ألفنا القرآن وصاحبناه وعرفناه وقرأناه واستمتعنا به , وبدأت القلوب ترتاح لأحكامه وتنهض بأخلاقه فَصَهَرَنا القرآن ودرّبنا على تعلّم الكثير من الآداب والأخلاق فأمسكنا الألسن وغضضنا البصر وترقّق القلب .. وعلمنا أن خلاصنا بالقرآن ورواجنا بالقرآن وسعادتنا بالقرآن ونهضة أمتنا لن تكون إلا بالقرآن .. فتمهّل علينا أيها الحبيب نريد أن نستزيد له فهما ونستشفى به شفاءا ونتنور به نورا ونتخلق به أخلاقا ونتمسك به منهجا .. تمهّل قليلاً .. فهو الذى قد نزل فيك فزدت به شرفا وفخرا , واجتمعت الخيرات كلها فيك , خير نزول القرآن فيك وخير ليلة قدر شريفة عظيمة وخير رحمة وخير مغفرة وخير عتق من النيران وخير اللُحمة بين المسلمين. أبَعد هذه الخيرات التى ميّزك الله بها نراك مُصرّا على إسراع الخُطى ... مهلا رمضان .. لاتحرمنا خيراتك . رمضان ترفّق بنا : فلذة التراويح أمتعتْنا وكثرة الركعات أراحتنا ومزيد السجدات رفعتنا وطول الوقوف بين يدى الله أنسانا دنيانا ومشاغلنا . فلماذا ترغب في الرحيل؟ تمهّل أيها الحبيب. فتراويحك جميلة فيها الراحة . ومعها السعادة وبها تتميز أيها الشهر الحبيب. تمهل ولو قليلا فقد عشقنا سماع قول الإمام يصدح : صلاة القيام أثابكم الله . كلمات دغدغدت آذاننا , وأطربت مسامعنا , ولاندرى ماذا نفعل إذا رحلت وأسرعت خطاك ؟ وصفوف المصلين فى التراويح تتزاحم والأكتاف تتلاحم والأقدام تلتصق والخشوع يهيمن والرحمة تتنزل والجنة أمام الأعين تتمايل , أعيننا فى موضع السجود وقلوبنا فى سبحات الله وأيدينا فوق الصدور وأرجلنا تتثبت لاتريد الخروج من الصلاة حتى تفوز بدعاء الإمام ليختم به تراويحنا فيدعو ونؤمن ويرجو ونطلب ويرفع الأكف ولاينتهي من الدعاء إلا بعد أن نكون قد استشعرنا اجابة الدعاء وانفتاح السماء وقبول الرجاء ولم لا ؟ وهو صاحب العظمة وصاحب الجود والعطاء. تمهّل أيها الحبيب .. فأين نجد فى غيرك من الشهور تراويح.. اللهم أجرنا فى مصيبتنا وأخلفنا خيرا منها . ماذا فعلنا بك أيها الحبيب حتى تسارع خطاك؟ فوالله إن حروف اسمك من ذهب فأنت رمضان ... راؤك رحمة وميمك مغفرة وألفك أمن وأمان ونونك نجاة ونجاح.