بالإنصات إلى إحدى مباريات دورينا سيتبين لنا كم نحن نعاني في جانب التعليق الرياضي على المباريات. لدينا معلقون شباب في عدد من قنواتنا الفضائية، مجتهدين، ويقومون ببذل جهد لايمكن لأحد التقليل منه، غير أن الطابع الطاغي على غالبيتهم هو (التقليد). قد يكون الوسط الرياضي العربي من المحيط إلى الخليج متأثر بتعليق عصام الشوالي وفارس عوض ورؤوف خليف وحفيظ دراجي وغيرهم من المعلقين العرب الشهيرين. غير أن وسط التعليق المحلي يشهد حالات استنساخ لأولئك المعلقين، يقوم بها معلقونا الشباب. عندما يهرب منك الإبداع ويغادرك بعيداً تصبح مفلساً، وعندها لابد من أن تقلّد من هو أفضل منك، هذا هو واقع التعليق على المباريات في اليمن، إلا من رحم ربك!. وهذا الأمر ليس عيباً في اليمن بقدر ماهو عيب في الأشخاص، فاليمن سبق وأن أخرجت عمالقة في التعليق الرياضي أمثال سالم بن شعيب، محمد سعيد سالم، عبدالواحد الخميسي، عبدالسلام فارع، وعلي العصري، أولئك أسروا قلوبنا بإبداعاتهم، حتى إني أتذكر أحد المشجعين المداومين على حضور المباريات في ملعب الحبيشي في عدن يحرص على مشاهدة المباريات من على المدرجات وفي يديه (مذياع) صغير يستمع من خلاله لذات المباراة التي يشاهدها عبر تعليق سالم بن شعيب من إذاعة عدن، وفي ذلك أكبر دليل على معلقين سلبوا عقول الجماهير لتألقهم المستمر. ليأتي اليوم معلقون يقلدون الغير بشكل علني ومفضوح يدعو إلى السخرية. لدينا إرث وتاريخ في التعليق الرياضي يضاهي تاريخنا الرياضي الذي يمتد لأكثر من مائة عام، التاريخ الذي جعلنا نعرف الرياضة قبل أي بلد في المنطقة، غير أننا مبهورون بمجرد صيحات يمتاز بها هذا المعلق عن غيره، أو قد يكون يدهشنا بعض السرد التاريخي الملحمي لبعض المعلقين أثناء سير المباريات. لكن كل هذا لايعني التخلي عن تاريخ يحتاج منا إلى أن نتبناه لنبني عليه بدلاً من التعليق، خاصة إذا عرفنا أن التعليق الرياضي خبرة وعلم ودراسة، وليس مجرد تشابه في الصوت أو الصرخات، كما إنه فكر وتحليل وإدراك لظروف المباريات والفرق واللاعبين. وحتى أكون عملياً أكثر، فإني أقترح من الأخوة والأساتذة من رواد التعليق الرياضي في اليمن تقديم خبراتهم للطامحين الشباب من محبي احتراف التعليق الرياضي، بل والاتفاق مع عدد من القنوات الرياضية المتخصصة أو الإذاعات في عمل برنامج مسابقاتي لاكتشاف المواهب في مجال التعليق، ليتم تخريج معلقين على هدى وبصيرة بعيداً عن التقليد الصوتي.. والصراخ!.