جاء الذئب ، فذهب بابن إحداهما. قالت الكبرى : أكل الذئب ولدك ، وهذا ابني. قالت الصغرى : بل أكل الذئب ابنك ، وهذا ولدي. واختصمتا إلى داوود عليه السلام … ولعل الكبرى كانت ألحن بحجتها من الصغرى ، فحكم لها داوود بالولد. حملت الكبرى الولد مغتبطة فرحة، وانطلقت الصغرى حزينة كئيبة تندب حظها. رآهما سليمان بن داوود عليه السلام ، فدعاهما ، وسألهما ، فأخبرتاه بما ادّعت كل منهما ، وبما حكم أبوه. وكان سليمان ذا نظر ثاقب ، آتاه الله الحكمة ، وعلّمه فصل الخطاب . فقال في نفسه: إن الذي يحكم في هذه القضية العاطفةُ لا العقلُ. فلأستثيرَنّ المرأتين ، فمن ظهر منها الحب الأكبر للرضيع حكمت به لها. قال لهما : كل واحدة تعتقد إن هذا الولد لها؟ قالتا : نعم. قال : وتصر أنه ولدها؟ قالتا : أجل. قال : إئتوني أيها الرجال بالسكين ، أشقه بينهما. سكتت الكبرى .. ونادت الصغرى متلهفة : لا تفعل ذلك – رحمك الله – هو ابنها. ورضيت الصغرى أن يكون ولدها للكبرى فيعيش وتراه عن بعد. هذا يسعدها لا شك . وهل ترضى الأمّ أن يُقتل ولدها ؟!نظر سليمان إليها ، وقال : هو لك ، فخذيه.