انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    نتائج قرعة أندية الدرجة الثالثة بساحل حضرموت    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم.. رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    34 ألف شهيد في غزة منذ بداية الحرب والمجازر متواصلة    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    الرواية الحوثية بشأن وفاة وإصابة 8 مغتربين في حادث انقلاب سيارة من منحدر على طريق صنعاء الحديدة    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



14أكتوبر.. بطولة شعب وانتصار أُمة
نشر في الجمهورية يوم 14 - 10 - 2013

من أنصع صفحات التاريخ اليمني تتجلى كوكبة من الرجال الإبطال أضاءوا بتضحياتهم دروب الحرية والكرامة, ومهما فعلنا لن نوفيهم حقهم مقابل قطرة دم ارتوت بها أرضنا الطاهرة التي طهرت دنس المستعمر البغيض في شمال الوطن وجنوبه, ولا يحترم التاريخ من لا ينصف نفسه بالاعتزاز بشهداء وأبطال الثورات العظيمة, وثورة ال 14 من أكتوبر صنعها رجال خطوا بسماء الحرية عنوان حاضرين في قلوبنا وبين حدقات أعيننا, وفي هذا السرد ما تيسر عن البدايات الأولى لثورة 14اكتوبر والمراحل التي سبقتها وعن إسهامات المناضلين أمثال قحطان الشعبي, وفيصل عبد اللطيف, سيف الضالعي, محمد صالح العولقي, احمد صالح الشاعر, علي عبد العليم, علي عنتر, سالم ربيع علي, سعيد صالح, عبد الفتاح إسماعيل, ابوبكر شفيق, عبد الحافظ قائد, والكثير من الشهداء والأحرار والمناضلين في تحرير اليمن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه لهم تحية إكبار وتقدير, ولكل الذين سطروا بدمائهم الزكية بطولة شعب وانتصار أمة في نضال طويل وقاس ضد أعتى إمبراطورية في ذلك الوقت.
14 أكتوبر الثورة العظيمة التي حققت نتائج عظيمة
كانت ثورة 14 أكتوبر امتداداً لكل ثورات الشعب اليمني منذ بداية الاحتلال البريطاني لعدن وظل الرفض للوجود البريطاني قائماً أبدا وإن اتخذ أشكالا متعددة ومختلفة يحكمها الظرف والزمان والموقع تمثلت في المقاومة المستمرة منذ وجوده ثم تحولت إلى مقاومة اتخذت شكل الإضرابات والمقاطعة والمنشورات والعصيان, ثم تطورت إلى تشكيل الأحزاب والجمعيات التي تعتبر خطوة متقدمة في مقاومة الوجود البريطاني ثم تطورت إلى أحزاب منظمة وحركات نقابات عمالية مهنية مكونة تراكم وتطور مستمر, إضافة إلى حركات الكفاح المسلح التي قامت في بعض المحافظات ,وكان حزب الرابطة والشعب الاشتراكي أبرز القوى السياسية والنضالية في الستينيات حتى قيام ثورة 14 أكتوبر, وكان حزب الرابطة هو الإطار الذي احتوى كل هذه الأحزاب التي تولدت بعد ذلك وكان يرأسها العلامة السيد المناضل محمد علي الجفري وهو من عائلة وأسرة مناضلة ومثقفة, ومن الرابطة انبثقت الأحزاب والقوى السياسية الأخرى فمثلاً خرج منها الأساتذة عبد الله وعلي باذيب , محمد سعيد مسواط, ومحمد سالم علي, والأستاذ عبد الله الاصنج أطال الله في حياته وكونوا الجبهة الوطنية المتحدة والتي كان لها آثارها في السيطرة على بعض النقابات العمالية, ولكن قبل أن تأتي ثورة أكتوبر كان هناك ثورات يمنية قد سبقتها أبرزها وأساس تلك الثورات في الشمال والجنوب ثورة 26 سبتمبر 1962م التي أرست الأساس الحقيقي ووفرت مقومات نجاح أساسية لثورة 14 أكتوبر 1963م.. ولابد من التركيز على عدة عوامل هامة في نجاح ثورة أكتوبر أولها ثورة سبتمبر ثم الوجود المصري وثقل مصر الذي كان يتزعمه الزعيم العظيم جمال عبد الناصر وشعور الناس به في صنعاء واليمن كلها فهو كان رافداً ثورياً ودعماً كبيراً كما أن الوجود الفعلي للقوات المصرية ككل هو أساس ودعم حقيقي وعامل معنوي لقيام الثورة وانتصارها, ولا ننسى عنصر الثورة الكامن في نفس الشعب اليمني في الجنوب الذي حسم المعركة الوطنية مع بريطانيا, ففي السابق كان هناك ثورات في شكل انتفاضات لعدم وجود المقومات الضامنة لثورة مستمرة التي اشرنا إليها سابقاً بالإضافة إلى الاستمرار والإعداد الصحيح والأهداف المرجوة والنتائج التي يجب أن تسعى إليها وهذه الأشياء التي افتقدتها الانتفاضات السابقة في تاريخ شعبنا, توفرت للجبهة القومية مما أسهم في نجاحها, إن أهمية وعظمة ثورة أكتوبر ونجاحها يأتي من أهمية عدن الاستراتيجية والاقتصادية والاستعمارية لبريطانيا.
أهمية عدن في الاستراتيجية البريطانية
أتت أهمية النضال ثم النصر والاستقلال الوطني من أهمية عدن وما مثلته بالنسبة لبريطانيا فمن خلال عدن والتواجد البريطاني فيها تمكنت بريطانيا من توسيع وترسيخ وجودها ونفوذها في الإقليم والجزيرة العربية وشرق إفريقيا فتواجدها عمل على إطالة عملية التشطير للأرض اليمنية، كما كانت عدن قاعدة أساسية مساندة للملكيين في صراعهم مع الثورة وضد النظام الجمهوري بدعم وتخطيط ومساندة من بريطانيا ولعبت بريطانيا بإدارتها السياسية والعسكرية في عدن دوراً هاماً في صراع التناقضات بين دول الإقليم وتأثيراً مضاداً لكل الحركات القومية والثورية وحركات الاستقلال التي قامت في الإقليم وشرق إفريقيا، كما أن الثروات والشركات البترولية العاملة في الإقليم كانت بحاجة إلى حام ومدافع أساسي عن مصالح هذه الشركات والدول وكذلك في عملية النقل البحري والأنابيب البرية للبترول, ولم تكن هناك قوة قادرة على تقديم هذا التأمين والضمان والسلامة إلاَّ بريطانيا من خلال تواجدها السياسي والعسكري في عدن, وتعاظمت أهمية عدن عسكرياً وسياسياً بقدر تعاظم الوجود البريطاني فيها , فبعد حرب السويس في مصر عام 1956م وهزيمة بريطانيا هناك وبعد المفاوضات بين مصر وبريطانيا لإجلاء قاعدة السويس العسكرية من الأراضي المصرية, ولم يكن أمام بريطانيا موقع مناسب لقواتها يوفر الموقع الاستراتيجي والحماية للملاحة البحرية والاستقرار السياسي لها في المنطقة إلاَّ عدن , وبهذا أصبحت عدن مركزاً لقيادة القوات البريطانية في الجزيرة العربية والإقليم , ثم ازدادت أهميتها لبريطانيا عندما أصبحت مركزاً للقيادة البريطانية في الشرق الأوسط بأكمله, وهو ما أعطى لعدن أهمية متزايدة لبريطانيا نفوذاً سياسياً وعسكرياً وتجارياً على دول الإقليم, إضافة إلى أن الاكتشافات البترولية في الإقليم أعطى أهمية للإقليم وزاد من أهمية عدن ودورها في حماية هذه الثروات والطرق البحرية والأنابيب لنقل البترول, ولولا الوجود السياسي والعسكري البريطاني المكثف كما يراه بعض الباحثين انه الذي أسهم في خلق إدارة متطورة ومتقدمة أسهمت في تقديم وازدهار التجارة, ولقد كان الاختلاف قائماً حول أولوية أهمية عدن هل هي سياسة عسكرية أم تجارية وكان الاختلاف قائماً حول هذه الأهمية بين حكومة بومباي وإدارة الحرب البريطانية في لندن, ففي الوقت الذي كانت فيه الإدارة البريطانية في الهند وخصوصاً بعد الاحتلال تركز على أهمية الازدهار التجاري لعدن ، كانت إدارة الحرب في لندن ترى أهميتها العسكرية والسياسية في المقدمة وأن الازدهار التجاري هو من نتاج التواجد السياسي والعسكري، مما اضطر حكومة الهند معه إلى تغيير نظرتها لتتفق مع وجهة النظر الأخيرة, ففي أكتوبر 1853م تبنت حكومة الهند سياسة جديدة قائمة على أهمية عدن العسكرية في قمة الأولويات وان الازدهار التجاري لعدن يقوم على أهمية التواجد العسكري والسياسي وطالما كان الصراع على الملاحة البحرية والتنافس الاستعماري مع فرنسا وكذلك التخوف من التوسع التركي والمصري في الجزيرة العربية واليمن فإن بريطانيا كانت ترى أن استراتيجيتها قامت بضرورة السيطرة على عدن كونها أكثر المواقع مناسبة لحماية هذه المصالح إذ تقع في منتصف الطريق بين مومباي والسويس، إضافة إلى تحكمها في الملاحة البحرية بين أوربا والهند .. ومن كل ما تقدم ندرك أهمية عدن لبريطانيا في استراتيجيتها الاستعمارية وأهمية تحرير عدن للجانب الوطني اليمني, وقد فقدت بريطانيا من هذا الشرح المقدم حول أهمية عدن العنصر الأساسي لنجاح استراتيجيتها في المنطقة وكسب الجانب اليمني الأساس الهام لقيام يمن وطني مستقل.
محاولات بريطانيا لإجهاض ثورة أكتوبر
بعد اندلاع وقيام ثورة 14 أكتوبر كان هناك محاولات بريطانية قامت على التخطيط لإجهاض الثورة بدأت بالتركيز على الجيش والأمن فبريطانيا حاولت أن تجعل الجيش لاعباً قوياً منفرداً ومتنقلاً على مسرح الأحداث لكنها فشلت بسبب واحدية قادة الجيش والأمن وأفراد القوتين وامتزاجهما في نسيج الوطن الواحد ولذا المحاولات والمخططات البريطانية في الانتصار على الثورة لم تفلح ولم تستطع أن تجعل الجيش بديلاً عن ثورة 14 أكتوبر, أدركت بريطانيا أن مخططها الرامي إلى إعداد الحكومة الاتحادية لتسلم السلطة بعد رحيلها مخطط لن يكتب له النجاح نتيجة لضعف تركيبه وبنية حكومة الاتحاد، وعدم شعبيتها, والأهم من ذلك أن نقطة الارتكاز في المخطط البريطاني لدعم وحماية نظام حكومة الاتحاد بعد الاستقلال هو الجيش الاتحادي الذي راهنت عليه بريطانيا كقوة حامية ورادعة بعد رحيلها, ولكنه كان مخططاً أوهى من بيت العنكبوت, إذ فشل مشروع حكومة الاتحاد وأحبط المخططون له في الحكومة البريطانية إثر انتفاضة 20 يونيو 67م ووقوف الجيش والأمن في صف الوطن والثورة.
المخططات البريطانية وأجندتها
قامت بمحاولة إغراء الجيش بتسلم السلطة فكان إن عملت على أعادة تنظيم وتوسيع القوات الاتحادية, اختيار عناصر الجيش والأمن والحرس الاتحادي للتدريب في الأردن وبعض التخصصات العالية على بريطانيا, إعادة تسليح الجيش الاتحادي بالأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية الثقيلة وبعض السيارات والآليات, إعداد خطة لتكوين سلاح الطيران والبحرية, ولتهيئة الجو الدولي لهذه المسرحية البريطانية تم مايلي:
ففي 21 سبتمبر ابلغ المندوب السامي البريطاني بعثة الأمم المتحدة الخاصة بالمنطقة بتفاقم الوضع العسكري والسياسي، مؤكداً أن الجيش العربي رفض العرض أي عرضه بتسلم السلطة، وأن الجيش والموظفين العرب يمارسون ضغطاً عليه أي المندوب السامي بضرورة التفاوض مع الجماعات الوطنية, كما سبق للمندوب الدائم البريطاني في الأمم المتحدة أن ابلغ البعثة الدولية مؤكداً أن الجيش هو عامل الاستقرار الوحيد في المنطقة في إشارة واضحة إلى ضرورة تبني البعثة الدولية المخطط البريطاني في محاولة لاكتساب الشرعية الدولية وصدور قرار عن المنظمة الدولية بتسليم السلطة للجيش، إضافة إلى هذه المحاولات الفاشلة من قبل بريطانيا فتجاوز الثورة المسلحة والقفز عليها وبعد فشل رهانها على حكومة الاتحاد عمدت بريطانيا إلى تكليف وزير التجارة في حكومة الاتحاد السيد الدرويش بالتفاوض مع قادة الجيش والأمن لتسلم السلطة والبلاد من الحكومة البريطانية وحكومة الاتحاد وبنيت بالفشل.
حركة 20 مارس 68م
عقب الاستقلال في 30 نوفمبر 1969م عاشت البلاد مخاضاً من محاولات تثبيت حكومة وتثبيت نظام وقانوناً وإدارة, ولحسن الحظ أن المستعمر البريطاني باعتراف الكثيرين أورثنا قانوناً وإدارة جيدة تعتبر من أفضل الإدارات في الشرق الأوسط وقد اعترف البريطانيون أنهم تركوا أفضل إدارة في الشرق الأوسط, فرأت الحكومة الوليدة أن تبقي على بعض القوانين السابقة حتى يتم استبدالها, فجاء الاستقلال بعد معركة أهلية مؤسفة بين جبهة التحرير والجبهة القومية, التي قامت بنضال نتيجة للحالات التي صارت في الشمال من خلال مفاوضات جدة بين عبد الناصر والمرحوم الملك فيصل خلقت بعض التناقضات لأنه كان هناك جبهتان تعملان في الجنوب ثم أتى الاستقلال، والاستقلال كما يراه المناضل عبد القوي محمد رشاد الشعبي أنه دائماً مصيدة للسلام بين القوى الثورية التي تعمل في بلد معين وهي واقعة تحت الاستعمار، ثم بعد الاستقلال تتصادم الرؤى وتؤدي بالتالي إلى حرب أهلية كما حدث بين الجبهة القومية وجبهة التحرير , والجبهة القومية دُمجت قسراً مع جبهة التحرير من قبل الجهاز العربي في اليمن, وتطور هذا الدمج بين المؤتمر الشعبي الذي عقد بعد مؤتمر لندن الذي عقدته الجامعة العربية ثم تكونت منظمة تحرير الجنوب والتي تطورت لاحقا إلى جبهة التحرير التي دمجت فيها الجبهة القومية قسرياً خارج إطار الأجهزة الشرعية, وتمثلت مشكلة الجهاز العربي أن رؤيته للأمور لم تكن بنفس النضج الذي تمتلكه القيادة السياسة المصرية, وكانت متخلفة كثيراً مما أوقعها في قصور عن معالجتها للمشاكل في الأقطار العربية، فكان أن انفصلت الجبهة القومية وضعف العمل الفدائي وولدت زعامات متناقضة وصراعات أدت إلى حرب أهلية.
ثم دخلت مرحلة بناء الدولة وتطبيق القوانين فعقد المؤتمر الرابع للجبهة القومية لوضع الرؤى والأفكار وتحقيق خطة التنمية الشاملة في مارس في مدينة زنجبار محافظة أبين , ونلاحظ أن الرؤى داخل الجبهة القومية متصارعة كل يُنظّر في خلق رؤى متعددة بالاشتراكية ومنهم من ينادي بالثورة واجتثاث أجهزة الدولة كاملة وشاملة, وكان جزء من الصراع في السلطة على السلطة، وهنا دخل على الخط نائف حواتمه كمنظر للتيار المتطرف ( من الجبهة الديمقراطية في فلسطين ) هذا الرجل لم يكن له دخل في الشأن اليمني ولكنه كان مكلفاً بالعمل ضمن الساحة الفلسطينية من حركة القوميين العرب وقد حذرته قيادة الحركة من هذه الممارسة ولكنه ترك الشأن الفلسطيني وتفرغ للجنوب اليمني بهدف خلق المشاكل في السلطة الوليدة, ويؤخذ على نائف حواتمه عدم واقعيته والجري وراء الشعارات الزائفة الطائشة بعد الاستقلال كان يحاول أن يقوم بعمل إبداعات ومن إحدى إبداعاته حاول أن يعمل انقلاباً في مدينة المكلا وتأمين مقهاية وسينما لا يتأتي من إيرادهما حتى خمسون شلناً يومياً وذلك تحت شعار ثورة في الثورة وتحت شعار انتصار الماركسية والثورة في المكلا وهزيمتها في عدن وشعار انتصار سوفيتات المكلا, ولم يكتف حواتمه بتلك الإبداعات ولكنه قبل المؤتمر الرابع جاء إلى عدن وبدأ ينظر لتقديم بعض الرؤى للمؤتمر الرابع لا تتوافق مع واقع الحياة مثل تسريح الجيش تحت مسمى أن الجيش تربية استعمارية وإلغاء الإدارة إرث استعماري، علماً أن الطبقة العاملة لم تكن موجودة في ذلك الوقت في عدن ولا يوجد فيها صناعة حقيقية والطبقة العمالية كما يسميها ماركس هي الطبقة العاملة في الصناعات التي تنتج آليات أدوات الإنتاج, وكان يتوجب على حواتمه المساعدة على الاستقرار في البلد, نائف حواتمه كان من طبيعته هذا الشطط, فولد مشكلة داخل المؤتمر تحت تلك الشعارات ثورة بالثورة والقضاء على الجيش والأمن الموروث استعمارياً وعلى الإدارة المصنوعة استعمارياً, وتسريح الجيش والأمن وكنس موظفي الجهاز الإداري في عدن بالكامل تحت كثير من الشعارات الماركسية التي ليس لها وجود, وكان يفترض أن تعد اللجنة المكلفة بقيام المؤتمر وتجهيزه وإعداده والدخول بأفكار موحدة موافق عليها من القيادة العامة وبدون أن تكون الأوراق معدة للعرض, ولكن نائف ومجموعته قدموا رؤية خارج رؤى المؤتمر وإدارته لإفشال المؤتمر.
المفاوضات في جنيف
ووفق ما تم جمعه في هذا الشأن ومقابلة المناضل عبد القوي الشعبي تبين انه أثناء انشغال الوفد المفاوض للجبهة القومية في جنيف، كان هناك اجتماع في مدينة الشعب بين بعض قيادة الجبهة والجيش والأمن قدم اليساريون في الجبهة القومية مبادرة لتشكيل الحكومة بدون تكليف رسمي من قيادة الجبهة في جنيف تجسدت المبادرة بأن عرض على العقيد حسين عثمان عشال وزارة الدفاع وأسندوا إلى الفقيد عبدالله صالح سبعة وزارة الداخلية، وأكدت القيادة العسكرية “أننا نرفض العمل السياسي ونحن مؤسستان عسكريتان من مؤسسات الدولة تعمل في إطارها وتعزيزها ولا نطمح في السيطرة على الدولة، وأمام رفض المبادرة قام أعضاء القيادة العامة باجتهاد آخر لرسم معالم الدولة الجديدة تمثل في تصميم علم الدولة المستقلة المكون من الأحمر والأبيض والأسود وفي الطرف المرتبط بالصاري أدخلوا مثلث أزرق وفي وسطه نجمة حمراء) وفسروا ذلك بأن النجمة ترمز إلى الحزب وان المساحة الزرقاء تمثل الشعب ملتفاً حول الحزب، والملاحظ انه لم يكن هناك حزب بل كانت جبهة (الجبهة القومية) ولكنه كان واضحاً مسبقاً عما في نفوس هذه المجموعة، علماً أن المثلث والنجمة منقولان عن العلم الكوبي اقتبسه أحد مقدمي المقترح في زيارته الأخيرة لكوبا آنذاك... تم تلا هذه الأحداث الانتصار الكبير المتمثل في الاستقلال الكامل الغير منقوص والغير مشروط ووحدة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ووحدة أكثر من 22 سلطنة وإمارة ومشيخة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.