كمال حيدره تصاب بخيبة محيرة عندما تحاول البحث في محركات البحث عن دراسات أو مقالات (محترمة) عن شيء كان هنا لمدة عامين وعرف ذات يوم بالثورة اليمنية السلمية!. ثورة كانت حدثاً فريداً في التاريخ اليمني، ومثلت نافذة عرف العالم من خلالها بلداً يدعى اليمن، بغير تلك الصورة المعروفة عنه، ومع ذلك فإن الحراك الثقافي والمعرفي المواكب لها يكاد يقترب من الصفر على الرغم من كل ما أتاحته هذه الثورة للباحثين وللمثقفين من فرصة حقيقية للإقتراب من الواقع اليمني وتحليله علمياً، وإثراءه ثقافياً وفنياً وفكرياً. وبينما أنصرفنا نحن لاجترار القات والثرثرة غير المجدية داخل الخيام لمدة عامين، وإصدار منشورات بائسة لاتعبر عن معنى الثورة بقدرما هي صدى للشكل المرسوم في أذهاننا (مناشير الجماعات السلفية)، كان المثقفون ، على قلتهم، خارجها يمارسون هوايتهم المفضلة في اصطناع الخلافات المتمركزة حول شخصياتهم، أو تبادل النكت الجنسية للتسرية عن أنفسهم هروباً من خوفهم من نخبة جديدة يجري ترويجها. العكس تماماً هو ماتجده عند الدخول في مواقع الثورة السورية، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تواكب مسيرة ثورة سوريا الا أنك ستندهش وأنت ترى غزارة الإنتاج الثقافي في شتى المجالات الفنية والأدبية والفكرية والدراسات العلمية الاجتماعية والسياسية المنشورة في مجلات يتم إصدارها بجهود ذاتية...شيء يدعو للخجل. مالك بن نبي فيلسوف الحضارة للتاريخ دورة وتسلسل، فهو يسجل للأمة مآثر عظيمة ومفاخر كريمة، ويسلمها إلى نومها العميق ، فلا بد إذن من تعرف مكاننا من دورة التاريخ ، ولعل اكبر أخطاء القادة أنهم يسقطون من حسابهم هذه الملاحظة الاجتماعية ولوضع الحلول والمناهج لا بد من مراعاة مكان الأمة ومركزها وأن تنسجم أفكاره وعواطفه واقواله وخطواته مع ما تقتضيه المرحلة التي فيها أمته اما ان يستورد حلولاً فذلك تضييع للجهد ومضاعفة للداء. والشعوب الإسلامية كلها في مستوى واحد وفي مشكلات متقاربة، وبذلك نضع مشكلتنا في وضعها المناسب لنتمكن بعد ذلك من الانطلاق نحو الحل بناء الحضارة مع الأخذ بعين الاعتبار السنن التاريخية الثابتة والمطردة والمشار إليها في قوله تعالى “ سنة الله التي قد خلت ولن تجد لسنة الله تبديلا “، وكذلك النص المبدئي في للتاريخ التكويني biohistoir في قوله تعالى :” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “.. Marwan Al-Ghafory في ألمانيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ وسنغافورة واليابان والسويد وفرنسا وكندا والنرويج ولوكمسبورغ .. في هذا العالم المتحضر لا يشك أحد لدقيقة واحدة في همجية نظام الأسد وبدائيته. أما إذا خرج من يحمل صوره في هذه الدول فسينظر إليهم المارة باحتقار وربما اعتبروهم إما مجانين أو في حفل تنكري. الحضارة البشرية الراهنة بقيمها الفائقة هي لغة مشتركة واضحة لا تقبل الاختصارات ولا الخداع والرجل المتحضر واحد في كل الأوقات لأنه مبدئي، ولأن احترامه لقيم العالم الحضارية والأخلاقية شرط اساسي لاندماجه فيه.