إسبانيا تعلن إرسال سفينة حربية لحماية أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة    السيد القائد: ما يقوم به مجاهدوا غزة حجة على الأمة والأنظمة التي طعنتهم في الظهر    الداؤودي: استمرار حملة التفتيش لضبط المواد الغذائية الفاسدة بالمنصورة    ذكرى ثورة 26 سبتمبر قِبلة اليمنيين للانتصار للجمهورية    إتلاف 62 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في العاصمة    عملية أم الرشراش.. تقدم تقني يمني يدخل العدو في تخبّط استراتيجي    في كلمة بالأمم المتحدة.. نصر العيسائي: تقرير المصير أساس لأي تسوية سياسية في اليمن    الرئيس الزُبيدي: الواقع على الأرض يعكس وجود دولتين    محافظ حضرموت يتفقد أعمال تطوير منشأة غاز بروم    الرئيس الزُبيدي يبحث التعاون الأمني مع أوغندا والصومال    افتتاح مدرسة النقوب في نصاب بتمويل من الإمارات    تنفيذي الحصين بالضالع يناقش تقارير المكاتب الإدارية للفصل الثالث    سياسي يمني: حمود المخلافي رسخ ثقافة الضباع داخل أسرته    الصين تتهم أمريكا بتوجيه ضربة خطيرة للنظام التجاري المتعدد الأطراف    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    راتب محافظ المركزي المعبقي أعلى من راتب رئيس أمريكا    شرطة تعز تعلن ضبط أحد المطلوبين أمنيا وتواصل ملاحقة آخرين    بن بريك وسلطان المهرة يؤكدان وحدة الصف الجنوبي ومواجهة التحديات    هاتريك ألفاريز يمنح أتلتيكو انتصارا دراماتيكيا    25 لاعبة يدشن أول منتخب سعودي للفتيات تحت 15 عاما    كوش أول ألماني ينضم إلى الألعاب المحسنة    صنعاء... الحصن المنيع    اليوم بميدان التحرير بصنعاء ايقاد شعلة العيد ال63 لثورة 26 سبتمبر الخالدة    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    نادي 22 مايو يكرم الشاب محمد وهيب نعمان    قرعة صعبة لآرسنال وليفربول في ثمن نهائي الرابطة    بذكرى ثورة سبتمبر.. مليشيا الحوثي توسع حملة الاختطافات في إب    اشتراكي تعز يدعو لمواصلة الاحتجاجات حتى تسليم كافة المتهمين باغتيال المشهري    الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ترد على تقرير هيومن رايتس ووتش    عمران.. اعتقال شيخ قبلي وشاب في خمر    أسرة عارف قطران تكشف عن وضعه الصحي الحرج وتناشد بالكشف عن مصيره    في الوقت القاتل.. منتخب الناشئين يخسر أمام الإمارات في كأس الخليج    سريع يعلن عن عملية نوعية جنوب فلسطين المحتلة    وثائقي "الملف الأسود" .. يكشف عن نهب ممنهج لنفط اليمن    مسيرة قادمة من اليمن تستهدف ايلات والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن إصابات    إنشاء مركز ثقافي يمني في نيويورك بالولايات المتحدة    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    اجتماع للجنة الفنية المشتركة للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة بصنعاء    الحديدة.. وفاة وإصابة 20 شخصا بصواعق رعدية في عدة مديريات    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    محافظ حضرموت يتفقد سير العمل بمؤسسة الاتصالات في الساحل    مطالبة بتوفير جهاز غسيل الكلى في مديرية دمت    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    المعرفة القانونية للمواطن تعزز العدالة وتحمي الحقوق    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في ديوان «شارع الجنابي» للشاعرة نورية الجرموزي
نشر في الجمهورية يوم 19 - 12 - 2013


مُفتتح :-
يستدير الكون حولي
تشرق الشمس بدوني!
و ينام الليل قبلي!
و عيوني عشقت جزراً و مد
و بكت من دون حد
قد غدا الشفّاف لوني
من يراني ؟ لا أحد!
من سيصغي لو غدت أوتار صدري
تفرغ الباقي لدي من أنيني المنفرد؟
نورية الجرموزي , من قصيدة ( أنين منفرد )
عندما اعيش في أجواء هذه الإضمامة الشعرية تتقاذفني من الخواطر والمنى ما يصعب معها أن أرتب افكاري حول إعجابي العميق بالشعر والشاعرة ، ناهيك عن أن أسطر للقارئ مدخلاً يلج منه إلى أجواء حميمة من الشاعرية والمغامرة.أجل ، مازالت المبدعات علي هذي الأرض العربية اليمنية يثرن مشهدنا الإبداعي في كل الأجناس الأدبية والفنية ، وأن يتأخر نشر بعضهن لنتاجها الفكري ينتزع من المتلقي دهشة تضاف إلى دهشته بذلك النتاج نفسه هكذا جاءت دهشي مضاعفة بإبداع الشاعرة اليمنية والتربوية والناشطة الاستاذة نور الحسن الجرموزي مؤسسة منظمة ملتقى الشباب المبدع في مدينة «تعز» التي يحلو لسكانها النابهين أن يدعونها ب«الحالمة» واختصاراً نورية الجرموزي.
نحن أمام شاعرة امتلكت ناصية اللغة العربية الأجمل حتى راحت تقدم «اشتقاقات» ينبغي أن تنسب لها كما ينسب الوليد إلى أمه.. وهي تفعل ذلك واثقة ان لغتنا ينبغي أن لا تعيش اغتراباً عن زماننا وقد كتبت معظم قصائد الديوان في مطلع الألفية الثالثة.
ولا يملك القارئ الحاذق لذوق الشاعرة الرفيع إلا أن يلاحظ كيف أن النسيج الوجداني لكل قصيدة يوحي للشاعرة بالمعمار الشعري الفخم ويهديها بسلاسة إلى التفعيلات المحايثة لبعضها اختزالاً، فكثافة، فتماسكاً. هذه الملاحظة لا تلبث أن تقترن بأخرى هي ان القصيدة القائمة على وحدة البيت الشعري تتجاوب مع الخطاب المنبري على الأقل عند الكثير من الشواعر ، ولذا نلاحظ ان نصيب هذا الشكل في الديوان ليس وفيراً.
لماذا؟.. لأن الشاعرة نور الحسن الجرموزي حينما حلّقت بنا في أدق المحليات أنثروبولوجيا وسوسيولوجيا ل «الناس في بلادي» على رأي الراحل المقيم صلاح عبدالصبور , بما فيها بعض المسكوت عنه , لم تنصب نفسها «قاضياً وجلاداً » في الآن ذاته. وربما منحها مثل هذا التوازن الدقيق كونها ناشطة اجتماعية حقوقية وتربوية تحقق إشباعاً لذاتها في النمذجة للقيادة والتمكين لبنات جنسها و هذا إشباع وإبداع «تعليلي» بالمصطلح الصوفي.. وفي نفس الوقت يحقق لها الشعر كل هذا وأكثر من خلال الدلالة الايحائية للألفاظ وهي «تتشابك حتى تتلاشى» حسب تعبير الشاعرة نفسها , وهذا اشباع وابداع «تدفقي» بالمصطلح الصوفي أيضاً . أضف الى ذلك تقنية النهايات المفتوحة التي تليق بفن الشعر كاتباً وقارئاً.
إن ما بين أيدينا من شعر فيه معادلة باذخة التماهي بين الشكل والمضمون من حيث أن الألفاظ هي أوعية المعاني كما يقول ابن خلدون الحضرمي, وليس في لغتنا فقط وإنما في أشكال التواصل القولي البشري.
مثقفة عضوية من الطراز الأول:-
أيها العزيز القارئ لك أن تقف عند الموضوعات التالية في الاضمامة , رغم أن جل القصائد مخضلة بالمؤانسة والامتاع ..
- دفع الافتراء عن ما يعرف نفاقاً بالأعياد «الوطنية» التي يبدد في الاحتفال بها مال الخزينة العامة وهي في أحسن الأحوال أعياد «مناسباتية» إن كانت تعني للحاكم الطاغية شيئاً يغذي نرجسيته وسيكوباتيته, فإنها عند المحكوم لا شيء البتة بل ومستفزة.
انظر قصيدة «عيد وطني».
- دفع الافتراء عن من يعرفون نفاقا ب « أبطال الثورة». فالشاعرة تعلم كغيرها أن الثورات ينظر ويخطط لها الفلاسفة و المفكرون و ينفذها الأبطال والمناضلون الشهداء و يفوز بحكمها أشباه الرجال من كل فدم انتهازي . انظر قصيدة «نضال»:-
«مناضلين» أعني مغفلين
أولئك المناضلين
أولئك الذين تابعوا ما يكتبون في الصحف
وواصلوا درباً خلا حتى من «العلف»
وصوّروا أوطانهم معابد
وحرّروا ترابهم من القرف
وسجلوا أسماءهم في لوحة الشرف
«مغفلين»
أولئك المناضلين
استشهدوا من أجل حفنة تعيش في ترف!
تضيف في شرابها مكعبات العدل وخدمة الوطن
وتشعل السيجار بلوحة الشرف!
- قضية فرض الحجاب «والشاعرة تقصد النقاب قبل و بعد سن البلوغ» على طفلات اليمن بدءاً من دون العاشرة من العمر ولتنظر قصيدة «حجبة»:-
يسري الظلام إلى العقول
كالسم يأتي في هدوء
في «جبّة» بيضاء
ولحية طويلة سوداء
قاتمة كلوني
وبين «الجبة البيضاء» هنا و«عمامة المقري» عند الراحل المقيم عبدالله البردوني في قصيدته «فظيع جهل ما يجري» شيء من التناص!.. كذلك لقصيدتها «الى مجلببة» آصرة نصية ووجدانية بقصيدة «لا تخجلي و دعي الخمار دعيه لا تتصنعي» للشاعر اليمني البديع أحمد الجابري والتي أنشدها الفنان اليمني الشامخ محمد مرشد ناجي رحمة الله عليه عام 1958م في مدينة عدن . اسمعها تقول في قصيدة «الى مجلببة»:
هيا انزعي عنك السواد
وحطّمي هذا الجماد
وتمرّدي على القناع الملتوي الملتف في اسراف
على القصير أو الحرير أو ذلك المغري الرجال بلونه الشفاف!
قفي بوجه الليل و الاسفاف
لا تتجمّدي!
- ثورة على الواقع المعيش ,وهذا أصح من أن نقول المعاش , فمن توظيف ساخر للأمثال السلبية في الموروث الشعبي اليمني التي تحط من مكانة المرأة والأنوثة و ما أوفرها , ومن قصيدة «زاهية» نقتطف:
قد أخبرتها أمها
كل شيء
«قعي مرة»
«تحت الحذا»
قالت لها
إن الخضوع المر
يعلي قدرها
وفي قصيدة «قبيلتي الأصيلة» ثورة على العرف المحلي الذي لا يقر الإرث للنساء ببساطة لأنهن نساء, مع ما في ذلك من مناقضة صريحة للشرع الإسلامي الذي هو العقد الاجتماعي الأعلى لمجتمع الشاعرة:
«الإرث» للرجال
«العلم» للرجال
«الحب» للرجال
- الانحياز الواعي لقضية الجندر , فأكثر نساء اليمن يعشن التهميش حيث يقمن, ذلك في الأرياف والبوادي لا في فنادق المدن حيث تقام ورشات حقوق المرأة والانسان بما فيها من بذخ و حداثة مزيفة ، نقرأ من قصيدة «حداثة»:
كنت أمضي راجعاً مثل غيري للوراء!
ومعي تلك الصحيفة
والعناوين السخيفة
التي تدعو لتحرير النساء
والتي ما همها
أن تلك البائسة
في ذلك الحقل العقيم
قد أسقطت في طعنة الأرض الأناء
.............................
ما همها أبداً ما قيل في تلك الصحف
عن كل ما عدّوه من حق النساء
- قلت: إن القصيدة «الجرموزية» لا تنقصها الشجاعة في تحدي «المسكوت عنه » لا سيما اذا أصبح ستاراً على الخلل الاجتماعي أو «المشكلة».. إذ لا مندوحة من هذا الدور النبيل عند المثقف العضوي والمثقفة العضوية على رأي الإيطالي أنطونيو جرامشي.
وهكذا نجد في ديوان «شارع الجنابي» قصيدتين تعالجان موضوع «الشذوذ الجنسي عند النساء» , بما ينضوي عليه من انحراف نفسجسمي و تعطيل لفطرة الإنسان, هما قصيدة «المشكلة» وقصيدة «تمرد».
إن الشذوذ الجنسي بين النساء في مجتمعنا «تابو» لم يتجرأ - حسب علمي - على كسره نثراً ناهيك عن أن يكون شعراً غير كاتبتين اجنبيتين هما الطبية والانثروبولوجية الفرنسية كلو دي فيان في كتابها «كنت طبيبة في اليمن» والذي حرص معرّبه الأستاذ محسن أحمد العيني على حذف تلك الشهادة التي جاءت في الأصل الفرنسي للكتاب. أما الكاتبة الأخرى فالأمريكية الأنثروبولوجية ديلوريس والترز في كتاب أسهمت بفصل فيه عن اليمن صدر بالإنجليزية تحت عنوان «الشذوذ الاسلامي» , وكان أحرى بالعنوان أن يكون «الشذوذ في بلاد المسلمين» ولكن هكذا يكون الاستشراق أحياناً.
ويكفي أن نطالع أبياتاً من قصيدة «تمرّد» لنرى المعالجة الأنثوية الناضجة مقارنة بالمعالجة الذكورية «الايروتيكية» في قصيدة «القصيدة الشريرة » للراحل المقيم نزار قباني . نقتطف من الشعر الجرموزي :
تعرّت تشتهي أن تنتهي من حيثما بدأت
عذاب هدّها لكنها لليوم ما ارتشفت
سوى أصداء أنتها
ومالح بحرها المسكوب
من ظامي خلاياها التي جفت و ما كفت
وماذا بعد؟
يا باقي غبار اليأس
ويا ضحكات تلك الكأس اذا انكسرت
ألا يكفيك هذي النار تسري في فراغ الروح
لا ارتاحت – ولا ارتحلت
ألا يكفيك هذي النار تعربد في خلاياك متى رغبت
فما أقساك من أنثى
تصب النار في أنثى
فلا أروت – ولا تابت – ولا هدأت!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.