ريال مدريد يثأر من السيتي ويجرده من لقب أبطال أوروبا    الجنوب ومحاذير التعامل مع العقلية اليمنية    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    حضرموت تستعد للاحتفاء بذكرى نصرها المؤزر ضد تنظيم القاعدة    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "سيضيف المداعة في خطبته القادمة"...شاهد : خطيب حوثي يثير سخرية رواد مواقع التواصل بعد ظهوره يمضغ القات على المنبر    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    فيديو اللقاء الهام للرئيس العليمي مع عدد من كبار الصحفيين المصريين    "ليست صواريخ فرط صوتية"...مليشيات الحوثي تستعد لتدشين اقوى واخطر سلاح لديها    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    الرئيس الزُبيدي يطمئن على الأوضاع في محافظة حضرموت    العين الاماراتي يسحق الهلال السعودي برباعية ويوقف سلسلة انتصارات الزعيم التاريخية    حكومات الشرعية وأزمة كهرباء عدن.. حرب ممنهجة على الجنوب    رافقه وزيري العمل والمياه.. رئيس الوزراء يزور محافظة لحج    سحب العملة الجديدة في صنعاء... إليك الحقيقة    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    رافينيا يوجه رسالة حماسية لجماهير برشلونة    أنس جابر تنتزع تأهلا صعبا في دورة شتوتجارت    استقرار أسعار الذهب عند 2381.68 دولار للأوقية    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    المجموعة العربية تدعو أعضاء مجلس الأمن إلى التصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    محافظ المهرة يوجه برفع الجاهزية واتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية تحسبا للمنخفض الجوي    وفاة وإصابة 162 مواطنا بحوادث سير خلال إجازة عيد الفطر    أمين عام الاشتراكي اليمني يعزي الرفيق محمد إبراهيم سيدون برحيل زوجته مميز    إيران: مدمرة حربية سترافق سفننا التجارية في البحر الأحمر    توكل كرمان تجدد انتقادها لإيران وتقول إن ردها صرف انتباه العالم عما تتعرض له غزة    عن صيام ست من شوال!    مصر: ختام ناجح لبطولة الجمهورية المفتوحة " للدراجون بوت "ومنتخب مصر يطير للشارقة غدا    حزب الإصلاح يكشف عن الحالة الصحية للشيخ ''الزنداني'' .. وهذا ما قاله عن ''صعتر''    أبناء الجنوب يدفعون للحوثي سنويا 800 مليون دولار ثمنا للقات اليمني    القوات المسلحة الجنوبية تسطر ملاحم بطولية في حربها ضد الإرهاب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وفاة طفل غرقًا خلال السباحة مع أصدقائه جنوبي اليمن    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    محافظ عدن يلزم المنظمات باستصدار ترخيص لإقامة أي فعاليات في عدن    مصير الأردن على المحك وليس مصير غزة    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يخالف التوقعات ويُحرج دفاع الاتلتيكو برباعية    الضالع: القوات المشتركة تُحافظ على زخم انتصاراتها وتُحبط مخططات الحوثيين    بعد تراجع شعبيتهم في الجنوب ...المجلس الانتقالي الجنوبي يعتزم تعيين شخصية حضرمية بديلاً عن عيدروس الزبيدي    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    حكم الجمع في الصيام بين نية القضاء وصيام ست من شوال    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الوطني في موكب الشعراء.. آلام وآمال
نشر في الجمهورية يوم 10 - 10 - 2013

أيام قليلة تفصلنا عن صياغة البيان الختامي للمخرجات الحوارية بعد ساعات وأيام وأسابيع وشهور من النقاشات والتداولات ستفضي بإذن الله كما نتمنى ويتمنى الشعب اليمني بأكمله إلى تجاوز كثير من المسافات العالقة بين جموع المتحاورين الذين تعدّدت مشاربهم ، وتنوّعت رؤاهم ، وكثرت تصوراتهم للحلول الناجعة بحسب ما يقدمونه من تصورات عصروا لها عقولهم وواصلوا الليل بالنهار لتقديمها على أطباق من ذهب علّها تمثّل مخرجاً من مخارج هذا الوضع المأساوي الذي تمر به البلاد ، أمور من شأنها دفع الجميع إلى خطوات متقدمة من الأمن والاستقرار ، والنهوض بالبلد من حالة الاستقطاب التي ضربت بأطنابها عميقاً في جذور مشاكلنا وما نمر به من مصاعب العيش في بلدنا ، بالإضافة إلى حالة التيه والاحتراب المسيطرة على النفوس والقلوب والعقول بحيث أصبحت بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى لملمة مثل هذه الحالات وتصفيتها من الشوائب التي أخّرت وطننا الغالي وخرّبت إنساننا اليمني الكريم وكل ذلك بسبب ما ورثناه من ثقافتنا التي تصادر منابر الحوار ، وتكمّم الأفواه المنادية للحوار ، وهذا الذي يجب أن يعلمه جموع المتحاورين من أن قطاعاً عريضاً من الشعب قد عقد الآمال على مخرجات هذا المؤتمر الذي يعد فرصة تاريخية إذا استغلت ووظفت توظيفاً إيجابياً فإنها ستنبت نباتاً حسناً وإلا فبقاء الأوضاع كفيل بانهيارات في الدولة لن تحمد عقباها.
وفي مثل هذا المقام الأدبي النقدي كم هو جميل أن يعيش الفرد في مجتمع واعٍ يسمح ويقبل ويمارس الحوار الجاد في كل قضايانا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشرعية دون تكميم الأفواه ومعاقبة من يتفوه بالحق والعلم والمعرفة!
والشعوب المستقرة والمتحضرة تفتح باب الحوار والنقاش لكل الأطياف، ونحن كمجتمع مسلم يجب أن نقارع الحجة بالحجة، وشرعنا ضبط كل الأمور بمعايير ربانية راقية فكان الأولى بنا سماع كل الآراء والتحاور معها للوصول إلى الحق والحقيقة، بدلاً من أن نستقي ثقافة وتربية وتوجيهاً إعلامياً ونمطاً حياتياً لدينا يصادم لغة الحوار ويزرع مفردات الجبر والإغصاب.
ونحب في هذا السياق ونحن نتحدث عن الحوار من منظور أدبي صرف التأكيد على أن تناول هذا الجانب المهم عبر هذه الزاوية أمر في غاية الأهمية؛ نظراً لما يمثله الحوار من قيمة حضارية، وثقافة سامية، ومنهج عظيم لحل النزاعات والخلافات، يأخذ به الإنسان الواثق من نفسه، وصاحب العقل الرصين والرشيد، في منزله أولاً وفي محيطه المهني ثانياً، وفي علاقاته العامة بمن يعرف ومن لا يعرف أيضاً،وانتهاء بعلاقاته مع الدولة التي هو مواطن فيها، ويدين لقانونها، ويسير أدبياً وأخلاقياً بأعرافها، ولا يشذ عن المجموع العام من أبنائها.. وهو حقيقة لا ينتطح عليها عنزان أو يختلف عليها اثنان بل إنه من المسلمات التي يجمع عندها الناس جميعاً بمختلف مشاربهم، والحوار مشترك من المشتركات التي تقوم عليها الدول المتحضرة التي تحترم نفسها، وما سواها من الشعوب المتأخرة التي مازالت في ذيل القوافل مرد أمرها إلى تلك التعصبات والمماحكات والاحترابات التي أفضت إلى تخلفهم وبقائهم في محلهم وإذا تقدموا فإلى الوراء ينكفئون خلف ذواتهم يصارعون طواحين الهواء.
إن من الحقائق التي يجب الاعتراف بها أننا قبل هذه المرحلة كنا شعباً لا يفقه كثيراً من ثقافة الحوار بما هو قائم عليه اليوم من حراك شعبي كبير تداعى له أغلب اليمنيين بعدما كانت حياتنا الفكرية والثقافية تفتقد إلى ثقافة حوار يضم جميع أطياف المجتمع، أما اليوم فقد تغير الوضع تماماً، وانقلب المشهد بحيث أصبحنا نرى ثقافة حوارية في حياتنا اليومية، داخل الأسرة وفي المدرسة وعلى قارعة الطريق، يحدث هذا بعدما كانت علاقاتنا جميعاً قائمة على القسر والإخضاع، وفي أحسن الأحوال تجاهل الآخر كند؛ لأن مصالح الأفراد وأنانيتهم تتقدم على مصالح الجماعة، الأسرة والجماعة والوطن، لذا كان علينا بداية أن نحدّد الهدف من الحوار، وهذه تعاني من التباس مزمن؛ لأن أولويات اليمني برأيه تختلف عن تلك التي لغيره نظراً للتركيبة السكانية والمجتمعية والاقتصادية لهذا الشعب.
وهنا نقطة نظام نقول فيها: إن شعبنا والشعوب العربية بشكل عام ما أودى بها إلا ثقافة الاستكبار ، ونظرية الصواب التي لا تحتمل الخطأ التي بناها لأنفسهم حكامنا شعارهم في تعاملهم مع هذه الشعوب التي سحقت وما زال بعضها.
إنها الثقافة التي جثمنا عليها سنين طوالاً، واشتدت وطأة الحكام بها علينا استبداداً وتخنيعاً لرقابنا، فكنا حينها كالقطيع الذي يُقاد بلا زمام، ويومها كان مجرد التفكير بثقافة الحوار يعد ضرباً من ضروب المستحيل لاستحالة نيله، اليوم وقد تغير الحال، وتبدل الظرف كان لزاماً علينا أن نسلط الضوء على الحوار والإكثار من الحديث فيه كل من زاويته فناً واقتصاداً ومسرحاً وسياسة واجتماعاً وتوعية وإرشاداً وتهيئة وإداراة ومساعدة، لذلك ليسمح لي القارىء أن أتناوله من زاوية أدبية صرفة أتمنى أن تكون ماتعة وتعطي انطباعاً عن أهمية الحوارالذي نعيشه في أيامنا الحاضرة، ولأننا نعيش واقعاً غير الذي كنا نعيشه في مرحلة من مراحل الاستبداد التي كانت تنبذ الحوار، فمن العيب أن نجد اليوم من الشعراء من ينادي بالابتعاد عن ثقافة الحوار، ولنؤكد أننا ضد كل المظالم التي لحقت بأبناء اليمن، لكن هذا لا يعني أن نقطع حبل التواصل، وجسور المشتركات التي تجمعنا كأبناء بلد واحد لن يحترمنا الآخرون ما لم نجلس على طاولة واحدة نحل مشكلنا بأنفسنا.
وحتى لا أتهم باختياري غير الموفق للقصائد التي بين أيدينا أقول: ان طبيعة الموضوع تحتم علي اختيار ما يتم تداوله بعيداً عن قوته وجزله من ضعفه ووهنه؛ لأن المقام يستدعي أن نثبت كل كلمة صادقة مخلصة تدعو إلى لم الشمل وجمع الكلمة تحت شعار الوطن ولا شيء غير الوطن؛ لذلك ليعذرني القارئ العادي والقارئ النخبوي عن اختياري الذي وقع لهذه القصائد.
في قصائد الشعراء التي بين أيدينا سنتعرف على كثير من الآمال والآلام التي تشغل كثيراً من الشعراء هذه الأيام ، ولن نكون منحازين للشعر الفصيح عن الشعبي النبطي هذه المرة بل سنثبت شيئاً من الفصيح وشيئاً من النبطي نظراً لأن الموضوع يستدعي المقامين والشكلين.
من المعاني التي استوقفتني في هذا المضمار قصيدة للشاعر مصطفى حسان عنونها بال« الحوار أول خطوة للنهوض» ، ضمخها الشاعر بالكثير من المعاني الرائعة التي شعر من موقعه الأدبي أن يثبتها لواقعيتها في حياة اليمنيين الذي نينتظرون مخرجات هذا الحوار ، في مقدمتها يبدأ الشاعر بالحديث عن آماله نحو وطنه الذي عانى الكثير، وكان من نتائج معاناته أنه مازال متأخراً بين الشعوب فهو يتمنى أن يرى وطنه بغير الصورة المعهودة عنه فيقول:
حلمي أرى بريق نجمك صاعدْ
وأرى البناء على ضفافك واجدْ
يا ملهم التاريخ نسج حروفه
ستظل للأجيال أكبر شاهدْ
أرضعتنا من ماء مزنك عزة
فأبينا أن نرضى بغيرك قائدْ
وتهاوت الأقطار من أطرافها
وبقيت أنت على حدودك صامدْ
إني بذلت الروح فيك رخيصة
وسيبقى حبك في فؤادي خالدْ
يتوقف الشاعر هنا ليبدأ مشواره من جديد، ولكن هذه المرة بالحديث عن ثقافة الحوار التسامحية التي ينبغي أن تسود أبناء الوطن بعد سنوات من الاحتراب والمماحكات التي أودت بالشعب فيقول:
علّمتنا أن التسامح منهج
نسمو به وعلى المحبة سائدْ
وإذا دنا زمن الحوار رأيتنا
نصطف إيماناً بأنك واعدْ
وتقاربت كل الرؤى وتوحّدت
والكل يبني في صعيد واحدْ
يا أمي الأولى ومهد حضارتي
حظي بأني في سبيلكِ شاردْ
فاستبشري أرض السعيدة بالهناء
إنْ كل حلم دون مجدكِ بائدْ
يريد الشاعر من ذلك القول: إن للحوار هدفاً وغاية ألا وهو الإغناء وإنارة كل النقاط والزوايا لتكتمل الصورة واللوحة، وعلى أن سماع الآخر ضرورة والمواقف يجب أن تكون تبعاً للمواقف الحوارية، وما يمكن أن تتمخض عنه من مشتركات وطنية.
هناك قصيدة أخرى لشاعر آخر هو الشاعر عبدالسلام اللباسي أعجبت الكثير من الناس ممن سمعها، علماً أن هذه القصيدة ألقيت في خيمة الحوار الوطني في المهرجان الثاني للحوار في محافظة البيضاء بحضور محافظ محافظة البيضاء، وهي من الشكل النبطي يقول في مطلعها الشاعر:
على درب الوفاء لك ياوطن شامخ رفعت الراس
وحرفي صار مدحك مصدر إلهامه وإشباعه..
زرعتك حب وأسكنتك خلايا الروح والإحساس..
وصدري لك صنع درع الشرف من قسوة أضلاعه..
ترابك يا وطن أغلى من المرجان والألماس..
وملعون الذي عنده وطن مثلك إذا باعه..
نعالك تحتها كل الرؤوس الخاينه تنداس..
ورأسك رأس شامخ مالحد قدره على اخضاعه..
يمن واسم اليمن للمجد والعزة غدا نبراس..
يمن ثابت وما عمره حلم خائن بزعزاعه..
يمن نفديه بالأبناء والأرواح والأنفاس..
ومن نحوه يؤشر للخيانه نقطع اصباعه..
تروا هذا الوطن واجب نقدّس تربته قداس..
ونحيا له ونحمي ثروته من ناس طمّاعه..
وشاعرنا كسابقة أحب أن يبدأ قصيدته عن وطنه الحبيب كتمهيد لما يريد أن يقوله في الأبيات اللاحقة التي سنجد أن الشاعر قد أراد أن يأخذ المتلقي نحو آفاق من الحقائق التي يجب أن يعيرها الناس اليوم أكثر من أي وقت مضى، وسنجد أن الشاعر في بقية أبيات القصيدة يريد أن يشد أنظار المتحاورين.
نريد النتائج والأهداف ولا نريد الغوغاء والفوضى والتشتت، الأهم هو اليمن ومستقبلها، ومستقبلنا يريد البناء والتطوير وأن يمضي الجميع نحو نهج سياسي يحمل مستقبلاً أفضل لليمن وللجميع من أبناء الوطن في الداخل والخارج وأن لا يقع أحد في مثل هذه المطبات ثانية، وأن تحمى المنجزات ويبنى على البناء بعيداً عن المزايدات والتخوينات، فالوعي وتحمل المسؤوليات هو المطلوب وأن يبتعد الجميع عن الأحلام الخرافية لتلامس الواقع الميداني والإمكانيات المتوفرة.
تعالوا نجعل الوحدة لنا مبنى العطاء والساس..
وجيل الغد من ثدي المحبه نكثر ارضاعه..
تعالوا نهدم أكواخ الحسد والحقد والأرجاس..
ونعلن للتسامح والوئام السمع والطاعه.
ونكفر بالتعصّب والمرض والشك والوسواس..
وثوب الود نتسابق إذا اتقطع لرقاعه..
نلملم شمل فرقتنا ونقتل بالطموح اليأس...
ولا نجعل من أخطاء البشر للغدر شمّاعه..
تعالوا كلنا نصبح على حفظ اليمن حرّاس..
ونعطي للمواطن حق في تصحيح أوضاعه.
تعالوا بالتحاور نجعل أحزان اليمن أعراس..
ونبقى أوفياء مهما اختلفنا داخل القاعه..
هدفنا نحمي الوحدة ونجعل حولها أقواس..
هدفنا صنع مستقبل يشرّف كل صناعه..
حوار اليوم في وجه الأعادي فيه قوة بأس..
ومن حاول يفرق صفّنا يبشر بقطّاعه..
سلام الله على أرض اليمن مانسنس النسناس..
من أول يوم ربي أوجده لا قومة الساعه..
والشاعر يقر وإن بصورة غير مباشرة وأسلوب مؤدب أن هناك أخطاء يتوجب تجاوزها من الجميع وأن ننظر إلى بعضنا بعين المحب لا بعين المغرض وأن نترك المساحات لبعضنا والوقت أن ندرك أن مصيرنا هو واحد؛ لأننا في مركب واحد، فأما العمل معاً والنجاح وتجاوز المحنة والبناء الذي يصبو إليه الجميع أو الغرق والفشل والضياع.
هنا يتوجب أن نتمسك بالقواسم المشتركة التي تجمعنا ونبتعد عما يفرقنا لا يهمنا الأنا والمناصب والمكتسبات بل بلدنا ومستقبل أبنائنا، فالحوار يجب أن لا يكون حوار الطرشان بل حوار الشجعان الذي يؤمن بالاعتراف بالآخر وأن هناك دوماً الأفضل مني رأياً وعلماً ووعياً، ولا مانع من احترام الرأي الأفضل حتى ولو خالف رأيي الشخصي، فالمصلحة العامة هي الأهم والأبقى والأسلم، وأنني من المتفائلين بالمستقبل لإيماني بقدرات اليمنيين كشعب.
الشاعر المنيعي شاعر آخر «من الديمة» كما يقال، أي أنه من أعضاء مؤتمر الحوار أدرك أن الحوار الوطني متعدد الأطراف والتوجهات اليمنية بات له حيز وهامش من الطرح بين النخب المثقفة بجميع أطرافها, واكتسب نوعاً من الأهمية في الآونة الأخيرة، وهذا الحوار وإن كان عملا ًمعرفياً فهو حقيقة سياسية بامتياز، ولا يوجد تعارض بين دور المثقف والسياسي أو فصل بين مهمات الاثنين.. ولأن العلاقات اليمنية بين الأطراف الداخلية بعضها ببعض حملت الكثير من المحطات فإن دور المثقف يأتي ضرورة لابد منها في تجاوز هذه الأمور لفتح صفحة جديدة من الحوار, ويكمن دوره أيضاً في الضغط الأخلاقي على النخب السياسية لأن تتقدم إلى ميدان العمل والتعارف وفي إزالة الحواجز الوهمية القائمة على الجهل والمصلحية الأنانية، وكل ذلك من أجل فتح نوافذ وإن كانت صغيرة وإقامة الجسور وإن ضاقت، ومقاومة اليأس السهل بالثبات على جمالية الصعب، وتجليات الحياة في رونق الإنجاز الذي تأخر.
ويشدنا شاعرنا الذي بين أيدينا إلى أن الحوار كقيمة، تظهر دوماً عندما يتسامى الإنسان في نقاشاته، عن الاعتداد برأيه وتسفيه آراء الآخرين. ذلك أن الحقيقة في كثير من الأحيان ليست ذات اتجاه واحد، فأنت قد تحمل جزءاً من الحقيقة، تصوغ رؤيتك، والآخر قد يملك جزءاً من الحقيقة تصوغ رؤيته باتجاه قد لا يوافقك.
ويقرر أن هذه الصبغة الإنسانية التي تتفق على الثوابت البشرية يمكن أن تكون مصدر ثراء معرفي، لا شقاق وانقسام.
ويرى أن النظرة إلى قضية واحدة بشكل أحادي أمر مستحيل في أي مجتمع. هناك من يرى البياض في إطار الصورة ملمحاً جمالياً، وهناك من يراه إضافة ضرورية، وهناك من يجزم أن الإطار كان سيكون أكثر جمالاً لو خلا من اللون الأبيض.
ففي قصيدته يوجّه الشاعر المنيعي إلى أعضاء مؤتمر الحوار الوطني نصيحة.. يقول فيها بلهجته البدوية:
قال المنيعي يا نشامى اتشاوروا
حول الوطن كله وكونوا كالفصيل
ولا تظلوا بينكم تتهاتروا
وحسب ظني ما يدوم إلا الجميل
والشعب مش ناقص مشاكل تشكروا
يريد دولة والوطن ما به بديل
وابناء اليمن يا اهل الحوار استبشروا
حلول منكم تشفي القلب العليل
واسئلتكم بالله لا تتعنصروا
على حساب الحق واصغوا لي قليل
واهل الصراع المذهبي يتعبّروا
ما حد محقق أمنياته بالصميل
وكل شي بالعقل لا تتهوروا
والعنف مش مقبول والفكر الدخيل
واتذكروا لاعاد با تتذكّروا
ما حل في لحج الحبيبة والحبيل
واليوم في حال الجنوب اتفكّروا
هل تنفع القوة والاسلوب الثقيل
وبدون صعدة كيف با تتحاوروا
صعدة بفعل الحرب هي ثاني قتيل
زوروا قراها واسألوا واتخبّروا
أما الصحف واخبارها ما هي دليل
قد شوّهت مارب بشلوا فجّروا
وانتوا تفاعلتوا مع قالت وقيل
عممتو النظرة حسب ما قرروا
والصدق ما هوشي على هذا القبيل
ورجال مارب من زمان استنكروا
مفاسد السلطة وقطاع السبيل
ذي ما استحوا من فعلهم واستمرأوا
تشويه مارب واهلها كمّن أصيل
مارب سبأ ذي بسمها تتفاخروا
على مدى التاريخ والوقت الطويل
راعو قضيتها ولا تتنكّروا
والحق حيّا به وغيره مستحيل
وآخر خبر يا اهل الحوار اتجمهروا
مع الوطن واهديكم الشكر الجزيل
لقد وضع الشاعر إصبعه على كثير من الآلام والآمال التي أتى على ذكرها ولا ينكرها أحد.
في الأخير أقول: إن الحوار – كما تقرّره الأيام وشواهد الواقع - إذا لم يؤد نتائجه الإيجابية التي ينتظرها الشعب من المتحاورين فسيصبح بمثابة حضور عرس كبير دون أن يكون هناك عريس سيُزف فيه، أي أنه باختصار كمن يحرث في الهواء أو كمن يرسم على صفحة الماء.
لذلك كانت مسئولية المتحاورين أعظم مسئولية يمكن لإنسان أن يضطلع فيها خدمة لوطنه، وتحصيناً لمورثه الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي ، بل إن كل هذه الأمور مرد نهضتها يعود إلى الحوار عندما يكون وظيفة تؤدي دوراً بنّاءً في المجتمع.
جملة هذه الآراء، تعطي شكلاً طيفياً جميلاً، لا يؤثر الإنصات إليها ولا يقلل من قيمة الرأي الرابع الذي قد يرى أن هذا الأمر هامشي، وأن الأهم التركيز على الصورة لا على إطار الصورة.
حال مجتمعاتنا الإنسانية تصبح أجمل، بإعلاء قيمة الحوار، والرفع من شأنه، وتشجيعه، وفتح الآفاق أمامه، والتدريب عليه، وعدم الضيق بالآراء الأخرى، حتى ما بدا منها شاذاً، فرب رأي بدا غريباً، فتح الآفاق باتجاه الوصول إلى رأي مألوف.
لقد أشاعت المعرفة روح الحوار، حتى عند الأطفال، فأصبحت آفاقهم تتحفز للسؤال والنقاش والجدال، وبإمكان الأب والأم إثراء هذه الفطرة لدى الطفل أو اغتيالها، بحجة أن النقاش والسؤال قلة أدب، وأن الحق والصواب هو ما يقوله الأب والأم.. الطفل قد يمتثل لهذا الأمر، لكنه سينمو وفي نفسه شيء تجاه هذه القضية، وربما يتحوّل إلى شخص يمارس نفس المصادرة في الآراء مع سواه.
في الختام لابد لنا في هذا المقام من القول: إن الحوار للأسف الشديد لم ينشغل به الشعراء كثيراً بحيث سطروه كثيراً في قصائدهم باستثناء مشهد أدبي تمثّل في «مسابقة شاعر الحوار» شدا من خلاله الشعراء بنبض وطني وعاطفي سلب جمهور المتابعين وتوّج أبطاله في نهاية المشهد بعد أن خاض 25 شاعراً وشاعرة من عدد من المحافظات.
الفعالية التي نظمتها مؤسسة وجوه للإعلام والتنمية استمرت خلال أشهر ضمن مشروع إشراك المواطنين في الحوار الوطني من خلال مسابقات شعرية حيث فاز في المسابقة الشعراء يحيى الحمادي عن قصيدته المعنونة ب «ربيع الجنتين»، وسبأ العواضي عن قصيدتها «علا الأوطان»، وعبدالواحد عمران عن قصيدته «أمل على باب الحوار»، ونبيلة الشيخ عن قصيدتها «مواسم الأمطار »، وعمار الزريقي عن قصيدته «حالة استثنائية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.