المدينة التي لن تركع    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    شرطة مأرب تضبط كمية من مادة الحشيش قادمة من مناطق المليشيا    تعزيزات مرتبات شهر يونيو 2025    لقب تاريخي.. ماذا ينتظر باريس وإنريكي في أغسطس؟    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    فضيحة الهبوط    "الوطن غاية لا وسيلة".!    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    السامعي: تعز ليست بحاجة لشعارات مذهبية    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    أيندهوفن يتوج بلقب السوبر الهولندي    سعد بن حبريش.. النار تخلف رمادا    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    العالم مع قيام دولة فلسطينية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    جحيم المرحلة الرابعة    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    في خطابه التعبوي المهم قائد الثورة : استبسال المجاهدين في غزة درس لكل الأمة    لمناقشة مستوى تنفيذ توصيات المحلس فيما يخص وزارة الدفاع ووزارة الكهرباء..لجنتا الدفاع والأمن والخدمات بمجلس النواب تعقدان اجتماعين مع ممثلي الجانب الحكومي    إعلان قضائي    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    ألغام في طريق الكرامة    مرض الفشل الكلوي (15)    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة مواقع الجذب السياحي التراثية.. صنعاء القديمة أنموذجاً

دراسة علمية توصي بإخلاء قلعة القصر «قصر السلاح» بمدينة صنعاء القديمة، وتحويله الى مزار سياحي من خلال إقامة مركز حضاري وثقافي يستقطب الزوار والسيّاح، ويعمل على تعزيز السياحة الثقافية والتُّرَاثية في المدينة. كشفت دراسة حديثة أن مدينة صنعاء القديمة التي تعد من أبرز المدن العربية المسجلة على قائمة التُّرَاث العالمي بمعالمها التراثية المتفردة ومواقعها المتميزة تتمتع بالعديد من عناصر الجذب السياحي التراثية التي تشكل في مجملها منتجا سياحيّا متميزا يؤهل المدينة لتصبح وجهة سياحيّة رائدة في مجال صناعة السياحة؛ نظراً لاحتوائها على العديد من القيم والفوائد الاقتصادية، كأحد الموارد المستدامة التي يمكن إعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عوائد مالية واقتصادية، فضلاً عن القيم الثقافية والعُمْرَانية وما تحويها من مضامين تاريخية وفنية، وقيمٍ اجتماعية تساهم في عملية التوطين والاستقرار الاجتماعي.
وبينت الدراسة التي أعدها الباحث ياسر هاشم الهياجي في كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، والموفد من قسم السياحة وإدارة الفنادق بجامعة إب، والتي مُنح بموجبها مرتبة الشرف الأولى بالجامعة، أن الحالة الراهنة للمواقع التراثية في مدينة صنعاء القديمة تتعرض للعديد من الأنشطة البشرية السالبة والعوامل الطبيعية التي أدت إلى تهديد الكثير من مكوناتها المعمارية وأسهمت في تلف وتدمير العديد من معالمها العمرانية. وأن فاعلية التنمية السياحيّة في المدينة لن تتحقق إلاّ بتضافر وتكامل الجهود الرسمية (الدولة) والشعبية (القطاع الخاص، والمجتمع المحلي) بما يحقق الاستدامة العُمْرَانية والسياحيّة للمواقع التُّرَاثية.
ويؤكد الباحث الهياجي أن من أبرز ما خرجت به الدراسة هو وضع خطة تنموية لتطوير السياحة في مدينة صنْعَاء القديمة، بحيث تضمن مستوى عاليا في مساهمتها الاقتصاديّة، والاجتماعية، والثقافّة، والبيئية، على مستوى المدينة، واليمن، والتي اعتمد الباحث في بنائها على تجارب عدد من البلدان الناجحة التي تمتلك تراثا عمرانيا مدرجا ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، والرائدة عالمياً في مجال السياحة، وهي: مدينة سيينا التاريخية Historic Centre of Siena بإيطاليا، ومدينة إسطنبول التاريخية Historic Areas of Istanbul في تركيا، ومدينة تونس Medina of Tunis في تونس، وتجربة مدينة القاهرة التاريخية Historic Cairo في جمهورية مصر العربية، حيث تم تقييم تجاربها واستخلاص المعايير، والاعتبارات التي تم مراعاتها في تحقيق التنمية السياحية، وآلية إدارة المواقع التراثية فيها، بحيث يمكن الاستفادة منها في تنمية وتطوير مواقع التراث العمراني في مدينة صنعاء القديمة، والاسترشاد بها في بناء الخطة المقترحة للتنمية السياحية، ومقترح الخطة الإدارية لمواقع الجذب السياحي التراثية في المدينة التي يتضمنها هذا الفصل.
ويستطرد الباحث الهياجي أنه وبناءً على مقومات ومعطيات واقع التنمية السياحيّة في مدينة صنْعَاء القديمة، ومن خلال استطلاع التجارب العالمية للتنمية السياحيّة في المواقع التُّرَاثية، وتأكيداً للدور الذي تلعبه مواقع الترَاث العُمْرَاني في التنمية السياحيّة، بوصفها مورداً من موارد السياحة الثقافيّة التي تُعدُّ أهم قطاعات السوق السياحيّ العالمي، فقد اقترحت الدِّراسة إعادة تأهيل بعض المشاريع السياحيّة القابلة للتطبيق والتوظيف السياحيّ لبعض المنشآت والمباني التُّرَاثية في مدينة صنْعَاء القديمة توظيفاً اقتصادياً، وفق أهداف، وخطط، وآليات تعمل على تحويلها إلى مشروعات تنموية، وبما يتناسب مع أهميتها التاريخية والعُمْرَانية؛ بهدف الاستفادة منها في زيادة الجذب السياحيّ، وتعزيز دور التنمية السياحيّة في المدينة، فضلاً عن الجوانب الاقتصاديّة، وتوفير فرص عمل، وبما يضمن استدامتها، ومنع تدهورها، والحفاظ على عناصرها العُمْرَانية والمِعْمَارية. حيث اقترحت الدِّراسة إنشاء ثلاثة مشروعات سياحية يمكن أن تُسهِم في تنمية وتفعيل النشاط السياحيّ، وتؤسس لصناعة سياحية في المدينة، والمتمثلة بإنشاء مشروع مركز حضاري وثقافي في قلعة القصر (قصر السلاح)، ومشروع فندق تُرَاثي في سمسرة المُجّة، ومشروع مطعم ومقهى تُرَاثي في سمسرة المُزَيِّن.
أهمية الدراسة
أما عن أهمية موضوع الدراسة يقول الهياجي: إن فكرة الدِّراسة وموضوعها جاء في محاولة لوضع مدينة صنْعَاء القديمة على خارطة السياحة التُّرَاثية لتصبح إحدى المقاصد السياحيّة العالمية عن طريق تقديم رؤى إدارية لتطوير مواقع الجذب السياحيّ التُّرَاثية في المدينة.
وقال الباحث الهياجي: إن أهمية الدِّراسة التي قام بها تكمن في أنها محاولة لتشخيص الوضع القائم في مدينة صنْعَاء القديمة، والربط بين تطوير السياحة والحفاظ على المواقع التُّرَاثية وتنميتها بما يتناسب وقيمتها الحضاريّة كمراكز جذب سياحيّة، والخروج بخطة تطويرية توفق بين العناصر التُّرَاثية فيها، وأساليب تشغيلها، وإدارتها بشكل يتناسب مع مكانتها التاريخية، ويعزز الميزات التنافسية للسياحة اليمنية.
كما تكمن أهميتها في تنامي الاهتمام الدولي، والوطني بالمواقع التُّرَاثية، وزيادة الاهتمام الرسمي، والأكاديمي بالدِّراسات والبحوث التطويرية في الجوانب السياحيّة المرتبطة بالمواقع التُّرَاثية، والتي أصبحت تُمثِل موضوعاً رئيساً في دراسة السياحة.
ويشير الهياجي أنه مما يزيد من أهمّية هذه الدِّراسة هو أن اليمن يعتمد بشكل رئيسٍ على المواقع التُّرَاثية كمنتج سياحيّ؛ والتي هي بحاجة إلى المحافظة عليها، وتطويرها بغية الاستفادة منها في رفد الاقتصاد الوطني.
يضاف إلى ذلك أن مدينة صنْعَاء القديمة (منطقة الدِّراسة)، تمتاز دون غيرها من المدن والمناطق التُّرَاثية اليمنية بمزايا نسبية تعطيها الأولوية والأسبقية لتكون إحدى المقاصد المهمة للسياحة التُّرَاثية على خارطة السياحة اليمنية داخلياً وخارجياً. وسوف تُسهِم هذه الدِّراسة في تلمس الوضع القائم في مدينة صنْعَاء القديمة تمهيداً لوضع خطة تطويرية توفق بين العناصر التُّرَاثية فيها، وأساليب تشغيلها وإدارتها بشكل يتناسب مع مكانتها التاريخية، ويعزز الميزات التنافسية للسياحة اليمنية.
مؤكداً أن هذه الدِّراسة ستعمل على المساهمة في أعمال التخطيط السياحيّ، ورسم معالم واضحة للتخطيط للقطاع السياحيّ في اليمن، لكونها تربط بين تطوير السياحة، والحفاظ على المواقع التُّرَاثية، وتنميتها بما يتناسب وقيمتها الحضاريّة كمراكز جذب سياحي.
ومما يكسب هذه الدِّراسة أهمّية إضافة إلى ما سبق، هي أنها تبحث في مشكلة تنموية سياحية ميدانية تتعلق بإدارة موارد التراث وسبل تنمية وتطوير نشاطات السياحة التُّرَاثية؛ وسيفضي هذا إلى إيجاد وتوفير حلول ومقترحات علمية واقعية لسد حاجة ملحة لدى صناع القرار، والمسئولين عن إدارة مقومات السياحة اليمنية.
فصول الدراسة
جاءت الدِّراسة في خمسة فصول أساسية تسبقها المقدمة وتقفوها الخاتمة، وقد بنيت فصولها بشكل متسلسل من حيث الأفكار، بالإضافة إلى كونها تشكل ترجمة واضحة لمنهجية الدراسة المتبعة.
مفاهيم التراث
ناقشت الدِّراسة في الفصل الأول الأفكار والمفاهيم المتخصصة بالتُّرَاث، وبيان أهمّيته، وأساليب حفظه، وطرق حمايته، نظراً لاحتوائه على العديد من القيم والفوائد الاقتصاديّة، كأحد الموارد المستدامة التي يُمكن إعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عوائد مالية واقتصاديّة. كما استعرض المنظمات المعنية بالتُّرَاث، والقوانين الدولية الخاصة بحمايته.
اهتمام واسع
واستعرضت الدراسة في الفصل الثاني الاهتمام الواسع الذي تلاقيه مدينة صنْعَاء القديمة باعتبارها من أهم المواقع التُّرَاثية في اليمن المدرجة ضمن قائمة الترَاث العالمي. كما استعرضت الأعمال، والإنجازات، والجهود المختلفة في التعامل مع المواقع التُّرَاثية في المدينة، والتي تقوم بها عدد من الجهات الحكومية، والمنظمات والهيئات الدولية بهدف ترميمها وحمايتها، وتحقيق التنمية المستدامة.
صعوبات وغياب في التنسيق
وفي الفصل الثاني أيضاً استعرضت الدِّراسة القوانين الوطنية الخاصة بحماية المواقع التُّرَاثية، والهيئات الحكومية والجمعيات الأهلية العاملة في مجال إدارة المدن التاريخية، والمواقع التُّرَاثية في اليمن، واتضح أن هناك تضارباً في الاختصاصات والمسؤوليات بين الجهات ذات العلاقة، بالإضافة إلى تداخل في الصلاحيات والقرارات، وغياب التنسيق المشترك بينها، ناهيك عن جملة من الصعوبات والتحديات المتمثلة بالجوانب المالية، والفنية، والإدارية. وقد تبنت الدِّراسة مقترحاً فعلياً لتجاوز هذه الإشكالية.
عناصر جذب مهمة
وخُصص الفصل الثالث للوقوف على واقع الترَاث العُمْرَاني، واستعراض العناصر والمكونات التُّرَاثية في مدينة صنْعَاء القديمة، وإبرازها كموارد وجواذب سياحيّة، وقد اتضح من خلال المسح الميداني أن المدينة بمعالمها ومواقعها التُّرَاثية المتفردة والمتميزة تتمتع بالعديد من عناصر الجذب السياحيّ التُّرَاثية، والتي تتمثل ب: (المعالم والجواذب الدينية، والمدنية، والدفاعية، والتجارية، والخدمية، والمائية)، وهي بمجموعها تشكل منتجاً سياحيّاً متميزاً يؤهل المدينة لتصبح وجهة سياحيّة رائدة في مجال صناعة السياحة.
كما أبرزت الدِّراسة في هذا الفصل الحالة الراهنة للمواقع التُّرَاثية التي تتعرض للعديد من الأنشطة البشرية السالبة، والعوامل الطبيعية التي أدت إلى تهديد الكثير من مكوناتها المِعْمَارية، وأسهمت في تلف وتدمير العديد من عناصر معالمها العُمْرَانية، والتي ينبغي التغلب عليها.
اتجاهات إيجابية
لقد بينت نتائج تحليل خصائص الطلب السياحيّ في المدينة (الفصل الرابع) مدى جاذبية المواقع التُّرَاثية، والسياحيّة في المدينة لمختلف الفئات والشرائح من السياح والزوار. وأن هناك اتجاهات إيجابية لدى السيّاح نحو زيارة المدينة مرة أخرى؛ نظراً لما تمتلكه من إمكانات تُرَاثية، وتوسط الأسعار، فضلاً عن كرم الضيافة، وتعامل السكان المحليين. بالرغم من ضعف دور وسائل الإعلام في التعريف بالمدينة، الأمر الذي يتطلب التخطيط لبرامج ترويجية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
التوظيف السياحي وتضافر الجهود الرسمية والشعبية
أما الفصل الخامس فقد ناقش المفاهيم المتعلقة بعملية التوظيف السياحيّ Tourist Exploitation باعتباره أحد أساليب الحفاظ على المباني التُّرَاثية، وجعلها مراكز للجذب السياحيّ.
وفي هذا الفصل أيضاً تمت مناقشة أهمية تضافر وتكامل الجهود الرسمية والشعبية وجهود المجتمع المحلي في إنجاح المشروعات السياحيّة، ودور القطاع الخاص في تحقيق الاستدامة العُمْرَانية والسياحيّة للمواقع التُّرَاثية. بالإضافة إلى الآثار المترتبة على التنمية السياحيّة المتوقعة في المدينة.
النتائج
توصل الباحث الهياجي في دراسته إلى مجموعة من النتائج المهمة التي يمكن إيجازها بالآتي:
أوضحت الدِّراسة الأهمّية البارزة للتراث العُمْرَاني؛ نظراً لاحتوائه على العديد من القيم والفوائد الاقتصادية، كأحد الموارد المستدامة التي يمكن إعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عوائد مالية واقتصادية، فضلاً عن القيم الثقافية والعُمْرَانية بما يحويه من مضامين تاريخية وفنية، وكذلك القيم الاجتماعية بما فيها من توطين واستقرار اجتماعي.
كما تبرز الدِّراسة دور وجهود المنظمات العالمية التي تُعنى بالتراث, والتي عملت على وضع النظم، والتشريعات، والقوانين التي تتعلق بعمليات الحفاظ عليه، وإعادة تأهيله، رغم القصور الذي رافق عملها في الجوانب المتعلقة بحماية التراث الإنساني، وعدم إلزامية قوانينها في كثيرٍ من الأحيان.
لقد أظهرت الدِّراسة الميدانية أن هناك جهوداً تبذل من أجل الاهتمام بتنمية مدينة صنْعَاء القديمة، والحفاظ على تكوينها العُمْرَاني تقوم بها عدد من الجهات الحكومية، والمنظمات والهيئات الدولية، والتي تبنت عدد من برامج الحفاظ وإعادة التأهيل للعديد من المواقع التُّرَاثية في المدينة، وعززتها بجملة من المشاريع، وعملت على توظيف عدد من المباني وتحويلها إلى مزارات سياحيّة، أو مراكز للأنشطة الثقافية، والتنمية الاجتماعية، والتي عملت جميعها على تحسين مستوى معيشة المجتمع، وحققت ديمومة واستمرارية الحياة في المدينة. ولعل من أبرزها حالياً الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، وما يقوم به الصندوق الاجتماعي للتنمية بالتنسيق مع الهيئات الوطنية الحكومية والأهلية.
وفي استعراض الدِّراسة للقوانين الوطنية الخاصة بحماية المواقع التُّرَاثية، والهيئات الحكومية والجمعيات الأهلية العاملة في مجال إدارة المدن التاريخية والمواقع التُّرَاثية في اليمن اتضح أن هناك تضارباً في الاختصاصات والمسؤوليات بين الجهات المشاركة في عمليات الحفاظ، وإعادة تأهيل المواقع التُّرَاثية، وتداخل الصلاحيات والقرارات مع عدم وجود تنسيق فيما بينها، ناهيك عن جملة من الصعوبات والتحديات المتمثلة بالجوانب المالية، والفنية، والإدارية.
لقد اتضح من خلال المسح الميداني أن مدينة صنْعَاء القديمة بمعالمها ومواقعها التُّرَاثية المتفردة والمتميزة تتمتع بالعديد من عناصر الجذب السياحيّ التُّرَاثية، والتي تتمثل ب: (المعالم والجواذب الدينية، والمدنية، والدفاعية، والتجارية، والخدمية، والمائية)، والتي تشكل في مجملها منتج سياحيّ متميز يؤهل المدينة لتصبح وجهة سياحيّة رائدة في مجال صناعة السياحة.
كما أتضح من خلال دراسة واقع التراث العُمْرَاني في المدينة وتقييمه أن الحالة الراهنة للمواقع التُّرَاثية تتعرض للعديد من الأنشطة البشرية السالبة، والعوامل الطبيعية التي أدت إلى تهديد الكثير من مكوناتها المعمارية، وأسهمت في تلف وتدمير العديد من عناصرها ومعالمها العُمْرَانية، والمتمثلة في: (الترميمات العشوائية التي عملت على تشويه المنظر العام للمدينة، والإهمال، وارتفاع نسبة البيوت المهجورة، وأعمال الهدم والتخريب، وقلة الوعي بأهمّية التراث، وضعف كفاءة خدمات البنية التحتية، فضلاً عن تنامي الأنشطة التجارية العشوائية، وتمدد الأسواق على حساب المناطق السكنية في المدينة، واستحداث مباني جديدة على أنقاض بعض المباني التاريخية).
لقد بينت نتائج تحليل خصائص الطلب السياحيّ في مدينة صنْعَاء القديمة مدى جاذبية المواقع التُّرَاثية، والمقومات السياحيّة في المدينة لمختلف الفئات والشرائح من السياح والزوار. ودلت الدِّراسة إلى أن هناك اتجاهات إيجابية كبيرة لدى أفراد عينة الدِّراسة نحو زيارة مدينة صنْعَاء القديمة مرة أخرى؛ نظراً لما تمتلكه من إمكانات تُرَاثية، وتوسط الأسعار، فضلاً عن كرم الضيافة، وتعامل السكان المحليين. بالرغم من ضعف دور وسائل الإعلام في التعريف بالمدينة، الأمر الذي يتطلب التخطيط لبرامج ترويجية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
لقد أمكن من خلال الدِّراسة تحديد أبرز المعالم التُّرَاثية، والمقومات السياحيّة في المدينة بحسب درجة أهميتها وتفضيلها من قبل السيّاح والزوار، والمتمثلة ب: (أسواق صنْعَاء، والجامع الكبير، وسور المدينة وأبوابها، والمباني القديمة، والصناعات التقليدية في المدينة، وغرفة القُليس)، والتي ينبغي التركيز عليها، والعناية بها عند وضع الخطط في مجال التنمية السياحيّة، والتسويق لها بالشكل المطلوب.
وتشير نتائج الدِّراسة أيضاً إلى أن فاعلية التنمية السياحيّة لن تتحقق إلاّ بتضافر وتكامل الجهود الرسمية (الدولة) والشعبية (القطاع الخاص، والمجتمع المحلي) في إنجاح المشروعات السياحيّة، بما يحقق الاستدامة العُمْرَانية والسياحيّة للمواقع التُّرَاثية في المدينة. وذلك من خلال التركيز على الإيجابيات، والسعي لمعالجة السلبيات، وأوجه القصور. حيث أوضحت الدِّراسة التحليلية وجود العديد من التحديات التي تواجه التنمية السياحيّة المستدامة في المدينة، هي: ضعف الوعي المجتمعي بأهمّية السياحة، ونقص في الكوادر البشرية لإدارة النشاط السياحيّ، أو العمل فيه، فضلاً عن قصور في تلبية احتياجات السائح من الخدمات، فالمدينة تفتقر بشكل عام إلى المنشآت السياحيّة التي تُعنى بشأن صناعة السياحة، فهي بالإضافة إلى قلة عددها، وضعف إمكانياتها، تعاني من قلة عدد العاملين، وضعف خبرتهم، وعدم تخصصهم.
ومن النتائج التي خرجت بها هذه الدِّراسة، وبناءً على معطيات واقع التنمية السياحيّة في مدينة صنْعَاء القديمة اقتراحها لتوظيف ثلاثة أبنية تُّرَاثية وفق أهداف وخطط وآليات تعمل على تحويلها إلى مشروعات سياحيّة تنموية بهدف تعزيز دور التنمية السياحيّة في المدينة، وزيادة الجذب السياحيّ وبما يضمن استدامتها والحفاظ عليها، وهي: مشروع مركز حضاري وثقافي في قلعة قصر السلاح، ومشروع فندق تُّرَاثي في سمسرة المُجَّة، ومشروع مطعم ومقهى تُّرَاثي في سمسرة المُزَيِّن.
ولعل من أبرز النتائج التي توصلت إليها هذه الدِّراسة بحسب الباحث الهياجي هو وضع خطة مقترحة للتنمية السياحيّة في مدينة صنْعَاء القديمة، والتي من المأمول أن تسهم في تحقيق تنمية سياحيّة مستدامة، ينعكس مردودها الإيجابي في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، على مستوى المدينة، واليمن ككل.
لقد استعرضت الدِّراسة الحالة الراهنة لواقع إدارة مواقع الجذب السياحيّ التُّرَاثية في الجمهورية اليمنية ممثلة في مدينة صنْعَاء القديمة، وقد برزت العديد من جوانب الضعف في مجال حمايتها، وإدارتها، وبالتالي ضعف فرص توظيفها واستثمارها سياحياً بشكل فعّال بما يحقق الأهداف المنشودة من هذه الدِّراسة. ولهذا فقد اقترحت الدِّراسة وضع تصور شامل لإدارتها يمثل في الواقع مجمل نتائج الدِّراسة ومن أبرز سماته مرونته، وقابليته للتطبيق، وبما يضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
توصيات
كما وضعت الدراسة مجموعة من التوصيات وشملت هذه التوصيات كلاًّ من المخططين في الجهات الحكومية المعنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المحليّ، والباحثين والمهتمين نسردها في الآتي:
تشكيل هيئة عليا، أو مجلس أعلى يتولى جميع مهام إدارة المدن والمواقع التُّرَاثية في اليمن، ومن ضمنها مدينة صنْعَاء القديمة.
الاستفادة من تجارب بعض البلدان العربية والعالمية في مجال استثمار مواقع التُّرَاث العُمْرَاني، وإدارة مواقعها التُّرَاثية لأغراض السياحة.
تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية السياحيّة، وتوفير أجواء مناسبة للاستثمار السياحيّ في المدينة.
إشراك المجتمع المحلي بشكل مباشر في عملية التنمية السياحية وفي خطة إدارة مواقع الجذب السياحيّ في المدينة، ورفع الوعي السياحي لديهم.
إعادة تأهيل وتوظيف الأبنية التي اقترحتها الدِّراسة؛ لتحقيق الأهداف المنشودة منها.
ضرورة الترويج السياحي الداخلي والخارجي لمنطقة الدِّراسة.
ضرورة تبني الخطة التنموية المقترحة لتطوير القطاع السياحي في مدينة صنْعَاء القديمة، والتي تضمنتها هذه الدِّراسة.
العمل على تنفيذ خطة إدارة مواقع الجذب السياحيّ المقترحة في هذه الدِّراسة لتطوير المواقع والمعالم التُّرَاثية في مدينة صنْعَاء القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.