عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترحيل العمالة اليمنية من السعودية ..ماذا وراء الأكمة..؟
نشر في الجمهورية يوم 06 - 04 - 2013

“يا راعية المبادرة الخليجية لماذا ترحيل اليمنيين في هذا التوقيت” سؤال كتبه شابان في لافتة قماشية وحملاها في تظاهرة احتجاج أمام السفارة السعودية بالعاصمة ، احتجاجا على ترحيل الرياض آلاف العمال اليمنيين، في خطوة أثارت مخاوف واسعة، وفتحت الباب لأسئلة تتداخل فيها المخاوف السعودية من اضطرابات أمنية، نتيجة الحرب الدامية في سوريا وحملات ترحيل المجاهدين من اليمن وبيئة الفقر الحاضنة للإرهاب، وقرار حكومة أردوغان فتح المنافذ التركية الجوية والبحرية والبرية لسفر اليمنيين دون تأشيرة.
عشرات الآلاف من العمال اليمنيين في السعودية خضعوا في الشهرين الماضيين لعمليات ترحيل قسرية، سجلت فيها المنافذ اليمنية واحدة من أكبر عمليات الطرد الجماعي للعمالة اليمنية في خطوة فاجأت الحكومة الانتقالية والرئاسة والبرلمان وأكثر من ذلك الشارع اليمني الذي وجد نفسه وسط محنة اقتصادية مفاجأة، بعدما أطلقت السلطات السعودية أيادي فرق التفتيش لتنفيذ حملات دهم وضبط عشوائية للعمال اليمنيين في السعودية، وترحيلهم جماعيا في خطوة أثارت المخاوف خصوصا بعد تأكيد وزير العمل السعودي استمرار عمليات التفتيش والترحيل والملاحقة لليمنيين العاملين في السعودية حتى نهاية العام الجاري والتي ترجح أكثر التقديرات تفاؤلا أن تطال زهاء مليون يمني يعملون في السعودية بطريقة نظامية وغير نظامية.
ورغم أن عمليات الدهم والتفتيش والترحيل مستمرة على قدم وساق في المملكة فإن اللافت أن صداها بدا واضحا لدى مكاتب العمل السعودية والشركات الناشطة في مجال استقدام العمالة ووكلائها في اليمن وهي على كل حال شركات يملكها أمراء ومسؤولون ورجال أعمال سعوديون ويديرها وكلاؤهم من اليمن في شركات خفية وظاهرة، وهذه الأخيرة بدأت هي الأخرى تحركات مرتبكة ظهرت مؤخرا إلى السطح في معادلة غامضة، عندما رفعت الرياض يدها عن هذا الملف ودفعته إلى الشركات التجارية للعب دور في ترتيب الأوضاع أو تصحيح أوضاع العمال اليمنيين العاملين بصورة نظامية، بما سيؤديه ذلك من آثار سلبية على المدى المنظور في إخضاع العمالة اليمنية لإعادة فرز وشروط لا تبدو بعيدة عن الحرب التي تورطت فيها دول خليجية في سوريا.
نظرة من الداخل
في السعودية تتكدس العمالة من جنسيات كثيرة من الفلبين والهند وباكستان والنيبال وبلدان آسيا وأفريقيا والعديد من البلدان العربية ، لكن بعض المرحلين اليمنيين يؤكدون أن القرارات السعودية الأخيرة كانت موجهة بصورة مباشرة على العمالة السورية واليمنية وبنسبة قليلة العمالة المصرية. ويشيرون في ذلك إلى أن قرار تعديل قانون العمل أصدره، مجلس الشورى السعودي، الذي اقر تعديلا يحظر على العاملة الوافدة العمل لدى غير الكفلاء، في خطوة قالت الرياض إنها استهدفت سائر الجنسيات العاملة في المملكة غير أن تنفيذ القرار ركز بشكل مباشر على العمالة الوافدة من اليمن وسوريا. أوكلت وزارة العمل السعودية تنفيذ حملات ترحيل العمالة اليمنية إلى لجان تفتيش تضم إلى جانب الشرطة ومندوبي الجوازات ممثلين من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وممثلين عن الشركات السعودية الناشطة في مجال استقدام العمالة، بعد إقرار السلطات هناك تعديلا في قانون العمل يحظر على العامل الوافد العمل في مهن غير المحددة وفق نظام الكفيل، إلى إقرارها إجراءات عقابية مشددة قلصت من فرص العمل للعامل الوافد، وأضافت قيودا جديدة وعقوبات مشددة على العمالة المخالفة، لم تلتفت لها المنظمات الحقوقية الدولية التي طالما كانت توجه انتقادات للسلطات السعودية حيال ما تعده انتهاكات حقوقية على العاملين الأجانب. رغم الأسئلة الكثيرة التي فتحها توقيت هذا الإجراء، فإن البعض عزاه إلى التوصيات التي أصدرتها اللجنة الخاصة التي شكلها مجلس الشورى السعودي لدعم نجاح المبادرة الخليجية، فهذه اللجنة أشرفت مؤخرا على مسوحات ميدانية أحصت فيها حجم ونوعية قوة العمل اليمنية في المملكة، كما بحثت في كيفية الاستفادة منها خلال وبعد تنفيذ المبادرة الخليجية. نتائج عمل هذه اللجنة لم تعلن رسميا كما لم تعلن أهداف المسوحات التي تزامنت مع أخرى استهدفت حجم ونوعية العمالة السورية، ومدى الاستفادة منها بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد. ورغم أن بعض المغتربين اليمنيين المرحلين يؤكدون أن عمليات الترحيل للعمالة اليمنية ليست جديدة باعتبار أن السلطات السعودية ترحل سنويا عشرات الآلاف من اليمنيين الداخلين إلى الأراضي السعودية بصورة غير نظامية، غير أنهم يؤكدون بالمقابل أن الحملات الأخيرة لم تكن كسابقاتها بل كانت عشوائية وما ميزها أنها طالت العمالة اليمنية والسورية من المقيمين بصورة نظامية وغير نظامية.
نظام الكفيل
قبل سنوات اعتمدت السعودية نظام الكفيل سعياً إلى حل جزئي لمشكلة البطالة المتفاقمة في المملكة، وصار كثير من العاطلين يعملون في شراء فيز العمل وبيعها في السوق اليمنية بمبالغ باهظة، فالراغب في الحصول على فيزا للعمل في السعودية عليه أن يدفع مبلغاً وقدره 4500 دولار مقابل الحصول على الفيزا كما أنه مطالب بأن يدفع للكفيل مبلغا ماليا شهريا لقاء الكفالة. يتحدث البعض عن سرقات تسمح السلطات السعودية بتمريرها بمنح بعض الشباب السعودي فيز عمل لبيعها في حين أنه لا يدير مشروعا تجاريا وعندما يبيعها لعامل يمني يضطر هذا المنكوب عند وصوله إلى العمل في مرافق لا يملكها كفيله، ويكون عرضة لملاحقات لجان المخالفين، وفي الوقت ذاته يكون مطالبا بدفع مبلغ شهري أو سنوي للكفيل وهكذا دواليك. الأدهى من ذلك أن مكاتب العمل السعودية وشركات استقدام العمالة ليس لها مهمات سوى الدفاع عن حقوق الكفيل وعند الحملات تذهب أياديهم إلى العامل المسكين في حين لا تخضع الكفيل المخالف لأي عقوبات أو مساءلة، هذا إن لم تمنحه مزايا إضافية كأن تجبر العامل الموقوف على سداد أعباء مالية للكفيل وهكذا يخسر كل ما ادخره في عمله في هذا البلد الذي لا تصان فيه كرامة الإنسان ولا آدميته.
أهداف خفية
بعض المرحلين الذين وصلوا إلى محافظات يمنية تحدثوا عن برنامج السعودة أو إحلال السعوديين في الوظائف بدلا عن العمالة الوافدة، في القطاعين العام والخاص، وهذه القضية كانت محور التعديل الذي أقرته الرياض لقانون العمل السعودي والذي قالت انه استهدف “ العمالة السائبة” أو “ المخالفة” من سائر الجنسيات والمتهمين باختراق نظام الكفيل بالالتحاق بأعمال لدى غير كفلائهم، غير أن هؤلاء يؤكدون أنهم ما عرفوا ذلك إلا عبر وسائل الإعلام.
عدد آخر من اليمنيين المرحلين وجدنا أنهم لا يعرفون لماذا تم ترحيلهم وكل ما يعرفونه أنهم ضبطوا في حملات دهم عشوائية طالت آلاف بتهمة العمل في مهنة غير المصرح بها للكفيل أو العمل بصورة غير نظامية، وتحدثوا عن فقدانهم وآخرين حقوقا مالية إلى جانب فقدان ممتلكات خاصة صادرتها السلطات السعودية بما في ذلك وثائق السفر التي مُزقت أو تم مصادرتها خلال هذه الحملات. لماذا تعمد السلطات السعودية إلى تضييع حقوق عاملين شرعيين كهؤلاء وتصادر ممتلكاتهم ولا تمنحهم الفرصة لإثبات هوياتهم ووثائقهم هل الهدف فقط هو الترحيل وتطبيق القوانين؟ إبراهيم. ع شاب يمني كان يعمل في السعودية في محل لبيع الهواتف النقالة واكسسواراتها ورُحّل مع آخرين بواسطة شاحنات نقل كبيرة من تلك المخصصة لنقل مواد البناء والتي تتولى منذ أسابيع نقل اليمنيين المرحلين من سجون الاحتجاج، إلى مناطق الشريط الحدودي، يقول: إن حملات الترحيل ركزت أكثر على العمالة السورية واليمنية دون غيرها من الجنسيات العاملة في السعودية، ويعتقد كما آخرين من أقرانه أن عمليات الدهم والاعتقال والترحيل الأخيرة على صلة بالحرب الدائرة في سوريا. يؤكد آخرون أن كثيرا من العمال اليمنيين وقبل عمليات طردهم الجماعي رفضوا التطوع للجهاد في صفوف الجيش السوري الحر، لكن المسألة في الآونة الأخيرة لم تعد تطوعا فهم يرغمون الأجانب (اليمنيين والسوريين) على أداء خدمة تجنيد إلزامية في كتائب المجاهدين. يتحدث بعضهم عن وجود آلاف من العمالة اليمنية الوافدة في السجون السعودية، ممن لا يعرف مصيرهم حتى الآن لكنه يرجح أن بعضهم قد يكونون نقلوا إلى خط المواجهة الأول في سوريا. كلام هذا الرجل يبدو خطيرا للغاية، لكننا لم نعثر على شهادات أخرى تؤكد صدقية ما يقوله، في حين أن البعض يرجحون ذلك ويتحدثون بتردد عن نشاطات من هذه النوع كانت واضحة في مدن المملكة خلال الأشهر الأخيرة، كما يتحدثون عن مخاوف سعودية من استغلال قوى خارجية الانتهاكات التي تطال العاملين العرب في السعودية وخصوصا اليمنيين والسوريين والذين يخضعون لانتهاكات من أرباب العمل ومن الجهات الرسمية.
قوة العمل
تشير التقديرات إلى وجود زهاء 1.5 مليون مغترب يمني يعملون في السعودية وحوالي نصف هذا العدد يعملون في الخفاء بعدما دخلوا الأراضي السعودية بطريقة غير شرعية، وهذا الكم الهائل من العمالة أثار مخاوف الساسة اليمنيين من تكرار ما حدث إبان الغزو العراقي للكويت في عام 1990 عندما رحلت الدول الخليجية العمالة اليمنية بصورة جماعية ما أثقل كاهل اليمن بأزمة دمرت اقتصاده كليا. يبدي البعض مخاوف من أن تقود إجراءات الترحيل الجماعي للعمالة اليمنية في السعودية إلى تكوين مناطق فقر مدقع، ستكون العدة والعتاد لإنتاج المجاهدين والإرهابيين الذين سيرحلون إلى سوريا في مراحل لاحقة، والطريق السالك جسراً جوياً من اليمن إلى تركيا بعدما فتحت الأخيرة منافذها لسفر اليمنيين من دون تأشيرة. وثمة اتهامات للتيارات الإسلامية المرتبطة بعلاقات وطيدة مع تركيا ستتولى هذا الأمر ويشير البعض إلى أن انفراد أحزاب إسلامية بعينها بالتصريحات المناهضة لعمليات الترحيل الجماعية واستباقها الحكومة الانتقالية في التعبير عن معاناتهم، وإشاعة البيانات المناهضة لعمليات ترحيلهم وآثارها لم يكن مصادفة. كما العديد من رموز الحركة الإسلامية الذين شرعوا في التواصل مع المغتربين المرحلين وإحصاءهم وتنظيمهم في تظاهرات احتجاج وتبني الوسائل الإعلامية التابعة للتيارات الإسلامية نشر التصريحات والبيانات الصادرة عن السفارة اليمنية في السعودية وجهودها لحل أزمة العمال المرحلين، حتى أن وزارتي الخارجية والمغتربين كانتا آخر من يعلم بهذه التحركات وغالبا ما يتعرفون عليها من وسائل الإعلام ذاتها. يشير آخرون إلى تزامن هذه الإجراءات وإعلان تركيا فتح حدودها لليمنيين للدخول من دون تأشيرة، يضاف إلى ذلك إعلان قادة سعوديين في تنظيم” القاعدة” أن نائب أمير التنظيم في جزيرة العرب سعيد الشهري حي يرزق، ونفيهم التقارير السعودية واليمنية التي تحدثت عن مقتله في وقت سابق من العام الماضي. وفي موازاة عمليات الترحيل للعمالة اليمنية شرعت السلطات السعودية في تعزيز تواجدها العسكري في مناطق الشريط الحدودي في محافظات صعدة وحجة وكذلك في محافظة الجوف التي تعرض أحد مسؤوليها من قائمة أنصار الله في مؤتمر الحوار الوطني وهو وكيل محافظة الجوف، لمحاولة اغتيال وسط العاصمة، وتخلل ذلك نشر الرياض قوات في مناطق حدودية يمنية خاضت قتالا مع بعض القبائل اليمنية، بعدما أقامت مناطق عسكرية مستحدثة في جبال خاضعة للسيادة اليمنية.
جهود يمنية
الجهود اليمنية لمواجهة تداعيات هذه الإجراءات في الداخل لم تتجاوز بيانات الشجب والإدانة والمطالبات بمراعاة الأوضاع التي تمر بها اليمن حاليا، في حين أعلن وزير المغتربين مجاهد القهالي أن الحكومة بصدد إرسال وفد إلى السعودية لمراجعة تصحيح أوضاع اليمنيين ومنحهم فرصة لمواءمة وترتيب أوضاعهم، غير أن هذا الوفد لم يتوجه إلى المملكة حتى اليوم. السفارة اليمنية في الرياض باشرت إجراءات انفرادية وغريبة الأطوار كما تقول وزارة المغتربين لمواجهة المشكلة المستجدة في عمليات الترحيل الجماعي للعمالة اليمنية وكان اللافت فيها أنها لم تطالب الجهات الرسمية السعودية، بل اتجهت إلى التفاوض مع احدى الشركات السعودية العاملة في مجال استقدام العمالة، للعب دور في استيعابهم ومنحهم الفرصة لتسوية أوضاعهم وفقاً لأنظمة العمل الجديدة، وهو موقف أثار حيرة لدى الكثير من الأوساط السياسية في الداخل والخارج. السفارة بدت متحمسة كثيرا لهذا الإجراء وأصدرت بيانا أعلنت فيه إبرام صفقة مع هذه الشركة تقضي بتوليها اتخاذ إجراءات تتيح للعامل اليمني وفقاً للنظام الجديد العمل في أي مكان ولدى أي جهة من خلال آلية تعاقدية بين مقر العمل والشركة السعودية لاستقدام العمالة الوافدة والتي قالت إنها تعمل تحت إشراف وزارة العمل السعودية، وحاصلة على ترخيص لإدارة وتشغيل العمالة الوافدة، قبل أن تعود وتنفي صلتها بهذا البيان. بدا أن نفي السفارة صلتها بالبيان رد فعل حيال احتجاج وزارة المغتربين على توقيع القائم بأعمال السفارة الاتفاقية مع الشركة السعودية، غير أن النفي لم يكن له قيمة بعد تأكيد الوزارة توقيع الاتفاقية بين السفارة والشركة السعودية. زاد من ذلك أن السفارة أوردت في بيانها تفاصيل الاتفاق وأعلنت عزم هذه الشركة توزيع استمارات تصحيح أوضاع العمالة الذين خضعوا لإجراءات ترحيل قسرية رغم امتلاكهم وثائق شرعية بالعمل في المملكة، ناهيك عن تعهدها القيام بدور تنفيذي يفترض أن يكون من صلب مهمات هذه الشركة التي تمارس دوراً تجارياً وليس حكومياً، بأن دعت المرحلين في الرغبين في تسوية أوضاعهم، أو الذين تم ترحيلهم بسبب مخالفات العمل تعبئة استمارة تصحيح الوضع. يصعب التكهن بأن السفارة كان لها غرض تجاري فتواصلها المستمر مع وسائل إعلامية بعينها بعيدا عن الجهات الرسمية أثار شكوكا، وبدا ذلك واضحا في تعهد السفارة تشكيل لجان ميدانية لتوزيع الاستمارات إلى كافة المناطق وإجراء مقابلات مع المغتربين الراغبين بتصحيح أوضاعهم، فأي إمكانيات تملكها السفارة اليمنية في الرياض للقيام بذلك إن لم تكن الجهة المسؤولة عن عمليات الترحيل القسرية قد ركنت بهذا الدور إلى قوى سياسية كبيرة ولها حضورها وإمكانياتها القادرة على تنفيذ كل ذلك في اليمن تحت غطاء الحلول الرسمية. هذه المعطيات تتعزز أكثر عندما نقرأ بيان السفارة الذي حدد الفئات المستهدفة في مبادرة التصحيح وأكثرهم من العاملين بإقامة عمل أو تأشيرات عمل شرعية فردية أو لدى شركات أو منشآت خاصة سعودية ويرغبون بنقل عملهم إلى أفراد أو شركات أخرى، والفئات التي لديها موافقات من الكفيل أو ممن ليس لديهم موافقات أو المقيدين في حالات هروب من الكفيل أو من يحتاج إلى تعديل مهنة، أو ممن كفلاؤهم في النطاق الأحمر(المرافق التي تنعدم فيها العمالة السعودية) أو من تم ترحيلهم على ذمة مخالفات العمل. لم تتحدث السفارة اليمنية في الرياض عن الكلفة المالية المطلوبة لإنجاز معاملات هؤلاء عبر شركة استقدام العمالة أو وكلائها في اليمن ولم تفصح عن الوقت المطلوب للتنفيذ ولا الشروط المطلوب الالتزام بها لقبول الطلبات. واقع الأمر أن الحل الذي ابتهجت السفارة اليمنية في الرياض ووسائل الإعلام للتيارات السياسية الإسلامية بتسويقه لم يكن سوى وهما يخفي أهدافا لا يعلمها سوى راسمي الأزمات. في معزل عن الجهات الرسمية التي عجزت عن التواصل مع مركز القرار السعودية لتسوية أوضاع اليمنيين المرحلين. تاليا أصدرت وزارة المغتربين التي لم تكن على علم بتوقيع هذه الاتفاقية بيانا أكدت فيه استغراب الوزارة من قيام القائم بأعمال السفارة اليمنية بالرياض بالإسراع بتوقيع مذكرة تفاهم مع هذه الشركة دونما العودة إلى الجهات المختصة في الداخل وهي وزارة شئون المغتربين. كما أكدت بأن عملية نقل الكفالة إلى كفيل آخر عبر شركة الاستقدام ليس وليد اللحظة بل كان وفقاً لتفاهم سابق بين كل من وزير شئون المغتربين ونائب وزير العمل السعودي وذلك وفقاً للخطوات التي ستتخذها وزارة العمل لتنظيم العمالة في المملكة.وزارة المغتربين قالت في بيانها إنها اتفقت مع السفارة السعودية في صنعاء لتصحيح أوضاع العمالة المرحلة وفقا للآلية التي شرحتها سفارة اليمن في الرياض، وزادت أنها ستسلم السفارة السعودية للآلية الجديدة للتفويج بما يضمن تفويج عمالة آمنة ومهنية وبما يحقق الضمان الكامل لحقوق المغترب وعمله وعلى أساس أن يكون هناك اتفاق قانوني بين الوزارة والشركة، كما أعلنت عدم مسئوليتها عن مذكرة التفاهم الموقعة بين الشركة والسفارة.
ماذا وراء الأكمة
الخطوة التي أعلنت السفارة اليمنية في السعودية إنجازها لحفظ حقوق العمال اليمنيين ثم أعلنت وزارة المغتربين أنها صاحبة السبق لتحقيقه، لم تكن إنجازاً كما صوره البعض، وواقع الأمر أنه كان على صلة بالاحتجاجات التي أبداها أرباب العمل في بعض المدن السعودية والذين شكوا إلى السلطات خضوعهم لآثار سلبية طالتهم نتيجة عمليات الدهم والتفتيش التي تعرضت لها متاجرهم ومحلاتهم حيث يعمل فيها العشرات من العمال اليمنيين وأدت إلى تكبيد أصحاب هذه المتاجر خسائر مالية كبيرة. وهذا الأمر كشفته مذكرة رسمية صادرة عن إدارة الحقوق العامة في وزارة الداخلية السعودية بإمارة منطقة الرياض وموجهة إلى مديري الشرطة والجوازات في المنطقة، وأشارت فيها : حملات التفتيش تسببت في أضرار كبيرة على التجار السعوديين نتيجة توقيف العمال اليمنيين الذين يعملون في محلاتهم، منتقدة توقيفهم دون التدقيق في إقامتهم من أنها نظامية أو غير نظامية والتحجج بأن المهنة غير مطابقة لطبيعة العمل بما أداه ذلك إلى خسائر كبيرة لدى مالكي المحلات وشل حركة السوق نتيجة عجز الكثير من أصحاب المحال التجارية سداد ديونهم للوكلاء والشركات. وبحسب موقع المصدر أون لاين الذي نشر نص الوثيقة التي قال إنه حصل عليها من السفارة اليمنية في الرياض، فقد اقترحت المذكرة على الشرطة والجوازات “إيقاف حملات التفتيش الحالية وإطلاق سراح الموقوفين الذين يحملون إقامات نظامية تحت كفالة أصحاب المنشآت المذكورة، حيث إن الموظفين في المحلات التجارية لديهم حقوق مالية وعليهم التزامات مالية ويجب تسويتها” كما طالبت بتنظيم “ عمل لجان التفتيش وإيجاد آلية واضحة لحين تنظيم السوق واستعداده لمتطلبات التنظيم الجديد ودعت إلى منح مهلة لا تقل عن سنة للسعودة والإحلال التدريجي للعمالة السعودية بدلاً من العمالة الوافدة”.
طريق شاق
لا يبدو أن وزارة المغتربين على علم بما يدور خلف الكواليس وتجاذباتها مع السفارة اليمنية في الرياض، لم يكن لها ما يبررها، إذ إن الحل الذي تم اعتماده بالركون على شركة تجارية لحل مشكلة العمالة المرحلة، يبقى محفوفا بمخاطر كبيرة سيعانيها المغترب اليمني الذي وضعته حكومته الرشيدة، تحت طائلة شروط الشركات الاحتكارية في حين كان ينتظر حلا سياسيا يحفظ له حقوقه ويتيح له العمل بكرامة. المغترب اليمني الذي يعاني كثيرا من سطوة قوانين العمل السعودية، لا يحتاج إلى ضغوط إضافية من الشركات التجارية التي لن تتوانى في إضافة تعقيدات وقيود جديدة على العمالة اليمنية مقابل تمرير مشروعها طالما وسيدر عليها ربحا كما أنها لن تفعل شيئا لصالح المغترب اليمني هكذا لوجه الله، والأخطر من ذلك أن تستثمر هذه الشركات ظروف اليمنيين المرحلين، وتخضهم لشروط يفقدون بها كل شيء بما في ذلك حياتهم. علينا أن نشير إلىأن الإشكال يكمن في قانون العمل السعودي والامتيازات التي كان العامل اليمني يحظى بها في المملكة العربية السعودية قبل اعتمادها الأنظمة القمعية المستحدثة والتي تمنح الكفيل صلاحيات مطلقة للتحكم بالعامل الوافد والتقدم ببلاغات بشأنه إلى الجهات المختصة لملاحقته ومعاقبته، ناهيك عن الشروط التي ينص عليها عقد العمل والتي ترغم العامل الوافد وضع وثائق سفره وهويته لدى الكفيل وتحظر عليه السفر بين المدن السعودية أو إلى بلاده إلا بموافقة الكفيل ويمنح الكفيل صلاحيات في الموافقة وعدم الموافقة على عمليات شراء العامل الوافد احتياجاته مثل شراء سيارة أو شراء أو استئجار محل أو منزل، أو أداء العمرة، وغير ذلك، حتى الموتى الذين يتوافهم الله في السعودية لا يصرح بنقل جثمانهم إلى بلدانهم إلا بموافقة مكتوبة من الكفيل. وينبغي الإشارة أيضا إلى أن كثيرا من العمال اليمنيين المرحلين يؤكدون أنهم طالما خضعوا لابتزاز ومعاملات غير إنسانية من الكفلاء وبعضهم متورطون في عمليات بيع غير قانونية للعامل الوافد لمرافق عمل أخرى لقاء مكاسب مالية، وكثير من هؤلاء خضعوا مؤخرا لمعاملة قاسية بالاعتقال والترحيل القسري دون تسوية حقوقهم المالية، ومكاتب العمل المعنية بتنظيم أوضاع هؤلاء لا تبحث عن الكفيل الذي اخترق القانون ببيع عامله إلى آخر بل تطبق قوانينها القاسية على العامل الوافد ، زاد من ذلك التعميم الذي أصدرته الخارجية السعودية مؤخرا والذي حظر على السفارات العربية تحديدا عدم التدخل في القضايا المنظورة بين الكفلاء وعمالهم. غالبا ما يواجه العمال الوافدون من مختلف الجنسيات مشكلات عميقة مع هذه المكاتب ويحتاج الموقوف إلى ستة أشهر لكي يتم البت في قضيته ورغم ذلك فإن أمر الملاحقات وحملات الدهم أوكل في الآونة الأخيرة إلى شركات استقدام العمالة التي صارت تبرم الاتفاقات مع السفارات والبحث في قضية العامل الوافد إن كان نظاميا أو غير نظامي كما تتولى الإشراف على عمليات الترحيل بالتنسيق مع مكاتب العمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.