تكمن أهمية الإعلام بوسائله المختلفة (المسموعة والمقروءة والمرئية)، كونه أحد أهم الوسائل الحديثة في مخاطبة المجتمعات الإنسانية والتأثير على سلوكياتها الثقافية والسياسية والاجتماعية، وبالتالي يُؤثر على نتاجها الفكري والإبداعي بما يتميز به من قدرة فائقة في التأثير من خلال مخاطبة الحدث وتحليل مجريات الأحداث وأصبح الإعلام أحد المكونات الأساسية المتحكمة في حركة الإنسان، خصوصا بعد تسارع حركة التطور المعرفي في كافة الأبعاد الإيديولوجية والتقنية. وبناء عليه فإن الإعلام اليوم لم يعد مجرد ناقل لخبر، بل تعداه إلى نقل المعلومات السياسية والثقافية والقيام بدور التوعية والتوجيه في كافة مناحي الحياة، مما يعطيه المزيد من الأهمية في هذه اللحظات المصيرية. ولهذا يجب أن نوضح أنه وقبل وجود الصحافة الإلكترونية، كانت تحتاج وسائل الإعلام المختلفة لوقت طويل نسبيا، حتى تصلها المعلومة، أو حتى تصل هي إلى المصادر والتي كانت شحيحة إذا ما قورنت بالوقت الحالي، وبالتالي فإن شريحة الصحافيين كانت ولا تزال من أهم الشرائح التي استفادت من هذا الفضاء الإلكتروني، وتحديدا بما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي، خاصة وأنها أصبحت مصدراً إخبارياً هاماً لرصد الأخبار العاجلة والجارية . وأمام كل ذلك نرى شبكات التواصل الاجتماعي ودورها في العمل السياسي، والإعلامي، وغيره الكثير من المجالات. ومنذ انطلاقتها حملت تلك الشبكات العديد من العادات وأثرت في الكثير من الأمور التي ترتبط بالعالم الافتراضي من قريب أو بعيد، حتى طال تأثيرها على عالم الإبداع والأدب فأثرت على أسلوب الكتابة، ودفعتني وغيري إلى الاختصار والتركيز في الكتابة، ولكنها في المقابل أدت إلى تشجيع الكثيرين من روادها على التعبير بمكنونات نفوسهم وشجعتهم على الكتابة، ولو كان على حساب بناء الجملة قواعدياً ولغوياً ، فأضحى من حق الجميع أن يكتب ويعبر ويتلقى الإعجاب ويتبادله مع الآخرين. لقد استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي في البداية للدردشة ولتفريغ الشحن العاطفية، ولكن مع الوقت سارت موجة من النضج، وأصبح روادها يتبادلون وجهات النظر من أجل المطالبة بتحسين إيقاع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتخطت تلك الأفكار التابوهات المفروضة وحطمت القيود المرسومة ووضعت بديلاً عنها قيما جديدة رافضة للواقع بسهولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حتى باتت هذه الشبكات تنذر بمنافسة الإعلام التقليدي القائم عن طريق الانتقال من الكتابة الشكلية على الإنترنت إلى التأثير الحقيقي في العملية السياسية، وسنشهد عند حدوث ذلك تحولاً من كون الإعلام الجديد منبراً سياسياً إلى أداة اجتماعية ، وسيجد الخطاب السياسي مساحة أكبر وتأثيراً أوضح. إن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أعطت تأثيراً للانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة إلا بشكل نسبي محدود، فكونت لدى رواد العالم الافتراضي نظرة جديدة، وخاصة الشباب، عن طريق تكوين الوعي في نظرتهم إلى المجتمع والعالم، حيث أوجدت قنوات للبث المباشر توقف احتكار صناعة الرسالة الإعلامية لينقلها إلى مدى أوسع وأكثر شمولية، وبقدرة تأثيرية وتفاعلية لم يتصورها خبراء الاتصال ، فشرعت الأبواب أمام الجميع وكسرت طوق احتكار المنبر، وأمنت طرق التواصل بين الكاتب والجمهور، كما كان لهذه الشبكات الاجتماعية أيضاً دور مهم في ظهور نمط جديد من الكتابة الأدبية والشعرية وحتى الصحفية .