تعد مشكلة تدني مستوى التحصيل الدراسي من أصعب المشكلات فهماً وتشخيصاً وعلاجاً؛ لأن أسبابه متعددة ومتشابكة، وله أبعاد تربوية واقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية.. فانخفاض أو تدني نسبة التحصيل الدراسي للتلميذ دون المستوى العادي المتوسط لمادة دراسية أو أكثر نتيجة لأسباب متنوعة ومتعددة، منها ما يتعلق بالتلميذ نفسه، ومنها ما يتعلق بالبيئة الأسرية والاجتماعية والدراسية والسياسية، ويتكرر رسوب المتأخرين دراسياً لمرة أو أكثر رغم ما لديهم من قدرات تؤهلهم للوصول إلى مستوى تحصيل دراسي، يناسب عمرهم الزمني.. وأوضح أيضاً أننا بإمكاننا التغلب على هذه المشكلة إذا تضافرت جهود ثلاثة وهي المدرسة, البيت, الأهل، وذلك لأن المدرسة هي المؤسسة التعليمية الرسمية، التي تطبق القوانين والأنظمة والبيت هو المؤسسة التعليمية الأولى التي تعمل على تعليم العادات والقيم والاتجاهات والطالب هو حلقة الوصل بين هاتين المؤسستين وللنهوض بضعيفي التحصيل لا بد من تشخيص أسباب التأخر الدراسي لكل حالة وتاريخها التربوي ومستوى ذكائها وقدراتها العقلية، فضلاً عن تحديد المستوى والميول والعوامل المؤثرة من حولها كالبيئة الاجتماعية والاقتصادية وأكد ضرورة التواصل بين البيت والمدرسة. من ناحية أخرى يجب على الأهل أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار والاهتمام والسير حسب الخطوات، حتى يتم التغلب على تدني الإنجاز المدرسي، وقد أثبتت الدراسات أن المطالب التي تفرضها الأسرة على الطفل وموقف الوالدين منه فيما يخص الجوانب التعليمية التي يجب أن تصل إليه، أو المهنة التي تريد الحصول عليها يختلف باختلاف الفئة الاجتماعية والاقتصادية التي تنتمي إليها الأسرة، فالوالدان من الفئات المتعلمة ذات الدخل المتوسط يظهران القلق على مستقبل الأطفال بصورة واضحة وأكبر من القلق والتوتر الذي يظهر على الوالدين من الفئات الأقل حظاً ودخلاً يتضح من ذلك أن الآباء من ذوي الدخل المحدود يتميزون بالتواضع في طموحاتهم فيما يخص مستقبل أطفالهم فإن مثل هؤلاء الأطفال يمثلون الأغلبية العظمى من أطفال المرحلة الأولى في المدرسة.. إن هذه الحقائق قد تفسر لنا ما يلاحظ من انخفاض في مستوى التحصيل المدرسي والذي يعتبر انخفاضاً غير عادي بين أطفال هذه المرحلة هذا بالإضافة إلى التسرب والعودة إلى الأمية بصورة واضحة بعد انتهاء هذه المرحلة.. أما بالنسبة للمعلم وتأثيره على الطالب تجمع غالبية الدراسات النفسية والتربوية أن المعلم هو العنصر الأساسي في العملية التعليمية، ولقد ثبت بصورة قاطعة من نتائج الدراسات المعاصرة أن نجاح عملية التعليم يعتمد على المعلم وحده بنسبة تفوق ال60 % والنسبة الباقية ترجع إلى المناهج والكتب والإدارة والأنشطة التعليمية الأخرى، التي تحدث في المدرسة أيضاً ودلت الأبحاث على أن نسبة عالية جداً مما يحدث داخل الصف يقوم به المعلم، أي أن المعلم هو مفتاح العملية التعليمية. إن المعلمين الأكثر فعالية يمتازون بالتسامح تجاه سلوك طلابهم ودافعهم ويعبرون عن مشاعر ودية تجاههم ويفضلون استخدام الإجراءات التعليمية غير الموجهة، كما ينصتون لطلابهم ويتقبلون أفكارهم ويشجعونهم على المساهمة في النشاطات الصفية المتنوعة.. بالإضافة إلى عوامل المدرسة والمنهج كعلاقة الطالب بالإدارة والمنهج الدراسي غير المناسب بالإضافة إلى ازدحام الفصول وقلة إمكانيات المدرسة، وكذلك المدرس له علاقة بتحصيل الطالب إذا تميز بعدم الكفاءة المدرسية وعدم ملاءمة طرق التدريس وسوء العلاقة بين المعلم والطالب.. وعلى المعلم ألا يركز على الطالب المتميز، بل يسعى من خلال تدريسه إلى رفع الأقل ذكاءً إلى مستوى الطالب المتميز، ويرى كذلك أن طريقة التدريس المثالية هي تدريس المعلومات من أجل العمل بها، وألا تكون الدراسة نظرية بحتة. وأضيف أيضاً من ضمن الصفات التي يجب أن يتصف بها المعلم المرونة والانطلاق والطلاقة حيث أوضح أن لهما دوراً في تحصيل الطالب فقال: “إنها علاقة تلازمية إن أحسن استخدامها”. فالمرونة هي مقدرة المعلم على هضم المعلومة ورطبها بالوسائل والأساليب أما السبب الثاني فهو مرحلة الانتقال من مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى مثل الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة والشباب فيحدث لدى الطالب تغيرات جسدية ونفسية، وتعتبر هذه المرحلة بداية تشكل القيم والمثل والمفاهيم والمبادئ فيحصل لدى الطالب بعض التشويش في الأفكار، جراء ما يشاهده الطالب من تغيرات، فيشعر الطالب بالضياع سواء من الناحية الفكرية والاجتماعية و الاقتصادية.. وأمام ذلك كله سوف يستقبل الطالب الكثير من المعلومات بعقلية مشوشة، وهذا مدعاة لضعف التحصيل وانعدام الدافعية للتعلم.. ومن ضمن العلاج الذي اقترح هو إعداد المعلم الإعداد المناسب، و اتصافه بالصفات السالفة الذكر، وإعداد الكتاب المدرسي بحيث يتناسب مع المرحلة الدراسية وفيما يتعلق بالأسباب الاقتصادية فربما تعيش الأسرة في فقر فيضطر الطالب للخروج للعمل، أو ربما تكون الأسرة لا ترى فائدة من دراسة الطالب في المدرسة فتخرجه منها للعمل، وهذا يؤثر سلباً على تحصيله الدراسي.. وكذلك للأسرة دور كبير في التحصيل الدراسي للطالب لأنها تعتبر أول وأهم وسيط لعملية التنشئة الاجتماعية للطالب فهي تحدد نمط شخصيته واتجاهاته ودوافعه للعمل والنجاح، كما تحدد مستوى نضجه الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي بما تقدمه له من إمكانيات لتحقيق مطالب النمو.. وكذلك المشاكل التي تتعرض لها الأسرة وتسبب في شرود ذهن الطالب وهروبه من المدرسة مما يسبب ذلك في تأخره دراسياً. وكذلك كبر حجم الأسرة والظروف السكنية السيئة وأساليب التربية الخاطئة لها تأثير سلبي على تحصيل الطالب كالدلال الزائد أو المبالغة في الإهمال، أو ترك الحرية التامة للفرد أو التدخل والحرص الشديدين.. كما عدم زيارة الوالدين لمدارس أبنائهم أو عدم إرسال من ينوب عنهم سواء في حضور اجتماعات مجالس الآباء والمعلمين، والتي تترك للطالب تحت رقابة دقيقة للوالدين والمعلمين هو من الأسباب الرئيسة في غياب الطلبة عن المدارس وتأخرهم دراسياً.. كما يتأثر التأخر الدراسي بالمستوى الثقافي للأسرة، فتؤكد الدراسات أن الطلاب الذين يعيشون في بيئة أمية عرضة لتدني تحصيل الدراسة والرسوب بشكل أكبر لافتقارهم إلى الدعم المادي أو المعنوي أو العلمي، أما الآباء من ذوي التعليم المرتفع يميلون إلى تكوين أسرة ذات عدد بسيط، وبالتالي يكون من السهل مراعاة أولادهم وتشجيعهم دراسياً.