الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    سجال بمجلس الأمن بعد الضربات الأميركية على إيران    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    خام برنت يتجاوز 81 دولارا للبرميل    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    ترامب "صانع السلام" يدخل الحرب على إيران رسمياً    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    مرض الفشل الكلوي (9)    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    "وثيقة".. مشرفون بحماية اطقم ومدرعة يبسطون على اراضي القضاة غرب العاصمة صنعاء    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    تحذير أممي من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن    انتشال جثة شاب مات غرقا بسد التشليل في ذمار    بنك الكريمي يوضح حول قرار مركزي صنعاء بايقاف التعامل معه    - وزير خارجية صنعاء يلتقي بمسؤول أممي ويطالبه بالاعتراف بحكومة صنعاء \r\n*الأوراق* تنشر عددًا من الأسباب التي    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    51 شهيدا في غزة بينهم 7 من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمر.. وقصة فرح لم يكتمل!!
حين ينسى الآباء أن «لكل أجل كتاب»
نشر في الجمهورية يوم 05 - 11 - 2013

استأذنت الطفلة سمر ذات ال (11) عاماً معلميها في المدرسة بالتغيب لأسبوع واحد فقط لزيارة والدها، فأذنوا لها بذلك لكن غيابها طال وامتد إلى نهاية العام الدراسي حتى فاتتها الامتحانات وأضاعت سنة دراسية كاملة.. كانت سمر تعيش في حضانة أمها التي انفصلت عن أبيها بالطلاق قبل أن تتم سمر عامها الأول.. حيث تولت عائلة أمها تربيتها وألحقتها بمدرسة القرية في سن السادسة واجتازت الصفوف الابتدائية الأولى بنجاح، واعتادت بين الحين والآخر أن يأخذها خالها في غير أيام الدراسة لزيارة والدها الذي تزوج وانتقل للعيش والعمل في المدينة، وحينما وجد أبوها عرضاً مغرياً بواسطة أحد أصدقائه وافق لتزويجها لشاب معاق من أسرة ثرية تبحث لابنها عن زوجة تقبل بإعاقته وتتولى رعايته..
لم تكن سمر تعرف أن والدها الذي استدعاها لزيارته إلى مدينة حرض حيث يعمل ويعيش هناك مع زوجته الجديدة كان يخبئ لها مفاجأة لم يستوعبها عقلها الصغير، الذي راح يفكر بالذهب والملابس الجديدة الكثيرة؛ وهي أشياء أغرتها بشدة ولم تمانع في الزواج طالما وهي ستحصل على كل تلك الأشياء رغم أن من ستزف إليه رجل معاق..!!
- يقول والدها: “ لقد فرحت سمر بالذهب الذي اشتريته لها وبثياب العرس الجديدة ولم تمانع.. حتى أنا لم أفكر بأنها صغيرة على رعاية رجل معاق يكبرها ب (14) عاماً, لقد أغراني المال وفكرت أنه سيحل أي مشكلة، وقبل ذلك أردت أن أطمئن على مستقبل ابنتي التي تعيش مع أمها بعيداً عني”.
دوافع اقتصادية
عادة ما يدفع الفقر العديد من الآباء والأسر إلى تزويج بناتهم في سن مبكرة طمعاً في المال الذي يُدفع إليهم, وثانياً الرغبة في حمايتهن وتزويجهن مبكراً، وقد فاقم من هذه المشكلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة والاضطراب الذي خلفته الحالة السياسية القائمة.. ففي مذكرة إحاطة لليونيسف حول زواج الأطفال في اليمن قالت المنظمة: إن الاضطراب المدني المطول وحالة الصراع في اليمن التي رافقها انهيار الخدمات العامة ومحدودية فرص تحسين الدخل ترك الكثير من الأسر ترتع في الفقر المدقع مع تعريض الأطفال لمزيد من العنف والإساءة والاستغلال.
وفي أوساط الفتيات، يعتبر زواج الأطفال بحسب التقارير آلية تأقلم وحماية صحية عند الكثير من الأسر، وفي شمال البلاد رفع النزوح من احتمالات زواج الأطفال القسري إذ أن ثلث أولياء الأمور تقريباً عبروا عن تأييدهم للزواج المبكر كآلية للحماية مع الحوافز المالية أثناء النزوح كوسيلة لتخفيف عبء الفقر، وقد تكون معدلات زواج الأطفال القسري قد ارتفعت كذلك بسبب الشعور بالمسئولية لدى العائلات المستضيفة.
ظاهرة متفشية
ليست سمر الوحيدة التي يتم تزويجها في هذا العمر المبكر فهناك العديد من مثيلاتها بل وبعضهن يصغرنها سناً يتم الزج بهن إلى عالم الزوجية وهن في مرحلة الطفولة وفي سن التعليم الابتدائي، وطبقاً للمسح المتعدد المؤشرات (MICS 2006) الذي أجرته اليونيسف والحكومة اليمنية، فإن 14 % من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل بلوغهن سن ال 15، و52 % يتزوجن قبل سن ال 18 و 19 % من النساء في الفئة العمرية 15-19 متزوجات حالياً.
وتبين بعض الدراسات الأخرى بأنه في بعض المناطق الريفية تتزوج البنات بسن قد يصل إلى الثمان سنوات فقط، وتؤكد المنظمة أنه لا يوجد عمر أدنى للزواج في اليمن ففي عام 1999م، أبطل مجلس النواب المادة 15 من قانون الأحوال الشخصية الذي يحدد العمر الأدنى للزواج بالنسبة لكلا الجنسين عند 15 عاماً، وعقب مراجعات هدفت لمواءمة التشريعات اليمنية مع معايير حقوق الطفل العالمية، أجريت تعديلات لاعتبار في سن ال 18 حداً أدنى للزواج، مع ذلك صوتت الأغلبية النيابية في البدء لتحديد سن الزواج ب 17 سنة، ثم تم إجراء برلماني لتجميد مسودة القانون، ولم يحرز أي تقدم حتى الآن.
تسرب دراسي وسوء تغذية
خروج سمر من المدرسة وعدم انتظامها في التعليم هو أحد النتائج السلبية لظاهرة زواج الأطفال .. إذ يتم منع الفتيات اللاتي يتم تزويجهن مبكراً من إكمال تعليمهن، ورغم أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الفتيات اللاتي يُحرمن من إتمام التعليم إلا أن البيانات تشير إلى أن نسبة كبيرة يتركن الدراسة في المرحلة الابتدائية و72 % فقط هن من يبقين في الدراسة حتى الصف الابتدائي الأخير، مما يؤكد أن نسبة كبيرة من ظاهرة التسرب الدراسي بين الإناث ترتبط بالزواج المبكر.
ولا تقتصر مشاكل وسلبيات زواج القاصرات على هذا الجانب فحسب بل إن مخاطره الكبيرة تتجلى في الجانب الصحي أيضاً، إذ أن زواج الأطفال يعد عاملاً رئيسياً مساهماً في سوء التغذية حسب تأكيد منظمة اليونيسف التي قالت في مذكرتها: إن سوء التغذية منتشر في اليمن إذ أظهرت المسوحات الأخيرة أن حوالي مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون في الوقت الراهن من سوء التغذية الحاد (الهزال)، وسيموت حوالي 300.000 من هؤلاء بسبب الأمراض، العدوى الشائعة ما لم يحصلوا على إعادة التأهيل الغذائي المطلوب في الوقت المناسب. وإضافة لذلك يعد سوء التغذية لدى الأمهات عامل خطر رئيسي إذ إن خُمس وفيات الأمهات ترتبط بنقص التغذية، على وجه الخصوص فقر الدم الناشئ عن نقص الحديد، وإن معدل الإصابة بفقر الدم لدى الأمهات الحوامل في الوقت الراهن يبلغ 58 %، وبالنظر إلى انتشار زواج الأطفال، لا يرجح أن تستكمل العديد من الأمهات اللائي كن يعانين من نقص التغذية كمراهقات نموهن قبل الحمل الأول. إن زواج الأطفال خطير للغاية على صحة المرأة لأنها تخاطر بالحمل المبكر الذي يسحب المغذيات التي يحتاجها جسدها لينمو على النحو السليم، وهذا يؤدي إلى نقص وزن المواليد مع وجود احتمال كبير لوفاة الأم والطفل.
تحرك اليونيسف
تؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن برنامجها القُطري الجديد (2014-2012) (برنامج حماية الطفل) يقوم بتعزيز استراتيجيته في تناول زواج الأطفال. والاستفادة من الدروس السابقة في البلاد وخارجها، وأنه تم وضع نهج متعدد القطاعات والطبقات (على المستويين الوطني والمحافظات)، مع إنشاء روابط قوية بين توفير الخدمة وتعزيز الإطار القانوني وتحسين قاعدة المعلومات الأدلة والتواصل المجتمعي لتدخلات التنمية وتيسير الحوار المجتمعي للتعاطي مع زواج الأطفال كعرف اجتماعي.. وتشير المنظمة إلى أن الإنجازات التي تحققت حتى الآن والخطط الحالية تتمثل في توعية أكثر من 68.919 من النازحين (4920 رجلاً و 3947 امرأة و24.643 بنتاً و 35.409 أولاد) في مواضيع حماية الطفل الرئيسية بما فيها زواج الأطفال. وتم تمكين 1027 من اليافعين في التعليم المبني على المهارات الحياتية وتثقيف النظراء، كما دعمت اليونيسف مؤتمر اليافعين المراهقين الذي عُقد مطلع الشهر الحالي في صنعاء وذلك بهدف تمكينهم للقيام بمناصرة احتياجاتهم الأساسية وتطلعاتهم وقضاياهم بفعالية بما في ذلك الزواج المبكر.. إلى ذلك أكدت اليونيسف أنها ستبني على الزخم الذي تكوّن حول الانتقال السياسي الحالي في اليمن للدفع بالتشريع الوطني الحالي نحو المعايير والالتزامات الدولية ويشتمل هذا على تبني مسودة التعديلات الخاصة بتحديد سن أدنى للزواج، وقالت أنها ستعزز من نهجها متعدد القطاعات والمتكامل مع التدخلات التي تتعاطى مع الزواج المبكر والمتجسدة في خطط التغذية المصغرة التي أعدت في المناطق التي يتفشى فيها سوء التغذية في محافظات الحديدة وتعز وحجة.
نهاية غير متوقعة
سمر التي لازالت هي نفسها بحاجة إلى رعاية كونها طفلة لم تكن قادرة على تحمل تبعات ذلك الزواج ولم تكن قادرة على رعاية الزوج المعاق الذي يتطلب عناية خاصة لا يمكن أن تقوم بها طفلة، بل يحتاج إلى زوجة راشدة كاملة النضوج تستطيع رعايته وإدارة شؤونه، وقد تجلت هذه المشكلة في الأشهر الأولى لزواج سمر وانتهت بعد أقل من عام إلى طلاقها..
والدها الخمسيني الذي تحدث إلينا بقصتها اغرورقت الدموع في عينيه في صورة عبرت عن مشاعر وندم حاد، وإحساس بالذنب بعد فوات الأوان تجاه التجربة التي دفع ابنته إليها، لكنه أفاد أنه أعاد سمر إلى الدراسة ونقلها إلى مدرسة قريبة من منزله مؤكداً أنه سيحيطها برعايته حتى تكمل تعليمها.. وقال: “إن أكبر ضامن لمستقبل الفتاة هو تعليمها”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.