جمعت شخصية جحا صفات عدة أهّلتها للمكانة التي تربعت بها في قلوب الجميع... فجحا الذكي والمتغابي والمتحامق دوماً للحصول على حقه في مواجهة من يفوقه قوة. ويظهر في الحكايات الشعبية كأب الأسرة الذي يكافح ظروف الحياة للعيش بكرامة، وحكاياته مع زوجته من أطرف ما يكون وبعدها الواقعي والاجتماعي واضح. على عكس جميع أبطال السير الشعبية والحكايات التراثية، يظل جحا الأقرب إلى صورة الإنسان العربي بعيوبه ومميزاته، بخيره وشره، فقلما تقرأ إحدى قصص جحا إلا وترى جزءاً من نفسك فيها، فالقرب من الناس والتعبير عنهم بفن النكتة والحكاية المسلية ضمنا لجحا حضوراً متجدداً على الدوام، وحجزا له مقعد الخلود في ذاكرة الشعوب العربية، فصارت حكاويه حكماً تُروى هنا وهناك. من نوادره: خشوع السقف سافر جحا إلى إحدى المدن ونزل في أحد خاناتها. وفي اليوم التالي قال لقيم الخان: يا أخي إني أسمع طول الليل قرقعة في سقف الغرفة التي نمت فيها، فياليتك تأتي بنجار ماهر يكشف على أخشابها ليرى ما فيها. فقال له القيم: يا سيدي هذا البناء قوي لا يتهدم، وليس ما تسمعه إلا تسبيحاً بحمد الله الذي يسبح بحمده كل ما في الوجود. فأجابه جحا قائلاً : صدقت وإنما خوفي العظيم من تسبيحه وتهليله؛ لأني أخاف أن تدركه رقة فيسجد سجدة طويلةً على غير انتظار. *** ضاع الحمار بمفرده ضاع حمار جحا فأخذ يفتش عنه ويحمد الله شاكراً، فسألوه: لماذا تشكر الله؟ فقال: أشكره لأني لم أكن راكباً على الحمار وإلا كنت ضعت معه.