“عدن تحت الحكم البريطاني “كتاب يطل على حقب تاريخية عديدة لمدينة عدن ،ويتوقف مع تفاصيل المائة وتسع وعشرين سنة لاحتلال بريطانيا لعدن من 1839م-1967م،تأليف ر.ج جافن ،ترجمة محمد محسن العمري ،ويحتوي على 422صفحة من القطع الكبير، واثني عشر فصلاً ،،مع شكر وتنويه ،ومقدمة لهشام علي بن علي وأخرى للمؤلف، وفي الأخير ثلاثة ملاحق عن المعتمدون والحكام والسكان والتجارة في عدن .الكتاب طبع بالإنجليزية عام 1975م ،وبحسب المترجم فهذه هي ترجمته العربية الوحيدة ،التي صدرت عام 2013م عن دار جامعة عدن للطباعة والنشر.. في مقدمته أشار هشام علي بن علي إلى أن “ترجمة الكتب والتقارير والدراسات الإنجليزية التي نشرت عن عدن في مرحلة الاستعمار التي دامت أكثر من قرن وربع، سوف توفر مكتبة كاملة عن التاريخ والمجتمع وما حدث من تحولات في اليمن “7ص.وأنّ” ترجمة هذا الكتاب تؤسس لوعي وطني جديد يدرك أن تصفية استعمار العقل ،كما طرحها المفكر المارتيني –الجزائري ،أثناء ثورة الجزائر أهم بكثير من تصفية الأرض “مجيء البريطانيين إلى عدن: كان صباح يوم 19يناير 1839م،إعلان بتاريخ مغاير لعدن ،فلقد “وقفت قوة بحرية صغيرة من السفن البريطانية البحرية الملكية ، وطردة بحرية من شركة الهند الشرقية وسفن شراعية وناقلات تحمل سبعمائة فرد من القوات البريطانية والهندية “مسلحون بمدافع بعيدة المدى ،وأسلحة حديثة ،بالقرب من سواحل عدن ،وبالمقابل كان هناك “الف من المقاتلين العرب يربضون خلف الدفاعات المشتتة على طول الخليج وعلى جزيرة صيرة...واستمر المدافعون في صد الهجوم بعناد من بين الأنقاض ببنادقهم القديمة ،...وتقدمت القوات إلى الأمام على ظهر الزوارق ،ونزلت على الشاطئ، وسيطرت على المدينة بنجاح باهر .كانت الإصابات البريطانية خفيفة ،فقط 16 قتيلاً وجريحاً، وبعض من هؤلاء عانوا بعد الهجوم خلال الاشتباك لنزع أسلحة الأسرى والمقبوض عليهم فوق الجزيرة ،وتم رفع العلم البريطاني ،وأصبحت عدن أول حيازة استعمارية في عهد الملكة فكتوريا.”14ص. لقد كانت المدينة القديمة في عدن ،والتي أصبح اسمها في عهد الاستعمار “كريتر” محصنة تحصيناً طبيعياً بالجبال، مما يساعدها على الدفاع عن نفسها .وكانت التجارة سبباً رئيسياً في أهمية مركز عدن، أكان ذلك في القرون الميلادية الأولى وصراع الفرس والروم عليها، أم في القرون الوسطى والحديثة ،فلقد كانت عدن هي حلقة التواصل تجارياً بين فارس والغرب ،وإن كان الازدهار الأكبر لعدن حين ارتبطت بالدولة الرسولية التي بدأت حكمها المستق في اليمن عام1232م .ولعل المجد الأسطوري التوراتي للميناء لم يكن سوى أسطورة ،أما ازدهاره في عهد الرسوليين فقد تم توثيقه بصورة جيدة “23ص.إلاّ أن حالة الازدهار في عهد الدولة الرسولية قد بدأ بالأفول مع تدهور الحكم الرسولي في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي.” وبدأ ميناء هرمز في الخليج الفارسي بالصعود مرة أخرى ،ممتصاً جزءاً من التجارة شرقاً، بينما كان سلطان مصر يكسر قبضة عدن على تجارة البحر الأحمر، وبين أعوام 1422م 1438م احتكرت الحكومة المصرية التجارة عبر البحر الأحمر “25ص.وبدأ ازدهارها في ميناء جدة، وفي عهدالطاهريين حدث ازدهار مؤقت لميناء عدن سرعان ما انهار في القرن السادس عشر، بسبب البرتغاليين، وتحويل التجارة الشرقية إلى خط رأس الرجاء الصالح والأطلسي. وسيطر العثمانيون على جنوب الجزيرة العربية “وبحلول نهاية القرن السادس عشر لم يكن الميناء الأغنى في المنطقة المحيطة هو عدن بل المخا ،والذي يقع ضمن الممرات المسيطر عليها من قبل العثمانيين ،كانت المخا ملاذاً لمعظم الشحن البحري الهندي ،كما كانت أيضاً المركز التجاري للقافلة السنوية الكبيرة إلى حلب، وسفينة حمل المداخيل السنوية من السويس “27ص.وكان لتجارة البن أن تحول التجارة في البحر الأحمر إلى المخا ،إلاّ أن هذا الكنز بدأ ينضب عام 1771م “وبحلول الربع الأخير من القرن الثامن عشر كان إنتاج البن لا يزال وفيراً ،ولكن الطلب والأسعار كانت في حالة كساد .لقد انتهت أيام اليمن العظيمة في تجارة البن وأصبح البحر الأحمر معزولاً اقتصادياً تقريباً “34ص.كان لتمدد الجيش المصري عام 1833م دافعاً للبريطانيين كي يقطعوا على محمد علي باشا الطريق على طموحاته، وذلك بأن اسرعوا عام 1839م لاحتلال عدن “وفي كل الأحوال فإن التهديدات من الشمال من قبل حكومات قوية سواء بواسطة الوهابيين كما حدث في العقد الأول من القرن ،أو المصريين مثلما جرى أوائل عشرينيات القرن قد جلبت اقتراحات بأن عدن يجب أن تعتبر الحد لتقدمهم، وأن على بريطانيا أن تحكم قبضتها السياسية والتجارية على الميناء، واعتباراً من أوائل 1825م بدأ القنصل العام البريطاني في مصر بتحذير محمد علي ضد أي تدخل في عدن “40ص.وفي عام 1835م تم احتلال جزيرة سقطرى لفترة قصيرة ،وقد اشترك هينس في المفاوضات لامتلاك سقطرى ،وكان هناك مسح مكثف لسواحل الجزيرة العربية منذ عام 1829م،وحين جاءت حادثة السفينة “داريا دولت “عام 1837م ،وتحطمها على سواحل عدن ونهب حمولاتها، وجدت بريطانيا مبررها لاحتلال عدن “كان طريق هينس ممهداً عبر حقيقة أن السلطان لم يكن معارضاً كلياً لاحتلال بريطاني محدود ،كان سلفه قد بذل جهوداً عديدة لإقناع البريطانيين بإعادة تأسيس الحامية التي كانوا قد أقاموها في الميناء عام 1799م.كما أنه تفاوض مع المصريين لضمان احتلال مماثل من قبلهم ...سأل السلطان” محسن” “هينس “فيما إذا كان البريطانيون يمكن أن يقبلوه كحليف على شروط نواب سوارث نفسها (كانت هذه هي شروط سلف محسن )،كان يريد أن يؤمن المنطقة بواسطة معاهدة دفاعية وهجومية ،وكان يريد دعماً سنوياً، ووفق هذه الشروط كان مستعداً للسماح بإنشاء محطة تجارية بريطانية مع قوات بريطانية “46ص. عدن تحت حكم هينس: لقد استمر “ستافورد بيتسورت هينس “خمس عشرة سنة مسؤولاً عن عدن كوكيل سياسي، وظل التردد حول دور عدن في الاستراتيجية البريطانية ما بين النظر إليها كمحطة تزويد السفن بالفحم والدور الأمني ،وبين أن تتحول إلى مركز تجاري يوازي سنغافورة .عندما عين هينس “في سرية المسح على شواطئ جنوب الجزيرة العربية، فقد وجه اهتمام بومبي تجاه عدن كقاعدة بحرية وتجارية واعدة ،ولقد قرأ السلطان محسن عام 1938م ما يدور بعقل هينس عندما قال “هذا الرجل من كل قلبه يريد أن يحكم عدن “بعد احتلال عدن استقر هينس هناك مع زوجته وأسرته، وقد اشترى ملكية منزل، وكان يضيف إلى رواتب الكتبة ذوي الأجور المتدنية من جيبه الخاص ،ويرعى تجارة المستعمرة بحرص أبوي بالغ. أعداء عدن كانوا أعداء هينس ،وقد طارد رجال مثل الشريف حسين حاكم الميناء المنافس المخا بقساوة وعداوة من له ثأر شخصي ،وطوال الخمس عشرة سنة في منصبه لم يغادر المستعمرة أبداً ،ما عدا مرة واحدة في إجازة مرضية لمدة ستة أسابيع، وبعدها كان عملياً مجبراً على الصعود على ظهر الباخرة”61ص.كان خلفاؤه ينظرون إلى عدن على أنها “مجرد درج في سلم الصعود إلى مواقع وأمور أفضل ،وبالنسبة إلى هينس مثلت عدن ذروة طموحه “كانت لدى هينس معرفة بسياسات العرب قبل وصوله إلى عدن ،ولكن تجاربه وخبراته تم تجميعها في الغالب من بين أوساط البحارة (الناخوذة)والمجتمعات متعددة القوميات “وكانت معرفته باللغة العربية أولية إلى حد ما ولم يكن يستطيع الكتابة بها “لم تكن سياساته تستند على اختبار علمي حول فعاليتها ،وكانت تعميماته حول مشاهداته مطعمة بعبارات براقة من آخر أعمال علماء الاقتصاد السياسي البريطاني، لقد كان يهدف إلى استخلاص موارد البلد عبر حماية العمال والمزارعين المجدين، وفي ظل النظام القائم فقد كان يعتقد أن ملاك الأرض كانوا مضطهدين ومنتوج الصناعة الزراعية كان يسلب منهم أما الثارات والصراعات المستمرة فقد أرجعها إلى “النظام الإقطاعي وخلفيته الدينية “وكان يعتقد أن التجار والطبقات الأفقر يفضلون البريطانيين ،لكنه لا يستطع أن يوفق بين نظرت هذه وبين حقيقة أن نفس الطبقات الأفقر كانت أكثر الداعمين المتحمسين للزعامات الدينية التي كانت تحاول من وقت إلى آخر استعادة عدن من الكفار “61ص.كانت طريقة هينس في استغلال التصدعات في عدن والمحميات فعالة بصورة معقولة إلى حد ما ،لهذا استثمر في عدن التعدد العرقي بين أبناء عدن واليهود والهنود والصومال وأبناء المخا، والقادمين من المحميات وشمال اليمن، واستفاد من التنازعات داخل المحميات داخل الأسرة الحاكمة أو بين الإقطاعيات المتنافسة والمتحاربة ،وعلى هذا النهج سار خلفاء هينس، رغم تعاطفهم وانحيازهم لهذا أو ذاك من السلاطين ،واعتمد هينس على “أعضاء الجماعة اليهودية في عدن ،والذين كانت لهم علاقات في صنعاءوتعزولحج وقعطبة، وكانوا يعملون صرافين في هذه الأماكن ،لذلك كان بمقدورهم جمع أكثر المعلومات سرية ،ووجد هينس معلومات أكثر ثقة من تلك التي تصله بواسطة عملائه الآخرين، وكانت أكثر سرية لأنها كانت تصله مكتوبة بالخط العبري الذي لم يكن أعداء هينس يستطيعون قراءته”64ص.وفي فترة إدارة هينس لعدن ارتفع عدد الهنود ليشكلوا نحو 4 %من إجمالي السكان في عام 1856م “وكانوا بذلك أكبر تجمع وطني في عدن يليهم العرب والصومال واليهود “77ص.بعد أن كان السكان اليمنيين من أبناء عدن والمحميات وشمال اليمن هم الأكثرية حتى عام 1942م “وبحلول وقت رحيل هينس كانت المدينة قد طورت ثلاثة مراكز رئيسية للحياة: المجموعة الهندية التجارية القديمة، المشاركة في تجارة البحر الأحمر، والحامية والمجموعة الهندية الجديدة التي كانت تخدمها والسكان العرب الذين كان الجزء الأكبر منهم هم أولئك المرتبطين بالبريطانيين والحامية “79ص.يستخدم المؤلف وصف العرب لليمنيين من أبناء عدن، والمحميات، ولا يطلق اسم اليمنيين إلاّ على أبناء الشمال اليمني ،اتساقاً مع نظرة بريطانيا لعدن والجنوب، الذي تسميه بالجنوب العربي،بتصميم لإلغاء صفته هويته الوطنية ! عن البدو في مراسلات هينس والسلاطين : إن المراسلات بين هينس وسلاطين لحج كانت “مشبعة بالإشارة إلى “البدو” وهي كلمة مرتبطة بالجهل ،فهي لدى “السادة كان البدوي هو الجاهل للدين والعلم والتعليم، وبالنسبة للسلاطين كان البدوي هو الجاهل للعلاقات السياسية الأوسع ،وسياسات القوى في العالم عموماً، وعلى هذا الأساس فإن القبيلي الحر ينسجم مع شيء أقل من الولاء للسلطان .إن الذي يسلّم به كان الاحترام للحكمة السياسية ومعرفة البيت الحاكم – وهو تنازل كان القبيلي بدرجة أقل أو اكثر في وضع المتمتع بحرية منحه أو سحبه بما يتلاءم مع مصالحه واهتماماته المادية والسلاطين ،من ناحية أخرى كانوا يمضون حياتهم بالمناورات السياسية والإقناع والحساسيات، ساعين للمحافظة على توازن القوى المالية والعسكرية ،وانتهازي أية فرصة لضمان الثروة ،والتي بواسطتها يبهرون ويسيطرون على أتباعهم المعدمين “85ص. هينس وعلاقاته مع شمال اليمن: وجد هينس وسيلة للتواصل مع الأئمة في الشمال من خلال الحاج عبد الرسول، الوكيل البريطاني في المخا، وكان على تواصل مباشر مع شيخ الحجرية “الذي سيطر على سياسات منطقة إنتاج البن جنوبتعز ،إن وكيل شيخ الحجرية كان عمليا أول شخص ذا أهمية يتقارب مع البريطانيين بعد احتلال عدن ، وقد كان متلهفاً للمساعدة البريطانية ،لأن بلده كانت مهددة من قبل المصريين، الذين كانوا حينها في مدينة تعز، وكان راغباً أن يصدّر البن عبر عدن، لتجنب مروره عبر الميناء المصري في المخا ،وخلفه كان حكام ذي محمد وذي حسين في شمال اليمن .قرب تعز قد كتبوا إلى هينس ،وعرضوا عليه بلدهم مقابل المساعدة ضد مصر “86ص.وقد استدرك المترجم بالتوضيح بأن قبائل ذي محمد وذي حسين في الجوف، ومن المحتمل أن المؤلف قصد بذلك قبائل ذي محمد وذي حسين في إب والتي تقع قرب تعز، والحقيقة أن مشايخ ذي محمد وذي حسين ،الذين يملكون الأراضي الزراعية الخصبة والواسعة في إب هم أنفسهم مشايخ في الجوف، فإب ليست سوى إقطاعيات زراعية يستغلونها بقوة مقاتلي القبيلة “إن حالة اليمن وكل غرب الجزيرة العربية كان يتمثل في أنه في العام التالي اقترب رجل دين من النجاح من حيث فشل الشريف حسين والإمام، وفي صيف 1846م بدأ السيد إسماعيل ابن الحسن الحسني بالدعوة إلى الجهاد، وضد الكافر في المخا، وبتحركه جنوباً تمكن من جمع أتباعه ،والذين تأثروا به عقب خطبه ووعوده لهم بالحصانة والمناعة ضد القذائف والرصاص البريطانية، ومثلما في حالة الفقيه سعيد وهو معلم ديني آخر ظهر في جنوب اليمن عام 1840وادعى نفسه “مجدد الدين فإن دعوة السيد إسماعيل حصلت على مساعدة من الطبقات الدنيا من اليمن “96ص.لقد تغيرت نظرة هينس حول حكم الإمام بأن اقترح أنه “في أية اتفاقية مستقبلية مع الإمام فإن قعطبة ستكون الحدود الجنوبية لممتلكات الإمام “98ص. التحولات في مدينة عدن : لقد استمرت مدينة كريتر ،المركز التجاري، ونما ميناء خارجي على رصيف المعلا “في الجهة المقابلة لبوابة عدن الرئيسية المؤدية عبر التلال المرتفعة إلى عدن...في عام 1864م تم الاعتراف بهيمنة ميناء المعلا الخارجي عندما أغلق دار الضرائب القديم في الخليج الأمامي وتم استبداله بمكتب في المعلا نفسها .والمدينة التي لم تذكر أبداً في أوائل تقارير هينس الإحصائية أصبحت مستوطنة كبيرة يسكنها أكثر من 4500شخص مع 506 منزلاً حجرياً، بحلول عام 1883م”127ص. وازدهرت مدينة التواهي (ستيمر بوينت )ووصل عدد السكان فيها عام 1881م إلى أكثر من 4000بعد أن كانوا عام1849(331)شخصاً فقط ،وكان هذا التوسع في المدن والسكان بسبب نشاط الفحم في سبعينيات القرن التاسع عشر، ومع تطور المدينة وتجارتها كان نظام الحكومة أكثر تعقيداً وأفضل تنظيماً. أعاد الرجال الجدد مع هينس عام 1854تنظيم مالية المستعمرة وأسسوا إدارة واضحة المعالم وواثقة بالنفس “129ص. الأتراك والمحميات: مع منتصف الخمسينيات كان ميناء المخا قد أصبح ميتاً ،وأصبحت المخا “مدينة من الماضي ،ضربت تجارتها وتجارها ،وناقليها وموظفيها، التي انتقلت جميعاً إلى عدن “لهذا اختلطت الدوافع الاقتصادية بالسياسية في الصراع بين الأتراك والبريطانيين واليمنيين، تحالفاً وصراعاً، بحسب تقاطعات المصالح .لقد اختارت السلطة التركية في عام 1872م أن تحكم من خلال أولئك الأعداء القدماء للسلطان العبدلي ،مثل قبلية ذي محمد وذي حسين ،ولهذا كان بمقدور ذي محمد وذي حسين أن يحققوا بدعم تركي ما كان السلطان فضل محسن يأمل القيام به عام1871م بدعم بريطاني، حين جهز خطته للسيطرة على الحجرية “في الشهر الأخير من عام 1872قامت قوات تركية نظامية في تعز مكونة من نحو 2000جندي باكتساح الحجرية الحليف الشافعي السابق للسلطان العبدلي ،ثم اندفعت نزولا إلى حدود منطقة الصبيحي “167ص. الصراع على المياه ورسوم العبور: لم يكن بمقدور بريطانيا أن تستغل الأراضي الزراعية حول أبين والبدء بإصلاح زراعي في وادي بنا “طالما كانت قبائل الفضلي واليافعي مشتبكة في نزاع مرير على الأرض ومياه الري ،هذه النزاعات كانت قائمة منذ فترة طويلة ولكنها تفاقمت منذ 1866عندما قام سلطان يافع برفع الأجر السنوي للمياه من 25 إلى 100جنيه ،وكان رد فعل السلطان الفضلي هو رفع رسوم العبور على بضائع يافع المارة عبر منطقته. وهذا بالإضافة إلى النزاعات والخلافات الناجمة عن العلاقات السيئة بين الجانبين قادت إلى التوقف الكامل لتموين المياه إلى منطقة الفضلي عام1872م ،وعندما وصلت الأمور إلى هذا المستوى قرر تريمنهير – المعتمد السياسي –التدخل. وفي يوليو 1872تم التوصل إلى تسوية والتي بواسطتها تم تخفيض أجور المياه التي كان رفعها اليافعي إلى مستواها السابق 25جنيه سنوياً، بينما تم إلغاء نظام رسوم العبور التي كان يفرضها السلطان الفضلي .وكانت الاتفاقية بضمانة حكومة عدن ،والتي قدمت دعماً بمبلغ 85جنيه شهرياً للسلطان الفضلي عوضاً عن رسوم العبور، وكانت عدن حينها متورطة بشكل عميق ،وحين أعلن سلطان يافع شجبه للاتفاقية في نوفمبر 1872م فقد تم إيقاف دعمه وقد تبنت حكومة عدن موقفاً عدائياً ضده ، واستمرت العداوات المتقطعة بين الفضلي واليافعي لأربعة أعوام أخرى .ومركز النزاع هو منطقة الدرجاج حيث قام اليافعي ببعض المساعدة من العولقي بدعم رغبة بعض العشائر الفضلية بالانفصال عن السلطنة .وتم التوصل إلى نهاية لهذا النزاع بتدخل بريطاني حاسم آخر عام 1876م أقنع المعتمد البريطاني حكومة الهند أخيرا بإعطاء السلطان الفضلي مدفعاً عيار ثمانية أرطال وأعقب ذلك عقد مؤتمر آخر وتم التوصل إلى اتفاقية جديدة منسجمة مع اتفاقية 1872م مع قيام حكومة عدن بدور أكثر إيجابية كضمان .وبعدها كان ممكنا البدء بجدية في استغلال أراضي أبين ...”184ص. لقد مارس السلطان الفضلي حكمه بفضل سلطات عدن وليس نتيجة لانتخابه من قبل رجال قبيلته “وتمت تسوية حدود الفضلي مع لحج عام 1881م عبر تدخل بريطاني ،وعام 1883م أرسلت قوة مشاة الجيش الهندي من عدن لحماية منطقة الفضلي من اعتداء بواسطة العولقي، وشهدت السبعينيات من القرن التاسع عشر استمالة السلطان الفضلي بفعالية إلى النظام السياسي لعدن ،كما جرى مع لحج في بداية ذلك العقد .لقد اكتسبت عدن حدودا جديدة أكثر توسعاً وشمولاً، وهي التي أثرت على جيران الفضلي الأقوياء –اليافعي والعولقي”185ص. السلطنات الحضرمية : يقع ميناء المكلاوالشحر على بعد 250ميلا إلى الشرق من عدن وبمحاذاة السواحل القاحلة ، و بالنسبىة للشحر فهي مدينة عتيقة ،في حين أن المكلا حديث النشأة نسبياً. تتميز المناطق المحيطة بالشحروالمكلا بأنها مثمرة أكثر من تلك المحيطة بعدن “وفضلاً عن المساحة المروية حول الغيل الواقعة تقريباً في منتصف الطريق بين الشحروالمكلا فإن المناطق الساحلية كانت بشكل عام قاحلة ومنفرة مثلها مثل أي من المناطق المحيطة بعدن “189ص. لكن وادي حضرموت اخضر نسبياً “بعرض ميلين إلى أربعة أميال يمتد بموازاة الساحل حوالي مئة ميل بين جدران ضخمة من الصخور “189ص. لقد كانت حضرموت أحد مراكز التعليم في العالم الإسلامي ،وكانت معزولة جغرافيا ،ولكنها بواسطة أبنائها المهاجرين نسجت علاقات واسعة مع العالم .ويقع على الطريق الغربي لوادي حضرموت واديان هما :وادي دوعن ووادي عمد . إن النسبة الكبيرة من الذين غادروا حضرموت كانوا من النخبة الحضرمية المتعلمة ،وقد خرجوا لصنع ثروات بواسطة عقولهم ،كان يوجد في زنجبار في السبعينيات من القرن التاسع عشر جزارون وحرفيون ومستخدمون صغار عمال في الميناء “لكن نسبة الأثرياء المهاجرين من حضرموت كانت أعلى من نسبة المهاجرين من الأجزاء الأخرى “من اليمن أو الجزيرة العربية .190ص.كان يوجد تجمع حضرمي في إندونيسيا منذ القرن الخامس عشر وتقوى في التسعينات من القرن التاسع عشر، وامتدت روابطهم إلى الميناء الصاعد سنغافورة ،وهناك حضارم في الهند وشرق أفريقيا والحجاز ،وعلى “حوالي تخوم الغزو المغولي المسلم كان سكانها الهند يحكمون بواسطة النظام المسلم ... وقد سقطت تحت النفوذ البريطاني في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وعبر سلسلة من المعاهدات من 1766حتى 1800 تم تحويلها إلى وضع دولة مدعومة .وكانت شؤونها الخارجية مسيطراً عليها من قبل شركة الهند الشرقية”191ص. وكان للحضارم نفوذ سياسي واقتصادي بارز في حيدر أباد بدأ من خلال مجاميع من المرتزقة العرب “وانطلاقاً من الخدمة العسكرية لم تكن سوى خطوة قصيرة للتحول إلى إقراض الأموال وإلى تراكم الثروات... النسبة الكبيرة من جنود النظام العرب جاءوا من حضرموت ومن المناطق المحيطة بعدن ...كان الجمع دارات أنفسهم يحظون بنفوذ كبير وثروات طائلة ،وكان الأبرز والأشهر بينهم في الستينات هو باراك جونج الشهير باسم صالح بن عمر، ويمتلك ثروة شخصية تبلغ 400000إلى 500000جنيه إسترليني، ولم يكن بمقدور أي سلطان أو رئيس في جنوب الجزيرة العربية أن يسيطر على موارد تقارن بهذا، ولكن صالح بن عمر كان مجرد عضو في أسرة حاكمة حقيقية من الضباط العرب في خدمات النظام “193ص.ثروة أسرة القعيطي تجمعت بواسطة عمر بن عوض، أبو صالح ،والذي هاجر إلى الهند في أوائل القرن التاسع عشر ،التحق بخدمة إمارة هندية صغيرة ،ثم تزوج بإحدى الهنديات الثريات، ثم توصل إلى أعلى رتبة في جيش حيدر أباد ،وكذلك كانت ثروة عبدالله بن علي العولقي، وهو معاصر ومنافس لعمر بن عوض ،وقد ارتبطت هذه الشخصية بشئون لحج، ومن ذلك تكفل ابنه محسن بتقديم المال عام 1869 لخطط العبدلي لغزو الحجرية .وتأتي الشخصية الثالثة وهي غالب بن محسن الكثيري، الذي وصل في أوائل الأربعينيات، ومكث أكثر قليلاً من عشر سنوات ،وبدأ كأنه ينافس موقع الجمعدار عمر بن عوض ،وقد طلب منه النظام مغادرة حيدر أباد حتى لا يحدث صراع مفتوح بين أتباعه وأتباع القعيطي .وابتداء من أربعينيات القرن التاسع عشر “بدأ عوض القعيطي وغالب محسن الكثيري في بناء إمبراطورتيهما انطلاقاً من مركزيهما على التوالي في الحوطه غرب شبام وسيئون في وسط الوادي... وبحلول عام1860 م كانت المدافع وبأعداد معتبرة تستخدم بدقة وفعالية بواسطة مدفعين مهرة، والذين تمكنوا من دك تحصينات دفاعية كانت تعتبر منيعة وتغيرت تدريجياً الطبيعة الكلية للمعارك من سلسلة من المواجهة المحلية إلى حرب واسعة شاملة كل البلد ،والتي اتخذت عبرها المدن الاستراتيجية وخطوط المواصلات أهمية كبرى جديدة ،وقد أصبح واضحا بصورة متزايدة أن الهدف الذي كان يجري الصراع حوله هو السيطرة على كل حضرموت ،والسيطرة نفسها كانت تعني شيئاً أكثر انضباطاً وعمقاً من الفكرة القديمة”195ص. لقد استمرت الحرب الممنهجة بين هذين الطرفين البارزين ومع الزعامات المحلية أيضا عقدين من الزمن، بلغت ذروتهما عام 1866م وكان للبريطانيين دور في الصراع بين السلطنة القعيطية والسلطنة الكثيرية والزعامات المحلية، بشكل غير مباشر من خلال حيدر أباد وبشكل مباشر من مستعمرة عدن، وتعمل على ترجيح طرف على طرف ،كانعكاس للنفوذ في حيدر أباد ومتطلبات ميناء عدن التجارية والأمنية, وقد تدفقت الأموال من حيدر أباد لتحويل الصراع داخل حضرموت بهدف السيطرة الكاملة عليها من طرف ضد طرف وتحديداً الصراع البارز بين القعيطيين والكثيريين، إلاّ أن نمو العلاقات الودية والهادئة بين البريطانيين والقعيطي استمر إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. أهمية عدن للبريطانيين : تم تقييم عدن من حيث الأهمية لبريطانيا مرة أخرى في عام 1903م”بأن أهميتها مثار شك كبير، لقد اعتبرت خط دفاع ثان في حالة انهيار الوضع البريطاني في الشرق الأوسط، ولكنها لم تكن بأي حال المفتاح إلى ذلك الوضع ،كان يجب تأمين الاقتراب المصري إلى الهند ...لم يتغير دور عدن الاستراتيجي الحقيقي بصورة كبيرة منذ أيام بالمرستون عندما قال بأن حيازتها يمكن أن يجعلنا أقويا جدا في هذه الأجزاء ...ولكن عدن كان يتم زيارتها فقط عندما تكون التعقيدات السياسية في المنطقة تتطلب ذلك بصورة حتمية. ومع ذلك فقد كانت دفاعات عدن البحرية تتحسن بصورة جوهرية...”213ص.لقداعتبرت عدن عند احتلالها قاعدة عسكرية ومركزا للنفوذ التجاري ،وكان هينس يريدها أن تكون شبيهة بسنغافورة، وبالرغم من إنشاء محطة تزويد وقود الفحم بجزيرة بريم “وبدعم من عدد من ملاك السفن المهمين تأسست شركة فحم بريم، وفي 20 أغسطس 1881م بدأت أول باخرة بالتزود بالفحم في ميناء بريم “215ص.ومع اكتشاف النفط ، وبداية تزود السفن به عوضا عن الفحم فقدت بريم دورها لتستمر عدن في أهميتها ،وبعد أن كانت عدن في ثمانينات القرن التاسع عشر ميناء غير مناسب لخزن الفحم ،وبسبب التنافس بين الشركات البريطانية وشركة الهند الشرقية فقد “حدث في الواقع أن بريم استحوذت على الزبائن الجدد الذين كان يمكن في ظروف أخرى أن يتوجهوا إلى عدن “217ص. التعليم في عدن: بدأ التحرك الحكومي في حقل التعليم بعدن بعد سنوات من احتلالها، وذلك في عام 1856م بواسطة مبادرة ج.ب بادجر “ الذي كان يأمل في بناء كلية لتعليم اللغة العربية في عدن والتي كان يمكن أن تشع بنفوذها إلى كل المناطق المحيطة بعدن، وأن تجذب أبناء الرؤساء إلى علاقة وثيقة مع البريطانيين، وأن تدرب طاقماً إدارياً عربياً، وقد تم تأسيس مدرسة واستمرت لمدة عامين, ولكن الخطة كانت سابقة لأوانها. لقد وجهت إليها انتقادات شديدة في الهند حيث كانت كل فكرة التعليم المدعوم من قبل الحكومة مثيرة للجدل في ذلك الوقت... ولمدة ثمان سنوات أخرى كان التعليم الوحيد في عدن هو ذلك الذي توفره المدارس التقليدية ،الملحقة بالمساجد والمعابد المسيحية واليهودية “229ص.بعدها أنشئت مدرسة تقدم تعليماً إنجليزياً في عام1866م وأخرى لتعليم القرآن ،وفي عام 1879م تأسست مدرسة عربية في العلا، وعام 1880تأسست مدرسة ثالثة في التواهي، وفي عقد التسعينيات من القرن التاسع عشر قامت بعثة كاثوليكية بإنشاء مدرستين لتوفير تعليم باللغة الإنجليزية ،وفي عام 1896م كان نصف الطلبة في المدارس الحكومية من العرب” وكان التركيب الإثني لصفوف المدارس يعكس تركيبة السكان المستقرين في عدن نفسها، وسار النظام التعليمي على طول الخطوط التقليدية كخدمة للمجتمع في إطار محددات السيطرة البريطانية “230ص. المشيخات والحاجة إلى الولاء للقوى الرئيسية في المنطقة : ”كانت المشيخات الصغيرة تتزاحم وتعتصر تدريجياً ،وتوصلوا جميعاً إلى إدراك أن استمرار وجودهم يعتمد على ولائهم لأحد القوى الرئيسية في المنطقة – الأتراك أو سلطان لحج أو بريطانيا, وكان مأزقهم يفسر إرادتهم المتزايدة ،وإن لم تكن رغبتهم للبحث عن الحماية البريطانية ،ولا يوجد سبب للافتراض بأنهم لم يبحثوا عن الحماية التركية أيضاً، وبحلول عام 1893م كان وضع سلطان الحوشبي قد تدهور على نحو خطير، فمن الغرب والشمال كان المكلفون من قبل الأتراك بجمع الضرائب –الشيخ ناصر مقبل في ماوية والشيخ الزنداني في جحاف كانوا يقومون بانتهاكات على الأرض القليلة التي تبقت له ...”215ص. السلطان فضل والإمام محمد حميد الدين :عمل السلطان فضل كنقطة اتصال بين الإمام والبريطانيين، وخلال عام 1899م قام وكلاء للإمام بعدد من الزيارات إلى لحج ،وفي آخر العام “نقل السلطان أحمد فضل عرضاً محدداً من الإمام إلى عدن وتضمن العرض أن يعطي قسما من أراضيه مقابل الحماية البريطانية (وليس هناك شك أن الإمام كان يقصد كل جنوب غرب الجزيرة العربية بما فيها عدن، وقد حظي هذا العرض باهتمام من قبل بريطانيا والهند، ولكن تقرر مواصلة اتباع السياسة التقليدية وأن لا يتم القيام بأي جهد من شأنه إضعاف السلطة التركية، وبرغم ذلك عاد أحمد فضل إلى المهمةفي عام 1901م معتقداً أن بريطانيا سوف تطرد الأتراك من اليمن وتشجع على الاستقلال العربي، ومرة أخرى استلم رفضاً وصداً من السلطات الهندية الحذرة. وقد استمرت الخدمات الأخرى التي كان بإمكان أحمد فضل أن يقدمها للإمام. وبصفة خاصة كان بإمكانه تقديم دعم كبير لقوى الإمام المتمردة عبر تنظيم التزود بالأسلحة لكي تمكنهم من الوقوف على قدم المساواة في مواجهة خصومهم المزودين بالبنادق، لقد كانت لدى الإمام مصادره الخاصة للتزود بالأسلحة، ولكن خلال عامي1899-1900م كان معتمدا بصفة خاصة على تدفق الأسلحة من الجنوب، منذ أن أجبر مؤقتا على التخلي على الميناء الرئيسي للتهريب في ميدي شمال اليمن”256-257ص. محمد ناصر ماوية ولحج : كان لتجارة التبغ دور في الصراعات بين المشيخات، كما كان سابقا البن ،بسبب الرسوم المقررة عليها ،ففي عام 1900م حدث عدم اتفاق بين سلطان لحج ومحمد ناصر مقبل “الشيخ اليمني الذي كان يحكم منطقة واسعة من ماوية ومجاورة لمنطقة الحوشبي ،وما قبل 1900كانت هناك خصومة شديدة بين لحج وماوية ،كانت سلطة الحوشبي هي سبب النزاع والتنافس بينهما، وفي عام 1894م عندما صعّد العبدلي هجومه المفاجئ على سلطان الحوشبي فإن الأخير عهد بالدفاع عن مصالحه إلى شيخ ماوية مقابل الوعد بنصف دخله لشيخ ماوية “257ص. وبعد سنوات قام الشيخ محمد ناصر ماوية عام 1914م بالتواصل مع البريطانيين من أجل الاتفاق معهم على الحماية مقابل راتب شهري، فلقد كتب شيخ ماوية محمد ناصر مقبل في 17 ديسمبر 1914م “إلى المعتمد البريطاني في عدن عارضاً تحالفاً دفاعياً هجومياً مع السلطان العبدلي، والذي يمكن أن يقحم معه رؤساء المحميات الأخرى. صادقت حكومة الهند على هذا الاتفاق فوراً مشترطة أن تأخذ المساعدة البريطانية شكل الأسلحة والذخائر والأموال، ولا تتطلب إرسال القوات”219ص. كان الاتفاق ينص على استقلالية الشيخ محمد ناصر ماوية ،ويمنحه دعماً بمبلغ 75000روبية ،ولكن القوات التركية والإمامة عبرت حدود الضالع مما جعل الاتفاق مع شيخ ماوية ميتا ،مما جعله يتعاون مع القوات التركية التي اندفعت إلى منطقته لإخضاع الضالع ثم احتلال لحج عام 1915م.وعند انسحاب الأتراك من اليمن بعد الحرب العالمية الأولى تواصل شيخ ماوية مع البريطانيين في عدن عن طريق سلطان لحج كي يجعلوا منطقته تحت الحماية ،ويساعدوا على استقلال تعزوإب ! إلاّ أن البريطانيين كانوا كعادتهم يرفضون المغامرة داخل الشمال اليمني، ويتمسكون بحدود 1904م والتي يؤرخ لها هنا المؤلف بعام 1905م الموقعة مع العثمانيين في اليمن، حتى أنهم كانوا أحياناً لا يولون الضالع أهمية إلاّ أن دخول سلاح الطيران لحماية عدن جعل الضالع ضمن المجال الجوي لسلاح الطيران .لقد كان لسلاح الطيران الملكي دور جوهري في إخضاع تمردات المناطق ضد البريطانيين وفي انتزاع الضالع من الإمام يحيى، وفي إخضاعه للتوقيع على اتفاقية 1934م والتي نصت على بقاء الحدود وفقا لاتفاقية 1904م لمدة أربعين سنة ،بعد أن ضرب الطيران زبيدوالمخاوتعز وذمار .لقد بدأ باستخدام الطيران منذ عام 1915م . نمو مدينة عدن : لم تكن عدن حت عام 1945م تختلف كثيراً عنها في نهاية القرن التاسع عشر “وفي العشرين السنة التالية حدثت أشياء كبيرة، في عام 1952م بدأت مصفاة للنفط تنشأ بسرعة كبيرة في المنطقة الخالية لعدن الصغرى بمواجهة الخليج ،وبحلول 1954م كانت قد بدأت تصب النفط في البواخر، بينما كان العمل مستمراً في بناء مدينة جديدة حولها “376ص.من حيث مساكن العمال وكبار الموظفين. لقد تم إنشاء 1600 شقة حديثة للعمال في المعلا، والتي نمت بسرعة خلال نهاية الخمسينيات، وتم بناء مساكن كبار الموظفين في خور مكسر ،وفي عام 1965م تضاعف حجم مدينة الشيخ عثمان، وأنشئت المنصورة ومدينة في دار سعد “وقد تسارع توسع المراكز السكنية العديدة في التواهي والمعلا وكريتر وخور مكسر والشيخ عثمان ...”لقد أصبحت الشوارع الواسعة الجديدة مختلفة عن الشوارع القديمة الضيقة ،وازداد عدد السكان من 51500عام 1931م إلى 80500عام 1946م وإلى حوالي 225000عام 1963م ،وعُمّق الميناء ليتمكن من استقبال السفن الكبيرة، وتوسعت عملية تزويد المدينة بالكهرباء وإنشاء المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات بما يخدم احتياجات المستعمر في مدينة عدن، وازداد عدد العمال مما جعلهم ينظمون أنفسهم في نقابات عمالية، يضمها المؤتمر العمالي، ففي عام 1961م كان عدد المسجلين من العمال 49569منهم 3538 في وظائف مكتبية و 6361 مصنفين كصناع مهرة .. لقد ساهمت الحركة العمالية في النضال ضد المستعمر البريطاني من خلال العديد من الإضرابات ،ثم المشاركة في العديد من العمليات الفدائية ،وصولاً إلى انخراطهم في حزب الشعب الاشتراكي وحزب البعث وحركة القوميين العرب ،ثم بدأ الكفاح المسلح عام 1963م وتأسيس الجبهة القومية وجبهة التحرير، وانتهاء الكفاح المسلح بخروج آخر جندي بريطاني في 29 نوفمبر ،وإعلان استقلال الشطر الجنوبي تحت اسم جمهورية اليمن الشعبية ...