سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين» عبد الرقيب الوصابي:الأزمة الثقافية في اليمن مركبة وهي أزمة خطاب لا نص أگد على ضرورة إنتاج خطاب ثقافي يعمل على التوعية بضرورة الحفاظ على الوطن..
يرى الشاب الأديب والمثقف الأستاذ عبد الرقيب مرزاح الوصابي عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن الأزمة الثقافية في اليمن أزمة مركبة ,في مجملها أزمة خطاب، وليست أزمة نص وأرجع ذلك إلى انعدام الآليات والوسائط التي تسهم بدورها في بلورة الخطاب الثقافي.. وأكد أن ذلك لن يتحقق إلا بمغادرة المثقف أبراجه العاجية، وابتعاده عن إنتاج خطاب إبداعيٍّ متعالٍ يسعى لتكريس أجواء القطيعة مع ضرورة رفض الشللية والطائفية بكل أنواعها ومستويات خطاباتها. وشدد على ضرورة الإلتفاف حول القيم الحقيقية الكبرى ذات الارتباط الفعلي بوجودنا كقضية الوطن والمواطنة العادلة.. وهو ما حاولنا تسليط الضوء حول الواقع الأدبي والثقافي من وجهة نظر الشباب في اللقاء التالي: .. كيف تنظر إلى الإنتاج الأدبي في أوساط الشباب؟ الإنتاج الأدبي الشبابي يبشر إلى حد كبير بوعي إبداعي متجاوز, ربما يوازي إنتاج الشباب المبدع عربياً ساعد في تحقيق ذلك “ حسب رؤيتي القاصرة “ انفتاح الأجيال الإبداعية الشابة على الوسائط الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي عملت بدورها على تجاور نصوصهم الإبداعية وتعايشها مع غيرها من النصوص والإنجازات الإبداعية للآخر على امتداد خارطة الإبداع العربي، كما ساهم في تحقيق حضورهم ورغبتهم الجادة في التمرد الصادق والواعي في الآن ذاته على سلطة الخطاب الأسري والأبوي. غياب تام ..هل حظي الشباب بدعم الجهات المعنية؟ لم يحظ الشباب المبدع بأي دعمٍ يُذكر من قبل الجهات المعنية، بل على العكس من ذلك تماما ، فمنجزات الشباب الإبداعية اليوم، تتشكل وتنمو خارج المؤسسة الرسمية، بعيدا كل البعد عن أية رعاية أو اهتمام من قبل القائمين على الشأن الثقافي أو المؤسسات الثقافية ، ليس هذا فحسب، بل إن معظم المبدعين لم يتسن لهم المشاركة في المهرجانات والفعاليات الأدبية خارج الوطن، ربما لأن الإبداع وحده لا يكفي، فقد يحتاج المبدع رضا القائمين على هذه الجهات المعنيَّةِ كضمان لسماحهم له بالمرور، وهذا الرضا من الصعوبة بمكان، سيما إذا اتضح حرص المعنيين في الإبقاء على ركود الثقافة، وتعطيل أجندتها، وبما يضمن بقاءهم الوظيفي وامتيازاتهم النقابية ،حتى لو كان ذلك على حساب توقف عجلة الحياة، ولعل في هذا ما يبرر عدم حصول مبدعي الجيل الجديد عضوية اتحاد الأدباء مع أنه استحقاقهم الطبيعي، خصوصاً إذا علمنا أن ملفاتهم مستوفاة وكل المعايير الفنية متوفرة في منجزهم الإبداعي، ومع هذا ليس لهم سوى الحرمان والتهميش، أو التعامل بازدواجية حادة معهم ومع قضاياهم واستحقاقاتهم بين الحين والآخر. اتجاهات نقدية .. ما أبرز الملامح والاتجاهات التي تميزت بها التجارب الأدبية لجيل الشباب؟ يتميَّز الجيل الإبداعي الجديد بملامح واتجاهات شتى لعل من أهمها، قدرة الجيل المبدع الجديد على التعايش والتجاور مع كافة الأجناس والأنواع الأدبية، والابتعاد ما أمكن عن التناحر والتنازع الواهم، أضف إلى ذلك أن الغالب على شباب الجيل الجديد تكاتفهم، وتقليص حجم المناكفات التي تضعف وجودهم الإبداعي، وسعيهم الدؤوب للتكامل والتثاقف فيما بينهم، والإفادة قدر المستطاع من التراكم المعرفي والإبداعي لمبدعي الأجيال السابقة، بعيداً عن أجواء التأزم ونواتج خطاب الكراهية والحروب السطحية المفتعلة. أما بالنسبة للاتجاهات فليس بخافٍ على المتابع ظهور بعض الاتجاهات النقدية، متمثلة ببعض المحاولات النقدية التي تحاول على استحياء مواكبة الخطاب الإبداعي، لكن تلك المحاولات مازالت في مستويات النقد الصحفي الذي يبعد نوعاً ما عن ضوابط المنهج واشتراطات النقد الأكاديمي، لكنه يؤدي دوراً مقبولاً وجاداً في التعريف بالحراك الثقافي، والتعريف بالمواهب الواعدة والأكثر جدية وتجاوزاً، كما لا يفوتني هنا أن أشير إلى ظهور اتجاه واضح المعالم ، مكتمل الأدوات يعلي من شأن الكتابة الروائية، وبما يشف عن مقدرة كتابية رفيعة، وللقارئ أن يعود إلى “ ظلال الجفر “ للروائي وليد دماج، ورواية “ الواحد “ للروائي طلال قاسم، وليس ببعيد عنهما أيضاً رواية “ تبادل الهزء “ للكاتب والروائي محمود ياسين، في حال كونه يريد التحقق من رأيي النقدي فيما يخص هذا الاتجاه بالتحديد. كائن هش .. أين تجد مكانة الأديب والمثقف اليمني اليوم مقارنة بالمثقف العربي؟ الأديب والمثقف اليمني رغم وعيه المعرفي، ونشاطه اللامحدود، إلا أنه كائن هش ومغمور ومتواضع حدَّ كونه ربما لا يكون معروفا حتى نهاية شارع هائل، والسبب يرجع في ذلك إلى انكسارات الواقع وهزائمه المتلاحقة، ناهيك عن كون المبدع اليمني غير مستقر، يعاني شظف الحياة ويسعى جاهداً للتخفيف من تكاليفها، وتكالب الظروف على هذا النحو تقضي بدورها على طاقات المبدع المأمولة تجاه الإبداع المستمر والتخييل المتجاوز، وهو ما يجعل المثقف اليمني عاطلاً عن أي أمل بالتأسيس لمشروع ثقافي أو فكري يسعى لإتمامه أو الاشتغال عليه يوماً ما. صعوبات كثيرة .. وما الذي يواجه الروائي والمفكر والمبدع في بلادنا؟ يواجه المبدع اليمني صعوبات كثيرة لعل أبرزها تكمن في عدم توافر أجواء الاستقرار والتفرغ الأدبي التي تهيء المبدع للقيام بإتمام مشاريعه الأدبية، وتكوين خطابه الإبداعي الذي يميزه عن الآخرين، فالمبدع اليمني يعاني الأمرّين في محاولة جادة لاقتناص الفرصة المواتية التي تمكِّنه من إيصال صوته الإبداعي للآخرين، ولكن للأسف تبوء محاولاته بالفشل، وهو ما يجعله يكرر نفسه أكثر من أي وقت مضى, بالإضافة إلى انعدام فرص النشر، فالمبدع اليمني يناضل ويستبسل لينهي منجزه الإبداعي، وليت المأساة تنتهي به عند هذا الحد، بل إنه يتعدى ذلك حين يظل منتظرا لسنوات ثقيلةٍ حتى يجد منجزه الإبداعي مطبوعا وماثلا في متناول أيدي القراء، ولعل صعوبة النشر التي يعاني منها المبدع والمثقف اليمني، هي القاصمة للظهر، إذ لا شيء أصعب من الانتظار. قيم وأولويات وطنية .. ما هي أبرز الأولويات التي يجب أن تتصدر مهام المثقف اليمني اليوم؟ ثمة أولويات ينبغي أن تتصدَّر مهام المثقف اليمني اليوم، لعل من تأتي بتصديراتها السعي الجاد للاقتراب من قضايا الشارع وهموم عامة الناس، وأنى لهذا أن يتحقق إلا بمغادرة المثقف أبراجه العاجية، وابتعاده عن إنتاج خطاب إبداعيٍّ متعالٍ يسعى لتكريس أجواء القطيعة ما بين النخب المثقفة من جهة و بقية شرائح المجتمع من جهة أخرى، ورفض الشللية والطائفية بكل أنواعها ومستويات خطاباتها الظاهرة والمتسللة منها على حدٍّ سواء، والعمل الواعي على نبذ كل خطاب ثقافي يقوم على أساسٍ من الكراهية والفرز أو الإقصاء والعنصرية، وضرورة الالتفاف المسئول حول القيم الحقيقية الكبرى، والمواضيع العميقة ذات الارتباط الفعلي بوجودنا، كقضية الوطن والمواطنة العادلة، والإعلاء من شأن الإنسان، باعتباره أساس التنمية، وإعادة توزيع الفرص العادلة، وبما يضمن مراعاة الفروق الفردية، كل ذلك ومثله لن يتحقق إلا عبر إنتاج خطاب ثقافي وإبداعيٍّ واع بخطورة المرحلة الانتقالية الراهنة التي يمرُّ بها الوطن. توحيد الطاقات .. الوطن وخصوصا بعد مرحلة الحوار.. ما الدور الذي لابد أن يتصدره الأدباء والمثقفون تجاه القضايا الوطنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية منها؟ يتعيَّنُ على المثقف اليمني التكامل وتوحيد الطاقات والجهود بقصد إنتاج خطاب ثقافي يعمل على التوعية بضرورة الحفاظ على الوطن، والرفع من مكانة العمل والإنجاز، لأن المجتمعات النامية اليوم هي في أمس الحاجة إلى رفع سقف ساعات العمل والإنتاج، وبما يضمن لها تجاوز وضعها الاقتصادي البائس، لا شيء كالعمل بمقدوره التخفيف من حجم الاحتقانات، والمكايدات السياسية العدمية التي لا طائل من ورائها ، سوى المزيد من التخلف والأحقاد الشنيعة، كما يتعين على المثقف اليمني العمل بروح الجماعة لإرساء قيم المحبة والتسامح، وتوجيه الطاقات الإبداعية لترسيخ قيم التعايش والقبول بالآخر المختلف، والعمل الجاد على تقليص الفوارق الاجتماعية الظالمة. لست راضٍ .. شخصيا هل أنت راضٍ عن الآليات والأساليب التي تتبعها وزارة الثقافة لتشجيع الإبداع والمبدعين في سبيل تحقيق تنمية ثقافية شاملة؟ بالنسبة لي لست راضٍٍ عن الأساليب المتبعة من قبل وزارة الثقافة وكذلك كافة المؤسسات الثقافية في الوطن تجاه تحفيز الشباب المبدع وتشجيعهم، وذلك لسبب بسيط يكمن في أن الوزارة ومعها باقي المؤسسات الثقافية الرسمية والخاصة على حدٍّ سواء قد خرجت عن دورها في دعم الإبداع والمبدعين، فالدعم المتوخى تحقيقه من قبل هذه الجهات يبدأ من تفعيل دور الشباب وتمكينهم بقصد الارتقاء بالوطن، عبر دعم المشاريع الثقافية والمنجزات الإبداعية، واعتماد التصوُّرات والرؤى الذي تعبر عن وجودهم وعن طبيعة الزمن وتحولاته. أزمة خطاب .. كيف تفسر واقع الأزمة الثقافية في بلادنا؟ -الأزمة الثقافية في اليمن أزمة مركبة، وهي في مجملها أزمة خطاب، وليست أزمة نص، و يرجع ذلك إلى انعدام الآليات والوسائط التي تسهم بدورها في بلورة الخطاب الثقافي، خذ مثلاً على ذلك، فاليمن لا توجد فيها صحيفة ثقافية معتبرة، أو مجلة ثقافية راقية، وإذا وجد شيء من ذلك، فإن هذه الصحف والمجلات الثقافية، سرعان ما تتوقف عن صدورها وهو ما يحدث بدوره شرخا في بنية الثقافة، وضبابية في انساق التفكير، ناهيك عن غياب المثقف الطليعي المهموم بصياغة المبادرات الثقافية المتجاوزة لكل المحددات الزمكانية، ولست بمغالٍ لو قلت إن لغياب المسرح والسينما “ نصاً وإخراجاً “ الأثر الأوضح في تفاقم هذه الأزمة.