غير أن معظم المصابين به لا تظهر عليهم أعراض الإصابة أو إنها لا تظهر لديهم بشدة لتبعث على قلق الأم أو الأب حتى يقصدوا الطبيب من أجل معاينة وعلاج طفلهم المريض، بينما من تظهر عليهم الأعراض تشمل: الحمى, الصداع, القيء, الضعف العام، تصلب العنق, ألمٌ في الأطراف. وفي نهاية المطاف يصاب بعض هؤلاء بشللٍ دائم في أحد الطرفين السفليين أو في كليهما, وليس لذلك علاج, إنما التحصين الطريقة الوحيدة للوقاية منه. وقد تجلى الكثير من النجاح مؤخراً على طريق مكافحة هذا المرض في البلدان لا تزال موبوءة بالفيروس البري المسبب للشلل وصولاً إلى خفض حدوث الإصابة إلى أدنى المستويات لتشمل عدداً قليلاً جداً من الحالات سنوياً؛ بعد أن كانت في ثمانينيات القرن الماضي تصل إلى عشرات ومئات الآلاف من الحالات. واليمن بحمد الله خارج الخارطة الوبائية لفيروس شلل الأطفال، ولا تزال في حالة خلو من هذا الفيروس منذ عام 2006م . بيد أن مجرد ظهور حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال في الإقليم هو في حد ذاته يضعها في مرمى تهديد لا يُستهان به، فكيف بظهور المرض في الصومال وبين لاجئين صوماليين في كينيا؟ من المؤكد أن وتيرة اللجوء المستمر إلى اليمن من الجوار الأفريقي ومقصداً بالذات للاجئين الصوماليين مثل أشد التحديات بسبب وجود فيروس الشلل في هذا البلد الأفريقي الواقع على الطرف الآخر من خليج عدن، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ضعفٍ جلي في التغطية بكامل لقاحات التطعيم الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية للأطفال دون العام والنصف من العمر ، ففي عام 2012م بلغت نسبة المشمولين بهذه التطعيمات نسبة(82 %)، وهذا يعنى أن (18 %)من الأطفال غير مطعمين. والخوف هنا يكمن في أن يلقي فيروس الشلل ثغرة بين الأطفال غير المحصنين للدخول مجدداً إلى بلادنا الحبيبة. نأمل من حملة التحصين الوطنية ضد شلل الأطفال ضمن موعدها المحدد، اعتباراً من(30 يونيو- 2 يوليو2013م) أن تشمل بالتطعيم سائر الأطفال الذين لم يتجاوزو سن الخامسة من العمر من منزلٍ إلى منزل في جميع محافظات الجمهورية. ولم يأت تنفيذها من فراغ، وإنما بناءً على توصيات منظمة الصحة العالمية ولجنة الإشهاد الوطني بالخلو من فيروس شلل الأطفال، فهما تراقبان - عن كثبٍ- ما استجد من أوضاعٍ حيال فيروس شلل الأطفال البري، وما فرض ظهوره في الصومال و كينيا من جدية التعاطي والعمل الحثيث والبناء باتجاه التصدي لأي احتمالات تمهد عودته إلى اليمن من جديد، لاسيما وأن ثمة من يعبرون الأراضي اليمنية بصورة غير شرعيةٍ وأغلبهم من الصومال، وبهذه الطريقة يكونون بمعزل عن الخضوع لأي إجراءات احترازية؛ كالفحوص الطبيةٍ والتطعيم الاحترازي والإحالة إلى المحاجر الصحية في حال ثبوت أن من بينهم من يحمل عدوى المرض حتى انقضاء وزوال قابليتهم لنقل الإصابة؛ بما يجنب البلاد تماماً من مغبة ظهور وتفشي فيروس الشلل البري . بالتالي، فإن التحصين للأطفال دون سن الخامسة من خلال الحملات يُعد احترازياً، لتبقى اليمن محمية وخاليةً تماماً من فيروس شلل الأطفال. وبفضل الله، ثم بفضل لقاح التطعيم الفموي المضاد لفيروس الشلل، تتحقق أعلى مستويات الحماية للبلد بما يمنع عودة هذا الفيروس، فهو لقاح آمن ومضمون الفاعلية بشهادة أكبر الكفاءات العلمية الطبية المتخصصة المحلية والعربية والإسلامية. كما يخضع لرقابة مشددة أثناء تصنيعه، ولإشراف وسلسلة تبريد ملائمة تحفظه تحت درجة حرارة مناسبة؛ بدءاً من المصنع، ومروراً بنقله من بلد المنشأ إلى اليمن، ثم وصوله إلى الثلاجات المركزية للبرنامج الوطني للتحصين الموسع بوزارة الصحة وإلى الفروع بالمحافظات، وانتهاءً بوصوله إلى مختلف المرافق الصحية في مختلف أنحاء الجمهورية، وبذلك لا يتلف على الإطلاق. أما إذا تلف اللقاح لدى العامل الصحي- أي عندما لا يجد التبريد الملائم- فإنه ينظر إلى مؤشر الصلاحية- وهو على هيئة مربع فاتح اللون موجود على عبوة اللقاح - فلو تحول إلى اللون الداكن تأكد قطعاً أن اللقاح تالف لا يصلح للاستخدام، كقطرة ماء لا تنفع ولا تضر. بالتالي، من السهل اكتشاف صلاحية جرعة التحصين من قبل أي شخص بمجرد نظره إلى المربع الموجود على عبوة اللقاح. إننا نؤكد على أهمية هذا اللقاح، لكن فاعليته بالمستوى المطلوب لكي تحد تماماً من الإصابة بفيروس الشلل، توجب أن ينال عموم الأطفال دون سن الخامسة جرعات متعددة منه أثناء حملات التطعيم، بمعية حصول جميع من هم دون العام والنصف من العمر على كامل لقاحات التحصين الروتيني بالمرافق الصحية والتي تتضمن جرعات متعددة من اللقاح المضاد لفيروس الشلل. علاوة على أن لقاح شلل الأطفال مُجرب منذ ما يقارب العشرين عاماً، وتحديداً من بداية تسعينيات القرن الماضي، كحال بلدان عربية وإسلامية وبلدانٍ غير إسلامية كثيرة حول العالم. كما إن الملايين من الأطفال باليمن أعطوا منذ ذلك التاريخ جرعات متعددة منه ضمن لقاحات التطعيم الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية. ومنذ العام 1996م نفذت حملات تطعيم وطنية توالت سنوياً حتى عامنا هذا؛ مستهدفة في اليمن بلا استثناء سائر الأطفال دون سن الخامسة، والكثير ممن تلقوا اللقاح آنذاك هم حالياً في ريعان الشباب وبكامل صحتهم، ثم أن بعضهم من الجنسين قد تزوج وأنجب أطفالاً دونما مشكلة. على الآباء والأمهات - بالضرورة- أن يواصلوا مشوارهم الطيب في تحصين أطفالهم فلذات أكبادهم، منعاً لعودة فيروس شلل الأطفال إلى اليمن من جديد، ولأجل كبح عبثية المرض وسطوته التي تقود في النهاية إما إلى إعاقة دائمة أو إلى موت محقق، والأمر جد خطير على غير المحصنين ضد المرض، وحتى إذا لم يحصلوا إلا على جرعات قليلة من اللقاح، فهي لا تكفي لمنع الإصابة إذا عاد الفيروس إلى البلاد، لا قدر الله. واعتباراً من تاريخ (30يونيو- 2يوليو 2013م) يقرع العاملون الصحيون أبواب المنازل في جميع محافظات الجمهورية ضمن الجولة الثانية من الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال، والتأهب مطلوب من جميع الآباء والأمهات لتحصين أطفالهم دون سن الخامسة بلا استثناء. ولا يجدر بهم التهاون أو التقاعس عن واجبهم هذا، حتى لا يصادروا حقاً أساسياً لأطفالهم في الحصول على حصانة جسدية منيعة ضد فيروس بربري مرد على إحداث أشكالٍ مروعة من الإعاقة الجسدية، إذ في النهاية، يدفع الأطفال المحرومون من التحصين ثمناً باهظاً متى أصابهم المرض وكبلهم بقيود الإعاقة- لا سمح الله- والجناة الحقيقيون آباء أو أمهات سولت لهم أنفسهم والشيطان حرمان فلذات أكبادهم من التحصين فأوقعوهم في شرك الإصابة وعواقبها السيئة والقاسية..