- محل الميلاد: قرية المحربي، عزلة الأعبوس، مديرية حيفان محافظة تعز.
- عمل في الرعي في طفولته بالقرية وسافر إلى عدن وعمره عشر سنوات عام 1953م.
- حصل على شهادة الثانوية من المعهد العلمي الإسلامي بعدن وتتلمذ على يد العلامة المجتهد محمد بن سالم البيحاني.
- أنتقل إلى تعز عام 1967م.
- عمل موظفاً في شركة الطيران عام 1969 ثم في البنك اليمني للانشاء والتعمير حتى عام 2003م.
- سافر للدراسة في القاهرة عام 1974م.
- حصل على وسام الفنون من الدرجة الأولى عام 1979 ودرع الثقافة عام 2003م.
- قاعدته وزارة الثقافة بقرار صدر في نوفمبر 2006م.
- زوجته: لول محمد إسماعيل العبسي
عدد الأولاد: خمسة.. أربعة ذكور هم: هشام، صلاح، رفعت، شادي وابنة واحدة هي ألحان، وجميعهم متز وجون.
- السكن : تعز حارة حوض الاشراف.
- السيارة: مرسيدس لون رصاصي.. موديل 78 رفيقة عمر أشتراها عام 1979م بسبعين ألف، دبر جزءاً من المبلغ والبقية مساعدة من الشيخ عبد الرحمن محمد علي عثمان.
أيوب ولول علاقة زوجيه نموذجية
قال أيوب: "من أسباب نجاحي زوجتي، فعندما تكون الزوجة متفهمة لظروف عملك تستطيع أن تبدع، والحمد لله لقد كانت أم صلاح عافاها الله الزوجة الصالحة والمناسبة.. صبرت وتفرغت لشئون البيت والأولاد وخففت عني الكثير من المسئوليات لكي أتفرغ لفني".
"لول" زوجة أيوب : "أيوب كل شيء بالنسبة لي، هو الأب والأخ والقريب ولم نختلف أبداً في أي يوم من الأيام، وهو طيب ومتواضع وعفيف ولم يزعل أو يغضب على أحد، وتعامله عسل مع كل الناس".
وبالمناسبة فقد باعت "لول" خاتم الخطوبة ليشتري أيوب بقيمته عوداً.
عندما بگى الكروان
في إحدى محطات أيوب الفنية سافر إلى بريطانيا لإحياء بعض الحفلات للمغتربين هناك، وفي إحدى السهرات طلبوا منه أغنية بالله عليك وامسافر، وأثناء تأديته للأغنية شاهد أحد المغتربين الجالسين في المقاعد الأمامية من المسرح يحاول كفكفة دموعه التي كانت تنهمر بغزارة على خديه فكاد أيوب أن يبكي لبكاء ذلك المغترب لكنه تمالك نفسه حتى أكمل الأغنية ثم ذهب إلى غرفة جانبية وبكى بحرارة.
كما بكى أيوب مرة أخرى يوم إعلان تحقيق الوحدة اليمنية.
قصة رددي أيتها الدنيا نشيدي
ذكر أيوب في أكثر من مناسبة أنه عانى كثيراً في إيجاد اللحن المناسب لأنشودة "رددي أيتها الدنيا نشيدي" التي لم يكن يتوقع أن تصبح يوماً ما نشيداً وطنياً.. وبسبب قرب المناسبة التي كان سيغني فيها النشيد، فقد ظل يشتغل على تلحينها ليلاً ونهاراً وكان يضع لحناً لها في النهار ثم يرى أنه غير مناسب ولا يرضي نهمه فنياً، وينام وهو زعلان.. لكن هاجساً كان يأتيه وهو نائم فيصحو ليسجل ما ينتابه من لحن إلى المسجلة التي كان يتركها بجانبه، وفعلاً تحقق اللحن من خلال الحلم وخرج من المأزق.
وقد تحدث أيوب بمرارة أنهم عندما أقروا النشيد الوطني في عام 90 تجاهلوه واستعانوا بفنانين آخرين لتسجيله وكأنه غير موجود، أما كيف أصبحت "رددي أيتها الدنيا نشيدي" نشيداً وطنياً للشطر الجنوبي من اليمن فقد كان متواجداً في عدن عام 1982 لغرض تسجيل بعض الأناشيد وتفاجأ بالرئيس علي ناصر محمد يقف بجواره ويقول له: كيف حالك يا أستاذ أيوب، نريد منك أن تأخذ بعض أبيات أنشودة "رددي" وتعمل منها نشيد وطني يكون مدته عشر دقائق ورتب منها ما يكفي لمدة دقيقة كسلام جمهوري وأي شيء نحن مستعدون. فقال له أيوب هذا شرف كبير لي وهذا أكبر مكافأة.. لكن الفنان علي السمه الذي كان لحظتها متواجداً في عدن قال للرئيس علي ناصر: لا تصدق أيوب هو من النوع الخجول ويحتاج يروح يعالج زوجته فقال الرئيس علي ناصر بكرة با توصل لك تذاكر السفر ومنحة علاجية لك ولزوجتك إلى الهند ومصروف جيب وبا يستقبلك سفيرنا وسيشرف على حالتك.. وفعلاً استلم أيوب الأوراق والتذاكر وخمسة آلاف دولار ولكن بعد 40 يوماً من وفاة الفضول عمل الأخوة في الجنوب النشيد الوطني من أنشودة "رددي" عبر فنانين جنوبيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.