محمد عبدالله اليدومي يتصور الكثير من الناس أن المراهقة_وهي تأتي بعد الطفولة والصبا_في حياة الإنسان مرحلة عمرية تستمر بضع سنين، لينتقل الإنسان بعدها الى مرحلة الشباب ثم الرجولة التي تأتي الشيخوخة بعدها، والتي إن طالت مدتها تتوج بالخرف في بعض الأحيان، وهذا هو الأمر الطبيعي والذي لايستغربه أحد ..! ومن اللافت للنظر أن هذه المرحلة_مرحلة المراهقة_تتميَّزُ بتقلّب المزاج، وحدَّة الإنفعال، والميل الى الظهور بمظهر الأكبر سناً والأرجح عقلاً، دون الوعى والإدراك أن أثر السن على التصرفات لايمكن إنكارها أو التغاضي عنها أو الهروب منها ..! بعض الناس لايستطيع تجاوز سن المراهقة فتستمر معه وتتلبَّس به حتى تتماهى مع مرحلة الخرف ..! هذا التلبس يتبدى واضحاً في نوع آخر من أنواع المراهقة والمعروفة بالمراهقة السياسية والتي من أبرز علاماتها عوجٌ في التفكير ورعونةٌ في التعامل مع الآخر ..! وهذا النوع من المراهقة نجده جليا واضحاً دون مواربة أو لفٍّ أو دوران في تعليقات وتصريحات البعض على شاشات عدد من القنوات الفضائية أو الإذاعية أو مواقع التواصل الإجتماعي أو أعمدة الصحف، والتي في مجموعها لاتعبَّر الا عن نفسيات وعقليات أدمنت الاستبداد واستحلَتْ التفرد بالرأى والقرار ، وغاصت في وحل الطغيان لأكثر من ثمانين عاماً من تاريخ أمتنا الإسلامية ..! هذا النوع من المراهقين لم يستوعب المتغيرات على الساحة الاسلامية ، ولم يستطع أن يتعامل مع الواقع كما هو ، لا كما يتوهمه أو أعتاد عليه لعشرات من سنوات التخلف والهزائم والضياع ..! إن هذا النوع من المراهقين لم يع سُنَّة التداول بين الناس ، ولم يدرك ويعترف بأن الأيام دول، وأن الحقائق الثقافية والإجتماعية والسياسية؛ لن تلغيها عنتريات الرفض المطلق للآخر، ولاتآمر من نحسبهم من الأهل ..! لقد أشرقت شمس الحرية على الأمة الإسلامية، ولن يتمكن أحد من البشر أن يحجبها بغربال. صلاح الأصبحي إن ثورات الربيع العربي ولدت نوعاً من عدم الثقة والاهتزاز في الروح الثورية بسبب الوعي السياسي العربي الذي سبقه كبت وحرمان وتمنع من ممارسة الفعل السياسي طيلة الفترة السابقة ومن بعد تحرر هذه الشعوب من الاستعمار وتولي ديكتاتوريات الحكم فيها . وعندما جاء الربيع العربي انعكس هذا الوعي وحدث خلل وترسخت مفهومية الفوضى وعدم الثقة والعمل من أجل إرساء نظام دولة , صار كل طرف يرى نفسه الأصلح والأنسب والأحق , بات الانتقام وإثارة الفتنة هما سيدا الموقف . الهوة كبيرة بين النخب والعامة, بين الثورة والسلطة الجديدة , بين سلطة طموح وسلطة انتقام ,بين الفرصة الذهبية لطرف والتصدي من الطرف آخر . ليست المشكلة في كون الإسلاميين برزوا إلى السطح السياسي وإن كانوا جزءاً من المشكلة وإنما تكمن المشكلة في الوعي السياسي السطحي عند الجميع المنبهر والمحروم من كعكة السلطة وربما يكون هذا سبب في استمرار الديكتاتوريات لمدة هو غباء المعارضة في هذه البلدان . هذا الشيء السائد سيجعل من كل الحكومات بعد الربيع العربي فاشلة ومنهارة سواء تسلم السلطة يسار أو يمين ‘ إذا لم ترتقِ سلطة ومعارضة بنظرتها ومنظومة عملها السياسي وخلق آليات جديدة تناسب المرحلة الراهنة . أخاف أن تستمر موجة الفوضى التي لا يمكن مقابلتها بالقمع واستخدام القوة من قبل السلطة, في حال أن الأمور تذهب لصالح الفوضى الممنهجة والتي أصبحت وسيلة سياسية أكثر منها حالة . فماذا سيصير لو ذهبت مصر مع عاصفة كهذه ؟ كم ستترك من أثر في المنطقة ؟ وخاصة في بلدان الربيع العربي ككل .