تلك هي الصورة الأكثر قرباً وواقعية عن ضيف عمودنا لهذا الأسبوع “بصمة مدرب” الذي عُرف بابتسامته وحيويته وروحه المرحة والمتفائلة على الدوام، فما أن تلقاه حتى ترى أساريره تشعُّ صفاءً وترتسم على محيّاه ملامح التفاؤل، فيعطيك دافعاً لأن تكون متوازناً، وأنت تتحدث معه والهموم تثقل كاهلك والغم يعتريك. فمن خلال لحظات معه تشعر أنك وقفت أمام إنسان خبير بعلم النفس ومدرك لماهية الحياة المتفائلة، فليس العبث الذي قد يتبادر لذهن قليلي الخبرة بالآخرين، بل المعرفة التي تخرجك من دائرة الهم والغم إلى فضاء الله الواسع، الذي هو مقدّر ومصرف الأمور فبإيمانه العميق بقضاء الله وقدره، وأنه لا موت ولا حياة إلا بقدر الله، خالق الحياة. ليس غريباً أن تسجل المرأة حضوراً قوياً في مجال التنمية البشرية حيث أصبحت اليوم كثير من الأخوات يسهمن إسهاماً كبيراً في عملية التنمية البشرية من خلال الطريق المختار من قبلهن وتواجد المرأة اليوم في مجال التدريب هو نوع من الشراكة في الأدوار بين الرجل والمرأة فهو مجال يمكن أن يكون فيه إرهاق للمرأة كثيراً لكنها ارتضت أن تكون صاحبة بصمة في هذا المجال وارتضت أن تسهم بدور فعال في التنمية البشرية بصورة أفضل وأن تنافس الرجل لتقدم الأفضل من قدراتها وإمكاناتها الذاتية. السطور التالية تكشف عن شخصية متميزة في المجال التدريبي قدمت الكثير في التنمية البشرية وحددت لها مجال فيه من الحساسية الشيء الكثير بالنسبة لواقع مجتمعنا المنتشرة فيه الأمية بكثرة، ضيفة مساحتنا المتواضعة اليوم الأخت: تغريد الدبعي التي كانت بداياتها الأولى مع التدريب في العام 2007 فورتخرجها من الجامعة وبعد التحاقها بتدريب المدربين مع المدرب السعودي سمير بنتن, وكان للعمل التطوعي دور كبير في إعطائها فرصة كبيرة للعمل في التدريب. المدربة تغريد تقول: إنها تؤمن “أن التدريب تعليم مهارة وإكساب سلوك وتغيير قناعة, والأخيرة هي الأصعب وهي الأهم, ودائماً أسعى في تدريبي إلى الوصول للثالثة, لأن تغيير القناعات من أصعب الأشياء في الإنسان فمنها تنطلق قيمه وشخصيته وكل معتقداته، فإذا حدث فيها التغيير يمكن بسهولة تعلم المهارة واكتساب السلوك، وتقييمي لتك الفترة هي من خلال ما أؤمن به، فكم هي القناعات التي نجحت في تغييرها.. وقالت: إن السبع سنوات امتلأت بالتجارب الناجحة والقصص التي لا تنسى, فأن تكون معلماً للناس هذا شيء رائع، والأروع أن تشعر بحبهم الصادق لك، ولذلك تقول: التدريب أعطاني فرصة للبحث والاطلاع المستمر وتطوير مهاراتي وقدراتي في التواصل والتعامل مع الآخرين والتعلم من الأخطاء والاحتكاك بالناجحين والتعرف على الناس باختلاف ثقافاتهم والتي تختلف باختلاف البيئة اليمنية.. كانت أيضاً - حسب قولها - مليئة بالتحديات والفرص أن تفرض نفسك في عالم التدريب وتتميز في ظل المنافسة الكبيرة, بالذات وأن المرأة لا يزال البعض يعتقد أن دورها محدود وأن وقوفها لتدريب الرجال بالذات ومن هم أكبر منها وأكثر خبرة وعلماً هو أمر صعب ومرفوض في بعض المناطق التي لا تؤمن بدور المرأة في التنمية.. ولكن يكفي أن تسمع يوماً كلمات “دورتك غيرت مجرى حياتي”.. التدريب منحني فرصة كبيرة لفهم الواقع والتعرف على الناس وعلى احتياج المجتمع ومعرفة القضايا الحساسة التي هي بحاجة إلى جهود متكاتفة نقدمها كمدربين. وترى الدبعي: أنها من خلال التدريب حققت أشياءً تعتز بها ولكن - والكلام لها - لا يزال ما اطمح له من خلال التدريب كثيراً جداً، فالتدريب رسالة, نسعى من خلالها إلى التغيير في حياة من حولنا إلى الأفضل, ومساعدة الأقل حظاً والأكثر ضعفاً كالأطفال, والعمل على تحقيق الكرامة لهم، ومساعدة الناس في اكتشاف أنفسهم وصناعة حياتهم.. وهذا يحتاج إلى جهد كبير ووقت ربما طويل.. وتؤكد: أن البصمة التي تفتخر بها كمدربة بقولها: هي تلك التي تركتها في تدريب الشباب دون سن 18 “اليافعين”, إقبالهم على التغيير والإيجابية العالية التي يتمتعون بها، أيضاً التحول الذي رأيته في العديد من الشخصيات كان مدهشاً رغم كبر سنهم وخبراتهم، كسر الحاجز والتدريب في مناطق لا تؤمن بدور المرأة ولا ما تقوم به وتغيير قناعتهم وتحقيق النجاح. ولأنها امرأة لم تهتم بالواقع ولم تنتظر حتى تجد الفرصة التي تناسبها كامرأة وعن سبب اختيار التدريب قالت: هي كانت فرصة منحت لي أن يتم تأهيلي كمدربة في هذا المجال, ومن خلال المفاهيم التي تعرفنا عليها في التدريب وبالنظر لواقع مجتمعنا اليمني الذي يعيش العديد من التناقضات والاختلافات التي تتحول إلى نزاعات وأحياناً عنف بسبب ضعف الوعي في إدارة وتقبل الاختلاف والتعامل معه بطريقه أكثر وعياً.. وجدت في هذا المجال رسالة عظيمة يدعو لها ديننا وهي الحوار وتقبل الاختلاف واستثماره والله سبحانه وتعالى يقول “ولا تنازعوا” بناء السلم الاجتماعي قضية آمنت بها وأسعى ليس فقط من خلال التدريب ولكن أيضاً من خلال حياتي اليومية وعلاقاتي بمن حولي أن انشر هذه المفاهيم (الحوار وتقبل الآخر والإيمان بالاختلاف وغيره من المفاهيم التي نحتاجها في حياتنا اليومية وعلاقاتنا بمن حولنا على مستوى الأسرة والعمل والشارع.. الخ) وما نحتاجه هو أن نتقبّل هذه الطبيعة في واقعنا وان نعمل على استثمارها لا أن تكون سبب صراعنا ودمارنا. ومن اجل ذلك فهي تقيّم مشاركة المرأة في التدريب بقولها: إنها جيدة جداً، المرأة أثبتت مشاركتها الفاعلة في المجتمع اليمني في مجال التنمية والتعليم وصارت هناك مساحات كبيرة تحظى بها ، قد لاتكون مرضية لطموحنا ولكن ما يجعلنا نتفاءل ونستمر في المثابرة هو النماذج الإيجابية والناجحة التي تقدمها المرأة اليمنية والتي نشهدها كل يوم في كل المجالات ويبقى مجال التدريب أحدها.. وهذا يعكس عدة أشياء اجتهاد المرأة ومثابرتها المستمرة، بالإضافة إلى تقبّل المجتمع لها والإيمان بدورها ومشاركتها. وتقول: إن التدريب رسالة سامية, وفي كل مجال هناك المخلصون والمؤمنون وغيرهم وفي عالم التدريب لا يخلو ممن حوله إلى تجارة.. ولكن الشيء اللافت في التدريب هو إن الجيد لا بد أن يترك بصمة حقيقية في قلوب وحياة الناس، بصمة طيبة تجعل من حياتهم أفضل, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض..وأنا اؤمن أن أفضل الناس ليس من يحمل الخيرفي نفسه ولكن أفضلهم من يفتح قلبه وعقله لمن حوله ويسمح لهم بأن يضعوا فيه الخيروتختم بالقول: إنها تحمل رسالة حفظ كرامة وحقوق الفرد والمؤسسة(الكيان)لتحقيق كرامة المجتمع والوطن، ورسالة التنوير والتنقيب عن المعادن النفيسة الكامنة في قلوب الناس. [email protected]