ولد الزبيري في حي البستان بصنعاء سنة 1910م وتوفي عام1963م ويلقب ب«أبي الأحرار» محمد محمود الزبيري يُعد مدرسة شعرية ثورية نضالية، بل مدرستين محليتين وقراءات جديدة .. كان شعر الزبيري قبل بعثه إلى مصر ينم عن شاعرية جديدة قديمة معاً تغلب فيها الأصالة على التقليد لهذا تلاحظ امتياز شعر الزبيري قبل بعثه يتجلى في مبالغات والحديث عنه يحتاج إلى مجلد لكننا سنوجز ما فيه الفائدة: مال الزبيري إلى التيار التقليدي التجديدي، وكان تقليده أكثر من تجديده ومن ملامح اتجاهه التقليدي ألفاظه الجزلة والقوية والفخمة، ومدحه المبطن بالهجاء كما في قصيدته التي يخاطب فيها الإمام: طر حيث شئت بنا فإنا معشر سنطير إثرك في العلى ونحلقُ واسمح فقد أوتيت بالعدل المنى وسواك يسعى للنجاح فيخفقُ وملكت شعباً لا يُحطم أنفه رمي يصيب ولا قذائف ترشق يا حامل الشعب الكبير بقلبه الشعب في طيات قلبك يخفقُ وتلاحظ في قصيدته التي خرج فيها من سجنه في عدن بهيئة الفخر ولكن ليس الفخر بالذات وإنما الفخر بالجماعة العاملة من أجل الوطن يقول الزبيري: خرجنا من السجن شم الأنوف كما تخرج الأُسد من غابها نمرُ على شفرات السيوف ونأتي المنية من بابها ونأبى الحياة إذا دنست بعسف الطغاة وإرهابها ونحتقر الحادثات الكبار إذا اعترضتنا بأتعابها ستعلم أمتنا أننا ركبنا الخطوب حناناً بها وفي أبياته الحزينة على الشعب ما جعلنا نعرف أن للزبيري في هذا النص دلالتين هما: تطور الموضوع لأنه يتكلم عن الشعب، كلمة إمام في البيت الثاني تدل على أنه في زمن الإمام كان هناك المخافة والمجاعة والجهل والأمراض والظلم وانظر إلى هذا النص: ما لليمانيين في نظراتهم بؤسٌ وفي كلماتهم آلامُ جهلٌ وأمراض وظلم فادحٌ ومخافة ومجاعة وإمامُ والناس بين مكبلٍ في رجله قيدٌ وفي فمه البليغ لجامُ وحين إعلان الثورة عام 1962م قال الزبيري: سجل مكانك في التاريخ يا قلمُ فها هُنا تُبعثُ الأجيال والأممُ هنا البراكين هبت من مضاجعها تطغى وتكتسح الطاغي وتلتهمُ شعبٌ تفلت من أغلال قاهره حراً فأجفل عنه الظلم والظلمُ ومن شعره القومي في مأساة فلسطين على يد بريطانيا قال الزبيري: فيا بريطانيا عودي بمخمصةٍ إن العروبة لا شاء ولا نعمُ إن العروبة جسم إن يئن به عضو تداعت له الأعضاء تنتقمُ كما نجد الزبيري اتجه اتجاهاً رومانسياً هو الوحيد في أشعاره لأن قضيته كانت وطنية ولم تكن غزلية لذلك لم يكثر من الغزل فقال في غزله الوحيد: بعثت الصبابة يا بلبلُ كأنك خالقها الأولُ الشحاري أكثر حماساً أما الشاعر يوسف الشحاري فهو من ألمع النماذج الوطنية الصحيحة والثورية الشعرية والعملية في اليمن ويوسف الشحاري مد عهد الزبيري بصوت أصفى ووطنية أكثر حماساً وعمقاً. فقد كان قبل ثورة سبتمبر1962م على رغم صعوبة الظروف يقول الكلمة الصادقة في شيء من التغطية البيانية الشحاري وطني وتمتد وطنيته على طول اليمن وعرضه وساعده ذلك أنه كان برتبة “عقيد” في قوات الأمن لهذا تنعكس العسكرية الوطنية على شعره، فتراه يُصوب الكلمة إلى هدفها كما يوجه القذيفة إلى مرماها، أو كما يشهد الشاهد على المتهم، فكانت كلماته قوية نقية تحمل قوتها في ذاتها وتحمل عناصر انتشارها داخل حروفها وهاكم نماذج من شعره: كيف يحلو على الشفاه النشيد وطني والجراح فيك لحود والقداسات للمبادئ أضحت مزقاً داسها هنا رعديد وإناث الرجال فيك تناهى لمداهُ غرورها المنكود سكرت بالنعيم والشعب يشوي روحه الجوع والخطوب السود وجميلة هذه المقارنة من قبل الشحاري بين ترف الحاكمين على جوع المحكومين. وبنظره أن سلام العالم من سلام الشعوب نتيجة الترابط الاجتماعي والاتصال الفكري بين العالم وقد تحدث عن ذلك بقصيدته الرائية القائلة: في كل شبر مخبرُ يطأ السلام ويعقرُ يتصيد الهمسات يفترس الهدوء ويهدرُ قتلوه نفساً حُرة قتلوه كيف يفكرُ خنقوا الضمير فلم يعد إلا الوباء يدمرُ جاءت قصائد يوسف الشحاري مضيئة فأضاءت جوانب القضايا السياسية والاجتماعية وطبيعته العسكرية جعلته عنيفاً على ألفاظه ولكنه ماهر في تصويبها إلى أغراضها.