"مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة مواقع الجذب السياحي التراثية.. صنعاء القديمة أنموذجاً

دراسة علمية توصي بإخلاء قلعة القصر «قصر السلاح» بمدينة صنعاء القديمة، وتحويله الى مزار سياحي من خلال إقامة مركز حضاري وثقافي يستقطب الزوار والسيّاح، ويعمل على تعزيز السياحة الثقافية والتُّرَاثية في المدينة. كشفت دراسة حديثة أن مدينة صنعاء القديمة التي تعد من أبرز المدن العربية المسجلة على قائمة التُّرَاث العالمي بمعالمها التراثية المتفردة ومواقعها المتميزة تتمتع بالعديد من عناصر الجذب السياحي التراثية التي تشكل في مجملها منتجا سياحيّا متميزا يؤهل المدينة لتصبح وجهة سياحيّة رائدة في مجال صناعة السياحة؛ نظراً لاحتوائها على العديد من القيم والفوائد الاقتصادية، كأحد الموارد المستدامة التي يمكن إعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عوائد مالية واقتصادية، فضلاً عن القيم الثقافية والعُمْرَانية وما تحويها من مضامين تاريخية وفنية، وقيمٍ اجتماعية تساهم في عملية التوطين والاستقرار الاجتماعي.
وبينت الدراسة التي أعدها الباحث ياسر هاشم الهياجي في كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، والموفد من قسم السياحة وإدارة الفنادق بجامعة إب، والتي مُنح بموجبها مرتبة الشرف الأولى بالجامعة، أن الحالة الراهنة للمواقع التراثية في مدينة صنعاء القديمة تتعرض للعديد من الأنشطة البشرية السالبة والعوامل الطبيعية التي أدت إلى تهديد الكثير من مكوناتها المعمارية وأسهمت في تلف وتدمير العديد من معالمها العمرانية. وأن فاعلية التنمية السياحيّة في المدينة لن تتحقق إلاّ بتضافر وتكامل الجهود الرسمية (الدولة) والشعبية (القطاع الخاص، والمجتمع المحلي) بما يحقق الاستدامة العُمْرَانية والسياحيّة للمواقع التُّرَاثية.
ويؤكد الباحث الهياجي أن من أبرز ما خرجت به الدراسة هو وضع خطة تنموية لتطوير السياحة في مدينة صنْعَاء القديمة، بحيث تضمن مستوى عاليا في مساهمتها الاقتصاديّة، والاجتماعية، والثقافّة، والبيئية، على مستوى المدينة، واليمن، والتي اعتمد الباحث في بنائها على تجارب عدد من البلدان الناجحة التي تمتلك تراثا عمرانيا مدرجا ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، والرائدة عالمياً في مجال السياحة، وهي: مدينة سيينا التاريخية Historic Centre of Siena بإيطاليا، ومدينة إسطنبول التاريخية Historic Areas of Istanbul في تركيا، ومدينة تونس Medina of Tunis في تونس، وتجربة مدينة القاهرة التاريخية Historic Cairo في جمهورية مصر العربية، حيث تم تقييم تجاربها واستخلاص المعايير، والاعتبارات التي تم مراعاتها في تحقيق التنمية السياحية، وآلية إدارة المواقع التراثية فيها، بحيث يمكن الاستفادة منها في تنمية وتطوير مواقع التراث العمراني في مدينة صنعاء القديمة، والاسترشاد بها في بناء الخطة المقترحة للتنمية السياحية، ومقترح الخطة الإدارية لمواقع الجذب السياحي التراثية في المدينة التي يتضمنها هذا الفصل.
ويستطرد الباحث الهياجي أنه وبناءً على مقومات ومعطيات واقع التنمية السياحيّة في مدينة صنْعَاء القديمة، ومن خلال استطلاع التجارب العالمية للتنمية السياحيّة في المواقع التُّرَاثية، وتأكيداً للدور الذي تلعبه مواقع الترَاث العُمْرَاني في التنمية السياحيّة، بوصفها مورداً من موارد السياحة الثقافيّة التي تُعدُّ أهم قطاعات السوق السياحيّ العالمي، فقد اقترحت الدِّراسة إعادة تأهيل بعض المشاريع السياحيّة القابلة للتطبيق والتوظيف السياحيّ لبعض المنشآت والمباني التُّرَاثية في مدينة صنْعَاء القديمة توظيفاً اقتصادياً، وفق أهداف، وخطط، وآليات تعمل على تحويلها إلى مشروعات تنموية، وبما يتناسب مع أهميتها التاريخية والعُمْرَانية؛ بهدف الاستفادة منها في زيادة الجذب السياحيّ، وتعزيز دور التنمية السياحيّة في المدينة، فضلاً عن الجوانب الاقتصاديّة، وتوفير فرص عمل، وبما يضمن استدامتها، ومنع تدهورها، والحفاظ على عناصرها العُمْرَانية والمِعْمَارية. حيث اقترحت الدِّراسة إنشاء ثلاثة مشروعات سياحية يمكن أن تُسهِم في تنمية وتفعيل النشاط السياحيّ، وتؤسس لصناعة سياحية في المدينة، والمتمثلة بإنشاء مشروع مركز حضاري وثقافي في قلعة القصر (قصر السلاح)، ومشروع فندق تُرَاثي في سمسرة المُجّة، ومشروع مطعم ومقهى تُرَاثي في سمسرة المُزَيِّن.
أهمية الدراسة
أما عن أهمية موضوع الدراسة يقول الهياجي: إن فكرة الدِّراسة وموضوعها جاء في محاولة لوضع مدينة صنْعَاء القديمة على خارطة السياحة التُّرَاثية لتصبح إحدى المقاصد السياحيّة العالمية عن طريق تقديم رؤى إدارية لتطوير مواقع الجذب السياحيّ التُّرَاثية في المدينة.
وقال الباحث الهياجي: إن أهمية الدِّراسة التي قام بها تكمن في أنها محاولة لتشخيص الوضع القائم في مدينة صنْعَاء القديمة، والربط بين تطوير السياحة والحفاظ على المواقع التُّرَاثية وتنميتها بما يتناسب وقيمتها الحضاريّة كمراكز جذب سياحيّة، والخروج بخطة تطويرية توفق بين العناصر التُّرَاثية فيها، وأساليب تشغيلها، وإدارتها بشكل يتناسب مع مكانتها التاريخية، ويعزز الميزات التنافسية للسياحة اليمنية.
كما تكمن أهميتها في تنامي الاهتمام الدولي، والوطني بالمواقع التُّرَاثية، وزيادة الاهتمام الرسمي، والأكاديمي بالدِّراسات والبحوث التطويرية في الجوانب السياحيّة المرتبطة بالمواقع التُّرَاثية، والتي أصبحت تُمثِل موضوعاً رئيساً في دراسة السياحة.
ويشير الهياجي أنه مما يزيد من أهمّية هذه الدِّراسة هو أن اليمن يعتمد بشكل رئيسٍ على المواقع التُّرَاثية كمنتج سياحيّ؛ والتي هي بحاجة إلى المحافظة عليها، وتطويرها بغية الاستفادة منها في رفد الاقتصاد الوطني.
يضاف إلى ذلك أن مدينة صنْعَاء القديمة (منطقة الدِّراسة)، تمتاز دون غيرها من المدن والمناطق التُّرَاثية اليمنية بمزايا نسبية تعطيها الأولوية والأسبقية لتكون إحدى المقاصد المهمة للسياحة التُّرَاثية على خارطة السياحة اليمنية داخلياً وخارجياً. وسوف تُسهِم هذه الدِّراسة في تلمس الوضع القائم في مدينة صنْعَاء القديمة تمهيداً لوضع خطة تطويرية توفق بين العناصر التُّرَاثية فيها، وأساليب تشغيلها وإدارتها بشكل يتناسب مع مكانتها التاريخية، ويعزز الميزات التنافسية للسياحة اليمنية.
مؤكداً أن هذه الدِّراسة ستعمل على المساهمة في أعمال التخطيط السياحيّ، ورسم معالم واضحة للتخطيط للقطاع السياحيّ في اليمن، لكونها تربط بين تطوير السياحة، والحفاظ على المواقع التُّرَاثية، وتنميتها بما يتناسب وقيمتها الحضاريّة كمراكز جذب سياحي.
ومما يكسب هذه الدِّراسة أهمّية إضافة إلى ما سبق، هي أنها تبحث في مشكلة تنموية سياحية ميدانية تتعلق بإدارة موارد التراث وسبل تنمية وتطوير نشاطات السياحة التُّرَاثية؛ وسيفضي هذا إلى إيجاد وتوفير حلول ومقترحات علمية واقعية لسد حاجة ملحة لدى صناع القرار، والمسئولين عن إدارة مقومات السياحة اليمنية.
فصول الدراسة
جاءت الدِّراسة في خمسة فصول أساسية تسبقها المقدمة وتقفوها الخاتمة، وقد بنيت فصولها بشكل متسلسل من حيث الأفكار، بالإضافة إلى كونها تشكل ترجمة واضحة لمنهجية الدراسة المتبعة.
مفاهيم التراث
ناقشت الدِّراسة في الفصل الأول الأفكار والمفاهيم المتخصصة بالتُّرَاث، وبيان أهمّيته، وأساليب حفظه، وطرق حمايته، نظراً لاحتوائه على العديد من القيم والفوائد الاقتصاديّة، كأحد الموارد المستدامة التي يُمكن إعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عوائد مالية واقتصاديّة. كما استعرض المنظمات المعنية بالتُّرَاث، والقوانين الدولية الخاصة بحمايته.
اهتمام واسع
واستعرضت الدراسة في الفصل الثاني الاهتمام الواسع الذي تلاقيه مدينة صنْعَاء القديمة باعتبارها من أهم المواقع التُّرَاثية في اليمن المدرجة ضمن قائمة الترَاث العالمي. كما استعرضت الأعمال، والإنجازات، والجهود المختلفة في التعامل مع المواقع التُّرَاثية في المدينة، والتي تقوم بها عدد من الجهات الحكومية، والمنظمات والهيئات الدولية بهدف ترميمها وحمايتها، وتحقيق التنمية المستدامة.
صعوبات وغياب في التنسيق
وفي الفصل الثاني أيضاً استعرضت الدِّراسة القوانين الوطنية الخاصة بحماية المواقع التُّرَاثية، والهيئات الحكومية والجمعيات الأهلية العاملة في مجال إدارة المدن التاريخية، والمواقع التُّرَاثية في اليمن، واتضح أن هناك تضارباً في الاختصاصات والمسؤوليات بين الجهات ذات العلاقة، بالإضافة إلى تداخل في الصلاحيات والقرارات، وغياب التنسيق المشترك بينها، ناهيك عن جملة من الصعوبات والتحديات المتمثلة بالجوانب المالية، والفنية، والإدارية. وقد تبنت الدِّراسة مقترحاً فعلياً لتجاوز هذه الإشكالية.
عناصر جذب مهمة
وخُصص الفصل الثالث للوقوف على واقع الترَاث العُمْرَاني، واستعراض العناصر والمكونات التُّرَاثية في مدينة صنْعَاء القديمة، وإبرازها كموارد وجواذب سياحيّة، وقد اتضح من خلال المسح الميداني أن المدينة بمعالمها ومواقعها التُّرَاثية المتفردة والمتميزة تتمتع بالعديد من عناصر الجذب السياحيّ التُّرَاثية، والتي تتمثل ب: (المعالم والجواذب الدينية، والمدنية، والدفاعية، والتجارية، والخدمية، والمائية)، وهي بمجموعها تشكل منتجاً سياحيّاً متميزاً يؤهل المدينة لتصبح وجهة سياحيّة رائدة في مجال صناعة السياحة.
كما أبرزت الدِّراسة في هذا الفصل الحالة الراهنة للمواقع التُّرَاثية التي تتعرض للعديد من الأنشطة البشرية السالبة، والعوامل الطبيعية التي أدت إلى تهديد الكثير من مكوناتها المِعْمَارية، وأسهمت في تلف وتدمير العديد من عناصر معالمها العُمْرَانية، والتي ينبغي التغلب عليها.
اتجاهات إيجابية
لقد بينت نتائج تحليل خصائص الطلب السياحيّ في المدينة (الفصل الرابع) مدى جاذبية المواقع التُّرَاثية، والسياحيّة في المدينة لمختلف الفئات والشرائح من السياح والزوار. وأن هناك اتجاهات إيجابية لدى السيّاح نحو زيارة المدينة مرة أخرى؛ نظراً لما تمتلكه من إمكانات تُرَاثية، وتوسط الأسعار، فضلاً عن كرم الضيافة، وتعامل السكان المحليين. بالرغم من ضعف دور وسائل الإعلام في التعريف بالمدينة، الأمر الذي يتطلب التخطيط لبرامج ترويجية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
التوظيف السياحي وتضافر الجهود الرسمية والشعبية
أما الفصل الخامس فقد ناقش المفاهيم المتعلقة بعملية التوظيف السياحيّ Tourist Exploitation باعتباره أحد أساليب الحفاظ على المباني التُّرَاثية، وجعلها مراكز للجذب السياحيّ.
وفي هذا الفصل أيضاً تمت مناقشة أهمية تضافر وتكامل الجهود الرسمية والشعبية وجهود المجتمع المحلي في إنجاح المشروعات السياحيّة، ودور القطاع الخاص في تحقيق الاستدامة العُمْرَانية والسياحيّة للمواقع التُّرَاثية. بالإضافة إلى الآثار المترتبة على التنمية السياحيّة المتوقعة في المدينة.
النتائج
توصل الباحث الهياجي في دراسته إلى مجموعة من النتائج المهمة التي يمكن إيجازها بالآتي:
أوضحت الدِّراسة الأهمّية البارزة للتراث العُمْرَاني؛ نظراً لاحتوائه على العديد من القيم والفوائد الاقتصادية، كأحد الموارد المستدامة التي يمكن إعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عوائد مالية واقتصادية، فضلاً عن القيم الثقافية والعُمْرَانية بما يحويه من مضامين تاريخية وفنية، وكذلك القيم الاجتماعية بما فيها من توطين واستقرار اجتماعي.
كما تبرز الدِّراسة دور وجهود المنظمات العالمية التي تُعنى بالتراث, والتي عملت على وضع النظم، والتشريعات، والقوانين التي تتعلق بعمليات الحفاظ عليه، وإعادة تأهيله، رغم القصور الذي رافق عملها في الجوانب المتعلقة بحماية التراث الإنساني، وعدم إلزامية قوانينها في كثيرٍ من الأحيان.
لقد أظهرت الدِّراسة الميدانية أن هناك جهوداً تبذل من أجل الاهتمام بتنمية مدينة صنْعَاء القديمة، والحفاظ على تكوينها العُمْرَاني تقوم بها عدد من الجهات الحكومية، والمنظمات والهيئات الدولية، والتي تبنت عدد من برامج الحفاظ وإعادة التأهيل للعديد من المواقع التُّرَاثية في المدينة، وعززتها بجملة من المشاريع، وعملت على توظيف عدد من المباني وتحويلها إلى مزارات سياحيّة، أو مراكز للأنشطة الثقافية، والتنمية الاجتماعية، والتي عملت جميعها على تحسين مستوى معيشة المجتمع، وحققت ديمومة واستمرارية الحياة في المدينة. ولعل من أبرزها حالياً الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، وما يقوم به الصندوق الاجتماعي للتنمية بالتنسيق مع الهيئات الوطنية الحكومية والأهلية.
وفي استعراض الدِّراسة للقوانين الوطنية الخاصة بحماية المواقع التُّرَاثية، والهيئات الحكومية والجمعيات الأهلية العاملة في مجال إدارة المدن التاريخية والمواقع التُّرَاثية في اليمن اتضح أن هناك تضارباً في الاختصاصات والمسؤوليات بين الجهات المشاركة في عمليات الحفاظ، وإعادة تأهيل المواقع التُّرَاثية، وتداخل الصلاحيات والقرارات مع عدم وجود تنسيق فيما بينها، ناهيك عن جملة من الصعوبات والتحديات المتمثلة بالجوانب المالية، والفنية، والإدارية.
لقد اتضح من خلال المسح الميداني أن مدينة صنْعَاء القديمة بمعالمها ومواقعها التُّرَاثية المتفردة والمتميزة تتمتع بالعديد من عناصر الجذب السياحيّ التُّرَاثية، والتي تتمثل ب: (المعالم والجواذب الدينية، والمدنية، والدفاعية، والتجارية، والخدمية، والمائية)، والتي تشكل في مجملها منتج سياحيّ متميز يؤهل المدينة لتصبح وجهة سياحيّة رائدة في مجال صناعة السياحة.
كما أتضح من خلال دراسة واقع التراث العُمْرَاني في المدينة وتقييمه أن الحالة الراهنة للمواقع التُّرَاثية تتعرض للعديد من الأنشطة البشرية السالبة، والعوامل الطبيعية التي أدت إلى تهديد الكثير من مكوناتها المعمارية، وأسهمت في تلف وتدمير العديد من عناصرها ومعالمها العُمْرَانية، والمتمثلة في: (الترميمات العشوائية التي عملت على تشويه المنظر العام للمدينة، والإهمال، وارتفاع نسبة البيوت المهجورة، وأعمال الهدم والتخريب، وقلة الوعي بأهمّية التراث، وضعف كفاءة خدمات البنية التحتية، فضلاً عن تنامي الأنشطة التجارية العشوائية، وتمدد الأسواق على حساب المناطق السكنية في المدينة، واستحداث مباني جديدة على أنقاض بعض المباني التاريخية).
لقد بينت نتائج تحليل خصائص الطلب السياحيّ في مدينة صنْعَاء القديمة مدى جاذبية المواقع التُّرَاثية، والمقومات السياحيّة في المدينة لمختلف الفئات والشرائح من السياح والزوار. ودلت الدِّراسة إلى أن هناك اتجاهات إيجابية كبيرة لدى أفراد عينة الدِّراسة نحو زيارة مدينة صنْعَاء القديمة مرة أخرى؛ نظراً لما تمتلكه من إمكانات تُرَاثية، وتوسط الأسعار، فضلاً عن كرم الضيافة، وتعامل السكان المحليين. بالرغم من ضعف دور وسائل الإعلام في التعريف بالمدينة، الأمر الذي يتطلب التخطيط لبرامج ترويجية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
لقد أمكن من خلال الدِّراسة تحديد أبرز المعالم التُّرَاثية، والمقومات السياحيّة في المدينة بحسب درجة أهميتها وتفضيلها من قبل السيّاح والزوار، والمتمثلة ب: (أسواق صنْعَاء، والجامع الكبير، وسور المدينة وأبوابها، والمباني القديمة، والصناعات التقليدية في المدينة، وغرفة القُليس)، والتي ينبغي التركيز عليها، والعناية بها عند وضع الخطط في مجال التنمية السياحيّة، والتسويق لها بالشكل المطلوب.
وتشير نتائج الدِّراسة أيضاً إلى أن فاعلية التنمية السياحيّة لن تتحقق إلاّ بتضافر وتكامل الجهود الرسمية (الدولة) والشعبية (القطاع الخاص، والمجتمع المحلي) في إنجاح المشروعات السياحيّة، بما يحقق الاستدامة العُمْرَانية والسياحيّة للمواقع التُّرَاثية في المدينة. وذلك من خلال التركيز على الإيجابيات، والسعي لمعالجة السلبيات، وأوجه القصور. حيث أوضحت الدِّراسة التحليلية وجود العديد من التحديات التي تواجه التنمية السياحيّة المستدامة في المدينة، هي: ضعف الوعي المجتمعي بأهمّية السياحة، ونقص في الكوادر البشرية لإدارة النشاط السياحيّ، أو العمل فيه، فضلاً عن قصور في تلبية احتياجات السائح من الخدمات، فالمدينة تفتقر بشكل عام إلى المنشآت السياحيّة التي تُعنى بشأن صناعة السياحة، فهي بالإضافة إلى قلة عددها، وضعف إمكانياتها، تعاني من قلة عدد العاملين، وضعف خبرتهم، وعدم تخصصهم.
ومن النتائج التي خرجت بها هذه الدِّراسة، وبناءً على معطيات واقع التنمية السياحيّة في مدينة صنْعَاء القديمة اقتراحها لتوظيف ثلاثة أبنية تُّرَاثية وفق أهداف وخطط وآليات تعمل على تحويلها إلى مشروعات سياحيّة تنموية بهدف تعزيز دور التنمية السياحيّة في المدينة، وزيادة الجذب السياحيّ وبما يضمن استدامتها والحفاظ عليها، وهي: مشروع مركز حضاري وثقافي في قلعة قصر السلاح، ومشروع فندق تُّرَاثي في سمسرة المُجَّة، ومشروع مطعم ومقهى تُّرَاثي في سمسرة المُزَيِّن.
ولعل من أبرز النتائج التي توصلت إليها هذه الدِّراسة بحسب الباحث الهياجي هو وضع خطة مقترحة للتنمية السياحيّة في مدينة صنْعَاء القديمة، والتي من المأمول أن تسهم في تحقيق تنمية سياحيّة مستدامة، ينعكس مردودها الإيجابي في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، على مستوى المدينة، واليمن ككل.
لقد استعرضت الدِّراسة الحالة الراهنة لواقع إدارة مواقع الجذب السياحيّ التُّرَاثية في الجمهورية اليمنية ممثلة في مدينة صنْعَاء القديمة، وقد برزت العديد من جوانب الضعف في مجال حمايتها، وإدارتها، وبالتالي ضعف فرص توظيفها واستثمارها سياحياً بشكل فعّال بما يحقق الأهداف المنشودة من هذه الدِّراسة. ولهذا فقد اقترحت الدِّراسة وضع تصور شامل لإدارتها يمثل في الواقع مجمل نتائج الدِّراسة ومن أبرز سماته مرونته، وقابليته للتطبيق، وبما يضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
توصيات
كما وضعت الدراسة مجموعة من التوصيات وشملت هذه التوصيات كلاًّ من المخططين في الجهات الحكومية المعنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المحليّ، والباحثين والمهتمين نسردها في الآتي:
تشكيل هيئة عليا، أو مجلس أعلى يتولى جميع مهام إدارة المدن والمواقع التُّرَاثية في اليمن، ومن ضمنها مدينة صنْعَاء القديمة.
الاستفادة من تجارب بعض البلدان العربية والعالمية في مجال استثمار مواقع التُّرَاث العُمْرَاني، وإدارة مواقعها التُّرَاثية لأغراض السياحة.
تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية السياحيّة، وتوفير أجواء مناسبة للاستثمار السياحيّ في المدينة.
إشراك المجتمع المحلي بشكل مباشر في عملية التنمية السياحية وفي خطة إدارة مواقع الجذب السياحيّ في المدينة، ورفع الوعي السياحي لديهم.
إعادة تأهيل وتوظيف الأبنية التي اقترحتها الدِّراسة؛ لتحقيق الأهداف المنشودة منها.
ضرورة الترويج السياحي الداخلي والخارجي لمنطقة الدِّراسة.
ضرورة تبني الخطة التنموية المقترحة لتطوير القطاع السياحي في مدينة صنْعَاء القديمة، والتي تضمنتها هذه الدِّراسة.
العمل على تنفيذ خطة إدارة مواقع الجذب السياحيّ المقترحة في هذه الدِّراسة لتطوير المواقع والمعالم التُّرَاثية في مدينة صنْعَاء القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.